From: Abdulbasset alhubaishi <bassethubaishi@gmail.com>
هيكلوا القبيلي أولاً .. وهيه عاتسبر
كتب : عبدالباسط الحبيشي
قبل أن يقوم ببناء الدولة ومؤسساتها ، طرد الزعيم الخالد الراحل إبراهيم الحمدي مشائخ القبائل المتنفذين من صنعاء إلى قراهم وعُزّلهم وقبائلهم حتى يتمكن من هيكلة المؤسسات العسكرية والمدنية بطريقة علمية ومدروسة ، وقد تسنى له ذلك بوقتٍ قياسي نادر ، ولهذا أستطاع أن يبني أركان دولة حقيقية في خلال ثلاثة سنوات ، لكن فاته مع الأسف أن يدرك بأنه كان عليه أيضاً أن يُنظف المؤسسة العسكرية ليس من هيمنة الشيخ عليها وحسب كما هو الحال اليوم بل ومن ولاء العسكري وطاعته العمياء داخل مؤسسته العسكرية للشيخ والقبيلة التي تلقى منها الرئيس الحمدي طعنته الغادرة وأودت بحياته وبحياة اليمنيين ومستقبل اليمن بتدبير وتخطيط سعودي على يد المقدم أحمد الغشمي أركان حرب القوات المسلحة القبيلي من همدان.
السمات القبلية المشوهه التي تطغى على الشخصية العسكرية ، وولاء العسكري للشيخ والقبيلة التي يعتبرها الأهم من ولاءه لله وللوطن هي العقدة العويصة التي تقف حائلاُ أمام إحراز أي تقدم في غرس العقيدة العسكرية على أساس المصلحة الوطنية والسيادة الوطنية وإنعكاس ذلك على بقية المؤسسات المدنية فضلاً عن أن هذه العُقدة تقف عائقاً أمام أي نوايا صادقة لإعادة بناء الدولة المدنية بسلطاتها المستقلة ومؤسساتها المعتمدة على الدستور والنظام والقانون.
لذا فإنه من الملاحظ أن هناك ثمة تعمد للمطل في إيجاد حلول ومخارج في جدران الإنسداد السياسي التي وصل إليه اليمن فباتت كل متطلبات الحياة الطبيعية والأساسية للمواطن اليمني في مهب الريح بما هو أشد وأنكى عما كانت عليه الحياة قبل الثورة الشبابية الشعبية وذلك في محاولة من القوى المتسلطة إثبات أن ما قيل لنا قبل بداية الثورة بأن الشعب اليمني سيترحم على صالح كان قول في محله ، وحين قلنا أنه لا يوجد أسوأ من صالح كان خطأ فادح حيث أنهم أكدوا لنا عملياً وبالدليل القاطع بأن هناك من هو أسوأ بمراحل ، وللأسف قد بات معروفاً من خلال المشهد التراجيدي الواضح للعيان على الساحة اليمنية بعد كل هذه الضحايا والدماء أن ما كنا نخشاه قد تم إثباته عملياً وهو أن صالح رغم كل جرائمه وكوارثه لم يكن إلا حملاً وديعاً مقارنة بالمتنفذين الحقيقيين الذين كانوا يسيطرون على زمام الحكم بالأمس وهم من يسيطرون عليه اليوم وما كان "الزعيم" صالح إلا النذر اليسير من مخرجاتهم.
بعد هذه الحقيقة المُرة والمفجعة التي لا ينكرها إلا جاحد أو مغفل فإن السؤال المباشر والمثير للجدل الذي يُفترض أن يطرح نفسه اليوم بقوة هو أنه كيف يمكن إعادة التهيكُل لقوات الجيش والأمن ، الذي كان من المزمع إنجازه بعد تشكيل حكومة وفاقهم وقبل حوارهم الغير وطني كما تنص عليه "مؤامرتهم" الخليجية ، في الوقت الذي من ينبغي عليه أن يتهيكل اولاً هو ذلك القبيلي المُتعسكر والمسيطر بالقوة والثروه المسروقة من دماء اليمنيين على كل المسارات السياسية بدعم الخارج رغماً عن أنف الثورة التي قامت أصلاً لإزاحته ناهيك عن أنه هو من يطالب بهيكلة الآخرين ، إذن من يهيكل من؟
ومن هذا المنطلق فإنه بات من الواضح أن هناك ثمة عوائق كثيرة حالت دون مقدرة الذين أشتركوا بزفة المبادرة الخليجية ومحاولة إجهاض الثورة بوعي منهم أو بدون وعي على الوفاء بما تعهدوا به للناس كونهم تجاهلوا المعطيات الحقيقية للثورة والأسباب الجوهرية التي قامت الثورة من أجلها فضلاً عن تجاهلهم لتاريخ الخلفيات الإجتماعية والثقافية السالبة التي تم تكريسها في العقود الثلاثة الماضية وتحولت إلى سلوك شاذ مقوض لأي تغيير مالم يكن تغييراً شاملاً. وما محاولة إرجاء هيكلة المؤسسة العسكرية إلى بعد "الحوار" ما هي إلا تعبير عن الفشل والخيبة الذيّن مُنيَ بهما ذات الفريق الذي تصنع البراءة والنوايا الوطنية الكاذبة والخادعة بإغتصابه عنوةً مسارات الثورة الشبابية والشعبية اليمنية بذريعة توليه المسار السياسي والإستمرار بالعبث الغير شريف بدل من الإعتراف بالعجز والتنحي عن العمل السياسي والتسليم الكامل لروافع الثورة اليمنية الحقيقية النزيهة.
لذا من أجل أن يتم التهيكُل بطريقة وطنية صحيحة لابد من إعادة النظر في كل الأولويات الوطنية وعلى رأسها ضرورة إزاحة ذلكم النفر الذين طردهم الرئيس الحمدي عندما أراد أن يبنى دولة. هؤلاء هم أنفسهم من يحشرون أنوفهم اليوم بما تسمى الهيكلة بل أضف على ذلك أنهم يقومون حالياً بتجنيد الآلاف من شريحتهم إلى صفوف مؤسستهم العسكربلية التي إن تمت وهم على رأسها "فأبشر بطول سلامة يامربع" كونهم من باب أولى بحاجة إلى هيكلة ذاتية هم أنفسهم وذلك من خلال العمل على هيكلة الشيخ والقبيلة اولاً وإعادتهما إلى مواقعهما الحقيقية والمنطقية كل إلى قريته حتى يمهد ذلك لهيكلة مؤسسات المجتمع المدني ومن ثم هيكلة الجيش والأمن. لذا ينبغي على جميع المشائخ العودة إلى قراهم ومزارعهم وماشيتهم وقطعانهم ليقدموا مساهماتهم الإيجابية في مجالات تخصصهم الإجتماعي والإنتاجي إن أرادوا حقيقةً خدمة وطنهم. أما الشيخ الذي ليس لديه قرية أو قبيلة يعود إليها بينما هو يحمل لقب "شيخ" ، فلابد من تجريده هذا اللقب أولاً لأن مفهوم "الشيخ" ولو إصطلاحياً لا ينطبق على آليات القيام بتأسيس الدولة المدنية كما يزعمون. أما وإن ظل الأمر كما هو فلا يمكن لشيخ قبيلة أو قبيلي متعسكر أن يقوم بهيكلة العسكر أو غيرهم إلا بما يخدم التخلف والفقر والجهل والمرض. فتأملوا.
No comments:
Post a Comment