Tuesday 4 September 2018

{الفكر القومي العربي} أغتيال مصر - تصفية شركة مصر للألبان

مصر للألبان

مصر للألبان والأغذية (تأسست 1956) كانت حتى 1990 أكبر شركة متخصصة في صناعة الألبان ومنتجاتها فى الشرق الأوسط، وتمتلك 9 مصانع وأكثر من ستين مركز تجميع وتوزيع تغطى احتياجات مصر، وتصدر للدول الخارجية فلم يتبق منها سوى مصنع مترامى الأطراف وماكينات غطاها التراب والصدأ رغم صلاحيتها تماما للعمل، ويافطة تساقطت حروفها كانت يوما تسمى «مصر للألبان» وكانت تحقق شعار جمال عبد الناصر «كوب لبن لكل مواطن».

فى عام 1956 ومع بداية النهضة الصناعية التى شهدتها مصر بعد ثورة يوليو، أرادت الدولة أن تبنى صروحا صناعية لإنتاج ما تحتاجه مصر، وكانت شركة مصر للألبان احد أهم هذه الصروح، حيث بدأت بمصنع ضخم فى منطقة الأميرية، وكان الهدف من الشركة كما أعلن وقتها إنتاج وتجميع اللبن وبسترته وتجارته والقيام بصناعة منتجات الألبان المختلفة من الجبن بأنواعه والزبادى حتى الأيس كريم، وكان هدفها تحقيق الشعار الذى رفعه جمال عبد الناصر (كوب لبن لكل طفل)، وفى عام 1973 كانت الشركة قد وصلت بخدماتها ومصانعها ومراكز التجميع والتوزيع لجميع مناطق مصر، وكانت المصانع قد أصبح عددها 9 مصانع فى القاهرة والإسكندرية ودمياط والمنصورة وطنطا والإسماعيلية وكوم أمبو وسخا، بالإضافة لمركز التدريب الوطنى بالإسكندرية، وهو المركز الوحيد من نوعه فى الشرق الأوسط . وكانت «مصر للألبان والأغذية» قلعة صناعية ضخمة تنتج كل ما تحتاجه مصر ومؤسساتها العسكرية والصحية وحتى التعليمية من ألبان ومنتجاتها، خاصة بعد أن أصبحت تضم المصانع التى تم تأميمها فى الستينيات ومنها مصنع (سيكلام) أحد أقدم مصانع الألبان فى مصر، كما تم تجهيز 60 مركزا تتولى تجميع الألبان من جميع مناطق مصر من الفلاحين ومنتجى الألبان ليتم نقلها إلى مصانع الشركة عبر أسطول ضخم من السيارات المجهزة بأحدث التقنيات, والتى تم استيرادها من الخارج وكان بعضها يقوم بعمليات البسترة والتعقيم أثناء رحلة النقل وكانت النتيجة زجاجة اللبن الشهيرة التى عرفها الشعب المصرى كله منذ نهاية الستينيات وحتى نهاية الثمانينيات بخلاف المنتجات الشهيرة للشركة من الأجبان.[1]

إمبراطورية مصر للألبان

مصر للألبان شركة يمكن أن يطلق عليها إمبراطورية صناعية بحق, فالشركة ليست مجرد اسم تم تقدير ثمنه التجارى بنحو 5 ملايين جنيه بينما الشركة التى اكتمل هيكلها الصناعى الضخم فى عام 1973 فأصبحت تضم كلا من:-

1ـ مصنع القاهرة (الأميرية) ويقع على مساحة حوالى 42 ألف متر ويضم المصنع بداخله خمسة مصانع إنتاج تصنف كالآتى : مصنع الجبن المطبوخ

خط بسترة وتعبئة اللبن

مصنع الجبن الأبيض

مصنع الزبادى

مصنع إنتاج السمن

مصنع الايس كريم .

2ـ مصنع الإسكندرية (سيكلام ) وهو المصنع الأقدم فى إمبراطورية مصر للألبان (تم بيعه عام 1998)

وتبلغ مساحته 32 الفا وثلاثمائة متر ويضم المصنع خطوطا لبسترة وتعبئة الألبان وتعبئة العصائر وإنتاج الجبن كما يوجد به استراحة أثرية فخمة تم بيعها كجزء من صفقة البيه وقتها.

