Saturday 29 June 2013

{الفكر القومي العربي} ميثاق التيار الوحدوي العربي: يجب أن نبقى

بسم الله الرحمن الرحيم

 

التيار الوحدوي العربي

sattarkassem@hotmail.com

الميثاق

 

التيار الوحدوي العربي فلسطيني المنشأ عربي التوجه، إسلامي يرى في الفكر الإسلامي (وليس الفقه الإسلامي) البوصلة الفكرية الأساسية لتنظيم المجتمع، لا تحصره حدود، ولا تقيده قوانين التجزئة والتمزق. القضايا أمامه ثقيلة، وفي محاولة حملها ما يخفف الأعباء أمام الأجيال. بين أيديكم ميثاق هذا التيار، والباب مفتوح لمن رأى فيه الخير، والمودة لمن اختلف معنا فيه.

 

مقدمة

 

التيار الوحدوي العربي حركة شعبية عربية تؤمن بالوحدة العربية وتتخذ الفكر الإسلامي منيرا لها، إنما دون تحيز ضد غير العرب وغير المسلمين أو انتقاص من حقوقهم واحترامهم. وترى الحركة أن الوحدة العربية مقدمة أساسية وحيوية نحو إخراج العرب من أزماتهم ونحو وحدة الأمة الإسلامية. إنها تعمل بقدر اجتهادها وما تستجمعه من قدرات على تجسيد تطلعات الأمة جماعات وأفرادا في الحرية والبناء والمنعة والمساهمة في الحضارة الإنسانية، ولا تقيد نفسها بناحية محدودة من الحياة وإنما تمتد نشاطاتها لتشمل مختلف النواحي الحياتية والإنسانية.

 

يتبلور التيار بمدعاة الحتمية المترتبة على حال الأمة البائس المتمثل بالهزائم والتشرذم والتدني الحضاري، وبمدعاة الضرورة التي تتطلب التحرر والتحرير والبناء والتقدم والحرص على مستقبل الأجيال. هناك حقائق تدق لنا الأجراس ليل نهار:

1-     قضايا الأمة أكبر من أي دولة قطرية. قضية فلسطين بما تنطوي عليه من جبروت عسكري غربي-صهيوني وقدرات اقتصادية وعلمية متنامية أكبر من أن يطوقها شعب فلسطين. إنها قضية تتطلب تضافر الجهود وشحذ الهمم على اتساع الأمة العربية والإسلامية. كذلك بالنسبة لقضايا نهب الثروات العربية وحجب التقنية الحديثة وعرقلة التطوير العلمي والإصرار على تفتيت الجغرافيا والناس وتطويع الإرادة العربية لصالح الغرب والصهاينة.

2-     العالم يمضي نحو التكتلات الكبيرة ولا مستقبل أو أمل أمام الدويلات والإقطاعيات. لا مستقبل للعرب بدون الوحدة في هذا العالم الذي يضيق باستمرار بفضل التطوير التقني الهائل وبفعل القوى الاقتصادية الرأسمالية الاحتكارية الضخمة.

3-     لا بد أن ننتزع حريتنا من الاستبداديين الداخليين والخارجيين إذا أردنا تحقيق التقدم والتحرير. هذا لن يتأتى إلا إذا كنا موحدين أقوياء في مواجهة الطغاة والغزاة.

 

نحن أمام خيارين: إما أن نقف مع أنفسنا بحزم وصلابة، وإما أن نبقى أسرى لقوى الفساد والشر والطغيان. إما أن نصنع حاضرا يمهد لمستقبل واعد، أو أن نبقى نعيش على ترانيم الماضي التي تنوح على رؤوسنا كأننا الأموات. ومن أراد أن يرى الأمة تتغير نحو الأفضل وتزدهر وتقوى وتتقدم لا بد أن يقدم لها التضحيات. لا يكفي البكاء ولا العويل، ولا كتابات التشخيص والتحليل، والسيف يبقى أصدق أنباء من الكتب.

 

الفصل الأول

 

النظرية والتطبيق

 

يتقدم هذا الفصل على الفصول الأخرى لأن العرب يعيشون أزمة مستفحلة فيما يتعلق بالتطبيق العملي للمبادئ والأفكار والعقائد. كثر هم الذين يتحدثون بالأخلاق والعقائد والتعاليم وما يجب أن يكون ويناقضون أنفسهم عند التطبيق العملي. تستمع للمرء فتجد لسانه يقطر بالخير، تنظر إلى عمله فتجده طوع المصالح.

مع إيمانه بضرورة وجود إطار نظري يوجه سلوك الفرد والجماعة، يقدر التيار الوحدوي العربي الالتزام العملي بما يؤمن به الفرد. شخص يختلف مع التيار فكرا ويرعى فكره بالتطبيق الهادف إلى رفعة الأمة وتقدمها أفضل من عضو في التيار تناقض أفعاله أقواله. يتطلب التطبيق العملي البذل والتضحية، لكنه الطريق الأقصر نحو الوصول إلى الهدف. تتبارك الكلمات القليلة عند التطبيق، وتتناثر التي يمضغها الكسول وتبخسها المصالح.

