العبود لـ "توب نيوز" : نحن في الربع ساعة الأخيرة من الأزمة وخطة انان العنوان الاول لادارة الانسحاب الامريكي من المفصل السوري
حاورته: مروة الربيعي
شخصية وطنية متميزة بمواقفها ... قومي ناصري الأنتماء قيادي في حزب الوحدويين الاشتراكيين ورئيس تحرير جريدة الوحدوي كما يعتبره الكثيرون محلل استراتيجي، حصل على أعلى نسبة من أصوات الناخبين في محافظة دمشق لأنتخابات مجلس الشعب التي جرت في ايار 2012، "توب نيوز ـ العراق" التقت بـأمين سر مجلس الشعب السوري الاستاذ خالد العبود وأجرت معه حواراً سلطت من خلاله الضوء على اهم التطورات الحاصلة في الازمة السورية.
الأستاذ خالد العبود كيف تقيمون الأزمة في سورية وفي أي مرحلة من مراحلها الآن ؟
ــ قبل ان أجيب على هذا السؤال علينا ان نفهم الازمة ، فنحن مختلفون على فهم الازمة في سورية ، البعض يفهمها على انها حالة اشتباك بين مكونات سورية ، والبعض الاخر يفهمها على انها حالة اشتباك بين السوريين والمشروع الخارجي.
فاذا افترضنا وجود ازمة بين مكونات سورية ، نلاحظ انه بعد مرور هذه الشهور الطويلة ، إن طرفا رئيسيا من اطراف الازمة نفذ مجموعة المطالب التي نادى بها الطرف الافتراضي الاخر ، وعليه فمن المفروض في السياسة ان يستغل الطرف الاخر المناخ السياسي الجديد الذي نتج بعد مجموعة التغييرات التي قامت بها القيادة السورية ، ليحجز له مكاناً .. لكن الذي حصل ان الطرف الاخر بقي عند مقولة واحدة وهي "هذا النظام يجب ان يسقط" ، لا بل اضاف مجموعة ادبيات ومواقف سياسية حاول ان يرشي بها اطراف اقليمية واعداء على مستوى الاقليم وعلى المستوى الدولي ، عندما قال انه سيقيم سلاماً مع الكيان الصهيوني او فعل تسوية معه وسوف يتجاوز كل الاصطفافات مع المقاومة في حال وصوله لللسلطة .
اذن فالأزمة في سورية هي حالة اشتباك مفتوح بين سورية الدولة والمجتمع وبين اطراف خارجية تقودها الولايات المتحدة ليس بعيداً عنها الكيان الصهيوني ولا حكام وعروش العالم العربي ، وهذا قد حصل ما يشابهه على مستوى المنطقة في الزمن القريب بإختلاف الادوات ، كما حصل في العراق مثلا.
حسب تقديري الأزمة الان هي في الربع ساعة الاخيرة ، لكن هذه الربع ساعة مخيفة ومكلفة ، فنلاحظ ازدياد سيل الدماء ذلك لأن شراسة العدو تزداد كلما مر الوقت فيكشر عن انيابه ويبدو على حقيقته لانه لم يكن يظن ان فعل الزمن سوف يكون مديداً بالشكل الذي حصل .
ماهي قرائتكم لخطة أنان والنتائج المتوقعة منها ؟
ــ الولايات المتحدة الامريكية نتيجةً لعدم استطاعتها تحقيق هدفها الاستراتيجي فهي تحاول الانسحاب من الاشتباك في سورية ، لكن هذا الانسحاب ليس انسحاباً بسيطاً إنما هو انسحاباً مركباً ، وفق استراتيجية اي انها رغم محاولة انسحابها الا انها تريد تحقيق نتائج ايجابية او الخروج بأقل الخسائر على اقل تقدير ، فلو انسحبت من المفصل السوري فهذا يعني هزيمة لا محال لها لأوباما في الانتخابات القادمة ، وبهذا فإن الخصم السياسي لأوباما سيبني على هذه الهزيمة نجاحه في الداخل الاميركي ، بالاضافة الى ذلك ان الولايات المتحدة وهي تدير انسحابها من المفصل السوري فهي لا تريد ان تقدمه مجاناً للأطراف التي تشتبك معها ، لذلك فهي تعزز حضورها دموياً ، وعلى مستوى التخريب ، والمبالغة في انقسام الشارع السوري طائفياً ومذهبياً ...الخ .
وهذا هو الدور الذي يؤديه العربان للولايات المتحدة الامريكية ، فنصغي لشعار "الدم السني الواحد" ، والاصرار على الانقسام الطائفي ، وهنا اود أن اسألهم اين كنتم حينما كان يقتل أهل الغزة ويذبح العراق ؟ .
