Wednesday 30 October 2013

{الفكر القومي العربي} مقال لى منشور بجريدة الدستور

الزملاء الأعزاء
مرفق مقال لى منشور بجريدة الدستور على عامودين بتاريخ 29 و30 أكتوبر 2013 بعنوان: "إن للصحة شعبا يحميها"

إن للصحة شعبا يحميها[i]

يخوض شعبنا معركة مستمرة منذ أكثر من عقد من الزمان دفاعا عن حقه فى نظام صحى وخدمات صحية تليق به، وضد كل محاولات خصخصة الصحة وتحويلها من خدمة إلى سلعة لا تتوفر إلا لمن يدفع ثمنها. أتت تلك المحاولات استجابة للخطة المشتركة بين الحكومة ومؤسسات التمويل الدولية مثل البنك الدولى وهيئة المعونة الأمريكية والمفوضية الأوروبية فيما عرف ببرنامج الإصلاح الصحى المستمر منذ توقيعه عام 1998.

وكانت أبرز محاولات الخصخصة هى محاولة إنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية بقرار من رئيس الوزراء عام 2007، والتى تحول مستشفيات وعيادات التأمين الصحى إلى شركة تديرها على أسس تجارية وتملك حق بيع المستشفيات (الشركات التابعة). ونجحت الحركة الوطنية المقاومة فى كسب حكم بمحكمة القضاء الإدارى فى سبتمبر 2008 بوقف تنفيذ هذا القرار.

كما كانت المحاولة الثانية تتمثل فى مشروع قانون التأمين الصحى الجديد الذى يهدف إلى تحويل التأمين الصحى الاجتماعى القائم إلى تأمين تجارى، يحمل المواطنين، فضلا عن الاشتراك الذى يدفعونه الآن فقط، يحمله بمساهمات تمثل نسبة من تكلفة العلاج بما لا يطيقه دخله، وتثقله بمختلف أنواع الرسوم. كما أنه أيضا ينتقص من الأمراض التى يعالجها التأمين حاليا (فيما يعرف بحزمة الخدمات المقدمة)، ويفرق بين المواطنين، المتساوين نظريا أمام الدستور فى الحق فى العلاج، بأن يفرض حزمة خدمات أساسية محدودة للمؤمن عليهم الجدد وحزمة أوسع للمؤمن عليهم الآن، رغم أن حكم المحكمة المشار إليه قد رفض صراحة "إنشاء نظامين صحيين للتأمين، أحدهما محدود المزايا للفقراء و الآخر وافر المزايا للأغنياء.

وظن شعبنا فى أعقاب الثورة أنه قد آن لأصوات الخصخصة أن تسكت، وآن لأهدافه فى نظام صحى عادل أن تتحقق. ولكن جاءت مشروعات قوانين التأمين الصحى الجديد بعد الثورة كلها (فى عهد المجلس العسكرى، ثم فى عهد الإخوان، ثم فى عهد الوزيرة الحالية للصحة الدكتورة مها الرباط) مقننة لخصخصة الصحة فى تحميل المنتفع بالمساهمات والرسوم المرهقة وفرض حزم متعددة للأمراض التى يعالجها التأمين، فقيرة للفقراء وميسورة لمن دونهم من موظفين. كما جاء تصريح رئيس الوزراء الببلاوى فى خطته الاقتصادية مصرا على الاستمرار فى خصخصة المستشفيات المدرجة فى خطة العام الحالى (من قبل الإخوان) من خلال برامج مشاركة القطاع الخاص فى تمويل الخدمات!

