بدأ تراكم الديون للخارج بداية من عهد السادات، ومساره الانفتاحي، وتكييفه النشاط الاقتصادي ليدور في فلك تعليمات المؤسسات السياسية والمالية الغربية.. حيث تعاظمت ديون مصر من 2,5 مليار دولار بعد حرب 73 حتى وصلت في نهاية عهده إلى ما بين 15 إلى 21 مليار دولار (باختلاف التقديرات)، النسبة الأكبر منها لصالح الدول الغربية، تزامنت مع سياسة تابعة بالكلية للبيت الأبيض سواء على الصعيد السياسي بعد أن باع، بلا ثمن، 99 بالمئة من أوراق اللعبة إلى البيت الأبيض أو على الصعيد الاقتصادي حيث صارت البلاد مرهونة للمشروعات الغربية والتي لم يأتِ منها في الحقيقة، وفي وقت متأخر نسبيًا، سوى مطاعم الوجيات السريعة "ومبي"!، كما توترت العلاقات مع الأقطار العربية عقب الشروع في عملية "السلام" المعيبة مع الكيان الصهيوني، مما أثر على حجم العمالة والتحويلات من الخارج.
3- تضاعفت الديون الخارجية المصرية في عهد حسني مبارك، مرة ونصف، لتقفز من 20 مليار دولار في أول عصره، لتصل إلى نحو 50 مليار دولار، في 1988، أي بعد 8 سنوات فقط من حكمه.
نتيجة لمشاركة النظام المصري في الحرب على العراق عام 1990، ضمن التحالف الأمريكي بأكثر من 30 ألف فرد مقاتل، تم تقليص حجم الديون إلى النصف، سواء من دول غربية أو من أقطار عربية خليجية، وسواء بشكل صريح ومباشر أو عبر تسويات مع نادى باريس* ومؤسسات خليجية لتصل في منتصف التسعينيات إلى نحو 27 مليار دولار.
وهذا ما يفسر أن الدين الخارجي لمصر كان بالتزامن مع يناير 2011، نحو 35 مليار دولار، رغم أنه كان في نهايات الثمانينات زهاء 50 مليار دولار (49,9 مليار دولار على وجه الدقة)، وكان سعر صرف الدولار قرابة الـ 6 جنيه (589 قرش).
في الثمانينات والتسعينات، تعاظم حجم الدين الداخلي، وهو يعني (الاقتراض من المؤسسات المالية الداخلية كالبنوك، وتكون أرقامه بالعملة المحلية، وهو مكمل للدين الخارجي الذي يكون فيه الاقتراض من الخارج، ويتعامل فيه بالدولار)، وبدأ اللجوء إليه بغرض سد العجز في الموازنة، وهو العجز الذي نشأ كنتيجة مباشرة لسياسات السوق الحر التي انتهجها النظام الحاكم منذ السبعينات (في نسختها الأكثر قبحًا) والتي ترجمت بإيجاز في تصفية القطاع العام عبر عمليات الخصخصة، والتخلي عن الاشتباك في العملية الاقتصادية، والتقاعس عن الدور المنوط بها القيام به كنائب وممثل عن الشعب في السيطرة على وسائل الإنتاج.. وتم إلقاء الجعبة برمتها في حجر زمرة من المنتفعين، بغير تخطيط مرسوم أو رؤية ضابطة أو نهج تنموي شامل.. وهي السياسات التي وصلت لأقصى مداها بعد تعويم سعر صرف الجنيه في 2003، والتكيف مع سياسات المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد والبنك الدوليين)، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار في العقد الأخير من حكم مبارك، وهو ما ثبت مع اختفاء العملات فئة الـ 5 والـ 10 والـ 20 قرش (الشلن والبريزة والريال)، لانعدام القيمة الشرائية لها، دون أن يصدر بذلك قرار رسمي، وإن كان صك الجنيه المعدني قد تمت ترجمته على أنه قرار حكومي غير صريح، حيث ينبغى أن تكون العملة الرئيسية ورقية أما العملات المساعدة هى المعدنية.... المهم، أن الدين من الداخل، بدأ في القفز بصورة لافتة، وتعكس مدى تفكك البنية الاقتصادية وعدم صمودها مع زيادة النفقات المطلوبة، وذلك بالطبع ثمرة تنحي الدولة وتخليها عن مهامها -باعتبارها ممثل عن الشعب- في إدارة الموارد وخلق مصادر تمويل بتشييد مصانع واستصلاح أراضي ودعم صناعات صغيرة وفرض سياسات ضريبية تصاعدية والجدية في تحصيلها.
