Monday, 23 April 2012

{الفكر القومي العربي} الكتاب هذا يومه، هل هناك كارثة أكبر من أن يشارك الجميع في صناعتها؟

 الكتاب هذا يومه، هل هناك كارثة أكبر من أن يشارك الجميع في صناعتها؟
 
د. مصطفى سالم
رئيس تحرير وكالة انباء الرابطة

الكتاب هذا يومه، وليس ترفا أن يكون له سنوات العمر.
لن نتكلم هنا عن أهمية الكتاب وتأثيره، فتلك أمور تصدى لها الكثير. سأتناول الأمر من زاوية مختلفة، قد تبدو سوداوية، وهي للاسف كذلك.
وينحصر كلامنا عما يحدث للكتاب والثقافة في الوطن العربي . 
فمع زيادة الدعاية للنشاطات الثقافية في الوطن العربي، والتفاخر لدى بعض المؤسسات الحكومية بما تنشر وتطبع من كتب، نجد أن محتوى الثقافة والمثقف ينحدر.
وأشير للثقافة باعتبارها الوعاء الواسع الذي يضم كل النتاج الإبداعي بما في ذلك من فن وأدب.
وعلى مستوى السينما والصورة فما يحدث فيها يؤكد أن التعامل معها مازال يدل على أننا نريد أن نبقى كمبتدئين، نساهم في تشويه حتى تاريخنا انسجاما مع الهيمنة الامريكية.
ما يحدث في المشهد الثقافي شبيه بمرحلة دخول تجار المقاولات في صناعة السينما المصرية، قبل سنوات طوال مع الانفتاح الذي قاد إلى كمب ديفيد.
و دور تجار المقاولات يقوم به أطراف عدة : المؤسسات الرسمية، الشركات الخاصة، المثقف، والمتلقي (حينما يقبل بما يحدث).
هل هناك كارثة أكبر من أن يشارك الجميع في صناعتها؟
هذا ما يحدث في مجال الثقافة والكتاب معا.
وأزمة الثقافة والكتاب مرتبطة بما يجري في المجتمع العربي من أحداث لا تبدو أنها تملك البراءة ولا الطهر الثوري حتى مع شعارات إسقاط الدكتاتوريات.
فتنحي دكتاتور لمجيء عصابة سياسية بوجه ديمقراطي للحكم لا يزيد سوى من تعقيد المشهد الثقافي بل يزيد من إحباطات الجماهير.
لكن حتى مع هذه الأحداث، يكشف المثقف عن أزمته، فهو يحب دوما ركوب الموجة، وهذه الموجة التي تُسمي التحالف العسكري – الرجعي، مع حفنة من دمى تقدم على انها وجهاء الليبرالية "ثورة" لا يمكن توقع منها شيء.
ستبقى اللعبة السياسية وهي كذلك طالما من يتصدرها دمى عسكرية او ملتحية وكلها تعمل ضمن دائرة أنتجها البنتاغون والناتو معا.
وخطورة المسألة، ان كل ما يجري هو ضمن خطط عسكرية إمبريالية بما فيها الثقافة.
هي حرب شاملة بكل معنى الكلمة؟
وستبقى النشاطات الثقافية لا تقود لخلق وعي ثقافي ولا لهوية يقال أننا نفرط بها ، وأن قيل أننا نملكها يتضح أنها عبارة عن ملابس، و وجبات أكل وكيفية الاحتفال بالعيد.
الكتاب ضحية مثقف خائن؟
هو كذلك، لكنه أيضا ضحية حكومات تستخدم الثقافة كدعاية مع أنفاق أكبر، وضحية جمهور متعلم لكن غير مثقف، أو جمهور مسحوق اقتصاديا ويجد خلاصه بالدروشة أو التحلل.
صورة الكتاب قاتمة لدينا، لأن صورة المستقبل معتمة، والمشهد مثير للاشمئزاز.
الكتاب، بطل يتجاهله الجميع، ويشارك المثقف في إفقاده قيمته .
 من الظواهر الخطيرة، وهي ليس محدودة إطلاقا ، ظهور نخبة من القراء "المثقفين" الذين لا يكملون قرأءة أي كتاب .
والوسط الثقافي والإعلامي متخم بهم.
الصورة قاتمة، لكن ليس بالنسبة للجهات الرسمية ومن يتعايش معها، ولا للشركات الخاصة التي تقحم نفسها في الثقافة باعتبارها "سلعة" ما من خلفها ارباح سوى فيما تمنحه من دعاية وسوى ما تتقبله من تشويه.
في دراسة حول الكتاب ، أكتشفنا أن النسبة الأعظم، لم تملك الحظ لتنهي أي كتاب قد قرأته. وهي تشكل 78 بالمائة من عينة شملت في وقتها 680 ممن هم يعملون في الوسط الإعلامي والثقافي من كل الوطن العربي.
وهناك نسبة خطيرة أخرى تتعلق بأن 86 بالمائة ممن بشترون الكتب أما لم يطالعوا الكتاب أو لم ينتهوا من مطالعته.
قبل سنوات انجزت دراسة عن التدوين والمدونات في الوطن العربي، وكانت النتائج مؤلمة، واليوم انجزت دراسة استكمالا لما بدأته عنها، واعتراف أن النتائج هذه المرة أسوء واكثر ايلاما.

الكارثة مع الكتاب هي جزء من مشهد بائس نعيشه.
ونحن، كجماهير شركاء في صناعة هذه الأيام السوداء. اما المثقف فهو شريك في جريمة والقلة منهم التي هي تناضل من اجل الحقيقة، لا يمكن ان تحظى بدعم من أي جهة، بل يعتبر كلامها مجرد تشويش على ما يجري .
ما حصل في ما يسمى الربيع العربي وهو "ربيع الناتو" أن المثقف لم يشارك فيما حدث، لذا هذا الربيع لا يحمل رائحته، لكنه يريد أن يركب الموجة ليكتسب هو رائحة هذا الربيع.
أمران أسوء من بعضهما، كلاهما يشبه الموت، عندما لايكون مهما كيفية حدوثه، بطائرات الناتو، او ببنادق الميلشيات، او بالموت قهرا مما نرى ونسمع .
أتذكر اخيرا مقولة معناها ، أن المثقف والسياسي يعملان معا من اجل حياة جميلة، وبالتأكيد المقصود المثقف النزيه والسياسي النزيه. 
هل هناك مرحلة أسوء من مشهد فيه المثقف والسياسي كلاهما يمارسان الخيانة باعتبارها طريقة حياة، بل ونشاطا ثقافيا .

No comments:

Post a Comment