يؤكد التجمع هنا أن الأمة تعيش أزمة أخلاق أكثر مما تعيش أزمة أفكار. صحيح أن نظاما فكريا يتفوق على نظام فكري أخلاقي، لكن الأسمى والأدنى يتساويان عند غياب البعد الأخلاقي الذي من المفروض أن يحمل الفكرة نحو التطبيق. بهذا المستوى من الأداء الذي يباعد بين الفكرة والتطبيق، تتحول كل النظم الفكرية إلى مجرد مواد للجدل العقيم والتنافس الأبله. أي أن الأمة تفتقر إلى المنهاج التربوي لتتحرر من أزمتها.

 

الفصل الثاني

 

الفكر

 

الأمة تحيا بتراثها الثقافي والحضاري. الأمة التي تتخلى عن عوامل بنائها التاريخي يختل توازنها وتفقد سيطرتها على البيئة من حولها وتصبح عرضة للانحطاط والتخلف وهيمنة الآخرين. أمتنا أمة عريقة وذات حضارة متميزة ساهمت في الفكر الإنساني والبناء الحضاري وقادت العالم لفترة غير قصيرة من الزمن، ولا يوجد ما يبرر لها تقليد الآخرين أو السير حسب القوالب الفكرية للأمم الأخرى ومفاهيمها.

تتميز أمتنا بأنها أمة الإسلام وحاملة لوائه وناشرة مبادئه وشرائعه. بنينا أمجادنا بالإسلام وعرفتنا الأمم بالإسلام وثقافتنا يتصدرها الإسلام. ولذلك فإن تمسكنا بالإسلام هو تمسك بالذات، والتخلي عنه اغتراب عن النفس وتيه حضاري يعرضنا لأطماع الأمم. الإسلام حاضن للهوية والانتماء حتى للعربي غير المسلم الذي اصطبغت ثقافته بثقافة الإسلام.

يتبنى التيار الوحدوي العربي الفكر الإسلامي دون تجاهل طروحات فكرية أخرى يمكن أن تثري البناء الفكري للأمة ككل .يمتاز الفكر الإسلامي بالتالي:

1-     الإسلام دين أخلاق وعلم وعمل. إنه يشرّع للفضيلة كأساس للمعاملات، وللمنهج العلمي الاستقرائي كأساس للتقدم، وللعمل كأساس للإنجاز.

2-     الكهنوت ليس من الإسلام. عامل ينفع الناس أفضل بكثير من معتكف يستعطي.

3-     التطبيق العملي هو المؤشر الحقيقي على صدق الإيمان سواء الديني والقناعة بوحدة الأمة.

4-     يركز الفكر الإسلامي على قضايا الحرية والبناء الأخلاقي والالتزام والتقدم العلمي والصالح العام والحس بالمسؤولية والنهوض بالإنسان ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وأخلاقيا بهدف بناء الشخصية المميزة والقادرة على البناء والعطاء.

5-     الفكر الإسلامي يقيم دولة العدل بين الناس، وهي ليست دولة دينية إذ لا يوجد في الإسلام مصطلح اسمه التدين. هناك إيمان فقط ويعني التمسك بمبادئ وقناعات مشفوعة بالعمل.

6-     عدم التحيز ضد غير المسلمين، والتأكيد على أن المسيحيين خاصة جزء لا يتجزأ من الوطن والشعب. هم للمسلمين والمسلمين لهم دون تشنج أو حتى تفكير بالتمييز. نمطهم الديني خاص بهم، وهم شركاء في النمط الثقافي العام.

7- رفض العصبية بكافة أشكالها الدينية والقومية والعرقية والمذهبية.

8- يحيا الإسلام بالعدل والأسوة الحسنة وليس بالقمع وقهر الآخرين.

9- الحرية مكفولة بالخلق وليس بالاجتماع. خلق الله الإنسان بقدرة تمييزية وله الحرية فيما يختار. الاعتداء على حرية الآخرين لا تشكل فقط مخالفة شرعية وإنما اعتداء على خلق الله.

 

الفكر الإسلامي فكر متحرك يعبر عن قدرة الأمة الإسلامية على التعامل المرن مع مختلف الظروف عبر الزمان والمكان، وعن واجبها في التطوير والابتكار والتجديد. إنه نقيض الفكر الجامد الذي يبقي صاحبه في دائرة التخلف والابتذال والضعف. لم يكن للأمة أن تتجرع الذل والهوان لو لم تتخل عن الفكر وتجدده لصالح الجمود الفقهي الذي أدخلها في تفاصيل كهنوتية تضر ولا تنفع. الفكر المتحرك يفتح المجال واسعا أمام الرأي والاجتهاد، بعكس الجامد الذي يصر على البقاء في الماضي وعلى تفاصيل حياتية يومية تثقل وتعسّر.

الفكر الإسلامي ليس منغلقا على الثقافات والأفكار والفلسفات الأخرى. لا حدود للمعرفة والعلم من الناحية الإسلامية ومن واجب المسلم أن يطلع على ما يطرحه الآخرون، ومن حقه أن يستفيد من تجارب الأمم الأخرى وأفكارها ووسائلها وأساليبها في معالجة مختلف القضايا. التقليد الأعمى كما الانغلاق غير مقبولين إسلاميا.

الفكر الإسلامي ليس مقيدا بعادات وتقاليد ولا يجوز تطويعه للعادات والتقاليد. وهو ليس فكرا تكفيريا يحمل سوطا لصد الآراء ومنعها من التعبير وتقديم الأدلة والبراهين، ولا بالفكر الذي ينشغل بتوسيع دوائر التحريم ليشل قدرة المرء على الانطلاق والتجديد.