الدين الداخلي في عهد مبارك:
217 مليار جنيه فى سنة 1999 .. مع نهاية حكومة كمال الجنزوري
434,9 مليار جنيه في سنة 2004 ... مع نهاية حكومة عاطف عبيد
962,2 مليار جنيه.. مع نهاية عهد حكومة أحمد نظيف فى سنة 2011
الدين العام يتخطى حاجز التريليون:
أي أن دين مصر (الداخلي 962 مليار جنيه + الخارجي 35 مليار دولار) قد تخطى حاجز الألف مليار، أي ألف ألف مليون، أي تريليون جنيه مصري.. مع الأخذ في الاعتبار عائد بيع وتصفية شركات ومصانع القطاع العام، وهو معتبر ومؤثر، حتى وإن كان بيع بأقل من قيمته الحقيقية!.
4- بعد يناير 2011، تدهورت الأوضاع الأمنية، وكانت البنية الاقتصادية هشة وضعيفة معتمدة على السياحة وعلى تحويلات المصريين من الخارج، ولم تبذل الحكومات المتتالية من عصام شرف وحتى اليوم فبراير 2016، أي جهد ملموس في اتجاه تغيير البنية الاقتصادية وآليات التعامل وضبط السوق، وبدت وكأنها جاهلة أو متواطئة مع نهج السوق الحر الذي يطبع الاقتصاد المصري بطابعه منذ السبيعنات، واكتفت الحكومات بلوم المواطن على تردي الأحوال، والاعتماد على المنح الموهوبة من دول خارجية (خليجية وغير..)، والتي من الطبيعي أن تتبعها اشتراطات سياسية، بالإضافة إلى محاولة كسب رضا المؤسسات المالية الدولية، والتي تُلحق قروضها بتعليمات واشتراطات، مثل: - رفع أسعار الخدمات كالكهرباء وتخفيض الدعم وزيادة الضرائب - مزيد من الخفض للعملة المحلية - تصفية الأصول والممتلكات والشركات العامة - تسريح العمال والموظفين في الجهاز الإدارري والخدمي للدولة - التدخل في هيكلة وبنية العمل الحكومي والاقتصاد المحلي.. وهو، باختصار ما يعني تخريب الدولة من داخلها، وشل أدواتها التحصينية والتي في مقدمتها القطاع العام، وجعلها رهينة تحت مشيئة الشركات متعدية الحدود الدولية.
المراقب للأوضاع في مصر لا يجد ثمة اختلاف في مقدار تبعية الحكومات المصرية المتعاقبة، ما بعد يناير، لهذه "الروشتة" ولتلك المسارات، غير أن الفارق الوحيد والجوهري، هو الدور الأكبر الذي لعبته القوات المسلحة عبر جهاز الخدمات وسلاح المهندسين بعد الـ 30 من يونيو، في دعم العملية الاقتصادية وإدارة عدد من المشروعات وتقديم الخدمات والسلع للمواطنين، وهو دور يراد استهدافه، ونأمل أن يظل محصنًا ودعامة للاقتصاد الوطني، بعيدًا عن "روشتات" التخريب الدولية.
..وانطلاقًا، من استمرار النهج الليبرالي الحاكم للاقتصاد، كان حل الأنظمة المتعاقبة هو الاقتراض والاستدانة، وهو ما أدى إلى تراكم الديون مؤخرًا حتى تخطت حاجز الـ 2 تريليون داخليًا، وإلى ارتقاع الدولار من 6 جنيه في أعقاب يناير إلى أن كسر حاجز الـ 7,5 جنيه في نهايات 2015.
