Saturday, 1 June 2013

{الفكر القومي العربي} ‘محمد عبد الحكم دياب:حملة تمرد’ وتجنب إعادة إنتاج الاخطاء والخطايا والمفاسد


 
---------- Forwarded message ----------
From: Mo Diab <diabmedia@hotmail.com>
Date: 2013/6/1
Subject: Re: مقال محمد عبد الحكم دياب


عن صحيفة "القدس العربي" اللندنية
'حملة تمرد' وتجنب إعادة إنتاج الاخطاء والخطايا والمفاسد!
محمد عبد الحكم دياب
June 01, 2013
31qpt699.jpg

من نجاحات الحكم الإخواني أنه أعاد إنتاج حكم حسني مبارك بصورة أكثر ظلما واستبدادا وتبعية، وإذا كان حكم مبارك قد اعتمد على دولة بوليسية على مدى ثلاثين عاما من حكمه فإن 'حكم المرشد' اعتمد التمييز والعنف الطائفي وتصفية سلطات الدولة ومؤسساتها سبيلا للتمكين، واختلق كل سبل الصدام معها، ولم يقنع بالحصول على الأصوات الأعلى في انتخابات الرئاسة، وفرض كل أساليب القسر ليضع نفسه فوق الشعب؛ مانحا نفسه حقوقا دينية مقدسة تخرجه من زمرة البشر؛ فحكمه رباني وقراراته مقدسة؛ غير قابلة بالنقد أو التصحيح أو المراجعة.
وقد انتابني قلق بتأثير بعض ما سمعت في اجتماع مؤسسي 'حملة تمرد' بعد ظهر الأحد الماضي، وكان الشباب المؤسسون واضحين كعادتهم وواعين لدورهم ولجسامة العبء الملقى على كاهلهم، وضخامة المسؤولية التي يتحملونها، وفي إجتماعهم هذا دعوا عددا من المخضرمين (وأنا منهم) بحثا عن رأي ومشورة استعدادا وتحسبا لما قد يحدث في الثلاثين من يونيو (هذا الشهر)، وكشف بعض الجدل شبهة إعادة إنتاج الأخطاء والخطايا السابقة؛ أي إعادة إنتاج 'حكم المرشد' وحكم مبارك معا، وجاء ذلك خلال محاولة الرد على سؤال ماذا إذا ما رحل مرسي؟ وكان هناك من راهن على نفس الآليات والأساليب التي اتبعت فــي أعقاب 11 فبراير 2011، وانتهت بتمكين الإخــوان من الحكم وإزاحة الثورة من طريقه!
وملخص هذا الرهان هو البحث عن حلول من خارج الثورة وبعيدا عن معسكرها؛ اعتمادا على قاعدة 'التوافق' وهي قاعدة سياسية وليست ثورية، وعلى أساسها تتشكل حكومة من الأحزاب والقوى السياسية تتولى إدارة مرحلة انتقالية؛ هي الثالثة في الترتيب منذ اندلاع الثورة، وتوكل فيها رئاسة الجمهورية إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، وخلال هذه المرحلة الانتقالية يعاد تشكيل لجنة لوضع دستور جديد، وعلى أساسه تُجرى الانتخابات البرلمانية القادمة، وهكذا يستمر الرهان على الأشخاص، وعلى ما جـُرب وثبت قصوره.
ونحن نعلم أن شباب الثورة وقع ببراءته الشديدة في البدايات في أسر هذا المنطق مراهنا على أشخاص؛ كان أبرزهم محمد البرادعي، وهذا حشرهم في نفق السياسة الضيق والخانق، فأزيحوا بعيدا عن ثورتهم التي صنعوها واستشهد رفاقهم من أجلها. ولم يمكنهم ذلك من صياغة 'عقد اجتماعي' ثوري؛ يترجم تطلعات الثوار ومطالبهم، وعلى هديه يتم تعديل موازين القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلة، ولأن ذلك ظل مفتقدا بقيت الموازين على اختلالها، وانجر الجميع؛ ثوار وإخوان وسلفيين وفلول إلى صندوق الانتخاب، وكأن هذا الصندوق يعمل ذاتيا؛ دون أي تغيير ثوري حقيقي، وغابت قوى الثورة لتحل محلها الثورة المضادة، وتمثلها القوى الطائفية والمذهبية والعشائرية، وساء الوضع وتدهور الحال عما كان وأشد نكالا، وبعد أن كان الحكم السابق يُدار بتحالف رجال الأعمال والمضاربين والسماسرة وأصحاب الثروات مجهولة المصدر حليقي الذقون، فإن الحكم الراهن يعتمد على نفس التحالف، الذي يتخفى وراء لحى وشعارات طائفية ممهورة بسيف باتر مشهر في وجه المجتمع، وتراه على الجدران ومن نوافذ وسائل الركوب والسيارات الخاصة ووسائل النقل الجماعي والعام.