3-ـمصنع دمياط بالشعرا ويقع على مساحة 12 فدانا أى 50 ألف متر ويضم خطوط إنتاج اللبن والجبن والزبادى والجبن الرومى والسمن.

4ـمصنع المنصورة ويقع على مساحة 35 ألف متر وبه نفس خطوط الإنتاج للجبن واللبن والزبادى هذا بخلاف خط الإنتاج الوحيد للجبن الريكفورد وهو المصنع الوحيد فى مصر الذى كان ينتج هذا النوع وبعد إغلاق المصنع لم يعد ينتج احد هذا النوع.

5ـ مصنع طنطا وكان يضم خطوط إنتاج كاملة لكل منتجات الألبان

6ـمصنع كفر الشيخ (شحا) ويقع على مساحة أكثر من 30 ألف متر وبه خطوط إنتاج كاملة لكل منتجات الألبان.

7ـمصنع كوم امبو بجنوب مصر وهو احد المصانع الضخمة التى كان يغطى إنتاجها منطقة الصعيد بالكامل وكان يملك أسطولا ضخما من السيارات وقدرت قيمة أصوله فى عام 1973 حسب تقرير لجنة رسمية من وزارة الصناعة وقتها بنحو 2مليون و840 ألف جنيه.

8ـ مصنع الإسماعيلية وهو مصنع ضخم كان يوفر منتجات الألبان لمنطقة القناة بالكامل وتحول الآن لمجرد مخزن للمعدات التى تم إخراجها من المصانع التى تم بيعها كأراض فضاء.

9ـالمركز الوطنى بالإسكندرية والذى أسس عام 1963 بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة( الفاو ) وكان يهدف إلى تطوير الدراسات الخاصة بإنتاج منتجات الألبان وتقديم نوعيات وأصناف جديدة لمصانع الشركة كما كان يساهم فى الإنتاج ويتم تصدير منتجاته المتميزة

بخلاف المصانع الضخمة كانت أصول شركة مصر للألبان تضم 60 مركزا لتجميع اللبن من كافة مناطق مصر ونقلها إلى مصانع الشركة المختلفة هذه المراكز تمثل ثروة مالية أخرى حيث توجد فى مناطق متميزة فى المدن والمراكز وحتى القرى وتتنوع مساحتها بين مئات إلى ألاف الأمتار من الأراضى تكلفت فى تجهيزها حسب تقديرات لجنة وزارة الصناعة عام 1973 حوالى مليون و650 ألف جنيه وقتها.

ثروة مصر للألبان تضم أيضا أسطولا ضخما من السيارات ومراكز العرض والتوزيع فى مختلف محافظات مصر والتى تم تأجير جزء كبير منها للقطاع الخاص وبعض شركات قطاع الأعمال.

من 96 وحتى 2014 تصفية مستمرة

فى عام 1996 بدأت أولى خطوات تصفية شركة مصر للألبان مع ظهور بعض شركات القطاع الخاص الكبرى وقتها تم إيقاف مصنع ألبان طنطا وخروج العاملين به للمعاش المبكر وبيع الأرض الخاصة به لهيئة الأبنية التعليمية فى صفقة لم يتم الإعلان عن قيمتها ولم يتم استخدامها أصلا فى تطوير مصانع الشركة التى كانت قد بدأت فى التهالك وتحتاج إلى إعادة تطوير . وبعد أقل من عامين تكرر الأمر فى مصنعى الإسماعيلية وسخا حيث تم إغلاقهما وتحويل مصنع الإسماعيلية إلى مخزن معدات، وماكينات مصنع سخا الذى تم بيعها باعتباره ارض فضاء والتعامل مع المبانى الموجودة بها كأنها غير موجودة، بعد أن بيعت الأرض للبنوك