بنهاية حكم المجلس العسكري: الدين الداخلي 1155 مليار جنيه - الدين الخارجي 34,4 مليار دولار
بنهاية حكم محمد مرســـــي : الدين الداخلي 1444 مليار جنيه - الدين الخارجي 43,22 مليار دولار
الربع الأول بعد الإخــــوان : الدين الداخلي 1506 مليار جنيه - الدين الخارجي 47 مليـار دولار
تقرير يـــــونــــيو 2015 : الدين الداخلي 2016 مليار جنيه - الدين الخارجي 48 مليار دولار
تاريخ.. الدولار مقابل الجنيه
عام 1950- 35 قرش
عام 1968 - 40 قرش
عام 1979 - 60 قرش
في التسعينات قفز إلى 3 جنيه
في عام 2000 كسر حاجز الـ 5 جنيه
في 2011 وصل إلى 6 جنيه
في 2015 قارب الـ 8 جنيه
الموازنة المصرية:
وتحوي الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصّلها الدولة، والنفقات التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة.. مثل: أجور العاملين في القطاع الحكومي، والدعم للسلع التموينية والمواد البترولية، وبرامج الرعاية الصحية، ودعم قطاع النقل، شراء السلع وتقديم الخدمات.. وإلخ.
من أين تأتي الإيرادات التي يتم بها الصرف على الموازنة المصرية ؟
الإيرادات، ليست مسألة مرتبطة بما تهبه إليك الطبيعة من ثروات، فقط، وإنما ترتبط بمجهودات الدولة في تعظيم الاستفادة من الموارد عبر بناء مصانع، وتأسيس شركات، ودعم صناعات صغيرة، ووضع نظام ضريبي عادل وتصاعدي والجدية في تنفيذه، وترشيد الاستهلاك لتوفير النفقات وتجيير الفائض لدعم عملية التنمية، وكل هذا لن يحصل إلا باشتباك الدولة وسيطرة القطاع العام على مسار التنمية الاقتصادية والتخطيط الحكومي لدور القطاع الخاص، وتحديد ملكيته من الموارد العامة وأوجه نشاطه بما يرفع من العائد الكلي على المجتمع.
في الموازنة المصرية الأخيرة للعام 2015/2016، وهي نموذج صالح للقياس عليه (من حيث نسبة الإيرادات، لا حجمها)في السنوات السابقة عليها.
بلغت إجمالي الإيرادات العامة 622 مليار دولار، ثلثاها، بما نسبته 66%، تأتي من الضرائب، وأهمها:
- الضرائب على المبعيات
- الضرائب على الدخول والأرباح
والثلث المتبقي، 33% من الإيرادات العامة، تأتي من مصادر غير ضريبية، مثل:
- هيئة البترول
- البنك المركزي
- قناة السويس.. والتي تسهم في جملة الإيرادات العامة بنسبة تتراوح ما بين 3 إلى 5 بالمئة، وأحيانا ما تهبط أسفل هذه القيمة، وهي نسبة أقل كثيرًا مما يتخيل الشارع المصري (19,6مليار جنيه من أصل 622 مليار جنيه إجمال الإيرادات العامة، في آخر موازنة)، ويحدث هذا الالتباس لدى الرأي العام من لغة الأرقام، والخلط في ذهنية القاريء بين المليار والمليون، وعدم ربط التصريحات بزيادة العوائد بما تمثله هذه النسبة حقيقة في إجمالي الإيرادات العامة.
يلاحظ أن دخل القناة في الثلاثة أعوام الماضية يدور ما بين 32 مليار جنيه إلى 38 مليار جنيه، ومن المتوقع –بحسب التصريحات الحكومية - زيادتها مع ازدواج المجرى الملاحي لمسافة 72 كم، دون أن يعني ذلك رفع ملحوظ في نسبة القناة إجمالًا في الإيرادات، وعلى كلٍ فأهم ما عكسه المشروع، بغض النظر عن عوائده بين التهوين والتهويل (ولها سياق آخر)، هي قدرة الشعب على التكاتف والدعم، شريطة أن يرى مسارًا ومشروعًا يمكنه السير إليه وعليه.
