Tuesday 14 July 2020

{الفكر القومي العربي} كتاب وثائق ثورة 23 يوليو 1952: الميثاق – فلسفة الثورة – بيان 30 مارس – مجلة الوعي العربي

إن طاقة التغيير الثورى التى فجرها الشعب المصرى يوم ٢٣ يوليو تتجلى بكل القوى العظيمة الكامنة فيها؛ إذا ما عادت إلى الذاكرة كل جحافل الشر والظلام؛ التى كانت تتربص بكل عود أخضر للأمل ينبت على وادى النيل العظيم. لقد كان الغزاة الأجانب يحتلون على أرضه، وبالقرب منها القواعد المدججة بالسلاح؛ ترهب الوطن المصرى وتحطم مقاومته، وكانت الأسرة المالكة الدخيلة تحكم بالمصلحة والهوى، وتفرض المذلة والخنوع.

وكان الإقطاع يملك حقوله، ويحتكر لنفسه خيراتها، ولا يترك لملايين الفلاحين العاملين عليها غير الهشيم الجاف المتخلف بعد الحصاد.

وكان رأس المال يمارس ألواناً من الاستغلال للثروة المصرية؛ بعدما استطاع السيطرة على الحكم وترويضه لخدمته، ولقد ضاعف من خطورة المواجهة الثورية لهذه القوى المتحالفة مع بعضها وضد الشعب؛ أن القيادات السياسية المنظمة لنضال الجماهير قد استسلمت واحدة بعد واحدة، واجتذبتها الامتيازات الطبقية، وامتصت منها كل قدرة على الصمود، بل واستعملتها بعد ذلك فى خداع جماهير الشعب؛ تحت وهم الديمقراطية المزيفة، وحدث نفس الشىء مع الجيش الذى حاولت القوى المسيطرة المعادية لمصالح الشعب أن تضعفه من ناحية، وأن تصرفه – من ناحية أخرى – عن تأييد النضال الوطنى، بل وكادت أن تصل إلى استخدامه فى تهديد هذا النضال وقمعه.

وفى مواجهة هذه الاحتمالات صباح يوم الثالث والعشرين من يوليو سنة ١٩٥٢ رفع الشعب المصرى رأسه بالإيمان والعزة، ومضى فى طريق الثورة مصمماً على مجابهة الصعاب والأخطار والظلام، عاقداً العزم فى غير تردد على إحراز النصر؛ توكيداً لحقه فى الحياة مهما كانت الأعباء والتضحيات.

إن قوة الإرادة الثورية لدى الشعب المصرى تظهر فى أبعادها الحقيقية الهائلة، إذا ما ذكرنا أن هذا الشعب البطل بدأ زحفه الثورى من غير تنظيم سياسى يواجه مشاكل المعركة؛ كذلك فإن هذا الزحف الثورى بدأ من غير نظرية كاملة للتغيير الثورى.


No comments:

Post a Comment