خطاب الأسد
الوقت والمكان والمعنى
" إنك لاتهدي من تحب ، ولكن الله يهدي من يشاء ـ قرأن كريم "
كل ما قاله الرئيس بشار الأسد في خطابه ، كان في إطار من الأهمية ، إن كان بخصوص المؤامرة ضد سورية والأمة العربية ، أو في مجال العملية السياسية الجديدة التي أفرزتها حركة الأصلاح والتغيير الديمقراطي ، والتي تجاوبت مع مطالب الناس والحركات السياسية . منوهين إلى أهمية الخطاب من خلال ثلاث ظواهر في عملية المواجهة الأعلامية السورية على مستوى القمة ... وهي :
- عدم الإفراط في الخطب والتصريحات ، والتي وقعت في فخها الأنظمة التي تعرضت لأعاصير الربيع العربي .
- تسمية المتحدثين الرسميين .
- الفصل بين أختصاصات المتحدثين .
من هنا برزت ظاهرة التنظيم ، وإفشال محاولات إقحام الأعلام الرسمي في الفوضى والإرباك والتناقض ، ولعلي مضطرا رغم عدم رغبتي بزيادة جراح شعبنا في ليبيا ، فقد انساق الأعلام الليبي الرسمي أثناء حملة الناتو وعملائه بخطى سريعة نحو فخ الفوضى والإفراط في الخطب والتصريحات ، وبدون ضوابط تحتاجها عملية المواجهة ، خصوصا وإن الأعلام مثل القاعدة الأولى للمؤامرة , جاء خطاب الأسد لترد الصاع صاعين لمؤتمر مجلس وزراء خارجية الجامعة العبرية في مشيخة قاعدة السيلية ، وإثناء سريان حالة من الإحباط ، أراد المؤتمرون المتآمرون ، نشرها وتعميمها ، خصوصا فيما يتعلق بمحاولة قطع الصلة بين المواطن العربي والحقيقة التي تمكنت بنجاح وسائل الأعلام السورية من عرضها على المتابعين للشأن السوري ، وعليه فقد كان أختيار الوقت في قمة صوابه ، فتمكن من إزالة التأثيرات السلبية للمقررات سريعا ... بل وقلب نتائجها لمصلحة أستمرار المقاومة وتعزيزا للنصر ضد المؤامرة .لقد كان خطابا مرتقبا ، مثله كمثل الماء للأرض العطشى ، لذلك أستحوذ على المتابعة الدقيقة لتفاصيله ، وفواصله ، بل لقد كان من اللزوم التدقيق والتحليل لمفرداته ، وما يصبو أستخدامها لكشف زوايا سلبية وإيجابية ووضعها تحت دائرة الضوء ، بصورة تجعل من كلتيهما وسائل لمستنهضات مشروع الأصلاح والتصاعد في وتائره .
وليس في نيتي أن أدخل في تلك التفاصيل ، لكنني ، ومن حرصي على سلامة سورية ، التي أضنها وفق تقديراتي ، سلامة لبقية الثوابت والأمن القوميين ، ومن أمل يراودني بين الحين والحين ، أن يستفيق بعض الأخوة الرفاق الوطنيين العرب ، من الذين شاركونا والدعم أثناء فترة الأحتلال العسكري للعراق ، والذين يرفضون خيار اللجوء لأستقدام الغزو الخارجي ، فإن ما أحب ان أدلو فيه من دلوي ، إضافات لمقولات الرئيس الأسد بشأن الحوار الوطني ، فقد أختار الرئيس أن يمد الفرصة للمترددين ، مقدما تأريخهم على كشفهم بصورة علنية ، ولعلي على علاقة ببعضهم ، وعلى علم بالتأثيرات التي أنتجت مواقفهم السلبية أثناء الأزمة ، ولم أكن أكثر تحديدا مما قاله الرئيس أثناء خطابه ، بعد أن اعلن أستمرار فتح أبواب الحوار ، حينما قال " هناك جزء من المعارضة أعلن الأستعداد للحوار ودخل مجلس الشعب ، وجزء أخر لايزال ينتظر التوازنات في الخارج أو الإشارات من الخارج " .