- بلغ العجز في الموازنة، وهو الفارق بين المطلوب والذي يتم توريده، نحو 251 مليار جنيه، يتم تعويضها بالاستدانة، وهو ما يعني مزيدًا من تعقيد الأزمة.. طالما لم يتم تداركها، وقلب مسار السياسات التي حكمت الاقتصاد المصري منذ أربعة عقود، وأوصلتنا إلى هنا.. حيث هذا الوضع المأزوم.
غير أن المرصود هو اندفاع النظام بكل طاقاته في اتجاه تقليد أسلافه على مدار أربعة عقود، رغم أن الشعب قد أصدر عليهم حكمه في مناسبتين (وماذا إن أضفنا 18و19 يناير 77 ؟) لتصبح ثلاثة مناسبات للرفض إذن!.. حيث يعتمد النظام في جانب من سياسته لرتق العجز على المنح الخليجية وهو ما يعني بالتبعية مزيدًا من فقد الدور المصري لصالح قوى أخف وزنًا وأقل ثقلًا في الساحتين العربية الإقليمية، بالإضافة إلى اتباع نصائح المؤسسات الدولية والتي تدور أغلبها في القضاء على المكتسبات الشعبية ودهس الطبقات الأكثر فقرًا، ومؤكد، وفق هذا السياق، أن طرح قانون الخدمة المدنية والإصرار على تمريره من مجلس النواب، حتى بعد رفضه، والقرارات المتسارعة برفع قيمة الخدمات والتلويح المتكرر بخفض الدعم، وكذا ما أثير مؤخرًا عن نية طرح حصص من الشركات والبنوك الحكومية في البورصة المصرية، يأتي كله استجابة وتكيفًا مع إملاءات البنك الدولي.. لكن أخطر ما في هذا السلوك، فوق أنه حرمان للمواطن البسيط من حقه في الحياة الكريمة، وهو حق أصيل وطبيعي، أنه يؤسس لخلخلة وإضعاف البيئة الداخلية المصرية، في وقت هي في أمس الحاجة إلى أن تكون متماسكة وصلبة وعفية، لتتمكن من مواجهة الخطر الذي يهددها داخليًا متمثلًا في قوى الظلام والتطرف، وخارجيًا في مؤامرة تستهدف تفكيك المنطقة وإعادة تجميعها وتشكيلها على أسس عرقية ومذهبية، وبما يتوافق مع هوى أباطرة المال في العالم، وليسوا إلا ملاك الشركات متعدية الحدود، وممولي المراكز الاختراق البحثي وأعمال الفوضى والعنف.
3- تضاعفت الديون الخارجية المصرية في عهد حسني مبارك، مرة ونصف، لتقفز من 20 مليار دولار في أول عصره، لتصل إلى نحو 50 مليار دولار، في 1988، أي بعد 8 سنوات فقط من حكمه.
نتيجة لمشاركة النظام المصري في الحرب على العراق عام 1990، ضمن التحالف الأمريكي بأكثر من 30 ألف فرد مقاتل، تم تقليص حجم الديون إلى النصف، سواء من دول غربية أو من أقطار عربية خليجية، وسواء بشكل صريح ومباشر أو عبر تسويات مع نادى باريس* ومؤسسات خليجية لتصل في منتصف التسعينيات إلى نحو 27 مليار دولار.
وهذا ما يفسر أن الدين الخارجي لمصر كان بالتزامن مع يناير 2011، نحو 35 مليار دولار، رغم أنه كان في نهايات الثمانينات زهاء 50 مليار دولار (49,9 مليار دولار على وجه الدقة)، وكان سعر صرف الدولار قرابة الـ 6 جنيه (589 قرش).