 

الفصل الثالث

 

الوحدة

 

ينطلق التيار في إصراره على الوحدة العربية من قناعة بأنه لا مستقبل لعربي على مستوى فردي أو جماعي بدون وحدة الأمة العربية. لا يوجد مستقبل لأي دولة عربية أو إقطاعية ما دامت منفردة ومنفصلة عن الكل. نحن نعيش في زمن يتقدم فيه العالم بسرعة في مختلف المجالات ويمتلئ بقوى عظيمة وقادرة لا تترك فسحة لكيانات صغيرة ضعيفة. الدول الصغيرة تضيع في الزحام وأملها في المستقبل ضيق ومحدود، وهي خاضعة لرحمة الآخرين.

هناك أشخاص وقبائل مستفيدة من التجزئة التي يرعاها الاستعمار الغربي والصهيونية. هؤلاء لا يخدمون الأمة على الرغم من حسن كلامهم ورقة تعبيراتهم. إنهم أجراء يدخلون كل زناة الأرض ليعبثوا بمقدرات الأمة ومستقبلها. وهؤلاء هم الذين جعلوا أبناء الأمة يكفرون بأمتهم وبقدرتها على مواجهة التحديات. لقد جعلوا الأخ ضد أخيه والمرء في مواجهة زوجه، وزرعوا المخابرات في كل ركن وحارة وفرقوا الناس. الجزائري يكره المغربي، والكويتي حامل على العراقي والفلسطيني على الأردني والتونسي على الليبي واللبناني على السوري واليمني على السعودي، والعكس صحيح.

يجب ألا يقودنا الإحباط إلى اليأس. نحن أمة فيها الخير، وبتضحياتنا نستطيع التخلص من الطغاة ونبني الأمة على أسس علمية وأخلاقية سليمة، ومواجهة التحديات الخارجية وعلى رأسها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وبريطانيا. اليأس نقيض الإيمان ونقيض الثقة بالذات، ويشكل هزيمة نفسية مرعبة تقعد الإنسان عن المحاولة.

التيار على قناعة بأن مصير العرب ومستقبلهم مرتبط بمصير ومستقبل المسلمين ككل. العرب ليسوا وحدهم الواقعين بين مخالب الأعداء الداخليين والخارجيين، بل يواجه المسلمون سواء كانوا دولا أو أقليات أو أفرادا حربا شعواء تستهدف إخضاعهم وتفكيك أواصرهم. فإذا كان المسلمون ظهرا لنا، فنحن قلب الأمة الإسلامية الذي يجب أن يكون نابضا فتحيا الأمة الإسلامية بنا ونحن نحيا بها.

الوحدة العربية لا تعني استثناء القوميات غير العربية، وإنما تعني وحدة الوطن العربي بكل مواطنيه سواء كانوا عربا أو غير عرب. الوحدة لا تعني أبدا الانتقاص من حقوق غير العرب ومن مواطنيتهم التي تعطيهم ذات الحقوق وتفرض عليهم ذات الواجبات. نخص هنا بالذكر الأكراد والسريان والأمازيغ، والضيوف الذين تعربوا مثل الأرمن والشيشان والتركمان.

يرفض التجمع العربي الإسلامي ترسيم الحدود القائم الآن في الوطن العربي. الترسيم هذا مؤذ ويكلف العربي الكثير من الإذلال والانسحاق المعنوي، ولا بد من إلغائه إذا كان للعربي أن يشعر يوما بحريته وامتلاكه لذاته.

 

الفصل الرابع

 

فلسطين

 

فلسطين بمفهومها التاريخي عبارة عن أرض عربية، وهي موطن العرب الفلسطينيين تاريخيا وحاضرا ومستقبلا. فلسطين بحدودها الانتدابية مقتطعة من أرض الشام. إنها عبارة عن أرض عربية إسلامية وهي حق لكل فلسطيني وعربي ومسلم، والدفاع عنها وتحريرها من المحتلين واجب على كل فلسطيني وعربي ومسلم. ينطبق هذا الحق وهذا الواجب على مرتفعات الجولان المحتلة ومزارع شبعا وغيرها.

دفاعنا عن فلسطين ليس دفاعا حدوديا أو منطلقا من رؤية قطرية، إنه دفاع حضاري عن أرض مقدسة مباركة. من واجب كل أبناء الأمة العمل على تحرير هذا الوطن السليب ليأخذ مكانه في صنع مستقبل الأمة ضمن وحدة تكاملية اندماجية. وإذا وضع التيار فلسطين في صدارة القضايا العربية فذلك لأنها محتلة وأشد القضايا مأساوية ونزيفا وانتهاكا لحقوق العرب والمسلمين. اغتصابها وطرد الجزء الأكبر من سكانها يمثلان أبشع الصور الإجرامية في التاريخ، ويعبران عن همجية ووحشية الصهاينة وأهل الغرب الداعمين لهم. وهي تمثل الوجه الأبرز في طرق تعامل الدول الاستعمارية والحركة الصهيونية مع أمتنا جغرافيا وسكانيا. إنها حلقة من حلقات الحروب الصليبية والتآمر اليهودي الصهيوني ضد العرب والمسلمين، وتمثل خطوة أساسية في توسيع نطاق العدوان والهيمنة على المنطقة ككل.

