بيان من المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
اعتذار
أعتذر لكل مصرىٍ أراد أن يؤيدنى بتوكيلٍ، فتكبّد عناء الذهاب لأقرب مكتبٍ للشهر العقارى، ووقف فى طابورٍ لا مبرر له، وتأذت عيناه بطوابير فقراء المصريين المدفوعين (والمدفوع لهم) لتوكيل مرشحين لا يعرفونهم، أو تعرّض لتحرش شبابٍ يعتقدون أن التزوير والتضييق لصالح مرشحهم جهادٌ فى سبيل الله يُثابون عليه ..
أعتذر لكل مصرىٍ اجتاز كل هذه الموانع ووصل لموظفٍ متعنتٍ أو متحيزٍ طلب منه رقمى القومى (وفى بعض الأحيان صورة رقمى القومى !!) .. ثم إذا أفلت من كل هذا واستطاع استخراج التوكيل كان عليه أن يعرف عنوانى فى القاهرة ليسلمه لى (لأننى لا أملك القدرة المالية لافتتاح مقرٍ فى كل محافظة، فافتتاح مقرٍ واحدٍ فى عواصم 15 محافظة فقط، لتلقى التوكيلات فقط دون شرائها ودون دعاية أو سرادقات يكلف أكثر من مليون جنيه .. وأنّى لمن اعتصره مبارك أن يأتى بمليون جنيه؟!) .. كل هذا لكى أضم توكيل المواطن المؤيد إلى 30 ألف توكيل ورقى وأذهب بهم فى موكب الكراتين أو الصناديق الفضائحى إلى اللجنة العليا للانتخابات.
أعتذر لكم عن كل هذا العناء، فوالله ما كنتُ أحسب أن المسألة بهذا القدر من التلوث والتخلف .. فالإعلان الدستورى ينص على أن يقدم المرشح (ما يفيد) تأييد ثلاثين ألف ناخب .. وكنتُ أحسب أن (ما يفيد) عبارة عن شهادة من الشهر العقارى (المُميكن) بإجمالى المؤيدين بكل محافظة، فضلاً عن أن التأييد يمكن أن يكون إلكترونياً كالعديد من التعاملات مع الشهر العقارى، ولم يخطر ببالى أننا سنعود لما قبل اختراع الحاسب الآلى، وإلا لما تقدمتُ للترشح.
أعتذر لحملتى الانتخابية (وهى ليست حملةً بالمفهوم العلمى وإنما مجموعةٌ صغيرةٌ من الشباب الطاهر المتطوع) لأننى ألزمتُ نفسى وألزمتهم بما لم يلتزم به كثيرون، وامتنعتُ حتى عن استغلال صداقاتى (وليس وظيفتى) فى شركات قطاع الأعمال التى تكفى وحدها لاستيفاء التوكيلات على مستوى الجمهورية، بل وحرّمتُ على نفسى استخدام قاعات مركز إعداد القادة الذى أديره، رغم أننى أُتيحها لغيرى من المرشحين (مجاناً فى بعض الأحيان).
وأعتذر لأنصارى من الموسرين الذين ظلّوا يُلّحون علىّ من آنٍ لآخر لأسمح لهم بمجاملتى بشراء توكيلاتٍ، لا سيما بعد انخفاض أسعارها .. ولمّا ازداد الإلحاح والمجادلة فى الأيام الأخيرة فإننى قررتُ إغلاق هذا الباب نهائياً (أى باب التوكيلات) .. فلا منصب مهما علا يساوى أن ألقى الله راشياً أو مزوراً.
هذا بالنسبة لطريق التوكيلات، أما بالنسبة لطريق الأحزاب والقوى السياسية، فأعترف أن حسبتى من البدء كانت خاطئة .. فقد اعتقدتُ عن قناعةٍ لا عن رومانسية، أن انتخاب أول رئيسٍ لمصر بعد ثورتها الفريدة لا بد وأن يكون عملاً وطنياً خالصاً وساحةً للتنافس الوطنى الشريف، تسمو فوق ألاعيب السياسة والاسترزاق السياسى والمالى .. وأعترف بخطأى فاغفروا لى.
يعلم الله أننى ما تقدمت لخدمة مصر من منصب الرئاسة إلا كنوعٍ من الجهاد فى سبيل الله والوطن الذى أحببته .. وكنت أحسب (ولا أزال) أنه من العار أن يأتى رئيس مصر القادم بالمال .. وما كنتُ أحسبُ أن الوصول لهذا المنصب الطاهر يمكن أن يمر عبر مستنقع ..
أعتذر للجميع عن فشلى وأطمع فى أن تقبلوا عذرى .. أريد أن أبقى نظيفاً.
No comments:
Post a Comment