في الثمانينات والتسعينات، تعاظم حجم الدين الداخلي، وهو يعني (الاقتراض من المؤسسات المالية الداخلية كالبنوك، وتكون أرقامه بالعملة المحلية، وهو مكمل للدين الخارجي الذي يكون فيه الاقتراض من الخارج، ويتعامل فيه بالدولار)، وبدأ اللجوء إليه بغرض سد العجز في الموازنة، وهو العجز الذي نشأ كنتيجة مباشرة لسياسات السوق الحر التي انتهجها النظام الحاكم منذ السبعينات (في نسختها الأكثر قبحًا) والتي ترجمت بإيجاز في تصفية القطاع العام عبر عمليات الخصخصة، والتخلي عن الاشتباك في العملية الاقتصادية، والتقاعس عن الدور المنوط بها القيام به كنائب وممثل عن الشعب في السيطرة على وسائل الإنتاج.. وتم إلقاء الجعبة برمتها في حجر زمرة من المنتفعين، بغير تخطيط مرسوم أو رؤية ضابطة أو نهج تنموي شامل.. وهي السياسات التي وصلت لأقصى مداها بعد تعويم سعر صرف الجنيه في 2003، والتكيف مع سياسات المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد والبنك الدوليين)، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار في العقد الأخير من حكم مبارك، وهو ما ثبت مع اختفاء العملات فئة الـ 5 والـ 10 والـ 20 قرش (الشلن والبريزة والريال)، لانعدام القيمة الشرائية لها، دون أن يصدر بذلك قرار رسمي، وإن كان صك الجنيه المعدني قد تمت ترجمته على أنه قرار حكومي غير صريح، حيث ينبغى أن تكون العملة الرئيسية ورقية أما العملات المساعدة هى المعدنية.... المهم، أن الدين من الداخل، بدأ في القفز بصورة لافتة، وتعكس مدى تفكك البنية الاقتصادية وعدم صمودها مع زيادة النفقات المطلوبة، وذلك بالطبع ثمرة تنحي الدولة وتخليها عن مهامها -باعتبارها ممثل عن الشعب- في إدارة الموارد وخلق مصادر تمويل بتشييد مصانع واستصلاح أراضي ودعم صناعات صغيرة وفرض سياسات ضريبية تصاعدية والجدية في تحصيلها.
الدين الداخلي في عهد مبارك:
217 مليار جنيه فى سنة 1999 .. مع نهاية حكومة كمال الجنزوري
434,9 مليار جنيه في سنة 2004 ... مع نهاية حكومة عاطف عبيد
962,2 مليار جنيه.. مع نهاية عهد حكومة أحمد نظيف فى سنة 2011
الدين العام يتخطى حاجز التريليون:
أي أن دين مصر (الداخلي 962 مليار جنيه + الخارجي 35 مليار دولار) قد تخطى حاجز الألف مليار، أي ألف ألف مليون، أي تريليون جنيه مصري.. مع الأخذ في الاعتبار عائد بيع وتصفية شركات ومصانع القطاع العام، وهو معتبر ومؤثر، حتى وإن كان بيع بأقل من قيمته الحقيقية!.
4- بعد يناير 2011، تدهورت الأوضاع الأمنية، وكانت البنية الاقتصادية هشة وضعيفة معتمدة على السياحة وعلى تحويلات المصريين من الخارج، ولم تبذل الحكومات المتتالية من عصام شرف وحتى اليوم فبراير 2016، أي جهد ملموس في اتجاه تغيير البنية الاقتصادية وآليات التعامل وضبط السوق، وبدت وكأنها جاهلة أو متواطئة مع نهج السوق الحر الذي يطبع الاقتصاد المصري بطابعه منذ السبيعنات، واكتفت الحكومات بلوم المواطن على تردي الأحوال، والاعتماد على المنح الموهوبة من دول خارجية (خليجية وغير..)، والتي من الطبيعي أن تتبعها اشتراطات سياسية، بالإضافة إلى محاولة كسب رضا المؤسسات المالية الدولية، والتي تُلحق قروضها بتعليمات واشتراطات، مثل: - رفع أسعار الخدمات كالكهرباء وتخفيض الدعم وزيادة الضرائب - مزيد من الخفض للعملة المحلية - تصفية الأصول والممتلكات والشركات العامة - تسريح العمال والموظفين في الجهاز الإدارري والخدمي للدولة - التدخل في هيكلة وبنية العمل الحكومي والاقتصاد المحلي.. وهو، باختصار ما يعني تخريب الدولة من داخلها، وشل أدواتها التحصينية والتي في مقدمتها القطاع العام، وجعلها رهينة تحت مشيئة الشركات متعدية الحدود الدولية.
