Thursday, 30 August 2012

{الفكر القومي العربي} لا تخرجوا من سيناء

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

ما ان قامت القوات المسلحة المصرية لاول مرة منذ عام 1967 بنشر دباباتها و قواتها فى سيناء بالقرب من الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة ، حتى توالت الاخبار والانباء المتضاربة عن ردود الفعل الاسرائيلية والامريكية :

·       فدعا وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان إلى عدم السكوت على إدخال مصر طائرات ودبابات ومعدات عسكرية ثقيلة إلى سيناء دون التنسيق مع إسرائيل، معتبرا ذلك خرقا مصريا لمعاهدة كامب ديفيد، ويصرح ان على إسرائيل أن تتعامل بحزم مع الانتهاكات المصرية لمعاهدة السلام .

·       وقام نتنياهو من ناحية اخرى بتوجيه رسالة شديدة اللهجة لمصر يطالبها فيها بسحب الدبابات من سيناء فورا وفقا لما نقلته صحيفة معاريف الاسرائيلية التى ذكرت ايضا أن التنسيق الذى كان يتم فى الماضى بين جيشى الدولتين ومؤسستيهما العسكريتين تضرر كثيراً فى الآونة الأخيرة، الأمر الذى دفع الإسرائيليين إلى المطالبة بالتدخل الأمريكى.

·       كما دبت خلافات بين وزير الدفاع الاسرائيلى ايهود باراك الذى يعارض  التحركات العسكرية المصرية بسيناء وبين قيادات بالجيش الإسرائيلي الذين يرونها فى صالح اسرائيل

·       واعلن راديو إسرائيل فى 21 اغسطس بان مصر تنتهك معاهدة السلام بإدخالها طائرات مقاتلة ودبابات لسيناء دون تنسيق معنا

·       وعبر رون بن يشاي كبير معلقي يديعوت أحرنوت ان قرار مرسى‏ بتخفيض مستوى التنسيق الأمني مع اسرائيل إلى اضيق نطاق أخطر من ادخال الدبابات الى السيناء

·       أما عن موقف الادارة الامريكية فعبرت عنه فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية التى صرحت بان مصر تعمل الآن بجد لهزيمة الإرهاب ، وان الولايات المتحدة تدعم هذه الجهود ، مع التاكيد على ضرورة ان تقوم مصر بتنسيق عملياتها مع إسرائيل .

·       بينما انتقد دنيس روس المستشار السابق لاوباما لشؤون الشرق الأوسط ، قيام الرئيس المصري محمد مرسي بإرسال قوات عسكرية مدرعة إلى سيناء دون إبلاغ إسرائيل مسبقا بذلك حسبما تقتضيه معاهدة السلام

·       ووردت انباء عن ان قوات متعددة الجنسية التى تراقبنا فى سيناء ، قد قامت بتسجيل مخالفة علي مصر لبنود الملحق العسكرى لكامب ديفيد والتى قد تؤدى الى فرض غرامات مالية علينا قد تصل الى ملايين الدولارات

·       اما على الجانب المصرى فتضاربت الانباء بدءا من نفى المتحدث باسم الرئاسة ان إسرائيل طالبت بسحب الدبابات المصرية من سيناء وتاكيده باننا لا نستأذن أحدا في الحفاظ على أمننا

·       ومرورا بتصريح احد المصادر العسكرية المصرية لبعض وكالات الانباء ان اللقاءات والمفاوضات المصرية الاسرائيلية بهذا الشأن قائمة على قدم وساق والتى تتم عند معبر كرم ابو سالم وان اسرائيل رغم تخوفاتها من وجود القوات المصرية الا انها متفهمة لموقف مصر تماما في حربها ضد الإرهاب.

·       و فى 24 اغسطس نقلت كل وسائل الانباء خبر مفاده ان وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي قد أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الإسرائيلي إيهود باراك، أكد خلاله التزام بلاده باتفاقية السلام، كما طمأن نظيره الإسرائيلي إزاء طبيعة ما يجري في سيناء، وأكد حصول تفاهمات بين القاهرة وتل أبيب في شأن العمليات العسكرية التي تستهدف مسلحين في سيناء.

***

وهكذا نجد انفسنا امام حملة اسرائيلية امريكية مبكرة ضد بقاء القوات المصرية فى سيناء بعد الانتهاء من مهمتها والاجهاض المبكر لاى مطالبات مصرية مستقبلية بزيادة دائمة لقواتها فى سيناء بالتعديل للملحق العسكرى من المعاهدة .

***

وهو وضع لم يعد لائقا ولا مقبولا ، وضع تجريد مصر من حق الدفاع عن ارضها ثم اغراقها بسيل من الضغوط والتهديدات كلما ارادت ان تخطو خطوة فى اتجاه امنها او سيادتها .

والرد الوحيد الصحيح الان هو بقاء هذه القوات بعد انتهاء عملية التمشيط والتطهير ، لفرض واسترداد السيادة المهدورة فى سيناء ، بالاضافة الى ضمان عدم عودة الاختراق الصهيونى او الارهابى او الصهيونى الارهابى المشترك مرة اخرى لجزء عزيز من ارضنا . مع الاصرار على تعديل المعاهدة فى شقها العسكرى بما يحرر مصر من القيود المفروضة عليها ، ويطلق يدها فى الانتشار والتسليح فى سيناء وفقا لضرورات الامن القومى المصرى وليس امن اسرائيل .

وهو ما سيمثل اول اختبار حقيقى للصلابة الوطنية للنظام الجديد وصموده امام الضغوط الخارجية التى لن تتوقف ابدا ، ومدى انتهاجه لسياسات وتوجهات سيادية على النقيض من سياسات نظام مبارك .

وهو فى ذلك سيحتاج الى كل انواع الدعم السياسى والشعبى ، فبدونها قد تضعف وتنكسر ارادة المفاوض المصرى فى مواجهة الضغوط الخارجية المتوقعة .

أما الانصياع ، لا قدر الله ، للضغوط الاسرائيلية وإعادة قواتنا مرة أخرى الى غرب القناة ، فسيمثل ضربة كبيرة لشرعية النظام الحاكم الجديد ، وسيتسبب فى جرح بالغ للكرامة الوطنية .

كما ان اسرائيل ، من ناحية اخرى ، قد دأبت على انتهاك ومخالفة المعاهدة عشرات المرات ، بل ودأبت على انتهاك كل المواثيق الدولية باعتدائتها وحروبها العدوانية المتعددة والمتتالية على فلسطين ومصر وسوريا ولبنان والعراق وتونس والسودان ، على امتداد عقود طويلة .

ناهيك على ان انشاء (اسرائيل) ذاتها ، هو اكبر انتهاك لكل المعانى والقيم الانسانية والوطنية فى العصر الحديث ، هذا الكيان الاستعمارى التوسعى الاستيطانى العنصرى الذى قام على ابادة ونفى وطرد شعب كامل من ارضه ليحل محله مهاجرين اجانب من روسيا وبولندا وشتى بلدان العالم .

*****

القاهرة فى 24 اغسطس 2012

 

No comments:

Post a Comment