ونقطة الضعف الرئيسية في ذلك الجدل كانت البحث عن حلول بعيدا عن سبل تمكين الثورة من الحكم والإدارة، وأنا على يقين بأن ما قيل في هذا الصدد صدر بحسن نية، إلا أن حسن النية ارتطم بنرجسية عالية النبرة تحول دون الخروج برؤية ملائمة للثورة في موجتها الجديدة، وكان واضحا أن السبب وراء ذلك الطرح هو عصمة الذات المتضخمة، التي تجعل المرء لا يرى إلا نفسه، ولا يقتنع إلا برأيه، ولا يعترف إلا بتجربته الخاصة. ولا ننكر أنها تجربة كانت في جانب منها عظيمة ومؤثرة، لكنها تصبح أثرا بعد عين إذا لم يحمها صاحبها بالتواضع والنظر لرأي المخالفين بقدر أعلى من الاحترام والاهتمام. وإعمال العقل والفكر ليكون في مستواهم. وكان من الأفضل بعد مرور عامين ونصف العام على الثورة البحث عن سبيل لدعوة قوى الثورة مهما كانت الصعوبات فتجتمع وتقرر مراجعة ممارساتها ومسيرتها وتعوض ما فاتها؛ على الأقل وفاء لدماء شهدائها.
وإذا كان مؤسسو 'حملة تمرد' قد أبدعوا وكانوا سببا في تفجير هذا الحراك الشعبي الواسع في كافة أنحاء البلاد، فقد كان واجبا على المخضرمين تجنب الوقوع في فخ استمرار العمل بعيدا عن الثورة وقواها، وعن 'مجالها الحيوي'، إذا صح التعبير، فتستمر الثورة تائهة هائمة على وجهها في الشارع بعيدا عن الحكم وإدارة الدولة. والسؤال هو لماذا لا يراهن الثوار على الثورة وعلى العمل الثوري؟
ومن أسباب غياب هذا الرهان هو 'اعتكاف' بعض رموز الثورة في غرف البث الفضائي بشكل دائم حتى ملهم الناس، ومنهم من بهره بريق الإعلام ووقع في أسْر نرجسيته، بجانب سبب آخر يقوم على الاعتصام بالعمل السياسي على حساب العمل الثوري، والسقوط في فخ النجومية بدلا من البساطة وإنكار الذات، وتحمل تبعات ما تفرضه الثورة من تضحيات، وقد ذكرت أكثر من مرة على هذه الصفحة 'إذا كانت السياسة هي فن الممكن فإن الثورة صناعة المستحيل'؛ السياسة تسعى للغنائم وحصص الحكم، والثورة لا تقدم إلا الجهد والعرق والدم والتضحيات، ويقبض الثوار على جمر أهدافها ومبادئها حتى تتحقق، والنجومية تعمل على قاعدة 'الجمهور عاوز كده' وبدل أن يصبح الثائر زعيما يتحول إلى 'نجم شباك'.
وما يعنيني هنا في الجدل الذي ثار هو ذلك الإصرار على المشاركة في الإنتخابات، التي يبدو أنها لن تُجرى قريبا، واجترار نفس المقولات والأفكار السابقة التي أدت إلى ما نحن فيه، وأي انتخابات في ظل ميزان قوى سياسي واقتصادي واجتماعي مختل يعيد إنتاج ما كان وأسوأ منه، ومن أجل المشاركة في الانتخابات انقلبت مزايا الثورة إلى نقائص، وبعد أن كانت أهم مزاياها في البعد عن قيد الأيديولوجيات ومهادنات الأحزاب وصفقاتها وحلولها الوسط، وتجاوزا لضيق الأفق المذهبي والطائفي والقبلي، فكانت رسالتها واضحة أنها من الشعب وإليه، وكان خروج أكثر من عشرين مليون مواطن ومواطنة إلى الميادين والشوارع، إضافة إلى الملايين الأخرى، التي لم تمكنها ظروفها من الخروج؛ كان ذروة التعبير عن الروح الجديدة التي تلبست بالشعب.