المراقب للأوضاع في مصر لا يجد ثمة اختلاف في مقدار تبعية الحكومات المصرية المتعاقبة، ما بعد يناير، لهذه "الروشتة" ولتلك المسارات، غير أن الفارق الوحيد والجوهري، هو الدور الأكبر الذي لعبته القوات المسلحة عبر جهاز الخدمات وسلاح المهندسين بعد الـ 30 من يونيو، في دعم العملية الاقتصادية وإدارة عدد من المشروعات وتقديم الخدمات والسلع للمواطنين، وهو دور يراد استهدافه، ونأمل أن يظل محصنًا ودعامة للاقتصاد الوطني، بعيدًا عن "روشتات" التخريب الدولية.
..وانطلاقًا، من استمرار النهج الليبرالي الحاكم للاقتصاد، كان حل الأنظمة المتعاقبة هو الاقتراض والاستدانة، وهو ما أدى إلى تراكم الديون مؤخرًا حتى تخطت حاجز الـ 2 تريليون داخليًا، وإلى ارتقاع الدولار من 6 جنيه في أعقاب يناير إلى أن كسر حاجز الـ 7,5 جنيه في نهايات 2015.
بنهاية حكم المجلس العسكري: الدين الداخلي 1155 مليار جنيه - الدين الخارجي 34,4 مليار دولار
بنهاية حكم محمد مرســـــي : الدين الداخلي 1444 مليار جنيه - الدين الخارجي 43,22 مليار دولار
الربع الأول بعد الإخــــوان : الدين الداخلي 1506 مليار جنيه - الدين الخارجي 47 مليـار دولار
تقرير يـــــونــــيو 2015 : الدين الداخلي 2016 مليار جنيه - الدين الخارجي 48 مليار دولار
تاريخ.. الدولار مقابل الجنيه
عام 1950- 35 قرش
عام 1968 - 40 قرش
عام 1979 - 60 قرش
في التسعينات قفز إلى 3 جنيه
في عام 2000 كسر حاجز الـ 5 جنيه
في 2011 وصل إلى 6 جنيه
في 2015 قارب الـ 8 جنيه
الموازنة المصرية:
وتحوي الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصّلها الدولة، والنفقات التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة.. مثل: أجور العاملين في القطاع الحكومي، والدعم للسلع التموينية والمواد البترولية، وبرامج الرعاية الصحية، ودعم قطاع النقل، شراء السلع وتقديم الخدمات.. وإلخ.
من أين تأتي الإيرادات التي يتم بها الصرف على الموازنة المصرية ؟
الإيرادات، ليست مسألة مرتبطة بما تهبه إليك الطبيعة من ثروات، فقط، وإنما ترتبط بمجهودات الدولة في تعظيم الاستفادة من الموارد عبر بناء مصانع، وتأسيس شركات، ودعم صناعات صغيرة، ووضع نظام ضريبي عادل وتصاعدي والجدية في تنفيذه، وترشيد الاستهلاك لتوفير النفقات وتجيير الفائض لدعم عملية التنمية، وكل هذا لن يحصل إلا باشتباك الدولة وسيطرة القطاع العام على مسار التنمية الاقتصادية والتخطيط الحكومي لدور القطاع الخاص، وتحديد ملكيته من الموارد العامة وأوجه نشاطه بما يرفع من العائد الكلي على المجتمع.
في الموازنة المصرية الأخيرة للعام 2015/2016، وهي نموذج صالح للقياس عليه (من حيث نسبة الإيرادات، لا حجمها)في السنوات السابقة عليها.
