Tuesday, 6 November 2012

{الفكر القومي العربي} ضد مرسي وليس «إسرائيل» - فهمي هويدي

صحيفة السبيل الأردنيه الأربعاء 22 ذو الحجة 1433 -7 نوفمبر 2012

ضد مرسي وليس «إسرائيل» - فهمي هويدي

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2012/11/blog-post_7.html

 

خلال الأسبوعين الأخيرين تلقت القاهرة رسالتين لهما دلالة خاصة،

إحداهما من واشنطن والثانية من «تل أبيب».

 

الأولى بعث بها الرئيس باراك أوباما في أثناء المناظرة الرئاسية الثالثة،

وقال فيها صراحة إن «إسرائيل» تعد خطا أحمر بالنسبة للولايات المتحدة في علاقتها بمصر، وإن أي اهتزاز لمعاهدة السلام يضع أمن «إسرائيل»، بل أمن الولايات المتحدة على المحك، الأمر الذي لابد له من أن يؤثر في علاقة القاهرة وواشنطن.


الرسالة الثانية وجهها رئيس الإدارة السياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد التي قال فيها في أثناء حديث له في مؤتمر أقامته الوزارة، إنه لا يوجد حوار بين الرئيس محمد مرسي والقيادة الإسرائيلية، واعتقد أنه لن يكون.

وإذ أعرب عن تشاؤمه بالنسبة إلى مستقبل العلاقات بين البلدين، فإنه وصف النظام الحالي في مصر بأنه «ديكتاتوري»، وقال إنه أقصى الليبراليين وشباب الثورة.. إلخ.


الرسالتان ليستا منفصلتين عن حالة البرود المخيمة على العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ ثورة 25 يناير، حين فقدت «إسرائيل» «كنزها الاستراتيجي» بسقوط الرئيس السابق ونظامه.

 

ورسالة البرود تلك تلقتها «إسرائيل» عبر قنوات وقرائن عدة؛

إذ لم تنجح الوساطات الأمريكية في ترتيب لقاء الرئيس المصري الرئيس الإسرائيلي.

 

وفي حدود علمي، فإن أكثر من مسؤول أمريكي عرض الأمر على الرئيس مرسي، إلا أنه لم يتلق ردا إيجابيا، ولكن الرئيس سمع الكلام ولم يرد.

 

ولاحظ المراقبون أن الرئيس المصري لم يذكر «إسرائيل» في أي من خطاباته.

 

ولم تفهم ملاحظة تعليق رئاسة الجمهورية على الخطاب الودي والحميم الذي قدم به السفير المصري الجديد لدى «إسرائيل» أوراق اعتماده إلى رئيسها، وقول المتحدث باسم الرئاسة إن صيغة الخطاب كانت خطأ لن يتكرر.

 

 لاحظوا أيضا أنه لم يعقد حتى الآن أي اجتماع بين القيادة الجديدة في مصر وبين نظرائهم الإسرائيليين.

 

وان الاتصالات بين البلدين لا تتم إلا عند الضرورة وتجري بين الموظفين المختصين على الجانبين.

كما أنهم قرؤوا رسالة في ذات الاتجاه؛ من خلال امتناع وزير الدفاع المصري الجديد اللواء عبد الفتاح السيسي عن الرد على الاتصالات الهاتفية التي تصل إلى مكتبه من نظيره الإسرائيلي إيهود باراك.


هذه الإشارات جاءت كافية في الدلالة على أن علاقات مصر و»إسرائيل» -في حدها الأدنى- باتت مختلفة عما كانت عليه في السابق، والقرائن السابقة تؤيد بوضوح هذا المعنى.

