Monday 1 June 2015

{الفكر القومي العربي} يحيى حسين: لكن عبد الرحمن يوسف ليس ربا

لَكِنَّ عبدَ الرحمن يوسف ليس هارباً
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
(الوطن 2/6/2015)
لَفَتَ الصديقُ إبراهيم عيسى بأسلوبِه الساخر أنظارَنا إلى خطأٍ كوميدى في البيان الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء عن اجتماع وزراء المجموعة الاقتصادية، حيث تَحَدّثَ البيانُ الرسمي عن اتفاقهم على التركيز على ثلاثة موضوعاتٍ رئيسية هي: أولاً، إنشاء صندوقٍ سيادىٍ لإدارة أصول الدولة، وثالثاً، فك الاشتباكات المالية بين مؤسسات الدولة .. ولم يذكر البيان (ثانياً)!! .. وهو ما ذَكّرنى بالنكتة التي كان يتداولها الصعايدة (وأنا منهم) عن الصعيدى الذى قال لصاحبه إن أهم ثلاثة أشياء في الدنيا هى الماء والهواء (!).
والحقيقة أن هذا الخطأَ ليس كوميدِيّاً بالمرة، وإنما حلقةٌ في سلسلةٍ متكاثرةٍ مِن الأخطاء التي تكشف عن مدى التدهور الذى لَحَقَ بالجهاز البيروقراطى للدولة المصرية.
كُنّا نَعيبُ على الجهاز الإدارى للدولة أُمُوراً كثيرةً ليس من بينها عدم الدِقّة .. لكن يبدو أن وباء التوريث الذى أَصَابَ مفاصل الدولة المصرية في العِقدَيْن الأخيرين قد بدأ يؤتِى ثمارَه .. فبينما كُنّا نُحارب توريثَ الوظيفة الأولى في الدولة، كانت ثقافةُ التوريث الفاسدة تنتشر كالنارِ في الهشيم في كافة أجهزة ومؤسسات الدولة .. وإذا كان الأطبّاءُ يقولون إن زواج الأقارب يُضعِفُ الذُريّة، فإن توريث الوظائف للأقارب أَضعَفَ المؤسسات، فظَهَرَت هذه الأخطاء التي ما كُنّا نسمع عنها أبداً.
آخِرُ تجليّات الخَلَلِ الإدارى كانت منذ يومين، واسمحوا لى أولاً بالعودة للوراء عدة أسابيع .. إذ أن الصديق حمدى رزق كَتَبَ مقالاً منذ أكثر من شهرٍ يُهاجم فيه الصديق عبد الرحمن يوسف، ذَكَرَ فيه أن عبد الرحمن يُرسلُ تغريداته ويكتبُ مقالاته مِن قَطَر .. ولَمّا كُنتُ أعلمُ أن عبد الرحمن موجودٌ في مصر ممنوعاً من السَفَر، فقد اتَصّلتُ به فَأكّدَ لى ما أَعلَمُه، وأبلغتُ حمدى رزق الذى قام بأمانةٍ ومِهَنيةٍ معهودتيْن فيه بتصويب المعلومة في مقاله التالى مُباشرةً.
قَبْل أيامٍ انعقدت جلسة مُحاكمة المُتّهَمين بإهانة القضاء، والتي تجمع بين الشامى والمغربى، ففيها الأضدادُ كُلُّهم، الدكاترة محمد مرسى وعبد الحليم قنديل وعمرو حمزاوى وحمدى الفخرانى وتوفيق عكاشة وآخرون، مِن بينهم عبد الرحمن يوسف .. ولَفَتَ انتباهى أن عبد الرحمن يوسف تم توصيفه في كل وسائل الإعلام في اليوم السابق للجلسة بأنه (هارب)، وهو ما كَرّرَته هيئة المحكمة المُوَقّرة، بحيث أصبح توصيفاً رسمياً .. ولأننى لم أتواصل معه منذ مقال حمدى رزق، فقد صَدّقتُ أنه هَرَبَ فعلاً خلال هذا الشهر .. ورغم اختلافى معه في كثيرٍ من الأمور إلا أننى لا أَظُنُ به ذلك ولا أُحِبُ له ذلك .. فأرسلتُ إليه على بريده الإلكترونى مُستفسراً ومُعاتباً ففاجأنى بأنه لم يهرب وأنه الآن جالسٌ في منزله بالقاهرة لم يُغادره وأن أحداً لم يُخطره رسمياً بالجلسة وأنه فوجئ بتوصيفه هارباً وصدور قرارٍ بضبطه وإحضاره (!).
بالطبع هذه التفاصيل ليست مسئولية هيئة المحكمة من القُضاة، ولكنها مسئولية جهازها الإدارى الذى جَرَى عليه ما جَرَى على كل أجهزة الدولة .. آخر ما يتخيله المَرْءُ أن يُستَمَدَ التوصيفُ القانونى للمتهمين من مقالات الصُحُف .. جميلٌ طبعاً أن يكون الموظف المسئول مثقفاً يقرأ مقالاتِ كُتّابٍ بحجم حمدى رزق، ولكن الأجملَ أن يُداومَ على القراءة ليعرف أن المعلومة تم تصويبها بعد يومين.
بقى أن أُشير إلى مسألتين، الأولى (لعلكم لاحظتموها) أننى وَصَفتُ كُلَ من ذَكَرتُهم بالصَديق، رغم أن منهم أضداداً ومنهم من أختلفُ معهم أحياناً، فقد تَعوّدتُ ألاّ أفقد صداقاتى مهما اختلفت الآراء، عملاً بمبدأ (ولا تَنسَوْا الفضلَ بينكم)، وإن كُنتُ أعلمُ أن هذا سيُغضِبُ البعضَ مِنّى .. أما الثانية، فإننى أخشى أن يتحول مقالى هذا من تصويبٍ لخطأٍ إدارىٍ إلى بلاغٍ عن مكان عبد الرحمن للقبض عليه .. والنُكتةُ أن يتحوّل إلى بلاغٍ ضدّى !!.




No comments:

Post a Comment