ثورة بهذه المزايا تحتاج فكرا وعقلا وإبداعا؛ عقلا يستوعب ما يحيطها ويفسره، وفكرا يؤسس لنظرية جديدة للثورة، وإبداعا يُخرج خطط ومشروعات خلاقة غير تقليدية، أما أن يأتي المواطن بعد مدة سنتين ونصف السنة فيراهن على إنتاج ما لم تراهن عليه الثورة ببراءتها وعذريتها الأولى، ومعنى هذا أن هناك ثوارا وقعوا في براثن الحلول التقليدية، وهم محسوبون على ثورة غير تقليدية. وقد يبدو الأمر متناقضا من شخص مثلي؛ كان مع أول من طرح فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة في ديسمبر/ كانون أول من العام الماضي، وهو الأكاديمي الثائر يحيى القزاز، والانتخابات الرئاسية المبكرة غير الانتخابات البرلمانية، والانتخابات الرئاسية، وفيها يُطرح شخص أو أشخاص مناسبون، ذوو جدارة، يكونون مفاتيح تساعد الثوار على استرداد ثورتهم، ويبقونها سلمية ترفض العنف والتغييرات الانقلابية، وإن كان هناك من يشدها للعنف والعمل الانقلابي، والانتخابات الرئاسية المبكرة؛ هدف 'حملة تمرد' لها شروط، أهمها الاتفاق على وجود مرشح واحد معبر عن الثورة؛ بين شريحة عمرية تقع ما بين الأربعين (السن القانوني) والسبعين (السن الأقصى المقترح)، وهذا لا يعني تجاهل قامات عالية بين الفئات العُمْرية الأكبر؛ مثل محمد غنيم طبيب الكلى العالمي الشهير وعبد الجليل مصطفى عالم الطب المعروف، وحسام عيسى ومحمد نور فرحات من فقهاء القانون المشهود لهم بالوطنية، وصلاح دسوقي استاذ الإدارة والمناضل الصلب، ومن رجال الدين الشيخ محمود عاشور حامل الفكر المستنير، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، وفيه رد على المتحججين بغياب البديل وعدم وجود قامات كبيرة تملأ المقعد الرئاسي التي تقَزّم على يد 'المرشد'، ولولا القيد القانوني على مزدوجي الجنسية لكنت وضعت أمثال كمال الهلباوي وكثيرا من القامات التي تعيش في الخارج مثل كمال بيومي أحد بناة السد العالي المقيم في بريطانيا.
وبين الأقل عن السبعين نجد حمدين صباحي، وخالد علي، وعبد المنعم أبو الفتوح، وممدوح حمزة، وأحمد بهاء الدين شعبان، ومختار نوح، ويحيى القزاز، وجمال زهران، وعلاء الأسواني، وحمدي الفخراني والفنان خالد يوسف، وحسن نافعة، وعمار علي حسن، وجابر جاد نصار، وكمال أبو عيطة، وسامح عاشور، وتهاني الجبالي، ودرية شرف الدين، ويحيى حسين عبد الهادي، وكمال زاخر، وجمال أسعد عبد الملاك ووائل الإبراشي؛ هذه مجرد عينة لشخصيات يمكنها أن تتبوأ مقعد الرئاسة وتملأه، وهذا مرة أخرى على سبيل المثال لا الحصر، فمصر بلد غني بالطاقات والخبرات البشرية والمهنية والعلمية والسياسية الرفيعة، وهي في غنى عن ذلك النموذج 'القطبي' البشع والقاتل والعاجز والمتغطرس.
وتبقى مشكلة ملء فراغ المقعد الرئاسي الشاغر في الفترة الانتقالية المتوقعة، وهي ممكنة الحل بإسناده إلى مجلس القضاء الأعلى لمدة لا تزيد عن ستة شهور، ويُضاف إليه نفس عدده من الثوار، الذين ما زالوا على العهد، وتحديدهم سهل بعد هذه المدة الطويلة نسبيا من عمر الثورة، وما حدث فيها من استقطاب وفرز.








No comments:

Post a Comment