Thursday 25 June 2020

{الفكر القومي العربي} أيديولوجية نظامك أيه غير برنامج صندوق النقد

في الحقيقة أفكار من عينة إنه السودان فناء خلفي لمصر، وأنه ليبيا عزبتنا اللي الأتراك بينازعونا عليها دي، وكل تصورات الريادة المصرية المفترضة والمتخيلة، شيء من المخلفات الشوفينية المصرية في أحقر صورها، واللي غزاها السادات وبتوع مصر أولا، وتبناها مؤخرا الناصريين في سبيل تأكيدهم وترويجهم وحنينهم لاستعادة العصر الذهبي المفقود والمغدور، اللي القاهرة فيه كانت عاصمة العالم العربي!

دا شيء عبر عنه الواقع الاجتماعي لمصر بحكم سابق تطورها عن الدول المحيطة بيها فمارست في مراحل تاريخية معينة نوعا من السيطرة العسكرية والإدارية على السودان والشام والحجاز، لكن بمجرد نشوء دول نافست المصريين في التفتح على الأفق الأوروبي واكتساب مقومات الحداثة خلاص، بقى مجرد ذكرى سيئة أو جيدة عند الدول دي.
وفي مرحلة لاحقة، وبحكم فارق التطور الاجتماعي قدرت مصر في المرحلة الناصرية إنها تمارس نوعاً من الهيمنة "السياسية" (بدون أي جهود عسكرية) على قسم من البلاد العربية الأقل تطوراً، زي اليمن (اللي أعقب التاثير المصري عليها تدخل عسكري وفقاً للالتزام الأخلاقي لعبد الناصر بدعم أي حركة تحرر وطني في المنطقة، وفي خضم صراعه السياسي مع السعودية) وليبيا، وباقي الشعوب وليس الدول العربية، في وقت كانت فيه الدول اللي قطعت شوط طويل من التطور زي العراق وتونس رافضة الهيمنة المصرية كلياً (العراق كان بيدور على تحالف ندي، وتونس كانت متخوفة من إلحاق ممكن يورطها في إشكالات سياسية أكبر من قدرتها)، وبقى القسم التاني معادي لمصر الناصرية تماماً ودا قسم الملكيات الخلجية، وبقدر ما المملكة المغربية.

تقريبا كل اللي درس حقبة الخمسينيات والستينيات بيلاقي إنه القومية العربية هي في نتيجتها النهائية اللحظة المصرية للعروبة، ودا اللي العراق حاول يرثها من مصر في التمانينيات وأخفق لأسباب بنيوية، أهمها عجز البعث عن بناء دولة مستقرة، والطابع الانقلابي الدائم للنظام الشمولي البعثي وعجزه عن إنتاج هوية وطنية موحدة تشمل مكونات المجتمع التلاتة: الشيعة، الأكراد، السنة. وانتهاؤه بانه يكون حكم قبلي طائفي بائس رأسه بيعمل مضافات عملاقة لشيوخ القبائل اللي ترك لهم كل سلطات الدولة.

السوريين حاولوا يرثوا الدور والنفوذ المصري في التسعينيات بعد خنق العراق اقتصادياً وحصاره سياسياً، بس سوريا كانت طول الوقت بلد محدودة الإمكانات المادية، رغم إنها قدرت تعمل بنية تعليمية محترمة إلا أنه دا كان غير كافي لقيادة العرب والتأثير عليهم. وكان "البتاع الذي لم يوقع" عينه على حاجتين: فلوس الخليج وتفادي غضب أمريكي.

الخلايجة من بعد لعبة البترول في 73 بيعدوا نفسهم للقيادة، لكن كان وجود العراق الطاغي في التمانينيات كفيل بأنه يسببهم حالة من الرعب الهستيري والخوف المخجل والمهين، وفي التسعينيات كانت لازل مصر عندها بقايا هيبة وسوريا كذلك وليبيا قادرة أنها تمسك أوراق مهمة في المنطقة.

بعد التواطؤ الإجرامي على كسر العراق دولةً وبلداً، وبعد 2011 وسقوط مبارك واستنزاف سوريا وليبيا، الخلايجة شافوا أنه ساعتهم قد حانت وبقوا يشتروا نفوذ بقدر المستطاع في المنطقة بالكامل، بل ويتجاوزها للقرن الإفريقي والباكستان والمسلمين غير العرب، وكانت خناقتهم التافهة ليها صدى في كل الأصقاع دي.

كونك تحاول تؤسس لهيمنة بدون إيديولوجيا وبدون ثقافة وتعليم ونشر كوارد تعليمية وصحفية وتفوق دبلوماسي على كل منافسيك وبراعة استخباراتية، وتحاول تنجز كل دا بالفلوس كانت نتيجيته اللي حاصل دلوقتي: نص البلاد العربية بيعانوا من حروب ونزاعات داخلية والنص التاني تحت خط الفقر، وفي الحالتين الكل بيشوفوك سبب البلاء في العالم!
هنا العنصر الجوهري للهيمنة مفقود، وهو الإقناع، والعنصر الأكثر فاعلية: الكاريزما مفقود: مين حتى من أشد الصحفيين انتفاعاً ورداءة ممكن يعتبر محمد بن سلمان شخصية سوية؟ ومين من أشد السياسيين دناءة ممكن يعتبر محمد بن زايد شخصية ملهمة (ربما غير في الشر)؟ (طبعا الإخوان عندهم تميم المجد ودا يفسر هما ليه جماعة مهزأة هاتفضل تاخد على قفاها إلى آخر إخواني في الكوكب).

مصر برضه ينطبق عليها المعيار دا؟
أنت مهيمن على السودان بأيه يا تافه؟ أيه إيديولوجية نظامك غير برنامج صندوق النقد ؟ وفين الكاريزما اللي عندك؟ دا السيسي قعد 6 سنين عشان يتعلم يتكلم! يرص المفردات ورا بعضها عشان يطلع بجملة مفيدة!

ومهيمن على ليبيا بأيه؟ بمسلسل الاختيار؟ وايه اللي يعطيك استحقاق في ثروتها؟
أنا أفهم أنك تقف بجانب الليبيين عشان تحافظ على ثروتهم من أطماع أردوغان في الغاز، وعلى بلدهم من التفكيك بفعل جحافل المرتزقة اللي بيهددوا حياة ملايين من البشر في المنطقة!
إنما الخطاب الاستعلائي دا بأمارة أيه؟ دا من شهرين كل اللي معاه موبيل حديث في الكويت كان بيطلع يعايرنا بفقرنا!

خلونا نتحرم الناس عشان الناس تحترمنا وتاخدنا على محمل الجد.


No comments:

Post a Comment