يعتبر التيار كل الإجراءات والاتفاقيات والتعليمات والترتيبات والقرارات التي تنتقص من عروبة الأرض وإسلاميتها ومن حقوق الشعب الفلسطيني غير مشروعة وغير شرعية وباطلة ولا يمكن قبولها. القضية الفلسطينية مقدسة وهي فوق كل المساومات والتنازلات والتبريرات والمفاوضات والمصالحات. القضية الفلسطينية ليست ملك الشعب الفلسطيني فقط، ولا هي ملك القيادة الفلسطينية أو أي قيادة أو مؤسسة عربية. وعليه فإن كل القرارات العربية الخاصة بتقديم تنازلات مثل قرارات فاس وبيروت مرفوضة. اتفاقية أوسلو وما ترتب عليها من اتفاقيات مثل اتفاقية طابا مرفوضة قطعيا باعتبارها تفريطا بحقوق شعب فلسطين وبالأرض المقدسة. ويؤكد التيار رفضه لكل قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية ولاتفاقيات الصلح التي وقعتها بلدان عربية مع الكيان الصهيوني.

القضية الفلسطينية ليست قضية خاصة يتصرف بها قادة فلسطين وحكام العرب كيفما يُملى عليهم. الفلسطينيون يشكلون رأس حربة في مواجهة العدو، إلا أن الحل الجذري للقضية الفلسطينية يبقى مرتبطا بالأمة ككل.

 

 

الفصل الخامس

 

التعصب التنظيمي

 

التعصب بكافة أشكاله آفة تحل بالعرب. تتفشى في المجتمع العربي ظنون الأفضل وملكية الحقيقة. هناك من يظن أن الآخر هو الأدنى، وأن الحقيقة لم تجد طريقا إلا إليه. ينطوي هذا على سلوك عنصري يولد الكراهية والبغضاء ويفتت المجتمع. يعاني العرب على كافة المستويات من هذه الآفة المقيتة. وعليه فإن التعصب للتيار الوحدوي العربي مرفوض ويعاقب ممارسه بالإنذار والرفض. يصر التيار على الانتماء، وخير تعبير عن ذلك يكمن في احترام الآخرين والاستماع إلى نقدهم ومآخذهم والتعاون معهم في أعمال الخير.

ليس بالضرورة أن مواقف التيار من المستجدات على الساحة هي الأفضل أو الأكثر صوابا. تتطلب المستجدات إعمال الرأي والاجتهاد حول الموقف أو السياسة الصحيحة. ولكل سياسة إيجابيات وسلبيات، أو محاسن وعيوب. نحن نستمع إلى آراء الآخرين بقلب مفتوح وعقل يريد أن يستوعب لما في ذلك من أهمية في رؤية زوايا كنا نجهلها أو أعطيناها وزنا غير وزنها الملائم. نحن لا نعادي من ينتقدنا ولا نهجره، وإنما نصادقه إلا إذا كان التدمير غايته.

نظرا لذلك، لا يحصر التيار نشاطاته بأعضائه وإنما يستعين بكل من يريد مد العون.

 


الفصل السادس

 

الجهاد

 

ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا. الجهاد هو ذروة سنام الإسلام. عزّ الأمة مرتبط بالجهاد وذلها مرتبط بتخليها عنه.

للجهاد مستويات منها جهاد النفس وجهاد ضد العدو الخارجي. الجهاد الذي يحظى بالأولوية مرتبط بالظرف الذي يمر به المسلم والذي تمر به الأمة. فإذا لم يكن هناك أعداء يتربصون بالأمة واضمحلت أحوالها الأخلاقية فإن جهاد النفس يتقدم على غيره، وإذا تربص الأعداء بالأمة فإن الجهاد ضدهم يتقدم على غيره. أما إذا اضمحلت الأخلاق وغزا الأعداء الأمة وأرضها كما هو حالنا الآن فإن الجهادين واجبان في آن واحد.

في هذا الزمن العصيب، يتمسك التجمع بالجهاد بالنفس والمال والتحريض والتعبئة. الاستبداد يعم بلاد العرب، والأعداء يحتلون أغلب الأراضي العربية بصورة مباشرة وغير مباشرة. الجهاد فريضة على كل مسلم ومسلمة، ومن ارتضى غير ذلك لن يشبع إلا ذلا ومهانة، وسيكون نصيبه الخسران في الدنيا والآخرة.

لا مبرر لترك الجهاد لا على الصعيد الفردي ولا الجماعي. وكل من يتقاعس متذرعا بسطوة الحكام وقوة الأعداء إنما ينزوي إلى عالم من الكهنوت والاستجداء. للجهاد أولوية الآن على كل الفرائض والأركان التعبدية.

 

 

 

الفصل السابع

 

العلم

 

العلم هو أساس التقدم المادي. العقائد لا تصنع طائرة ولا إبرة ولا تغرس فسيلة أو تزرع بذرة. العقائد والآيديولوجيات تنظم العلاقات بين الأفراد، وبين الأفراد والجماعات، وبين الجماعات والأفراد وبين المؤسسات.