أما المصنع الذى تم بيعه بالكامل بما عليه من معدات فكان مصنع (سيكلام) بالرأس السوداء بالإسكندرية والذى تعتبر القيمة الذى بيع بها مهزلة حقيقية فقد بيع المصنع فى أكتوبر عام 1998 لرجل الأعمال يوسف منصور صاحب شركة المنصور بنحو 20 مليون جنيه فقط لا غير وحسب العقد المبرم بين عبد الوهاب حامد البطة بصفته المفوض العام عن الشركة وبين شركة المنصور للتأجير التمويلى فإنه باع وأسقط وتنازل الطرف الأول مصنع شركة( سيكلام) بكامل أرضه ومبانيه والتى تبلغ مساحتها 32309 متر مربع وما تحويه من عنابر الإنتاج وما بها من خطوط إنتاج وآلات ومعدات ووسائل نقل وقطع غيار وموجودات متنوعة تخص المصنع بالإضافة إلى استراحة تضمها أرض المصنع ويشمل البيع أيضا مراكز التجميع خارج ارض المصنع فى كل من محافظتى الإسكندرية والبحيرة وهذه المراكز يبلغ عددها نحو 7 مراكز ذهبت للمشترى بلا ثمن .

بعد بيع مصنع (سيكلام) لم يكن قد تبقى قيد التشغيل سوى ثلاثة مصانع فقط هى (القاهرة دمياط المنصورة )

وبالنسبة لمصنع دمياط فقد تم تسليمه للبنك الأهلى وبنك مصر فى إطار صفقة تضمنت أيضا مصنع دمياط مقابل 150 مليون جنيه أشارت فيما بعد الشركة القابضة إلى أنها استخدمتها لسداد ديون وخسائر الشركات التابعة الأخرى ولم يكن من بينها شركة مصر للألبان التى كانت قد توقفت عن العمل أصلا قبلها بسنوات .بينما تشير تقديرات بعض العاملين بالشركة أن ارض المنصورة التى بيعت ضمن تلك الصفقة لا تقل بحسب التقديرات عن 600 مليون جنيه لمساحتها التى تصل إلى 35 ألف متر ويوجد فى منطقة حيوية ومهمة بالمدينة . وعلى جانب آخر تم التعامل مع الآلات ومعدات الإنتاج بشكل شديد الغرابة فقد تم تشوينها ونقلها جميعا لمصنع الإسماعيلية بعد أن تم إيقافه عن العمل وتحويله إلى مخزن لمعدات المصانع التى أغلقت ويؤكد بعض العاملين بالشركة أن أغلب تلك الآلات تعرضت للتلف والصدأ نتيجة لسوء التخزين والإهمال بل وتعمد التخريب خلال عملية النقل لتباع بعد ذلك باعتبارها خردة غير صالحة للعمل . أما مصنع الأميرية وهو المصنع الوحيد الذى ظل على حاله أو احتفظ على الأقل بآلاته فقد تعرض هو الآخر لعملية الاتجار فى الأراضى التى شملت كل مصانع الشركة السابقة حيث تم أخيرا استقطاع مساحة 18 ألف متر مربع من أرضه وبيعها لنفس البنكين لتوفير سيولة لازمة للشركة القابضة للصناعات الغذائية ,لتسيير أمورها ومكافآت أعضائها وتسديد ديون مستحقة لم يعلن عنها حتى الآن.

فى انتظار المزاد

حكايات الماضى التى يحكيها العمال بمرارة شديدة يبدو أنها لن تتوقف خاصة أن عملية التصفية ما زالت مستمرة رغم زيارة رئيس الوزراء لمصنع شركة مصر للألبان الوحيد الذى ما زال متبقيا من الشركة العملاقة ولاتزال عملية تصفية الشركة مستمرة بنفس السيناريو وآخرها المزايدة التى أعلن عنها وتم طرح كراسات الشروط لها وسيتم إجراء المزاد الخاص بها يوم 13 مايو الحالى حيث سيتم حسب ما جاء بالإعلان المنشور بالأخبار عن بيع (مكابس وماكينات تعبئة وأجهزة تكييف ومبخرات ووحدات تبريد كاملة ومهمات وأجهزة كهربائية وغيرها وكلها كما جاء فى الإعلان «أصناف مستغنى عنها» هذه الأصناف المستغنى عنها كما قال لنا احد مهندسى المصنع الذى فضل عدم ذكر اسمه كانت ولا تزال تعمل وصالحة تماما للعمل وكل ما يحدث هو عمليات تحايل لتكهين تلك الآلات وبيعها لمصانع القطاع الخاص التى اشترت بعض شركاتها ما تم تكهينه من المصانع السابقة التى أغلقت أو بيعت كأراض وكانت تتبع شركة مصر للألبان بينما يذكر لنا مزادا مشابها تم فى 17 يناير 2011: والذى بيع فيه معدات وماكينات تصنيع تحت بند لوط وهى بكامل حالتها وتعمل بكفاءة كاملة .

