بإنتظار ساعة الولادة ... حسين الربيعي
في مقال سابق لنا حول العلاقة بين الشعب المصري وقواته المسلحة ، عنوانه "داخل الدوامة .. كلام حق يراد به باطل " ، ان هناك محاول يائسة لإحداث شرخ بين الشعب والجيش ، خدمة لاغراض القوى المعادية لمصر والأمة العربية ، واذ اردت الأضافة اليوم ، فإنني لا اجد في تاريخ الجيش المصري الوطني والقومي ، ما يؤخذ به ليكون مبرراً لمعاداة المجلس العسكري كممثل للقوات العسكرية ، على الأقل من خلال تأريخنا الناصري ، فثورة 23 يوليو ، قادها الجيش المصري ، كطليعة ثورية ... عبرت بها ثورة مصر من واقع التبعية الى عصر جعل منها زعيمة .. ليس للعالم العربي فحسب ، بل على المستوى العالمي حينما قادت مبادئها المتمثلة بالزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، لحركة عدم الانحياز ، التي تحولت الى خط سياسي مستقل لدول وشعوب العالم الثالث.
لم نكن نتملق للمجلس العسكري ، ولكن صمام الامن لمصر .. بل للعالم العربي ، فمصر لا تزال في طور المخاض وان تشوهت صورة الحاضر ، بسبب سيطرة قوى اليمين الديني المتطرف ، فإن ذلك يجعل من انتظار ساعة الولادة ، أكثر قدسية ،لإننا لا نجد مصر في موقعها من الأمة العربية إلا الزعامة ، وان عليها ان تعيد موازين القوى التي تضررت في الوقت الحاضر ، بفضل قوى الهيمنة الدولية التي توهمت ان التفتح في مشيخات الخليج والجزيرة ، سيؤول الى دفع دور مصر الوطني والقومي الى زوايا النسيان .
اليوم يحق لنا ان نعيد القول بضرورة الالتفاف حول المجلس العسكري بإعتباره صمام الأمان ، في معادلة الاخوان المسلمين ، بل الى هزيمة أقسى من هزيمة كامب ديفيد ... اليوم يحق لنا ان نقول ان قرار الغاء إتفاقية تصدير الغاز للكيان الصهيوني ... قرارٌ شعبي حمل بصمة المجلس العسكري ، في تعبير عن تجديد الثقة بالجيش المصري ، ولربما نكون الآن في حاجة لإعادة قرأة ما كتبه عبد الناصر في فلسفة الثورة لنتأكد من مقولاتنا ـ مع الملاحظة ، إن الثورة هذه المرة قادها الشعب لينمها الجيش ، ولعل في هذه الملاحظة جواباً لسؤال اورده الزعيم الخالد في فلسفة الثورة : "هل كان يجب ان يقوم ، نحن الجيش ، بالذي قمنا به في 23 يوليو سنة 1952؟ "كنا نقول : كنا نحن الشبح الذي يؤرق به الطاغية احلام الشعب ، وقد آن لهذا الشبح ان يتحول الى طاغية فيبدد احلامه هو .... ".
اليوم نتأكد من صحة مسار ثورة 25 يناير ، فقد قام الشعب بثورته منذ اكثر من عام ، وبدأ الشبح الذي يؤرق به الاعداء والطغاة احلام الشعب ، ليتحول الى الأعداء والطاغية فيبدد أحلامهم ، وهكذا لا خوف على مصر .. ولا خوف على الامة العربية ، وما هي إلا ساعات انتظار جميلة في ولادة جديدة ، لمصر تتوافق مع انتصار سورية ضد المؤامرة وتتعانق مع انتصارات المقاومة العربية في لبنان والعراق وفلسطين .
وغداً لناظره قريب .
No comments:
Post a Comment