يدفع العلم باتجاه الإبداع المادي. العقيدة والفكر ينظمان توظيف النشاط العلمي، والنشاط العلمي يدعم مصداقية أصحاب الفكر ويقوي عقيدتهم ومبادئهم. بدون العلم والنشاط العلمي لا تتقدم الأمم ولا تساهم أفكارها وعقائدها في الحضارة الإنسانية.

يتبنى التيار الوحدوي العربي التفكير العلمي والمنهج العلمي كوسيلتين لتحقيق الأهداف المادية ورقي الأمة ماديا ومعنويا. خطواتنا يجب أن تكون مدروسة وواعية ومستندة على الأسس العلمية والبينات. الارتجال والخطابات النارية وإطراء الذات لا تعبر إلا عن تخلف ومحاولة لسد نواقص ذاتية. التعبئة المعنوية حيوية في كل المجتمعات، لكنها تنعكس سلبا إن لم تكن مستندة إلى علم.

 


الفصل الثامن

 

العمل

 

العمل قيمة إنسانية عظيمة، وهو التعبير الحقيقي عن إرادة الإنسان وقدرته على التأثير والعطاء. العمل هو المحك الحقيقي للإنسان ورغبته بالالتزام بالقيم والمبادئ والأفكار والفضائل، وقد شدد الإسلام على العمل، وأقرنه القرآن باستمرار بالإيمان قائلا بأن الجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات. علينا أن نشمر عن سواعدنا ونشحذ هممنا ونحمل المعول والمنجل فنشق الأرض ونقطع الصخر ونحرث الحقل ونزرع الشجر ونشيد المصنع. بالعمل نصيب الهدف وننجز المهمة.

العمل هو أساس الاعتماد على الذات، وبدون الاعتماد على الذات لن نكون يوما مستقلين في رأي أو موقف، ولن نكون قادرين على التحرير أو المساهمة في الحضارة الإنسانية. ها هي النظم الفكرية تتزاحم في بلدان العرب، لكن الكسل مهد دائما لإذلالنا على أيدي الطامعين والمُطعمين. اليد السفلى أبدا تبقى ذليلة مهما تغلفت ببريق الحلي.

العمل منجاة للإنسان من ذل الدنيا وقهر الإنسان.

 

الفصل التاسع

 

الحرية

 

التيار  الوحدوي العربي على قناعة بأنه لا إبداع بدون حرية. الإنسان الحر هو الإنسان الذي يتمتع بشخصية متميزة وثقة بالنفس وقدرة على الأخذ بزمام الأمور ورفض الاستعباد. يؤمن التيار بحرية التعبير والتنقل والاختيار؛ ويؤمن فوق ذلك بحرية تكوين الرأي من خلال توفير المعلومات وتقديم البينات بدون عوائق. يقف التيار ضد الاستبداد بكافة أشكاله ومصادره. إنه ضد الاستبداد السياسي والتسلط العرقي والطغيان الديني والإجبار الاجتماعي.

حكام العرب يقهرون الناس على مدى قرون، وأغلب رجال الدين يساهمون بالكبت، والعادات والتقاليد تحاصرهم. سبّب غياب الحرية البله لدى الإنسان العربي وأدى به إلى غياهب الانطواء والانسحاق الذاتي واللافعل والهروب من واقعه. العربي مشلول فكريا وعلميا ومبادرة، ويسارع إلى الدعاء غير المقرون بالعمل وإلى الغيبيات عساه يجد منقذا. الظلم ينخر عظامه ولا يجد أمامه إلا تعبير "الله يهونها." شعوب الأرض تثور ضد الظلم والطغيان وتصارع الفساد والاستغلال، أما نحن (في الغالب) فما زلنا نظن أن سماسرة الوطن ومستقبل الأمة يمكن أن يرتدعوا بمعجزة.

الحرية هي أساس المسؤولية، ومن لم يكن حرا إما أنه هارب من المسؤولية أو غير قادر على انتزاع حريته. الظالم لا يرتدع إن لم يجد من يردعه، وإذا كان المظلوم يضن على النفس بالتضحيات فإن الحرية تبقى من الأمنيات.

بسبب القهر والكبت وطئت أقدام الأعداء هاماتنا. الوطن العربي مسرح لقوى الشر والاستغلال: الأرض مستباحة والشعوب تُساق قطعانا إلى المسالخ. لا شك أن هناك من يقاتل الأعداء الآن دفاعا عن حياض الأمة وكرامتها وعزتها، لكن طواغيت العرب أشد قسوة في ملاحقتهم من السادة الأجانب.

يعتبر التيار حرية الإنسان العربي أولوية يجب السعي نحو إنجازها، الأمر الذي يتطلب تضحيات.

الفصل العاشر

 

الرجل والمرأة

 

يتبنى التيار الموقف القرآني الذي يساوي بين الرجل والمرأة بالخلق، والذي يضع الرجل والمرأة أمام مسؤوليتيهما تشريعا. تنطبق أوامر الله سبحانه على المرأة والرجل بذات الدرجة إلا إذا ورد تخصيص. المرأة مسؤولة عن أعمالها وأقوالها كما الرجل، وكلاهما يخضعان للثواب والعقاب في الدنيا والآخرة.

الرجل والمرأة متكاملان، وكل منهما لباس للآخر. الرجل ليس شيطانا والمرأة ليست عارا، فلا الرجل يمارس الإغواء ولا المرأة تمارس الإغراء. لكل منهما احترامه وكيانه ويمارس نشاطه الخاص والعام ضمن أسس الفضيلة والأخلاق القويمة.