اليوم الامريكي يحاول الضغط اكثر ليطيل امد عملية الانسحاب ، ويحقق نتائج ايجابية في مفاصل اخرى . ففي البعد الدولي يحاول الامريكي تحقيق مكاسب على مستوى اخر مختلف تماما ليس اقليمياً ، بل مع الروس والصينيين .
العنوان الاول لادارة عملية الانسحاب هو خطة كوفي انان ، حيث إن ما صرح به الامين العام لهيئة الأمم المتحدة بان كي مون حول وجود طرف ثالث على مستوى الداخل السوري ،كان المقدمة للمؤتمر الدولي من اجل سورية ، وفي تقديري ان المؤتمر الدولي هو مطلب امريكي بغطاء روسي ، لأن الامريكي لا يستطيع طلب مؤتمر دولي لأن هذا يعني هزيمته.
وفي ناتج هذا الامر فنحن ذاهبون الى عملية تسوية ، ليست بين الرئيس بشار الاسد او بين السوريون والولايات المتحدة ، انما بين الاطراف المشتبكة استراتيجيا في المنطقة ، روسيا اميركا ايران سورية .
وهذا قد حصل في الماضي ، ولا يظن احداً أنها جديدة ، حصلت في لبنان ، وفي العراق ، كما حصلت في سورية بعد الـ 2005 .
وهنا يتضح لنا ان الازمة ليست ازمة داخلة سورية ، وليست بين مكونات سورية ، وانما بين اطراف اشتبكت في المفصل السوري لأن المفصل السوري يعبر حقيقة عن دور لعبته سورية والقيادة السورية في وجه الولايات المتحدة ومشروعها في المنطقة .
نستطيع القول ان المؤامرة قد انكسرت ، وذلك بإنكسار اداوتها ، هم عولوا على الادوات العسكرية لكنها سقطت ، الاداة الامنية ثقبت ، كما ثقبت الاداة السياسية من خلال عملية الاصلاحات ، حتى الاداة الاعلامية ثم ثقبها .
فقد استطاعت القيادة السورية ان تكسر او تحيد او تبطل بعض هذه الادوات ، اذن من هنا بدأ اسقاط الهدف الاستراتيجي الذي دخلت من اجله الولايات المتحدة الامريكية وبالتالي انكشفت المؤامرة وسقط الهدف الاستراتيجي لها .
هددت واشنطن بتدخل عسكري في سورية خارج أطار مجلس الأمن ... ماهي أمكانية حصول هذا على أرض الواقع ؟
ــ كل هذا يأتي في اطار تعزيز موقف الضغط على المفصل السوري ، ومحاولة لتحسين معنوي على المفصل السوري ، فنحن علينا ان لا نتلقف جملة هذه العناوين على انها امر واقع ، لكن هذا لا يعني إن الولايات المتحدة كانت بعيدة عن سيناريو عدوان مفتوح على المفصل السوري ، لكن ايضا الولايات المتحدة تنطلق من معطيات على الارض ، من واقع محكوم بفعل قوة (اقتصادية وعسكرية وامنية ...الخ) ، فهي درست هذا الواقع فوجدت إن اتجاهها بهذا الطريق لن يكون بالشكل الذي تتمناه ، خصوصا بعد المستنقع العراقي وورطة افغانستان و قوة المفصل السوري ، فالذين تحدثوا عن سيناريو سوري شبيه باليمني هؤلاء لا يفهمون واقع سورية وتموضع سورية في الاصطفاف الحاصل بالمنطقة في وجه المشروع الامريكي ، فسورية تختلف عن اليمن ليس لأن الشعب السوري يختلف عن الشعب اليمني ، بل لإختلاف الجغرافية السياسية و الدور الذي تلعبه سورية وقرائتها للتحولات التي حصلت على مستوى المنطقة .
بعد ان ساهمت سورية بإحداث ظواهر جديدة في العالم كإسقاط نظام القطب الأوحد ... كيف ترون الدور السوري عربياً واقليمياً ودولياً؟
ــ بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ، سقطت فرنسا وبريطانيا بالمقابل تشكل قطبان جديدان ادارا شؤون العالم وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ، وظهرت قوة ثالثة تسمى بدول عدم الانحياز ..... فرادة العقل والنظافة والدور الخلاق الذي تحلى به جمال عبدالناصر لمواجهة عدوان الـ 56 والمشروع الداخل عليه جعل الاشتباك في المفصل المصري يؤسس لمعادلات دولية جديدة واعطت للحلقة المصرية موقع متقدم في هذه المعادلات فهي على سبيل المثال رأس دول عدم الانحياز ، وهي قادت بعد الـ 56 مشاريع قومية هامة ، كالوحدة مع سورية والمساهمة في تحرير الجزائر والوقوف الى جانب اليمن والعراق وليبيا .
