حين تغتال هيلاري كلينتون ثورة تونس
كانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تتصرف كأم العروس في مؤتمر « اصدقاء سوريا» في تونس. تهز رأسها طربا لكلام الرئيس التونسي منصف المرزوقي. تنظر بعيني الغرام صوب رئيس وزراء قطر. تبتسم تضامنا مع كل الراغبين بالتدخل العسكري في سوريا. تريد سيدة الدبلوماسية الاميركية لثوار تونس ان ينسوا انه بسبب بلادها بقي بن علي عقودا عديدة يقمع شعبه وينفي المعارضين من قوميين ويساريين واسلاميين.
الذاكرة العربية قصيرة. حين كان بن علي فتى الغرب المدلل في منطقة المغرب العربي بسبب قمعه الاسلاميين، كان زعيم حركة النهضة الاسلامية الشيخ راشد الغنوسي منفيا في لندن ينادي فلا من يسمع صوته. وكان المرزوقي يجاهد من باريس لاقناع واشنطن وفرنسا وحلفائهما بضرورة التخفيف من قبضة الرئيس - الدكتاتور، فيضيع صوته في غابة المصالح.
الذاكرة العربية قصيرة. لا بأس في ان تتمتع السيدة هيلاري بحسن الضيافة التونسية ما دام الهدف هو تدمير دولة عربية اخرى باسم الديموقراطية. صحت واشنطن فجأة على خير الديموقراطية. جاءت الى مصر وتونس تستقبل التهاني وتشارك في الافراح رغم ان الساقطين في الدولتين هما اهم حليفين لاميركا واستخباراتها.
تهز السيدة هيلاري رأسها طربا، ويهز خلفها جيفري فيلمتان رأسه نشوة وهما يستمعان لمنصف المرزوقي. لا شك في ان الرجل صادق في سعيه للديموقراطية والحريات حتى ولو انه يتحدث امام حضور جله ممن لا دستور عنده ولا حريات. دفع المرزوقي جل حياته في السجن او المنفى ثمنا لقناعاته، عاش شريدا وحيدا في صقيع فرنسا. هل يعقل ان يقدم هدية عمره لمن دعمت من نفاه وشرده وعزز الديكتاتوريات في الوطن العربي من المحيط الى الخليج... خصوصا الخليج؟
ألم يقل المرزوقي يوما: «ان الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية بدءا بفرنسا، تدعم الديكتاتوريات في الوطن العربي - الاسلامي بذريعة وقف الارهاب الاسلامي والهجرة غير المشروعة»؟ ألم يؤكد «ان هذه الدول هي التي تمنع الديموقراطية وحقوق الانسان داخل المؤسسات الدولية وتسحق مبادئها لدعم الديكتاتوريات والانظمة المافياوية»؟ (حديث لهيومان رايتس ووتش).
تستطيع السيدة هيلاري في مؤتمر «اصدقاء سوريا» الاعتماد على الذاكرة العربية القصيرة. تنسى وتريد لمضيفيها ان ينسوا كيف هب التونسيون هبة الرجل الواحد ضد الاجتياح الاميركي للعراق. تنسى وتريد لمضيفيها ان ينسوا ان الاجتياح بُني على معلومات كاذبة اعتذر عنها وزير الخارجية كولن باول بعد ان كان العراق قد دُمر وقُسم وتشرذم.
هي أمتار قليلة كانت تفصل بين القاعة التونسية التي سلطنت فيها السيدة هيلاري وهي تتحدث عن المشاريع المقبلة لتدمير سوريا، وبين المكتبة التي يتربع على رفوفها كتاب جديد للرئيس المرزوقي بعنوان «انها الثورة يا مولاي...» . يقول هذا المناضل العريق في كتابه «إن النظم الغربية الحالية في تعاملها معنا واقعة في ورطة حيث تملي عليها مبادئها دعم الديموقراطية وتملي عليها مصالحها دعم الاستبداد».
غريب هذا الحب الاميركي المستجد لاسلاميي تونس. الذاكرة العربية قصيرة. ينسى التونسيون ان الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة بقي ممنوعا من دخول الولايات المتحدة الاميركية لأكثر من 20 عاما بتهمة دعم صدام حسين وتهم اخرى نفاها القيادي الاسلامي العريق مرارا. لم تسمع السيدة هيلاري طيلة تلك السنوات صوت الغنوشي يناشد الغرب ان يكف يد بن علي المسلطة على شعبه. بُح صوته، حين كانت السيدة الاميركية تغازل الديكتاتوريات العربية القامعة لمثل هذه الاصوات.
انتصرت الثورة التونسية. لم تكن لتنتصر لولا انتفاضة الشعب الاعزل. بقيت اميركا ومعها فرنسا وكل الدول الغربية تترنح في مواقفها حتى السقوط المدوي لبن علي وصرخة احد التونسيين «بن علي هرب». لكن الذاكرة قصيرة، ولا بأس في ان تقطف السيدة هيلاري ثمار ذلك. لا بأس في ان تُفتح ابواب واشنطن للغنوشي في زيارة لقيت ترحيبا من الجميع بمن فيهم المحافظون الجدد واللوبيات اليهودية ومراكز الدراسات المقربة من اسرائيل.
مسكينة ثورة تونس. ثورة الشباب الطامح الى غد افضل. ها هي بعد سنة على هرب بن علي صوب السعودية، تترنح بين نزعات سلفية خطيرة، وأطماع اميركية تريد سرقة الياسمين من على شرفات بيت محمد البوعزيزي وغيره. ومسكين الشعب السوري اذا كان داعموه هم هؤلاء الذين اجتمعوا في تونس.