المستند الذى حصلنا على نسخة منه حول هذا المزاد والمرفوع من الهيئة العامة للخدمات الحكومية ,الإدارة المركزية للمبيعات والذى يحمل توقيع المهندس يسرى محمد عبد الجواد مدير عام الإجراءات بالهيئة ويحمل وصفا عاما للآلات باعتبارها «لوط»، حيث يصف حالة ما تم بيعه كالتالي:-

-ماكينة تعبئة أكواب زبادى العدد واحد الحالة مستعمل وعلى حالتها

-مجنس لبن 10 أطنان /ساعة ماركة اشتورك , مستعمل وعلى حالته

- ماكينة تعبئة جبن مطبوخ مثلثات، مستعمل وعلى حالتها

- ماكينة تعبئة جبن مثلثات، مستعمل وعلى حالتها

- جهاز بسترة اللبن 10 أطنان /ساعة مستعمل وعلى حالته

- تنك دبل جاكت لتصنيع الجبن الرومى سعة 10 أطنان، مستعمل وعلى حالته

وهكذا 37 ماكينة وجهازا من ماكينات مصانع مصر للألبان تم بيعها بينما ما زالت تعمل باعتبارها «لوط».

وكما يشرح لنا مهندس الشركة قائلا :« هذه الأجهزة تم بيعها وهى قادرة على العمل تماما وماركات عالمية سواء القديم أو ما كان قد تم تحديثه فى التسعينيات وأنا شخصيا اعرف شركات ألبان دخلت فى تلك المزادات واشترت الآلات وتدير بها مصانعها الآن».

ويضيف قصة أخرى عن وقائع التصفية التى تمت ولا تخلو بالتأكيد ان لم يكن من شبهة الفساد فعلى الأقل جريمة إهدار المال العام ويقول :« منذ شهور قليلة وقبل الإعلان الأخير عن طرح مصنع الشركة للتأجير أو حق الاستغلال تم التخلص من عمليات سيارات النقل الخاصة بالشركة وهى تمثل واحدة من اكبر خطوط النقل والتجميع ورغم أن الاتفاق كان على تأجير تلك السيارات للغير إلا أن ما حدث أنهم باعوها بالأمر المباشر ومنها سيارات التجميع وهى سيارات كانت الشركة قد استوردتها من فنلندا تتيح عملية التعقيم والبسترة أثناء نقل اللبن من مناطق التجميع بحيث يصل اللبن جاهزا للتعبئة أو التصنيع مباشرة فى مصانع الشركة وكانت لدى الشركة أربع سيارات يصل سعر الواحدة إلى 750 ألف جنيه بسعة تصل إلى 10 أطنان للسيارة وما عرفته من بعض العاملين بالشركة، أن هذه السيارات بيعت بنحو 100 ألف جنيه وأخرى بيعت بـ80 ألفا فقط.

