Thursday 3 August 2017

Re: {الفكر القومي العربي} يحيى حسين عبد الهادى: عائدٌ إلى مصر

حمدا لله علي السلامة، لم أعرف أصلا أنك كنت بالخارج، وليس هناك ما يجرؤ أي مخلص لمصر علي أن يلومك عليه. صار الوطن طاردا لأبنائه، شبابا وشيوخا، وكم كنت أتمني أن تعود إلي مصر وحالها قد تغير عما كانت عليه عندما غادرتها، ولكنها مسئوليتنا جميعا عن الخروج بها مما آلت إليه، ولسنا قادرين فيما يبدو علي الوفاء بهذه المسؤولية، نحن لانملك كل أسباب هذا الوفاء ولكننا نتحمل بكل تأكيد جانبا كبيرا منه.
مصطفي كامل السيد


2017-08-03 15:07 GMT+03:00 'yehia hussein' via الفكر القومي العربي <alfikralarabi@googlegroups.com>:
عائدٌ إلى مصر
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى

سادتى القُرَّاء .. لأن فى السطور التالية بعض الأمور الشخصية، أرجو ألا تعتبروها مقالاً بقدر ما هو دردشةٌ مع أصدقاء .. دأَبَت اللجانُ الإلكترونية في الشهور الأخيرة على التهديد بإعادتى إلى مصر .. وكأن العودة إلى مصر عقوبةٌ لنا (!) .. ها أنا أستعد للعودة إلى الوطن الذى قد نغادره ولكنه لا يغادرنا .. نعود إليه فرِحين متهللين على عكس ما يظن هؤلاء المرضى .. المشكلة عندهم لا عندنا .. إذ بماذا سيهددوننا بعد الآن؟ .. والحقيقة أننى لا أَغضب من اللجان الإلكترونية بقدر ما أُشفِقُ عليهم .. فهم بمثابة أبنائنا الذين يعانون من البطالة ويضطرون للعمل في هذه اللجان مدفوعة الثمن من أموالنا .. ولعل في مقالاتنا بابَ رزقٍ لأعضاء هذه اللجان .. وهذا يُسعدنا .. ولكننى حزينٌ على التدهور في مستوى من يحركونهم ويدربونهم .. فقد كان كذب هذه اللجان مُرَّتَباً في أيام مبارك (الأصلى) لدرجة أننى كُنتُ أُوشِك أن أُصَّدقه لولا أنه يخصنى .. أما في العهد المباركى (التايوانى) فلا أحد منهم يكلف نفسه عناء قراءة المقال الذى يهاجمه أو دراسة شخصية كاتبه .. ففضلاً عن البذاءة والاتهام الروتينى بالانتماء للإخوان، فإن بعضهم دائمُ التلميح بأننى هاربٌ في قطر أو تركيا ومُمَّوَلٌ وأقبض بالدولار (مع أننى أقبض بالدينار).
لم تُزعجنى هذه اللجان، وإنما آلَمَنِى عتابٌ مُبَّطَنٌ من بعض الأحباب لمغادرتى مصر في هذه الظروف سعياً للرزق .. وعتابٌ جارحٌ من البعض لهروبى من معارك البناء مُفَّضِلاً مالَ النفط على أداء الواجب .. ورغم أن السعي للرزق ليس عيباً، إلا أن هذا لم يحدث .. إذ أن الرزقَ جاءنى دون سعى .. وكأنما أراد الله أن يعوضنى بالدينار عن حقوقٍ انتُزِعتْ مِنِّى بالجنيه .. كما أننى لم أهرب من أي واجبٍ، لأننى ببساطةٍ لم أُكَّلَف بأى عمل (وبالطبع لم أطلب أىَّ منصب) .. ولعلها فرصةٌ لتوضيح ما جرى وتَحَّرَجتُ أن أتطرق إليه.
فبعد أن اعتذر صاحبنا عن طلب تمديد خدمته بعد الستين رئيساً لمركز إعداد القادة، حياءً من الله ومن نفسه أن يُناقض شعار (لا للتمديد) الذى ظَلَّ يرفعه مع زملائه في كفاية في وجه مبارك .. امتلأ الإعلام بترشيحاتٍ ممن يحسنون الظن بكفاءته للاستفادة به وزيراً أو محافظاً أو حتى أى منصبٍ تطوعى أو شرفى مِن تلك التي لا تتقيد بسن .. دون أن يَدروا أن معايير المرحلة لا تنطبق عليه.
بعد شهورٍ فوجئ صاحبنا بعرضٍ كريمٍ للعمل مستشاراً بمجلس الوزراء الكويتى في أحد الأنشطة التي كان يتولاها في مركز القادة .. وبينما يُنهى إجراءاته في السفارة الكويتية بالقاهرة، بكى أحد العاملين المصريين بالسفارة مُعاتباً: (ألَيْست مصرُ أَوْلَى بك؟) .. احتضنتُه وقلتُ له: (يا أخى أنا خادمٌ لمصر .. وهى التي أعطت لاسمى ثمناً .. لكن المسؤولين في مصر لا يريدوننى .. أنا أتركها أقربَ إلى المطرودِ مِنِّى إلى المُهاجر .. وأنا رب أسرةٍ علىَّ التزامات .. فما الذى تستفيده مصر من جلوسى في بيتى بلا عملٍ).
أمضيتُ في هذا البلد الطيب نحو عامين ونصف، أَكرَم فيها الجميع وفادتى .. وفى حين لم أنقطع عن أحوال مصر ومشاكلها وزيارتها، فإن هذه التجربة أتاحت لى فرصة معايشة أحد الثروات المصرية المُهمَلَة .. المصريين في الخارج .. الذين لا يقل عشقهم لمصر عن مصريى الداخل .. والذين لم تهتم حكوماتنا المتعاقبة إلا بجيوبهم رغم أن ما يستطيعون تقديمه أكثر كثيراً من ذلك .. وهذا موضوعٌ آخر.. وتتميز الجالية المصرية في الكويت بأنها الأكثر استقراراً بين بقية الجاليات المصرية فى الدول العربية .. فكثيرٌ من العائلات المصرية فى هذا البلد الطيب ممتدةٌ لأربعة أجيالٍ متعاقبة .. جاء الجد للكويت قبل استقلالها وأنجب أبناءَه بها .. وبِدَوْرِهم تلقوا تعليمهم بالكويت وتزوجوا وعملوا بها .. وهكذا .. وتُمَثِّلُ الكويتُ لهؤلاء شيئاً أكبر من ختم الإقامة على جواز السفر .. شيئاً به نكهة الوطن .. فالوطن ليس مجرد سطرٍ فى جواز سفرٍ بقدر ما هو ذكريات طفولة وصبا وأصدقاء دراسةٍ وجِوارٍ وعمل .. وفى المُقابلِ فإن الشعب الكويتى فى مُجمله مصرى الهوى .. وهناك أُلفةٌ مُتبادَلَة .. المصريون يألفون الكويتيين والكويتيون يألفون المصريين (باستثناءاتٍ تؤكد القاعدة بالطبع) .. هذا على مستوى الشعبين، أما على المستوى الرسمي فإن الدولتين نموذجٌ استثنائى للعلاقات العربية العربية .. فرغم تَغَيُّرِ حُكَّامِهما على مدى أكثر من نصف قرنٍ، ظلّ الثابتُ الوحيدُ هو العلاقة المتميزة بلا شائبةٍ واحدةٍ.
وها نحن نعود إلى عِشقِنا الذى لا شفاء منه .......... بالأحضان.
(البداية- الخميس 3 أغسطس 2017).

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

No comments:

Post a Comment