الان الى حد بعيد ما حصل في الـ 56 يحصل مع الرئيس بشار الأسد بإختلاف بعض الادوات. المخطط الآن هو دخول الولايات المتحدة الامريكية الى المنطقة بفم مفتوح حتى النهاية بتغول مصلحي كبير جدا ، تقف الى جانبها فرنسا و يمهد لها العدو الصهيوني ، بإستخدام ادواته على الارض وهم العربان ، كذلك وجود تركيا كفاعل اقليمي في المنطقة يخدم هذا المخطط ، كل هذا المشهد انا في تقديري سوف ينكفئ ، لكن انكفائه في اللحظة التي ستصعد فيها روسيا من جديد والى جانبها الصين ، هذه معادلة استراتيجية تتشكل من جديد ، اذن ستتأدب الولايات المتحدة الامريكية بفعل صعود هذا المكافئ السياسي الجديد ، لأن الروسي ادرك تماما انه المعني في المفصل السوري ، قوته ووجوده ومصالحه وكيانه وتاريخه هم المعنيون في المفصل السوري ، فتقدم وأشتبك مع الامريكي ، فعندما ينتصر السوري قولا واحداً سينتصر الروسي والصيني ، اي ان هناك معادلة جديدة ستضبط العالم من جديد وستنشأ قوة ضاربة على المستوى العالم.
اتصور اذا لم يتواضع الامريكي خلال السنوات القليلة القادمة ، فأنه سيعاني حتمية انهيار الامبراطورية الامريكية وهي في الحقيقة لم تنهار فقط في المفصل السوري وانما بداية الانهيار لها كان في المفصل العراقي ، فاذا بنى السوريون على هزيمة الولايات المتحدة الامريكية في العراق فأنهم سيكونوا قد انجزوا انهيار الامبراطورية الامريكية .
وقد نتفاجأ بقوى كبرى على مستوى العالم يمكن ان تركب في العجلة الروسية الصينية الصاعدة ، وهنا يجب الاشارة الى ان التحولات القادمة لم تحصل لفرادة السوريين بل لعل شرف تحول العالم انه حصل في المفصل السوري ، في صمودهم وعلى حساب تضحياتهم ودمائهم .
ما هو رأيكم بقوى المعارضة التي رفضت المشاركة في العملية السياسية الجديدة التي نشأت من خلال عملية الاصلاح التي قادها الرئيس بشار الأسد وتمخضت عنها الانتخابات التشريعية ؟
ــ المعارضة التي تستقوى بظرف سياسي ليست معارضة ، المعارض الذي يستقوى بعدو بلاده على بلاده ليس معارض ، المعارض الذي يستقوي بلحظة عدوان على بلاده ليس معارض ، اما الاختلاف في الرأي فهو حالة صحية ، ولكن حينما يتعلق الامر بالوطن فهنا يجب التوقف فالوطن غاية ، أفكارنا وسيلة للوصول الى هذه الغاية ، فما بالنا بمن بنوا غايتهم الاستراتيجية على اساس حقد ثأري بينه وبين حزب البعث العربي الاشتراكي . فالذي اريد ان اقوله انه لا يوجد معارض بالمعنى الذي نتمناه ، لا يوجد موضوع معارض موضوعي صحي حقيقي .
بالرغم من هذا فإن القيادة السورية دعت المعارضة الى طاولة الحوار ؟
ـ نعم ... وذلك لأن القيادة فرقت بين مستويين ، بين مستوى الحوار لحل الازمة وبين مستوى الحوار لدعم عملية سياسية ... فالذي ظن بأن الحوار هو لحل الازمة فهو مخطئ ، بل إن الحوار جزء من عملية سياسية فعندما تتعرض الكيانات السياسية لهجوم من دول ، فالقائد الفذ هو من ينفتح على مكونات اخرى لغرض تقويه نفسه ، فسورية من خلال قيادتها ذهبت بإتجاه الحوار بإعتباره اداة من ادوات العملية السياسية الاوسع ، لأنتاج مشروع وطني اوسع من المشروع الذي كنت فيه ، لتثقيل وتعزيز قوة الوطن فالعملية السياسية لم تكن لحل الازمة ولكنها لتعزيز قدرة الدولة والمجتمع على مواجهة الازمة .