وتأتى المادة 17 التى وضعتها لجنة العشرة فى مشروع الدستور الحالى لكى تمثل نصف خطوة للأمام، حيث نصت على التزام الدولة بصحة المواطنين وكفالة نظام للتأمين الصحى على المجتمع بكامله على أن تتحمل الدولة اشتراك غير القادرين. ولكن تلك المادة مع الأسف تكرر العديد من مآسى النظام الصحى السابق: أبرزها أنها تقصر دور الدولة على المراقبة والإشراف على النظام الصحى. وبما أن الدولة تملك حاليا أكثر من 80% من وسائل تقديم الخدمات الصحية من مستشفيات وعيادات ومراكز تشخيص وعلاج، وبما أنه لا يوجد نص على إصلاح هذا الهيكل ودعمه بالتمويل الضرورى، إذن فالنية منعقده على الاستمرار فى مخطط خصخصته. ولقد كسبنا حكمنا ضد الشركة القابضة للرعاية الصحية من خلال تطبيق نص دستورى، لذا لابد وأن نكافح لكى يتضمن الدستور الجديد نصا يمنع بيع الدولة للمستشفيات الحكومية، ويفرض إصلاح هذا الهيكل الضخم الذى بناه الشعب بعرقه وتوحيده فى هيكل تأمينى لا يهدف للربح.

كما أن نص المادة لا ينص على تعريف التأمين الصحى بأنه تأمين صحى اجتماعى ويفتح الباب لتحويله إلى تأمين صحى تجارى حتى لو تقنع باسم تأمين اجتماعى.

لهذا أقامت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة المؤتمر القومى السابع للدفاع عن حق المصريين فى الصحة يوم الاثنين 30/9/2013 بنقابة الصحفيين لجمع التأييد الشعبى على صياغة مادتين للصحة فى الدستور الجديد، ووضع أسس تكفل قانونا يؤمن نظاما صحيا عادلا، وتقديم الاقتراح الدستورى للجنة وضع الدستور مشفوعا بتوقيعات الأحزاب والنقابات وكافة منظمات المجتمع المدنى الموافقة على تلك الأسس الدستورية، ونورد أسفله نص المادتين الدستوريتين وندعو جميع منظمات المجتمع المدنى للضغط من أجل إقرار هذا التصور:

نص المادتين المقترحتين فى الدستور:

1.      تلتزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية الشاملة بكل مكوناتها من وقاية وتشخيص وعلاج وتأهيل لجميع المواطنين على قدم المساواة ودون تفرقة، علي أن تتحقق لها معايير الإتاحة و المقبولية و الجودة والحماية و التطور.

وفى سبيل ذلك تلتزم الدولة بالإنفاق علي الرعاية الصحية بنسبة  لا تقل عن المعدلات العالمية مع الالتزام بالتوصيات الدولية الموقعة في هذا الشأن.

وتخضغ جميع المنشآت الصحية لإشراف الدولة ورقابتها وفقا للقانون، ويحق للنقابات الطبية ومنظمات المجتمع المدنى المعنية المشاركة الفعالة فى وضع السياسات والخطط وتنفيذها ومراقبتها.

2.      تلتزم الدولة بتقديم الخدمة الصحية من خلال منظومة موحدة للخدمات الصحية تستند على تعميم نظام تأمين صحى اجتماعى شامل على جميع المواطنين مع المساواة الكاملة بينهم فى تلقى جميع الخدمات بنفس مستوى الإتاحة والجودة.

ويتم تمويل نظام التأمين الصحى من اشتراكات المواطنين بنسبة محددة ومناسبة من الدخل، ومن مساهمات أرباب الأعمال باشتراكات التأمين الاجتماعى المخصصة للصحة. وتلتزم الدولة بتحمل تكلفة الوقاية ورعاية الأمومة والطفولة، كما تتحمل اشتراك طلاب المدارس والمعاقين والفئات الضعيفة من غير القادرين فى التأمين الصحى.

ويستند  تقديم الخدمة أساسا إلى جهاز الدولة التأمينى الموحد، وتتيح الدولة للمؤسسات الأخرى غير الحكومية والقطاع الخاص تقديم الخدمات الصحية فى إطار السياسات الصحية للدولة وتحت إشرافها وقابتها وفقا للقانون. وويجوز لها أن تسهم بطريقة تكميلية عند الاحتياج فى النظام الصحى الموحد عن طريق اتفاقات تعطى الأفضلية للهيئات الخيرية وغير الربحية من خلال تعاقدات شفافة ونزيهة.

دكتور محمد حسن خليل

منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة



[i]  (نشرت بجريدة الدستور على عامودين بتاريخ الثلاثاء والأربعاء 29 و30 أكتوبر سنة 2013)

 

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/groups/opt_out.

No comments:

Post a Comment