Saturday, 21 April 2012

{الفكر القومي العربي} إلغاء الأزهر واعتماد الجماعة كمرجعية إسلامية رسمية

 

إلغاء الأزهر واعتماد الجماعة كمرجعية إسلامية رسمية

د.يحيى القزاز

 

فى رحلة حج سريعة يوم الجمعة 20 أبريل 2012، قامت بها القوى الوطنية إلى كعبة الحرية (ميدان التحرير) بوسط القاهرة، ومن كان بعيدا ولم يستطع تبرك بالميادين المشابهة فى بقية محافظات مصر، وعادوا مساء إلى بيوتهم وذنوبهم معلقة فى رقابهم، فالحج لم يأت بالمرجو منه. ومازالت الأمانى معلقة فى قلوب اصحابها، والمجلس العسكرى قابع يتحكم، والمادة 28 من الإعلان الدستورى تخرج لسانها للجميع، ولايملك الجميع إلا أن يتهافتوا عليه لا ليقطعوه بل ليتبركوا بلمس طرفه أو التمسح بقطرة من لعابه. عاد الجميع دونما تحقيق شيئ باستثناء "أولاد أبو اسماعيل" الذين رابضوا فى ميدان التحرير من أجل مصالح تخص والدهم "ابو اسماعيل" ولاعلاقة لها بالثورة.

السياق يقتضى تساؤل وتوضيح: ماذا يعنى تعبير "ولاد أبو اسماعيل"؟ المعروف أن الناس مؤتمنون على أنسابهم، ولا يمكن لأحد أن ينسب لغير والده الشرعى، ولا أقصد التشكيك فى النسب لاسامح الله، لكننى أريد أن أتوقف أمام ثقافة يعتنقها من يدعون أنهم يتمسكون بالإسلام أكثر من غيرهم، وهى الارتماء فى حب الشخص ليس لدرجة العبادة بل لدرجة الانتساب إليه والتخلى عن نسبه الحقيقى، وهو نوع لايمكن أن يوصف لا بثقافة السمع والطاعة، فالسمع والطاعة لله سبحانه وتعالى وليس لشخص، ولا لثقافة القطيع، فمن القطيع من يتمرد ويخرج عن السرب ولكن لثقافة "الغشم" والانصياع الأعمى للمحبوب، دروشة تفوق دروشة الصوفيون فى حب آل البيت. ترى لو "أبو الولاد" حكم مصر هل يصير كل الشعب باستخدام الترغيب والترهيب الدينى "ولاد ابو اسماعيل"وليس شعب مصر؟! الخطورة ليس فى مطالب أبو اسماعيل وحقه فى الترشح، الخطورة فى سلوك المنتمين إلي الشيخ وهى نقطة تحتاج إلى دراسة من علماء الاجتماع وأيضا رجال الدين، وهى نقطة ليست ببعيدة عن ممارسة جماعة الإخوان (إخوان بعضهم البعض) فى تنفيذ أوامر الجماعة، وأشير هنا إلى ادعاء الجماعة التمسك بالإسلام، وأن مايفعلونه خالصا لوجه الله، ويأتى سلوكهم منافيا لذلك تماما. لدى بعض الأمثلة لشرح موقفى وعلى سبيل المثال لا الحصر حالات من أقطاب فى الجماعة أمثال د. كمال الهلباوى ، ود.محمد حبيب ود. عبدالمنعم أبو الفتوح بغض النظر عما يدعيه البعض من فصلهم من الجماعة، وأنهم ليسوا قيادين فيها، والفصل لايمكن أن يكون فى جماعة دعوية دورها التسامح وهداية العاصى وليس طرد السوى الملتزم بدينه وقضايا وطنه، وإنما الفصل يكون فى جماعات عمل دنيويية ذات مصالح خاصة تسرق وشاحا إسلاميا تتدثر به وتروج من خلاله بضاعتها.

