Sunday, 14 December 2014

{الفكر القومي العربي} يحيى حسين: بل لهم كبير .. بل لهم كبير

 
 
بل لهم كبيرٌ .. بل لهم كبير
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
(اليوم السابع 15/12/2014)
 
(الناس دى مالهاش كبير؟) .. هكذا ردّ علىّ عربى كمال عندما سألتُه هل حدث أى تطور إيجابى على موضوعه بعد ما تناولَته بالتفصيل أقلامٌ كثيرةٌ وكبيرةٌ فى الأسبوعين الأخيرين، بل إن الإعلامى معتز الدمرداش أفرد له حلقةً تليفزيونيةً على فضائية الحياة.
أما عربى كمال لمن لا يعرفه فهو المواطن المصرى المحترم/ عربى كمال فرغلى من مواليد دشنا بمحافظة قنا .. وهو شاعرٌ مُرهف وأديبٌ شاب وصدر له ديوانٌ شعرىٌ وكتابٌ، وهو صاحب كلمات أغنية (هنا الميدان مسجد كنيسة وبرلمان) التى تدعو للوحدة الوطنية والتى جعلتها الأذاعة المصرية مقدمة أحد برامج إذاعة القاهرة الكبرى .. حَصَل عربى على ليسانس الحقوق جامعة أسيوط دفعة 2001 بتقدير عام جيد (بدون واسطة) .. ولم يتشرّف سلكُ القضاء به لأن عائلته الكريمة (أباً وأُماً وإخوةً وأعماماً وأخوالاً) وإن لم يتدنسوا بمالٍ حرامٍ ولم يرتكبوا جُنحةً واحدةً فى حياتهم ولا يوجد فى سجلاّتهم اتهامٌ واحدٌ وصحائفهم بيضاء من غير سوء ولا توجد أدنى علاقةٍ بينهم وبين الإرهاب، إلا أن عربى لم تنطبق عليه المعادلة الجاهلية التى أطلقها أحدُهم يوماً دون حياء (تقدير عام مقبول + النشأة فى بيت قاضٍ = تقدير عام امتياز)، فَحَرَمَنَا هذا العنصرى الفاجر من مشروع قاضٍ عادلٍ تستحقه منصة القضاء العالية.
لم ييأس عربى وإنما استمرّ فى جهاده العلمى رغم مصاعب الغُربة فى القاهرة وحصل على درجة الماجستير فى القانون العام من جامعة عين شمس سنة 2007، ولم تُنصفه الدولة الظالمة التى سدّت أبوابها فى وجهه بينما فتحتها على مصراعيها للآلاف من محدودى الكفاءة من أبناء المحاسيب، فلم ييأس ولم يقعد لأن أمثاله لا يملكون تَرَف اليأس والجلوس بلا عمل .. فشقّ طريقه محامياً فى مكتبٍ خاص.
قامت الثورة وظنّ عربى (وظننا) أن الدولة الظالمة قد زالت .. لا سيما أن مجلس الوزراء وافق فى أواخر 2013 على تعيين حملة الماجستير والدكتوراة على وظائف دائمة بوحدات الجهاز الأدارى للدولة، ورَضى عربى بترشيحه للعمل محامياً ثالثاً بالهيئة القومية لسكك حديد مصر بعد ثلاثة عشر عاماً من تخرجه (هناك فى الجهاز الإدارى للدولة الظالمة من ضُربت لهم عقودٌ وهم طلابٌ قبل أن يتخرجوا حتى يكتسبوا بها أقدميات وأموالاً)، وتسلّم عربى خطاب التعيين بتاريخ 9 / 1 / 2014 واستوفى كل إجراءات ومسوغات التعيين بلا استثناء بما فيها الكشف الطبى .. وحين طلب استلام العمل قيل له إن الهيئة فى انتظار تحريات (الأجهزة الأمنية) .. وفوجئ منذ ثمانية شهورٍ باستلام جميع زملائه لوظائفهم ما عداه .. فلمّا استفسر قيل له شفوياً إن (الأجهزة الأمنية) لم تنتهِ من التحريات الخاصة به (!).
سبعة شهور وعربى يتردد على هيئة السكك الحديدية يطلب استلام العمل كزملائه أو تسليمه ورقة بالإجابة الشفهية المتكررة .. فلا استلم العمل ولا استلم الورقة ولا انتهت (الأجهزة الأمنية) من تحرياتها، وكأنها تتحرى عن داعش! ..  ولأن عربى صعيدى طيب فقد قدّم لأمن الهيئة مذكرةً بها عناوين إقامته السابقة والحالية ومحل عمله الحالى وكل مايساعد (الأجهزة الأمنية) على إنجاز مهمتها المتعسرة (ألم أقل لكم إنه صعيدىٌ بالغ الطيبة!) وما من مجيب .. فقدّم مذكرةً للمجلس القومى لحقوق الأنسان، فأرسلها بدوره إلى وزارة الداخلية منذ شهرين إلا أن الداخلية لم ترد.
 