الخصخصة مستمرة

عندما سألت الدكتور حسن كامل رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية التى تتبعها شركة مصر للألبان عن تصريحات رئيس الوزراء إبراهيم محلب حول إعادة تشغيل شركة مصر للألبان ومتى يمكن أن يتم هذا، كان رده يبدو مخالفا تماما ولم نكن أن نتوقعه عن الشركة التى تم تجميد أى معلومات عنها على الموقع الالكترونى للشركة القابضة منذ سنوات فقد أجاب :« ما أعلن عنه فى الصحف بشأن قرار رئيس الوزراء بشأن تشغيل الشركة مخالف لما قاله حقيقة , رئيس الوزراء يتمنى إعادة التشغيل ولكن هناك فرقا بين الأمنيات عندما اذهب لزيارة مكان وبين القرارات المبنية على دراسة وفهم للواقع ,الموضوع يحتاج إلى دراسة حقيقية قبل أن نتكلم عن التشغيل، خاصة أن الشركة فعلا تعرضت لخسارة ضخمة فى السنوات الأخيرة وبالتالى أى كلام عن تشغيلها لابد أن يكون لاحقا لدراسة التكلفة وإمكانية التشغيل لتحقيق أرباح»

هل هذا يعنى أنكم ستوقفون عملية التصفية والبيع للشركة؟

«نحن لن نبيع الشركة لقد طرحناها للتأجير أو حق الانتفاع بها وهذا قرار للجمعية العامة للشركة القابضة اتخذناه منذ تم إغلاق الشركة عام 2008 لأسباب تتعلق بمشاكل حقيقية فى جودة الإنتاج كما ان الشركة بوضعها الحالى لا تستطيع أن تجارى آليات السوق ومستوى الجودة التى وصلت إليها شركات القطاع الخاص العاملة فى نفس المجال ,وبالتالى فلا يوجد حل أمامنا سوى طرحها أمام القطاع الخاص ليشغلها هو بنفس الآليات ويعيد تجديد الماكينات المتهالكة بها»

هل نفهم من هذا أن عملية الطرح ما زالت مستمرة وان ما قاله رئيس الوزراء عن إعادة التشغيل لن يحدث؟

طرح الشركة للاستغلال من جانب القطاع الخاص هو قرار قانونى مائة فى المائة والجمعية العامة عندما اتخذت هذا القرار اتخذته بعد دراسة وافية ونحن حريصون جدا على المال العام ولن نسعى لإهداره فى منافسة لن نقدر عليها والشركة خاسرة حتى الآن 340 مليونا.

وأقاطعه كيف خسرتم 340 مليونا بينما الشركة أغلقت منذ 2008 والعمال تم تسريحهم ولم يتبق منهم سوى 45 عاملا وتم تأجير بعض معارض الشركة كما أعلنتم لسداد قيمة رواتبهم فمن أين جاءت الخسائر ؟

> لا أستطيع أن اذكر لك التفاصيل الآن فالورق الخاص بالشركة ليس أمامى الآن. يمكن أن نتحدث بداية الأسبوع القادم وسأطلعك على كل التفاصيل»

وبالفعل اتصلت به لمدة أربعة أيام لكى نلتقى أو نتحدث عن تفاصيل خسارة الشركة كما وعدنى ولم أتلق ردا سوى الصمت او طلب الاتصال فى وقت آخر لانشغاله الآن فى اجتماع مهم !

تجارة أراض

كلام رئيس الشركة القابضة عن خسائر الشركة الذى لم يقدم لنا تفاصيله أو كيف حدث يبدو مخالفا لما ورد بالفعل فى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن الشركة فى عام 2010 والذى يشير إلى أن عمليات بيع مصنعى دمياط والمنصورة التى بلغت حصيلتها حوالى 150 مليون جنيه لبنك مصر والبنك الأهلى وجاء فى التقرير نصا أن هذه الأموال (استخدمت فى تسوية ديون شركات أخرى تابعة للشركة الأم وهى الشركة القابضة للصناعات الغذائية التى يتبعها 23 شركة وذلك فى إطار خطة وزارة الاستثمار لتسوية مديونيات شركات وزارة الاستثمار لدى البنوك ) ويعلق تقرير الجهاز مضيفا أن هذا البيع والاستخدام الذى تم لأمواله (لم يحقق أى مردود على الشركة أو يساعد فى إعادة تأهيل

فنى للمصنع

سعد عبود عضو مجلس الشعب السابق والمنسق العام لحركة «حماية» الداعية لعودة القطاع العام وعندما سألته كيف ستتعاملون مع الشركات التى يصر المسؤلون على بيعها ؟