الأعمال المشروعة مفتوحة أمام الرجل والمرأة على حد سواء. للمرأة أن تعمل في أي مجال تراه مناسبا، ولا يوجد أي منصب حرام عليها بما فيها منصب قيادة الأمة. وهنا يؤكد التيار أن المرأة العربية قد خضعت لكثير من المحرمات، وانتُهكت حريتها باسم الدين، وتلاعبت بها عادات حاول المجتمع العربي أن يضفي عليها صفة القدسية. لقد عانت المرأة في المجتمع العربي من عقد نفسية وجنسية جعلتها أسيرة لقيم بالية وانطباعات ساذجة بدائية. هذه القيم والعقد مرفوضة من قبل التيار بالضبط كما تُرفض القيم الغربية في استخدام جسد المرأة وجمالها لتحقيق مكاسب ربحية ومآرب شهوانية.

يؤكد التيار الوحدوي العربي حرصه على البناء الأسري القويم والترابط القائم على المحبة والاحترام المتبادل، ويعتبر العلاقات الطيبة القائمة داخل الأسرة أساس بناء المجتمع الفاضل السائر في ركب التقدم والبناء الحضاري.

 

الفصل الحادي عشر

 

الأعداء والأصدقاء

 

من ناحية المبدأ، يقف التيار الوحدوي العربي مع تعاون الشعوب والأمم وترسيخ أسس التفاهم فيما بينها، ويقف ضد العدوان ونهب الثروات والغزو الفكري والعسكري وكل محاولات الإخضاع والهيمنة.

يعتبر التيار الحركة الصهيونية العالمية وما انبثق عنها من كيان صهيوني على الأرض العربية الفلسطينية جهتين معاديتين للفلسطينيين والعرب والمسلمين. لقد تآمرت الحركة الصهيونية مع دول الاستعمار الغربي على أمتنا وحرضت ضدها وعملت على تجزئتها وتشويه تاريخها وحضارتها، وقامت بدعم بعض الدول على رأسها بريطانيا بغزو فلسطين والاستيلاء عليها وتشريد الشعب الفلسطيني وإقامة كيان استيطاني عدواني اسمه إسرائيل.

يشكل الكيان الصهيوني عدوانا مستمرا على الأمة ككل وعلى الشعب الفلسطيني بوجه الخصوص. إنه كيان يحتل جزءا من أرض العرب والمسلمين والجهاد ضده فريضة على كل عربي ومسلم. أما بالنسبة لدول العالم، فيذكر التيار بالتحديد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اللواتي عملت على تجزئة الأرض العربية وتفتيت الشعوب العربية والإسلامية وعلى نهب الثروات العربية وتقديم كل العون للكيان الصهيوني. على هذه الدول أن تكف عن جرائمها بحق الأمة وأن تتخذ الإجراءات المناسبة لإزالة آثار هذه الجرائم، وأن تقوم بتقديم التعويضات عما لحق بالأمة من إجحاف وظلم ومصائب وأحزان.

بصورة عامة، يتحدد معسكر الأصدقاء وفق مقدار مد يد العون للأمة، ويتحدد معسكر الأعداء وفق المواقف المعادية للأمة سواء كان ذلك بالتحريض أو مساعدة الأعداء معنويا وماديا أو العدوان المباشر وغير المباشر.

على الصعيد الداخلي، التيار على استعداد للتعاون مع مختلف الأشخاص والأحزاب والتنظيمات والمؤسسات العربية والإسلامية في كل المجالات التي لا تتعارض مع مبادئ التيار. ولدى التيار الاستعداد لمناصرة المضطهدين من الحركات والأحزاب والأشخاص والوقوف معهم في السراء والضراء. التيار ينبذ التعصب والاستعلاء والتقوقع، ويرى أن الهدف الأسمى نحو بناء الأمة يتطلب التعاون المتبادل والعمل الجماعي.

التيار الوحدوي العربي لا يلتقي مع أصدقاء أمريكا وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني ولا يهادنهم. هؤلاء خارجون عن إرادة الأمة ويعملون ضد مصالحها ويقوضون دعائم بنائها. المرتمون في أحضان الأعداء عبارة عن ورم خبيث يزرع الفرقة والتمزق والضعف والتبعية والخواء.

 

 

الفصل الثاني عشر

 

التغيير

 

تتناسب الأوضاع السائدة الآن في الوطن العربي والعالم الإسلامي مع التخلف والهزيمة والذل. مهمة التيار الوحدوي العربي تتمثل أولا باستنهاض الأخلاق التي تعني التطبيق الفعلي للفضيلة مثل الصدق والوفاء بالعهد والوعد والمحافظة على المال العام وحفظ اللسان والسعي نحو الإنجاز والتقدم، واحترام الآخرين، وتطوير التفكير العلمي، الخ. الحديث عن الوحدة العربية المرتكزة على  نظام فكري وأخلاقي لا يعني شيئا ما لم يتم اتخاذ خطوات تكفل التطبيق. حتى يكون من الممكن عمل ذلك، يرى التيار ضرورة إحداث انقلاب في المجالات الرئيسية التالية:

 