لا يعلم عربى أن الحكاية لا علاقة لها بصحيفة الحالة الجنائية وإنما بصحيفة الحالة الوطنية .. وأنه لا توجد تحرياتٌ أصلاً حتى تتعثر أو تتأخر .. فالأمر محسومٌ والملف مختومٌ .. وهناك بقعةٌ مباركيةٌ سوداء لحقت بتاريخه .. بقعةٌ لا تزول رغم أن مبارك نفسه زال .. أنسيتَ أيها الابن الطيّب فعلَتَك التى فَعَلْتها عندما اختُطفتَ مع عشرات الكفائيين المحتجين على تزوير انتخابات مجلس الشعب فى أواخر 2010 .. يومها (اتّهمك) الضابط المُحقق فى أحد معسكرات الأمن المركزى بأنك (كفاية) والدليل أن موبايلك يحمل رقم عبد الحليم قنديل (!)، وأُخلى سبيلك دون عرضٍ على النيابة وظنَنتَ كرجل قانونٍ أن الأمر قد انتهى .. سقط مبارك نفسه (أو هكذا نعتقد) ودَخل السجن ولا زال محبوساً .. وتمّ حل حزبه المزوّر بحكمٍ قضائىٍ، كان من حيثياته ذلك التزوير الفاجر الذى احتججتَ عليه .. ولم يَعُد رقم عبد الحليم قنديل على الموبايل تُهمة .. وتغيّرت نظرة الشعب لرجال الشرطة .. وانفطرت القلوب على أبطالها الذين تتناوشهم أيادى الإرهاب .. وبقى ملّف عربى كما هو لم يتغيّر .. قابعٌ فى أرشيف (الجهة الأمنية) .. يتناوله ضابطٌ كسولٌ أو جهولٌ (أو كلاهما معاً) فيُسئ  بقلمه لدماء زملائه الشهداء ويمنع حقاً عن مُستحقه ويُزكّى بدلاً منه واحداً من السائرين (جنب الحيط) .. كان من أسباب قيام ثورة يناير تغوّل جهاز أمن الدولة وتدخله فى كافة شؤون الدولة ومن بينها تعيينات كافة مؤسسات الجهاز الإدارى للدولة .. كان المعيار الأهم هو الأمن لا الكفاءة .. والموظف المثالى فى المفهوم الأمنى هو ذلك المواطن الذى لم ينشغل يوماً بالهمّ والشأن العام أو نقد الواقع .. المواطن المنكفئ على نفسه والماشى (جنب الحيط) حتى ولو لم يكن كفؤاً .. وكانت النتيجة ما نعانى منه الان من مؤسساتٍ مترهلةٍ يرتع فيها الفشل والفساد والسائرون (جنب الحيط) بحيث كادت مصر ببركة هذه الرؤية المتخلفة أن تصبح دولةً (جنب الحيط) .. بينما الأكفأ والأصلح من الشباب الذين تستحقهم مصر ويذوبون فى حُبّها يشعرون بالقهر ويُعانون الأمّرين .. المشكلة أن هذا الترهل والفشل والمحسوبية قد تسرّب فى السنوات الأخيرة إلى كافة الأجهزة الرقابية (وليس الأمن فقط) .. ضابط يدخل الكلية بالواسطة وعندما يتخرج يلتحق بالجهاز الرقابى بالواسطة مُتخطياً زملاءه الأكفأ منه .. ثم بتأشيرةٍ منه يغلق باب المستقبل أمام من يشاء ويفتحه لمن يشاء .. فتزداد المظالم ويقّل الانتماء .. لكن كل ذلك كان يتم دون ورقةٍ رسميةٍ واحدةٍ لأن كل ذلك غير قانونى .. الجديد فى حالة عربى أن المسألة أصبحت على المكشوف .. التطور (أو التدهور) الجديد أن هيئة السكك الحديدية قامت بتسليمه خطاباً رسمياً منذ أسبوعٍ يفيد بأن الجهات الأمنية قد رفضت تعيينه بالهيئة .. مما جعل عربى يصرخ متسائلاً ومتعجباً من هذه البجاحة (الناس دى ما لهاش كبير؟) .. لا يا عربى .. بل لهم كِبارٌ .. إن لم يُصلحوا هذا الاعوجاج فى الأرض .. فإن كبير الأرض والسماء سيصلحه بِعدله ولو بعد حين.
 
 
 
 
 
 

No comments:

Post a Comment