لقد ظهر أحدهم على شاشة قناة العالم ، مستخدما نفس الطريقة في وضع العقدة في المنشار في مسألة الحوار ، الذي دعا لها في البرنامج التلفزيوني ذاك أحد الأخوة القوميين من الساحة المصرية ، مناشدا نائب المنسق العام لهيئة التنسيق ، وعلى وفق شعارين أحدهما أمر من الأخر " سحب الجيش من المدن " و " فات الأوان " ، وكأنها لاءات ، لم تكن من أختيار هذه المعارضة وثوابتها المعلنة ، بل هي جزء من " إشارات الخارج " ، ولاعجب في ذلك ، فإن مؤسسة تستخدم أسمى وآجل هدف من أهداف الأمة العربية وثورتها ، تحولت بين ليلة " دعم قطرية " وضحاها إلى مؤسسة لبث الفتنة العربية ـ إن صح التعبير ـ والدليل ، إنها بعد أن كان أهتمامها نشر الفكر القومي ، والتجارب الوحدوية ، وخطب الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ... تحولت لنشر فكر الفوضى والتحريض التي تنتجها مؤسسات ومعاهد الأستراتيجية الأمريكية ، وتوزع " البحوث " بإدامة الحرب الأمبريالية الصهيونية ضد الأمة العربية عن وبأدوات محلية عربية .
بعض الشخوص والأطراف التي كانت تحسب على الخط الوطني العربي ، والتي كانت تقرأ مايحث على التحالف الوطني لمواجهة أحتمالات التدخل أو الخطر الخارجي ، في أدبيات وخطب قومية تحررية في مقدمتها مقولات الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، التي تحرض للحفاظ على الوحدة الوطنية فبل غيرها ، صارت تلك الشخوص والأطراف ، تقرأ لبرامج وأبحاث تنتهجها مؤسسات التخريب والإرهاب الأمبريالي الأمريكي ، كالبحث الذي نشرته تلك المؤسسة التي كانت وحدوية ، الموسوم " المقاومة اللاعنفية " لكاتبه الباحث في مؤسسة البرت أنشتاين في بوسطن ـ ولاية ما ساتشوستس الأمريكية ، المدعو " جين شارب " .... وقبل أن نستدل بمقولة من البحث تعبر عن " إشارات من الخارج " فإننا نبين أن مصطلح الحوار ، لما يعنيه من مشتركات وطنية وأخوية ، قد أستبدل بمصطلح " مفاوضات " لمدلولاته بأنه بين طرفين متنازعين يقفان على ثابتين مختلفين لارابط بينهما وطنيا أو وجدانيا أو رحميا ، ومن المؤسف أن بعض ممن يحسبون على المعارضة الوطنية ، بدأ تماشيا مع " إشارات الخارج " بأستخدام مصطلع المفاوضات ، رافضا مصطلح الحوار ، أما المقولة المختارة عن الباحث الأمريكي في بحثه أعلاه تقول " المقاومة لا المفاوضات ، هي الضرورية للتغيير في النزاعات ، حيث تكون القضايا الأساسية على المحك "
إذا فقد تحدثنا عن الوقت في خطاب الرئيس بشار الأسد ، فكان له أهميته في صد العاصفة الجديدة التي هاجت من الدوحة ، والمكان ، كان مجلس الشعب ، نقطة التحول الكبيرة في مسيرة الأصلاح وبناء مستقبل سورية الديمقراطي ، والمعنى : أنه بالقدر الذي يظن البعض قدرتهم على التخريب بالأسلحة المهربة والأموال الخليجية المبذولة ، والخبرات الأمريكية والصهيونية ، فإن مدخرات النضال العربي المقاوم في سورية يملك من وسائل الرد والفعل ما ليس في حسبان المتآمرين والمترددين ، وتلك هي بعض من معالم الأسطورة الشامية الخالدة عبر التأريخ .
بغداد العروبة
حسين الربيعي
المنسق العام للجنة الشعبية العراقية لنصرة سورية والمقاومة
الرابع من حزيران يونية 2012
No comments:
Post a Comment