أجاب :«ما يحدث لشركات القطاع العام منذ التسعينيات وبدء مشروع الخصخصة هو تصفية كاملة ليس للشركات كشركات بل للثروة الاقتصادية والصناعية التى كونتها مصر طوال سنوات الستينيات والتى كان جمال عبد الناصر يسعى من خلالها لأن تكون مصر بحق دولة عظمى صناعيا , وما حدث لشركة مصر للألبان كارثة حقيقية فالشركة التى كانت يوما اكبر شركات إنتاج الألبان ومنتجاتها وكانت تغذى مصر كلها بجميع منتجات الألبان وتصدر للدول العربية , ولن ننسى يوم أن رفع الزعيم جمال عبد الناصر شعار "كوب لبن لكل طفل" وهو ما حدث بالفعل فى مصر فى الستينيات عندما كان لدينا قلعة لصناعة الألبان اسمها شركة مصر للألبان . ولكن للأسف هذه الشركة على وجه التحديد تعرضت لعملية تخريب وتصفية متعمدة لها لصالح شركات الألبان الخاصة التى بنت أرباحها وقلاعها على حساب الشركة الوطنية التى دخلت خطة الخصخصة الجائرة بعد صدور القانون 203 لسنة 1991 الذى دمر القطاع العام تماما ودمر صحة المصريين، فسيطرة القطاع الخاص على صناعة الألبان أدى لتحكمها تماما فى أسعار الألبان ومنتجاته ويكفى أن نعرف انه فى عام 2008 عندما أغلقت الشركة كانت تبيع كيلو الجبن الأبيض بنحو 9 جنيهات ارتفع إلى 22 جنيها بمجرد إغلاق مصنع الشركة. بينما أنفقت الدولة عليها الملايين من أموال الشعب لخدمة الشعب ومؤسساته السيادية ولا يمكن أن ينسى احد أن هذه الشركة وطوال حرب الاستنزاف وحرب رمضان كانت هى التى تمد قواتنا المسلحة بكافة احتياجاتها من منتجات الألبان كما أنها كانت المصدر الرئيسى لما يتم توريده للمستشفيات العامة والمدارس.

العمال يصرخون

أزمة شركة مصر للألبان بدأت إعلاميا فى مارس 2008 عندما خرج صوت عمال آخر مصانع الشركة وهو (مصنع الأميرية) مطالبين بتشغيل المصنع الذى تم إغلاقه، ومعترضين على عملية التصفية المنظمة للشركة منذ عام 1998 عندما تم بيع أول مصنع من مصانع الشركة التى دخلت خطة الخصخصة ،قرار الغلق الذى تسبب فى توقف المصنع العملاق عن العمل كان، وكما جاء فى مذكرة الغلق التى حررتها لجنة من وزارة الصحة، بسبب وجود عيوب إنشائية وسقوط بلاط حوائطه وتسريب ببعض الحنفيات !!!ونظرا لعدم جسامة المخالفة، فقد أعطت اللجنة لإدارة المصنع مهلة شهرا، لإصلاح العيوب السابقة قبل إعادة التشغيل، وإلا سيتم إغلاق المصنع وهو ما حدث بالفعل، حيث تم الإغلاق رغم أن إدارة الشركة وقتها، كما يقول حسن يوسف رئيس اللجنة النقابية بالمصنع، أعطت للعمال اجازة مدفوعة الأجر لمدة شهر لإصلاح المخالفات تلك، وعندما عدنا للمصنع لم نجد شيئا تم إصلاحه، بل بدأ أعضاء الإدارة يساوموننا على المعاش المبكر أو النقل لشركات شقيقة تتبع قطاع الأعمال، وكان الهدف هو تصفية العمالة التى كانت وقتها تبلغ نحو 1250 عاملا هم كل ما تبقوا من أكثر من عشرة آلاف عامل كانوا يعملون فى مصانع الشركة قبل أن يتم خصخصتها وتصفيتها. وللأسف حدث ما أرادوه فبعد عامين من الإغلاق خرج نحو 650 عاملا للمعاش المبكر والبقية نقلت لشركات أخرى ولم يتبق فى الشركة سوى 45 عاملا فقط .


No comments:

Post a Comment