Friday, 10 May 2019

{الفكر القومي العربي} article

أهو قرع طبول حرب حقيقية أم تهويش ؟!

صباح علي الشاهر

 

 

طبول الحرب تقرع ، والسؤال الذي يتبادر للذهن ، هل نصحو ذات يوم على دوي القاذفات ، أم أن الأمر لا يعدو كسر ارادات؟ غالباً التلويح بالحرب ، أو ما يسمونه سياسة حافة الهاوية، يؤدي الغرض المنشود من دونما حرب، سنناقش هنا الاحتمالات :

الاحتمال الأول: أن تكسب أمريكا الحرب ، فأمريكا قوة عظمى تملك من القدرات ما لا تملكه ايران ، وعلى رأس قيادتها الآن أشرس المتعصبين في كل تأريخها، ورئيسها ينشد نصراً سريعاً يؤهله للفوز برئاسة ثانية ، ووراءه كارتيلات صناعة الأسلحة، إضافة الى أن مصلحة إسرائيل تستوجب حسم موضوع ايران للتفرغ لحسم المواضيع الأخرى ، في حالة انكسار ايران وانتصار أمريكا ، فأن المستفيد الأول إسرائيل أولا، وترامب ثانياً ، وكوشنير الذي يأمل بأن يكون رئيساً لأمريكا ثالثاً، والخاسر محور المقاومة بكل فصائله ، من حماس مروراً بحزب الله اللبناني ، وسوريا المقاومة ، وفصائل الحشد في العراق ، وروسيا التي ستنكفيء مرغمه عن الشرق الاسط ، وخطط الصين ومشاريعها العملاقة كمشروع طريق الحرير، وستتوج أمريكا مجددا كقائدة للعالم بدون منازع ، ولكن العرب ، بما فيهم المتحمسين للناتو العربي ، والمطبعين مع اسرائيل لن يكونوا بأي حال من الرابحين، بل سترتفع وتيرة ابتزازهم وحلبهم ، وستنصب القيادة الإيرانية الجديدة التي ستكون موالية لأمريكا كشرطي المنطقة ، أي اعادة احياء دور الشاه في المنطقة ، وسيكون أردوغان من ضمن الخاسرين ، حيث سيفقد إمكانية المناورة ، وقد تكون إعادة انتخابات إسطنبول البلدية ضربة النهاية لحكم حزب العدالة ، وانحسار ظل الاخوان في المنطقة

الاحتمال الثاني: أن تفشل أمريكا ، مما يعد نصراً لإيران ، وعندها ستغادر أمريكا المنطقة ، ويعهد أمرها لغيرها ، ربما تحالف الروس والصين ، تماماً مثلما عهد أمر المنطقة الى أمريكا ، بعد فشل بريطانيا وفرنسا في حرب السويس ، لكن الفارق بين بريطانيا وفرنسا أن أمريكا قارة ، تستطيع العيش حتى لو اختارت العزلة ، علماً أن السياسة الانعزالية لامريكا هي من صلب أهداف ترامب ومن يمثله ، وسينتصر محور المقاومة ، الذي ستكون أول مهامه سوريا الموحدة ، وستتوقف حرب اليمن، وستعود قضية فلسطين لألقها، وربما يفرض العالم حل الدولتين بعد انسحاب إسرائيل من الجولان ، وستصبح آسيا كلها سوقاً للصين ، حتى السياحة ستتجه للشرق بدل الغرب ، وسيكون هذا التحول ايذاناً بغروب شمس الغرب ، وشروق شمس الشرق ، وستتغير أنظمة في الشرق الأوسط بما يتلاءم مع واقع المنهزم والمنتصر

الاحتمال الثالث : أن لا تقوم الحرب ، وفي هذا احتمالين:

الاحتمال الأول: أن تتراجع أمريكا في اللحظات الأخيرة لأنها بالأساس ليست في وارد شن الحرب ، وانما التهويل بشنها لاركاع وإخضاع ايران ، وبهذا يكون تراجع أمريكا بمثابة هزيمة لها ونصر لإيران ، وسيعقبعه تمدد النفوذ الإيراني الروسي الصيني على كامل المنطقة ، وانحسار أمريكا التدريجي، وفقدان الغرب لنفوذه التقليدي ، وتزعزع الأنظمة الموالية لهما ، لأنها ستفقد الحماية بعد اتضاح عجز الحامي، أو الحماة، ولا يستبعد تغيير ولاءات بعض الأنظمة ، خصوصاً تلك التي كانت تقف على الحياد ، وسيصبح موقف إسرائيل ضعيفاً جدا، وستخرج بعض الدول المطبعة من التطبيع ، وربما ستعود المقاطعة لحين امتثال دولة الكيان الصهيوني للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، هذا الاستنتاج مبني على أن روسيا والصين ليستا عدوتان لإسرائيل ، ولا تسعيان لإزالة وجودها ، لكنهما سيراعيان موقف حليفتهما ايران التي باتت أقوى ، وسيضغطان على دولة الكيان الصهيوني للامتثال ، على الأقل لما قرره المجتمع الدولي 

الاحتمال الثاني: أن تتراجع ايران وتخضع للاملاءات الأمريكية، وفي هذه الحالة سيكون نصر أمريكا مؤزراً ، ومن دونما اطلاق طلقة واحدة ، وستكون سيدة المنطقة بلا منازع ، مما يستوجب إعادة رسم الخارطة السياسية بما يتلاءم مع هذا الواقع ، وستكون هزيمة ايران هزيمة كاملة ، لكنها سوف لن تفقد حظوتها لدى أمريكا ، حيث سيتم ابدال القيادة الحالية التي سيحملونها أخطاء السياسات السابقة بقيادة أخرى ، ستكون حريصة تماماً على التوافق والتطابق مع السياسات الأمريكية ، ولما كانت ايران اختارت العقلانية وعدم الدخول في حرب مع أمريكا ، فانها ستحضي بالدعم الكامل من قبل القيادة الامريكية ، وستنصّب كما أسلفنا كشرطي للمنطقة ، وستعود السفارة الاسرائيلية الى طهران ، ويصبح "الآريون" أبناء عمومتهم ، ومنقذيهم من ظلم بابل، أما العرب ، وبالأخص دول الخليج ، فسيعلنون الولاء ، وربما سيقبلون أيادي حفيد "الآريامهر" معيدين بذلك موقف أسلافهم، وعالمياً سيتم التازع الكوني بين الناهضين الآسيوين والقوة الأقوى عالمياً ، والعذر في هذا أن أمريكا لم تنتصر في حرب ، وانما انتصرت بالتهويش ، وأن ايران لم تقاوم لذا لم يتم اختبار حقيقة السلاح والقوة الامريكية فعلياً ، وستكون جولات صراع أخرى في أكثر من مكان ، وليس بمكنة أحد الزعم أن التهويش لم يكن من ضمن أسلحتها !         

      


No comments:

Post a Comment