الشارع السوري يطالب بحسم عسكري لأنهاء وجود المجموعات المسلحة ؟
ــ لامعنى لحسم عسكري بدون حسم سياسي ، فالحسم العسكري ناتج حسم سياسي لكن المواجهة العسكرية اداة من ادوات ردع الخصم واسقاط بعض ادواته على الارض ، الحسم العسكري هو ان تقضي على كل المجموعات المسلحة الموجودة في داخل الجغرافية السورية ، لاحظوا مثلا منذ بداية الازم كلما تم القضاء على مجموعة مسلحة في منطقة معينة ، تظهر مجموعة اخرى في منطقة اخرى ، مما يؤكد اشتغال الخصم على هذا ولغرض انهاء هذه القضية يجب ان يسبق الحسم العسكري عملية حسم سياسي على مستوى الاقليم ، ومع القوى المشتبكة معها ، ففي حال قنعت الولايات المتحدة وحلفائها بأن ادواتها التي ارادت بواسطتها الدخول الى المفصل السوري قد سقطت وابطل مفعولها ، فآنذاك ستذهب الى طاولة الحوار اي ان الحسم السياسي تم .
وستتوقف حينها المعونة من (ذخائر واسلحة) التي تقوم قوى خارجية بتزويد المجموعات المسلحة بها ، انذاك لن يحتاج الحسم العسكري لتطهير المناطق من المسلحين سوى عشرة ايام .
في بعض الاحيان نلاحظ تراجع المطالب الامريكية مقابل تشدد في مواقف الدول الخليجية ... كيف تفسر ذلك ؟؟؟
ـ الامريكي في هذا الاشتباك ليس كل ما يريده يصرح به على لسانه ، لأنه ذاهب الى الانتخابات وهو لا يريد ان يخسر في العملية الانتخابية ، ففي بعض الاحيان ان اراد اشياء معينة على مستوى حلحلة الازمة يطلبها من الروسي ، وعلى مستوى الضغط وتعزيز موقفه يطلبها من العربان و تركيا .
فيبدو ظاهريا ان هناك تناقضا بين الولايات المتحدة وادواتها في المنطقة ، هذا التناقض هو تناقض ظاهري وليس باطني يعبر عنه نتيجة الحالة التي تمر بها الولايات المتحدة الامريكية بسبب الانتخابات.
كيف تنظرون الى العلاقة مع العراق وافاق تطويرها ؟
ــ العراق الى هذا اليوم خجول ، وهذا حقه لأنه خرج من مواجهة ، فهو اليوم يشتغل على مستويين ، المستوى الاول محاولة إعادة تموضعه في الاقليم والمستوى الثاني هو إعادة ترتيب بيته الداخلي في ظل خارطة سياسية معقدة داخل العراق ، وفي ظل قوى سياسية جائت مع المحتل وفي ظل قوى سياسية نحن نتهمها "بكل ود" انها ما زالت حتى اللحظة متعلقة بعقل مذهبي وطائفي .
نريد ان تكون علاقتنا مع العراق علاقات طيبة واستراتيجية وهامة ونريد له ان يرتب بيته الداخلي كما نتمنى ان يكون مرتب بيتنا الداخلي تماماً .
استناداً الى هذين العنوانين نحن يجب ان نبحث على نقاط ارتكاز اكبر فيما بيننا ويجب ان نستغل الظرف لجهة علاقات تفوق كل القائم الحالي ويجب ان نستعيض عما حصل بيننا وبين تركيا وعما حصل بين العراق وبين تركيا ونقوي هذه العلاقة بيننا وبين العراق . ويجب ان نستغل العلاقة السورية الايرانية لصالح العراق فاذا كان هناك ملاحظة من الملاحظات على العراق داخليا في ترتيب بيته الداخلي يجب ان نستغل الاصطفاف السوري الايراني لجهة ان نعيد ترتيب العراق من جديد ، نريد العراق الوطني كله وبكل مكوناته ، لا ذلك العراق الذي ارادته بعض العقول السخيفة المبنى على اساس كانتونات طائفية و مذهبية .
بماذا تتوجه الى الشعب العربي السوري ؟
ــ السوريون يجب ان يتجاوزوا معنى المكونات السورية ان كانت سياسية او دينية ويسيروا باتجاه الوطن ، فليس بيننا احد مسؤول عن الدين ، فالدين له واحد احد يحميه ، الله كلفنا بالدفاع عن ارضنا وعرضنا ، لذلك اذا اردنا ان نعيش علينا ان نتجاوز المعنى الكانتوني اي الوطن الضيق داخل الوطن الكبير ، وعلينا ان نتجاوز كل الشعارات الطائفية ولا يظنن احد من بيننا انه يمتلك العقيدة المطلقة بل على العكس من ذلك فحينما يظن احدنا انه يمتلك الحقيقة المطلقة على المستوى العقائدي فليعلم بأنه في المكان الخاطئ .
للسوريين اقول : عليكم ان تفرقوا بين الغاية والوسيلة ، كل الاحزاب والحركات هي وسائل وهي من الممكن ان تتحول ، اما الوطن فهو الغاية .
No comments:
Post a Comment