الأقطاب الثلاثة المذكورون أنفا تقول عنهم الجماعة أنهم مفصولون منها، ونحن نثق فيهم، ونريد أن نعرف جريمتهم الحقيقية وفصلهم من جماعة المسلمين: هل خالفوا شرعا أم انتهكوا عرضا أم سرقوا مالا؟ جماعة تمارس دورا دينيا وسياسيا فى الدولة يجب عليها أن تعلم العامة بمخالفات المفصولين منها ليتجنبها الكافة. وأرجو ملاحظة الإسم "جماعة الإخوان المسلمين" وليس "جماعة إخوان مسلمين" والفرق فى أداة التعريف، وبما أننى لست لغويا ساذكر ما أعرفه وأترك لعلماء اللغة التوضيح، فأداة التعريف تعنى التحديد، وبناء عليه -كما يقول رئيس مجلس الشعب النائب الإخوانى الكتاتنى- تكون هى جماعة المسلمين الوحيدة، وجماعة إخوان مسلمين قد تعنى جماعة من جماعات كثيرة.. والله أعلم والخطأ على. الإسلام لايعرف إلا جماعة واحدة، وفى مصر تكاثرت الجماعات وانتشرت . نريد أن يدلنا شيخ تقى جليل على جماعة المسلمين الحقة لنتبعها، يكون جل همها هداية العاصى وليس المتاجرة بالدين. تصرفات "ولاد ابو اسماعيل"، وموقف جماعة الإخوان من د. أبو الفتوح يطرحان إشكالية الولاء داخل الجماعات: هل الولاء لقيادة الجماعة أم لله؟ ولو كان لله لماذا ينتسب دروايش أبو اسماعيل إلى "ابو اسماعيل"؟، ولماذا  تفصل "الإخوان" من يخالفها الرأى السياسى؟

ومايأخذه الناس على جماعة الإخوان واتهامها بالكذب ونقض العهد، هو فى جوهر الموضوع غير صحيح، فكل حر فى مواقفه السياسية يغيرها ويبدلها حسب مصلحته، لكن المشكل الأكبر أن غالبية كبيرة تنظر للجماعة باعتبارها مشروع دعوى خالص لوجه الله، تغليف الدين بالسياسة يجعل السياسة مشروع قيمى أخلاقى يلتزم بقواعد الإسلام ويبتعد عن ألاعيب السياسة. وتلك سقطة من الجماعة لم تحسب حسابها، ولو أنها مثل حزب الوفد وغيرت مواقفها السياسية ماحاسبها ولا كذبها أحد، فالسياسة يحكمها المبدأ الميكافيللى، والدين ظاهره الأخلاق الحميد والصدق المبين. والسقطة تأتى من رفض الجماعة ترشيح أى من أعضائها على مقعد رئيس الجمهورية، وادعت أنها فصلت د.أبو الفتوح لأنه خالف ما اتفقوا عليه فى مجلس شورى الجماعة، وهو ماكذبه د.أبوالفتوح، ثم عادت وأعلنت أنها دفعت بمرشحها لتغيير الظروف. حسنا أليس هذا يتطلب الاعتراف بالرؤية الثاقبة للدكتور أبوالفتوح عندما اتخذ قراره مبكرا بخوض معركة الرئاسة باسم جماعة الإخوان؟! وأليس هذا يتطلب اعتراف من الجماعة بخطئها فى حق أبو الفتوح وتقديم اعتذارا له والوقوف خلفه بدلا من الدفع بمرشح آخر؟! هذه تصرفات تؤ كد ولاتوحى بأن الولاء لقيادة الجماعة أهم –والعياذ بالله- من الولاء لله.

 

 

 جماعة تتحدث باسم الدين وتدعى أن الإسلام هو الحل وتضفى صبغة دينية على مشروعها السياسى، أى تضعه فى إطار أخلاقى، ثم تأتى لتنقض عهدها وتخلف وعدها، فمن حق الناس أن يحاسبوها طبقا لمرجعية إسلامية ارتضتها الجماعة، وينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "أية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان".  مطلوب معرفة دور "جماعة الإخوان" ومن على شاكلتها من جماعات لهن احزاب، فهل الجماعة هى بديل الدولة أو نواة الدولة القادمة. وتلك نقطة بحاجة إلى دراسة وتوضيح قبل فوات الأوان. الصمت عما نراه من ممارسات غير إسلامي فى إطار إسلامى يضعنا أمام مصاعب جمة فى المستقبل القريب. والسؤال كيف تكون علاقة رئيس الجمهورية بمرشد الجماعة؟! أعتقد أن الديمقراطية الحقيقية أهم ركن فيها التعددية الحزبية وليس تعدد الجماعات مدعية الإسلام. وفى حال استمرار المرجعيات الإسلامية فإننى أطالب بإلغاء مؤسسة الأزهر وشيخها حيث لادور ولاقيمة لهما، سوى أنهما عبء على ميزانية الدولة، وغدا وعندما يشتد عود كل جماعة وتشعر بالاستقلال المالى من خلال تدفق المال الحرام وأصحاب المصالح، ينشا الصراع الكامن تحت الرماد، وتتقسم مصر إلى إمارات شأنها شأن افغانستان. المعارك القادمة ليست طائفية بين مسلمين ومسيحين بل بين جماعات انتهازية تنتسب كذبا للإسلام. اتمنى أن يخيب الله ظنى وتهتدى الجماعات إلى جماعة واحدة تعم مصر كلها.

السبت 21 أبريل 2012

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.

No comments:

Post a Comment