أولا: تنشئة الذات والجيل

يلتزم التيار بالعمل على بناء جيل يتحلى بالأخلاق الفاضلة قولا وعملا. يجب أن ينشأ الفرد على احترام الذات والاعتماد على الذات، وأن يعيش في أجواء الصدق والوفاء والالتزام وتقدير العمل العام، وعلى قيم الجمال والحب والإبداع والتفكير الحر والغيرة على الوطن والمواطنين والانتماء للأمة. يتعهد التيار بشن حرب على عملية قمع الأطفال وسحق شخصياتهم، وبتوفير جو تربوي صحي في رياض الأطفال والمدارس ومختلف المؤسسات التعليمية والتثقيفية. ويتعهد بالعمل على مكافحة خصال سلبية مثل الكذب والتواكل والتهرب من المسؤولية والإبداع في تبرير الفشل، وعلى التخلص من عادات منفرة كالحذلقة والنفاق والتزلف والتذلل، وفوق ذلك على التخلص من قيم الأنا المفرطة وعشق الجاه الشخصي والمناصب.

الانقلاب التربوي حاسم في تحقيق الأهداف. تحدث العرب عشرات السنين عن أهداف سامية ضمن مفاهيم التخلف والانحطاط فلم يجنوا غير الهزائم والمزيد من الترهل خلف الأمم. وإذا كان لنا أن نحقق أهدافا سامية فلا بد من التحلي بأخلاق سامية. التقدم العلمي لا يتأتى بمفاهيم الشعوذة والعقلية الغيبية وإنما بمفاهيم التفكير الحر والانطلاق في البحث العلمي. هزيمة إسرائيل لا تتأتى بالكهنوت، وإنما بالإعداد والسهر.

هذه مهمة شاقة لأن الفساد ينخر سلوك الجيل الذي يجب أن يربي، لكن علينا أن نحاول وسيأتي التغيير تدريجيا.

 

ثانيا: التغيير الاجتماعي

يبقى التغيير التربوي مبتورا ومشوها ما لم يتلازم معه تغيير اجتماعي جذري. المجتمع هو الذي يستوعب الفرد، والفرد هو الذي يؤثر في صياغة العلاقات الاجتماعية على مختلف مستوياتها. العلاقة بين المجتمع والفرد علاقة عضوية وصلاح أحدهما من صلاح الآخر على الرغم من ميلان الكفة ناحية المجتمع. فإذا كان المطلوب هو إحداث ثورة اجتماعية على مستوى الفرد فلا بد من إحداث ذات الثورة على مستوى المجتمع. وعليه، فإن التيار الوحدوي العربي يسعى إلى إحداث تغييرات اجتماعية جذرية لكن دون إيصال المجتمع إلى مرحلة عدم الاتزان والتوازن.

هناك قيم اجتماعية مرعبة تحول دون العمل الجماعي وتسحق الفرد وتلغي شخصيته وتنهك قدراته. هناك مثلا عادات المغيبة والنميمة والمفاخرة والمشابهة والتلصص والتجسس والوساطات والمحسوبيات والتثبيط والتبرير والاستحواذ والتعييب والتحريم غير المسنود وما يشابهها. هذه جميعها يجب التخلص منها بأسرع ما يمكن. الاستعانة هنا بخبراء وأساتذة علوم الاجتماع والسياسة والنفس تصبح ضرورية.

 

ثالثا: التغيير السياسي

تتم ترجمة التغيير التربوي والاجتماعي إلى تنظيم مؤسسي سياسي وعلاقات سياسية. التغيير على مستوى الذات والمجتمع يعكس نفسه حتما على التفكير السياسي وعلى المؤسسة السياسية التي تتأثر بنوعية الفرد والمجتمع، والتي بدورها تعكس التغيير الإيجابي على المجتمع وتساهم بفعالية في صنع أجواء مناسبة للتقدم والبناء.

ينطلق التيار االوحدوي العربي في عمله نحو التغيير السياسي من حقيقة أن السياسة عبارة عن نشاط عام يهدف إلى تحقيق الخير العام. المسؤول عن الشؤون العامة إنما يقوم بنشاطاته من أجل خير من هو مسؤول عنهم وتحسين أحوالهم ومعالجة مشاكلهم. مهمة السياسي مهمة أخلاقية بالضبط مثلما هو الأمر بالنسبة لأي مهنة أخرى هدفها تقديم خدمات خيرة. التجمع لا يؤمن بأن السياسة فن الخداع والكذب أو أنها من أعمال الشر والفساد. ربما تتطلب السياسة مهارة المناورة على الصعيد الخارجي، لكنها تتطلب الصدق والوضوح أمام الناس على الصعيد الداخلي.

في هذا الإطار، يحرص التيار على:

أ‌-       نظافة اليد؛

ب‌-   الالتزام بالمبدأ قولا وعملا مع الحفاظ على هامش التعامل السياسي مع الآخرين؛

ت‌-   تقديم التضحيات المطلوبة وعدم الهروب من المواجهة؛

ث‌-   مواجهة الفشل وعدم اللجوء إلى العقلية التبريرية؛

ج‌-    محاسبة المسؤول عن الفشل أو التقصير؛

ح‌-    إجراء تقويم دوري لما تم إنجازه؛

خ‌-     تشجيع النقد والنقد الذاتي مع التأكيد أن من حق العضو انتقاد التجمع في السر وفي العلن إن شاء. لقد ثبت على المستوى العربي فشل النقد داخل الإطار؛

د‌-      مصارحة الناس دائما بالحقيقة وعدم اللجوء إلى التلاعب بعواطفهم وأحاسيسهم وذلك بهدف مشاركتهم؛

ذ‌-      عدم التبعية لأي جهة كانت؛

ر‌-     التروي في اتخاذ القرار، واعتماد المنهج العلمي في اتخاذ القرارات، واستخلاص العبر مباشرة من كل حدث ذي وزن.

