Wednesday, 14 April 2021

{الفكر القومي العربي} لحظة الحقيقة

لحظة الحقيقة
ه----------------
لا أعتقد أن الاشتباك مع أزمة نهر النيل هو مما يمكن تصنيفه بالاشتباك السياسى مع متخذ القرار، وإنما هو مما يصنفه كل العقلاء، وكل الغيورين على مستقبل مصر، باعتباره اشتباكاً وجودياً لا يتعلق بوحودية الدولة المصرية فحسب بل وبوجودية الوطن نفسه فى المقام الأول حتى وإن لم تكن هناك دولة!
هذا البوست الذى كتبته منذ أكثر من ست سنوات، بعد أيام من توقيع إعلان المبادئ الذى يخص سد التهضة الأثيوبى، إنما أعيد نشره اليوم، لا لتصفية حسابات سياسية، وإنما لبيان أن من يصدحون بآراء مخالفة لآراء القيادة السياسية – التى سبق أن نفت عن نفسها صفة "السياسية" – لا ينشرون بالضرورة أخباراً كاذبة، ولا هم يوظفون كتاباتهم لخدمة أهداف الجماعات الإرهابية، ناهينا عن أن يتم اتهامهم بالعمل على زعزعة استقرار المجتمع، وهدم مؤسسات الدولة، وصولاً لاتهامهم إعلامياً بالخيانة العظمى!
لحظة الحقيقة التى يعيشها النظام، وتعيشها الدولة المصرية، ويعيشها الوطن قبل أن يعيشها النظام وقبل أن تعيشها الدولة، إنما تثبت أن هذه الآراء المخالفة هى نواقيس إنذار للتنبيه على أن شيئاً ما يسير فى المسارات الخطأ التى أوصلتنا اليوم للبكاء على اللبن المسكوب، وأن استمراء السير فى هذه المسارات الخاطئة برؤوس معصوبة العينين، بحجة الثقة فى حكمة من رسم لنا هذه المسارات، إنما تقودنا حثيثاً إلى حافة الهاوية كما قادتنا مسارات شبيهة من قبل إلى هاوية 1967 !
علَّنا نفيق، وعلَّ القيادة "السياسية" تفيق قبلنا، من هذا الضلال الذى يجرم كل الأفكار المخالفة، ويلقى بأصحابها فى السجون، ويفقدهم الاعتبار، دون إخضاع هذه الأفكار المخالفة للتفكير فيما يمكن أن تقدمه من زوايا أخرى لرؤية الحاضر واستشراف المستقبل، خدمة لمصالح هذا الوطن، ولمصالح هذه الدولة، بل ولمصالح النظام نفسه إن كان يريد بنفسه وبالدولة وبالوطن وبأهله خيراً.
لا يكفى الإفراج عن شخصى المتواضع مع تحديد إقامتى، ولا الإفراج عن الدكتور حسن نافعة من قبل، وعن الأستاذ خالد داود بالأمس، فالسجون مليئة بأصحاب الرؤى المخالفة التى لا يمكن الحكم على صلاحيتها بالتشهير بأصحابها، ولا بالزج بهم فى السجون، وإنما بمناقشة هذه الآراء علناً لبيان غثها من سمينها، والأهم من مناقشة هذه الآراء هو اعتراف المخظئ بخطئه إذا ما ثبت خطؤه، وتحمله مسؤولية هذا الخطأ بشجاعة تليق بالرجال، دون افتعال تبريرات واهية، ودون إلقاء المسؤولية على آخرين!

==========
حديث ضعيف مغرق فى المحلية
-------------------------------------
تابعت ليلة أمس حديث الرئيس المصرى للتلفزيون الإثيوبى ... كنت أود من السيدة التى تترجم أسئلة المحاور الإثيوبى أن تمتنع عن الترجمة كى لا تشوش على الحديث بما يفسد متابعتنا له!!ـ
بعيداً عن هذه السقطة الإعلامية "المحلية" فى نقل حديث يفترض فيه أنه مهم بامتياز، فإن ردود السيسى على أسئلة محاوره الإثيوبى - وهذا هو أهم ما فى اللقاء - جاءت كلها ضعيفة لدرجة مذهلة، بل وتحاشى الرجل الدخول للمناطق الشائكة بحجة أن ذلك من شأنه إعادة أجواء عدم الثقة!!ـ
الردود كلها جاءت محملة بثقافة مغرقة فى المحلية، وهى ثقافة ربما تكون قد نجحت فى صناعة شعبية السيسى بين البسطاء فى مصر، لكنها بدت لأى مراقب سياسى أضعف بكثير من أن تعبر عن استراتيجية دولة تدافع عن حقوقها وتعبر عن إرادتها، لا دولة تستجدى تعاطف الآخرين مع "فلاحيها" وتسأل الآخرين أن يسلموها الطرد المائى الذى تركه الله باسمنا على الهضبة الإثيوبية!!ـ
الدول لا تدار بأسلوب توزيع الابتسامات وتخفيض الصوت واستدعاء العواطف!! ... الدول تدار بأساليب أخرى، وأدوات أخرى، لم تكن حاضرة فى حديث السيسى، بينما بدا المذيع الإثيوبى أكثر تمكناً من هذه الأساليب وهذه الأدوات بعد أن اكتشف افتقار من يحاوره لأقل القليل منها!!ـ
باختصار: مصر فى أزمة حقيقية، تتكشف معالمها كل يوم بشكل لا يجعلنى أتفاءل بالمستقبل القريب؛ لكننى مازلت متفائلاً بالمستقبل الذى لن تكون الطريق إليه ممهدة، ولا سهلة، ولا حتى واضحة معالمها لجموع المصريين ... وهذه الأخيرة هى الكارثة الحقيقية التى تنتظر الآتى، كان الله فى عونه!!ـ
=====================


No comments:

Post a Comment