لو ان الشيخ امام لا يزال على قيد الحياة لربما انشد : «شرفتي يا هيلاري ماما يا بتاعة الثورة غيت»، تماما كما انشد يوما ما «شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الووتر غيت».
الذاكرة العربية قصيرة. حين كان بن علي فتى الغرب المدلل في منطقة المغرب العربي بسبب قمعه الاسلاميين، كان زعيم حركة النهضة الاسلامية الشيخ راشد الغنوسي منفيا في لندن ينادي فلا من يسمع صوته. وكان المرزوقي يجاهد من باريس لاقناع واشنطن وفرنسا وحلفائهما بضرورة التخفيف من قبضة الرئيس - الدكتاتور، فيضيع صوته في غابة المصالح.
الذاكرة العربية قصيرة. لا بأس في ان تتمتع السيدة هيلاري بحسن الضيافة التونسية ما دام الهدف هو تدمير دولة عربية اخرى باسم الديموقراطية. صحت واشنطن فجأة على خير الديموقراطية. جاءت الى مصر وتونس تستقبل التهاني وتشارك في الافراح رغم ان الساقطين في الدولتين هما اهم حليفين لاميركا واستخباراتها.
تهز السيدة هيلاري رأسها طربا، ويهز خلفها جيفري فيلمتان رأسه نشوة وهما يستمعان لمنصف المرزوقي. لا شك في ان الرجل صادق في سعيه للديموقراطية والحريات حتى ولو انه يتحدث امام حضور جله ممن لا دستور عنده ولا حريات. دفع المرزوقي جل حياته في السجن او المنفى ثمنا لقناعاته، عاش شريدا وحيدا في صقيع فرنسا. هل يعقل ان يقدم هدية عمره لمن دعمت من نفاه وشرده وعزز الديكتاتوريات في الوطن العربي من المحيط الى الخليج... خصوصا الخليج؟
ألم يقل المرزوقي يوما: «ان الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية بدءا بفرنسا، تدعم الديكتاتوريات في الوطن العربي - الاسلامي بذريعة وقف الارهاب الاسلامي والهجرة غير المشروعة»؟ ألم يؤكد «ان هذه الدول هي التي تمنع الديموقراطية وحقوق الانسان داخل المؤسسات الدولية وتسحق مبادئها لدعم الديكتاتوريات والانظمة المافياوية»؟ (حديث لهيومان رايتس ووتش).
تستطيع السيدة هيلاري في مؤتمر «اصدقاء سوريا» الاعتماد على الذاكرة العربية القصيرة. تنسى وتريد لمضيفيها ان ينسوا كيف هب التونسيون هبة الرجل الواحد ضد الاجتياح الاميركي للعراق. تنسى وتريد لمضيفيها ان ينسوا ان الاجتياح بُني على معلومات كاذبة اعتذر عنها وزير الخارجية كولن باول بعد ان كان العراق قد دُمر وقُسم وتشرذم.
هي أمتار قليلة كانت تفصل بين القاعة التونسية التي سلطنت فيها السيدة هيلاري وهي تتحدث عن المشاريع المقبلة لتدمير سوريا، وبين المكتبة التي يتربع على رفوفها كتاب جديد للرئيس المرزوقي بعنوان «انها الثورة يا مولاي...» . يقول هذا المناضل العريق في كتابه «إن النظم الغربية الحالية في تعاملها معنا واقعة في ورطة حيث تملي عليها مبادئها دعم الديموقراطية وتملي عليها مصالحها دعم الاستبداد».
غريب هذا الحب الاميركي المستجد لاسلاميي تونس. الذاكرة العربية قصيرة. ينسى التونسيون ان الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة بقي ممنوعا من دخول الولايات المتحدة الاميركية لأكثر من 20 عاما بتهمة دعم صدام حسين وتهم اخرى نفاها القيادي الاسلامي العريق مرارا. لم تسمع السيدة هيلاري طيلة تلك السنوات صوت الغنوشي يناشد الغرب ان يكف يد بن علي المسلطة على شعبه. بُح صوته، حين كانت السيدة الاميركية تغازل الديكتاتوريات العربية القامعة لمثل هذه الاصوات.
انتصرت الثورة التونسية. لم تكن لتنتصر لولا انتفاضة الشعب الاعزل. بقيت اميركا ومعها فرنسا وكل الدول الغربية تترنح في مواقفها حتى السقوط المدوي لبن علي وصرخة احد التونسيين «بن علي هرب». لكن الذاكرة قصيرة، ولا بأس في ان تقطف السيدة هيلاري ثمار ذلك. لا بأس في ان تُفتح ابواب واشنطن للغنوشي في زيارة لقيت ترحيبا من الجميع بمن فيهم المحافظون الجدد واللوبيات اليهودية ومراكز الدراسات المقربة من اسرائيل.
مسكينة ثورة تونس. ثورة الشباب الطامح الى غد افضل. ها هي بعد سنة على هرب بن علي صوب السعودية، تترنح بين نزعات سلفية خطيرة، وأطماع اميركية تريد سرقة الياسمين من على شرفات بيت محمد البوعزيزي وغيره. ومسكين الشعب السوري اذا كان داعموه هم هؤلاء الذين اجتمعوا في تونس.
لو ان الشيخ امام لا يزال على قيد الحياة لربما انشد : «شرفتي يا هيلاري ماما يا بتاعة الثورة غيت»، تماما كما انشد يوما ما «شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الووتر غيت».
No comments:
Post a Comment