Friday, 2 June 2017

{الفكر القومي العربي} يحيى حسين: برلمان الرئيس يشبهه تماماً

برلمان الرئيس يُشبِهُهُ تماماً
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
وكأنما فوجئ البعض برد الدكتور على عبد العال على سؤال النائب الجاد عماد جاد عن معيار إعطاء الكلمة لطالبيها فقال له (بمزاجى) .. وهى كلمةٌ كاشفةٌ تلخص طبيعة النظام كله وليس هذا البرلمان وحده .. نحن نعيش فى دولة المزاج .. وهذا البرلمان ابنُ أبيه .. ومَن شابَه أباه فما ظَلَم .. هذا برلمان الرئيس .. صُنِعت أغلبيته على عينه .. وشكلتها أجهزته .. فجاء على مزاجه .. شبيهاً بباقى إخوته من أبناء الرئيس .. لجنة مكرم .. ولجنة كرم .. وحكومة شريف .. ووزاراتها .. هذا البرلمان يشبه الرئيس تماماً مما يُثبتُ البنُوَّةَ دون احتياجٍ للدى إن إيه .. فكما يديره عبد العال بمزاجه' تُدارُ مصر الآن بالمزاج .. لا بالقانون ولا بالدستور.
كان رئيس الدولة يزمجر فى قنا بأن لا أحد فوق القانون .. لكن أحداً لم يأخذ الكلام مأخذ الجد لأن هذا القانون كان يُنتهك فى نفس اللحظة (ولا يزال) فى حالة اللص المُدان وزير الداخلية الأسبق .. الذى يقول محاميه إنه ليس هارباً وإنما هو غائب .. أخشى ألا يظهر إلا فى نهاية الزمان، كالإمام الغائب فى التراث الشيعى.
إن القانون الذى يُطَبَّق بالمزاج ويُنتهك بالمزاج ليس قانوناً وإنما خرقةٌ باليةٌ .. فى غابةٍ لا فى دولة .. خذ مثلاً الدليل البسيط الذى لن نَمَّلَ من تكراره .. وهو غَيْضٌ من فَيْضِ من انتهاك الدستور والقانون .. إن الدستور يُلزم الرئيس بأن ينشر إقرار ذمته المالية فى الجريدة الرسمية فى بداية فترته ثم فى كل عامٍ من أعوامها الأربعة .. وها قد قاربت الفترة على الانتهاء ولم ينشر الرجل شيئاً .. ولم يحاسبه برلمانه .. فمتى يلتزم الرجل بالدستور؟ .. هل عند أحدكم إجابة غير: عندما يسمح مزاجه.
إن البرلمان فى الدول الطبيعية هو بيتُ الأُمّة الذى يتسع لكل الآراء .. ويُحاسبُ الرئيسَ وليس العكس .. هذا هو بيتُ الأمة .. أَمّا بيتُ الطاعة فهو شئٌ كان مخصصاً فى تراثنا للنواشز من النساء وقد اختفى من واقعنا منذ عدة عقود .. ليظهر من جديدٍ على أحد نواصى شارع القصر العينى.
قبل عامين نشر أحد أعضاء الحملة الانتخابية للرئيس شهادته التفصيلية عن مرحلة تكوين هذا البرلمان فى حُضن الأجهزة السيادية .. وهى شهادةٌ تكفى لإسقاط نظامٍ بأكمله .. لأن أى انحيازٍ من الدولة فى العملية الانتخابية يُفقدها شرعيتها (الدولة والانتخابات) .. لكن لا أحد اكترث بأن ينفى هذه الفضيحة .. لا الرئيس .. ولا الأجهزة .. ولا عرائس الماريونيت الخشبية التى نالت الحصانة .. ففى دولة المزاج لا يُعَّدُ ذلك فضيحة .. نحن فقط الذين نراها كذلك.
البعض قفز على هذه المُقدمات الباطلة وظل يتعامل مع ما أفرزته وكأنه برلمان .. أحدهم كان يتساءل منذ أيامٍ لماذا لا يستجوب البرلمانُ الرئيس والحكومة عن ما تتحدث به وسائل الإعلام العالمية وكبار المسؤولين الإسرائيليين من ملابسات التفريط .. ومن بينها أن السعودية طلبت الجزيرتين بإيعازٍ من إسرائيل لتقدمهما لها كعربون محبةٍ فى حلفهما الجديد فى مواجهة إيران، فتنازل لها الرئيس المصرى عن الأرض المصرية (التى لا يملك لا هو ولا غيره أن يتنازل عنها) فى سابقةٍ لم تحدث من حاكمٍ مصرىٍ منذ سبعة آلاف عام .. لم يُفِق الصديق من أوهام استجواب البرلمان للرئيس إلا على ما نشره الدكتور أبو الغار على صفحته اليوم من أنباء اجتماع الأمن مع مجموعاتٍ من النواب لتمرير اتفاقية العار .. الأرجح قبل العيد ليكون عيداً فى إسرائيل أيضاً .. يا سادة .. هذا البرلمان يشبه الرئيس .. يتطابق مزاجه مع مزاج الرئيس تماماً .. لم يشذ عن هذه القاعدة أبداً .. لدرجة أن البعض صار يختلط عليه الأمر: هل الجلسات تُعقدُ تحت القبة أم فى فندق الماسة؟!.. لذلك أتعجب ممن يُمَّنُون أنفسهم بموقفٍ كريمٍ منه عند مناقشة التفريط فى تيران وصنافير .. الموقف الكريم كان ألا يناقشوا الموضوع أصلاً .. ومَنْ يُهِن اللهُ فما له من مُكرِم .. إن الرئيس هو الذى تنازل واستمات من أجل تنفيذ التنازل ونَكَّل بكل من نادى بمصرية الجزيرتين .. والبرلمان ابنُ الرئيس .. وليس من البِرِّ أن يَعُقَّ الابنُ أباه .. ونحن فى شهر البِر لا العقوق .. رمضان كريم.
(البداية- الجمعة 2 يونيو 2017).


No comments:

Post a Comment