وعندي في هذا الصدد أربع ملاحظات؛ هي:


*
إنني أتفهم الحذر المصري إزاء ملفات السياسة الخارجية، وأدرك أن استقرار الأوضاع الداخلية وقوة تماسكها من الامور التي ينبغي أن تحظى بالأولوية؛ لأن قوة الداخل هي التي تفرض القوة فى الخارج،

 

وإذا وضعنا بالاعتبار أننا نتحدث عن بلد يريد أن يستعيد دوره الريادي في المنطقة، فإننا نتوقع على الأقل حدا أدنى من الوضوح في سياساته الخارجية، لا يدع المجال للتخمين والاستنتاج والتقاط الإشارات التي تطلق في الفضاء الإعلامي.


*
إن من حق مصر بعد الثورة أن يكون لها أيضا خطوطها الحمراء التي ينبغي أن يكون الآخرون على علم بها.

وإذا أراد الرئيس الأمريكي أن يعلن للجميع أن «إسرائيل» خط أحمر بالنسبة إلى واشنطن، فلمصر أن تعلن أن استقلال قرارها الوطني واحترام إرادة شعبها والدفاع عن أمنها القومي الذي يهدده الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي وانتماءها إلى الأمة العربية، هذه بدورها خطوط حمراء لا تقبل من أي طرف أن يتخطاها.


*
إن «إسرائيل» نجحت في أن تربط بين مصالحها وأمنها وبين مصالح الولايات المتحدة وأمنها، حتى وجدنا في خطاب الرئيس أوباما إشارته إلى أن أي اهتزاز لمعاهدة السلام لا يمس أمن «إسرائىل» فحسب، وإنما يؤثر في أمن الولايات المتحدة أيضا.

 

 وحتى إذا كان لهذه اللغة هدفها الانتخابي الذي أُريد به كسب أصوات اليهود الأمريكيين، إلا أن ذلك لا يلغي حقيقة أن مصر ومن ورائها الأمة العربية بما تملكه من ثروة نفطية، تعد أحد شرايين الحياة للدول الصناعية لم ينجحوا في إقناع واشنطن بأنهم أيضا طرف لا غنى عنه في حسابات المصالح.


*
إن رسائل التحذير الموجهة إلى مصر من واشنطن و«تل أبيب» لم تلق ما تستحقه من اهتمام في وسائل الإعلام المصرية،

وباستثناء تحليل وتعليق لحكاية الخط الأحمر الأمريكي نشرته صحيفة «الشروق» لمراسلها في واشنطن الزميل محمد الشناوي،. فإن بقية الصحف المصرية التي وقعت عليها لم تكترث بالأمر.

 

وحين يقارن المرء ذلك التجاهل بالضجة الكبرى التي أثارتها وسائل الإعلام المصرية، عندما سربت «إسرائيل» خطاب الرئيس مرسي إلى الرئيس الإسرائيلي لاعتماد السفير المصري الجديد، فإنه لا يستطيع أن يخفي حيرته ودهشته!

 

بل لا يكاد يجد تفسيرا بريئا لتلك المفارقة؛ إذ حين نشر نص الخطاب فإن أغلب وسائل الإعلام، وأغلب المعلقين تحدثوا عن «الصفقة» بين السلطة الجديدة في مصر وبين واشنطن التي تفتح الأبواب للتطبيع والمصالحة مع الإسرائيليين، وشنوا هجوما قاسيا على الرئيس مرسي جراء ذلك.


ولكن حين ثبت أن ذلك غير صحيح بدليل التحذير الأمريكي والتقييم الإسرائيلى، فإن الجميع التزموا الصمت، وتجاهلوا الإشارات القادمة من واشنطن و»تل أبيب» في هذا الصدد؛

 

 الأمر الذي يسوغ لنا أن نقول إن حرصهم على الاصطياد للرئيس مرسي وتشويه صورته يتجاوز بمراحل رغبتهم في تصحيح العلاقة مع «إسرائيل»، كأن معركتهم الحقيقية ليست مع «إسرائيل»، ولكنها مع الرئيس المنتخب.

.................

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.

No comments:

Post a Comment