بلغت إجمالي الإيرادات العامة 622 مليار دولار، ثلثاها، بما نسبته 66%، تأتي من الضرائب، وأهمها:
- الضرائب على المبعيات
- الضرائب على الدخول والأرباح
والثلث المتبقي، 33% من الإيرادات العامة، تأتي من مصادر غير ضريبية، مثل:
- هيئة البترول
- البنك المركزي
- قناة السويس.. والتي تسهم في جملة الإيرادات العامة بنسبة تتراوح ما بين 3 إلى 5 بالمئة، وأحيانا ما تهبط أسفل هذه القيمة، وهي نسبة أقل كثيرًا مما يتخيل الشارع المصري (19,6مليار جنيه من أصل 622 مليار جنيه إجمال الإيرادات العامة، في آخر موازنة)، ويحدث هذا الالتباس لدى الرأي العام من لغة الأرقام، والخلط في ذهنية القاريء بين المليار والمليون، وعدم ربط التصريحات بزيادة العوائد بما تمثله هذه النسبة حقيقة في إجمالي الإيرادات العامة.
يلاحظ أن دخل القناة في الثلاثة أعوام الماضية يدور ما بين 32 مليار جنيه إلى 38 مليار جنيه، ومن المتوقع –بحسب التصريحات الحكومية - زيادتها مع ازدواج المجرى الملاحي لمسافة 72 كم، دون أن يعني ذلك رفع ملحوظ في نسبة القناة إجمالًا في الإيرادات، وعلى كلٍ فأهم ما عكسه المشروع، بغض النظر عن عوائده بين التهوين والتهويل (ولها سياق آخر)، هي قدرة الشعب على التكاتف والدعم، شريطة أن يرى مسارًا ومشروعًا يمكنه السير إليه وعليه.
- بلغ العجز في الموازنة، وهو الفارق بين المطلوب والذي يتم توريده، نحو 251 مليار جنيه، يتم تعويضها بالاستدانة، وهو ما يعني مزيدًا من تعقيد الأزمة.. طالما لم يتم تداركها، وقلب مسار السياسات التي حكمت الاقتصاد المصري منذ أربعة عقود، وأوصلتنا إلى هنا.. حيث هذا الوضع المأزوم.
غير أن المرصود هو اندفاع النظام بكل طاقاته في اتجاه تقليد أسلافه على مدار أربعة عقود، رغم أن الشعب قد أصدر عليهم حكمه في مناسبتين (وماذا إن أضفنا 18و19 يناير 77 ؟) لتصبح ثلاثة مناسبات للرفض إذن!.. حيث يعتمد النظام في جانب من سياسته لرتق العجز على المنح الخليجية وهو ما يعني بالتبعية مزيدًا من فقد الدور المصري لصالح قوى أخف وزنًا وأقل ثقلًا في الساحتين العربية الإقليمية، بالإضافة إلى اتباع نصائح المؤسسات الدولية والتي تدور أغلبها في القضاء على المكتسبات الشعبية ودهس الطبقات الأكثر فقرًا، ومؤكد، وفق هذا السياق، أن طرح قانون الخدمة المدنية والإصرار على تمريره من مجلس النواب، حتى بعد رفضه، والقرارات المتسارعة برفع قيمة الخدمات والتلويح المتكرر بخفض الدعم، وكذا ما أثير مؤخرًا عن نية طرح حصص من الشركات والبنوك الحكومية في البورصة المصرية، يأتي كله استجابة وتكيفًا مع إملاءات البنك الدولي.. لكن أخطر ما في هذا السلوك، فوق أنه حرمان للمواطن البسيط من حقه في الحياة الكريمة، وهو حق أصيل وطبيعي، أنه يؤسس لخلخلة وإضعاف البيئة الداخلية المصرية، في وقت هي في أمس الحاجة إلى أن تكون متماسكة وصلبة وعفية، لتتمكن من مواجهة الخطر الذي يهددها داخليًا متمثلًا في قوى الظلام والتطرف، وخارجيًا في مؤامرة تستهدف تفكيك المنطقة وإعادة تجميعها وتشكيلها على أسس عرقية ومذهبية، وبما يتوافق مع هوى أباطرة المال في العالم، وليسوا إلا ملاك الشركات متعدية الحدود، وممولي المراكز الاختراق البحثي وأعمال الفوضى والعنف.
مجلة الوعــي العــربي
elw3yalarabi.org|من مجلة الوعــي العــربي
http://elw3yalarabi.org
|
No comments:
Post a Comment