ز‌-     احترام الاختلاف والمحافظة على آداب الاختلاف؛

س‌- احترام الحريات على المستوى الشخصي والجماعي؛

ش‌- احترام حرية التنظيم؛

ص‌-                       التمسك بمبدأ التسامح مع الأصدقاء، والتمسك بمبدأ الإصرار على ما هو ممكن في مواجهة الأعداء؛

ض‌-                       إنشاء نظام ضوابط وأجهزة رقابة لضمان حسن سير قيم العدالة وإقامة الميزان بالقسط.

باختصار، على القيادة السياسية أن تكون أسوة خيرة للناس، وليس عصابة تخدم الشهوانيين.

 

رابعا: التغيير الاقتصادي

الاعتماد على الذات هو أساس البناء الاقتصادي. لا خير في شخص يعتمد في معاشه على الاستعطاء، ولا خير في أمة لا يروي عرق أبنائها حقولها. يرى التيار الوحدوي العربي أن علينا العيش حسب إنتاجنا وألا يتمدد استهلاكنا فوق ما تنتج أيدينا. علينا التوجه نحو العمل لزيادة الإنتاج ورفع مستوى الدخل وتحقيق الاستثمار والنمو. من المهم تخفيض الاستهلاك لصالح التنمية حتى لا نبقى أسرى الاستيراد وعطايا الغير الذين ينهبون ثرواتنا. عاداتنا الاستهلاكية بحاجة إلى مراجعة لتتحول إلى عادات إنتاج وعطاء. لنقسم الرغيف فيكون ربعه للاستثمار وباقيه نقتسمه فيما بيننا للاستهلاك.

يلتزم التيار الوحدوي العربي اقتصاديا بمبدأين:

أ‌-       العدالة (وليس المساواة) في توزيع الثروة بحيث لا يقع إجحاف بالمجهود الشخصي ولا حرمان للفقراء؛

ب‌-  احترام الملكية الخاصة والمبادرة الفردية ضمن تنافس متعدد الجوانب حتى لا يقع الاحتكار ولا تتطور ثروات ضخمة تؤثر على القرار السياسي.

يجمع هذان المبدآن بين الفردية والجماعية في الأداء الاقتصادي بحيث لا تتطور الفردية إلى ثراء فاحش، ولا تتحول الجماعية إلى قمع للإبداع الفردي والمبادرة الفردية.

 

خامسا: التغيير بشموليته

 الدين المعاملة، والمعاملة المقبولة في الدنيا والآخرة هي التي تتميز بالأخلاق القويمة والفضيلة. العربي الجيد لنفسه ووطنه وأمته والإنسانية هو الذي لا يكذب ولا يستغل ولا ينكث العهد ولا يماري ولا ينافق، وهو الذي يلتزم بالوعد ويستغل الوقت فيما ينفع ويراعي قواعد العمل العام والنشاط المفيد. وهو الذي لا يمارس موبقات الوساطات والمحسوبية والاستزلام وحجب الرأي وإخفاء الحقيقة. وهو الذي لا ينقص الميزان ولا ينحاز لظالم ولا يمارس العصبية القبلية والقومية ولا يقوم بأعمال تناقض قناعاته. وهو المدرس الجيد والطالب المجتهد والعامل المجد والزارع الدؤوب والتاجر الصدوق والحاكم الذي يسهر على راحة مواطنيه، الخ.

نحن بحاجة إلى ثورة أخلاقية تنسف المعايير المتخلفة والضالة السائدة الآن. يصر التيار الوحدوي العربي على أداء أخلاقي متميز ولا يقبل بين صفوفه من ساء عمله أو افتقر إلى شجاعة التطبيق لمبادئه. هذا الأداء الأخلاقي هو المعيار الأساسي لصدق المرء والمحك الفعلي لقدرته على تحقيق النجاح.

يعيش العرب أزمة أخلاقية خانقة سواء على مستوى الحكام أو الشعوب. وبما أن الأخلاق هي مفتاح النجاح في مختلف ميادين الحياة فإنه ليس من المتوقع أن تخرج الأمة من تخلفها وهزائمها في القريب العاجل. الأمر يتطلب الحشد والسهر وبذل الجهد من كل الغيورين على الأمة، والعمل معا في سبيل الانتصار على الذات ومن ثم الانتصار على الأعداء والطامعين.

ولهذا يفتح التيار الوحدوي العربي قلبه ووجدانه وأبوابه للعمل مع كل الناهضين الذين يتطلعون إلى وحدة عربية تعيد للإنسان كرامته وعزته وفخاره وتضعه على طريق الاطمئنان وصلابة العزيمة والثقة بالذات والتعاون مع الأمم التي تحترم غيرها من الأمم والحضارات.

 

No comments:

Post a Comment