Saturday, 25 July 2015

RE: {الفكر القومي العربي} يحيى حسين: بل تُحرَقُ الأوطانُ إذا اختُرِقَت الدساتير

مقال جيد ورد بليغ وإن كُنت أعتب عليك المبالغة فى عبارة " تُحرق الأوطان إذا اخترقت الدساتير "  ففى ظنى لا يجب التخيير بين قُبحين، فلا نتمنى حرق الأوطان ولا اختراق الدستور . كلاهما شر .
والله الحامى

مصطفى عبيد 


Date: Fri, 24 Jul 2015 22:31:13 +0000
From: alfikralarabi@googlegroups.com
To: yehiahussin@yahoo.com
Subject: {الفكر القومي العربي} يحيى حسين: بل تُحرَقُ الأوطانُ إذا اختُرِقَت الدساتير

 
بل تُحرَقُ الأوطانُ إذا اختُرِقَت الدساتير
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
(الأهرام 25/7/2015)

لا يُعادل جريمةَ الانشغال عن دماء شهداء مصر فى حربها ضد الإرهاب بتوافه الأمور كمباراةِ كرة، إلا المتاجرة بهذه الدماء الزَكِيّة واتخاذها ستاراً لتمرير مَعانٍ خبيثةٍ وهَدْمِ قِيَمٍ إنسانيةٍ بديهيةٍ كاحترام الدستور والقانون وحقوق الإنسان وحرية التعبير، وهى الفارق الرئيسى بيننا وبين الدواعش الذين نحاربهم، فضلاً عن أن الدماءَ الزكيّةَ التى تُراقُ لا تُبذَلُ إلا مِن أجل الحِفاظ على دولةٍ تُعلى مِن شأن هذه القِيَم.
نَشَر الأهرامُ منذ أسبوعٍ مقالاً بعنوانٍ صادمٍ (تُخرَقُ الدساتيرُ ولا تُحرَقُ الأوطانُ) .. لم تكن الصدمة بسبب نشرها في الأهرام ما دام يسمح بنشر الرأي الآخر، وإنما لأن الكاتب أستاذ قانون .. لَمّا قرأتُ المقال وجدتُ المَتْنَ لا يختلف عن العنوان فى شئٍ، وتُلَخصه العبارة الختامية (إذا كانت التشريعات والقوانين تُكَبِّلُ إرادة الشعب، فلتُكسَرْ هذه الأغلال، وإذا كانت الدساتير تَحُولُ دون بقاء وحياة الدولة ذاتها فلتُخرق هذه الدساتير ولا تُحرَق الأوطان) .. لا أَخُصُ الكاتب نفسه بمقالى هذا، فقد يكون الرجلُ قالَ ما قاله في لحظة انفعالٍ بجريمة الشيخ زويد، وإنما أتحدث عن نغمةٍ صارت تتردد بكثرةٍ في فضائياتٍ بعينها .. وهى اختلاقٌ لتناقضٍ لا وجود له لتمرير وتبرير شكلٍ من أشكال الاستبداد، إذ ما التناقضُ بين بقاء الأوطان واحترام الدساتير؟ .. تماماً كأن تقول (إذا كانت مكافحة الفساد ستحرق الوطن، فلنتوقف عن مكافحة الفساد !) .. وهو قَوْلٌ باطلٌ يُرادُ به باطلٌ.
إن الدساتير لا تُكبل إرادةَ الشعوب وإنما هى إرادةُ الشعوب، والشعوبُ هى التي تصنعها لتكون عقداً بينها وبين الحاكم، إذا أخلّ بها سقطت شرعيته .. فى كتابه (طبائع الاستبداد)، يقول الكواكبى منذ أكثر من قرن (ما هو الاستبدادُ؟ أن تكون الحكومةُ مُطلَقةَ العنان لا يُقَيّدُها قانونٌ ولا إرادةُ أُمّة .. والمستبد يتحكم فى شئون الناس بإرادته لا بإرادتهم .. ويُحاكمهم بِهَواه لا بشريعتهم) .. ما يُحزن أن ينادى البعضُ بخرق الدستور، فى بلدٍ وَضَع قانونيوه دساتير معظم الدول العربية.
ما نُعايشه الآن تطورٌ طبيعى لخطةٍ شيطانيةٍ مُمنهجةٍ يُنفذها إعلامٌ مباركىٌ مفضوح ...بدأت بالنَيُل بِسُوقيةٍ من معظم الشخصيات المُحترمة .. إلى أن خَلَت الشاشات من المحترمين (إلا قليلاً) .. ضيوفاً ومُذيعين .. ولم يبقَ إلا شرُ البقر .. وتطور (أو تدهور) الأمرُ من الهجوم على الأشخاص إلى الهجوم على القِيَم ذاتها، فصارت حقوق الإنسان مُرادفاً للعمالة، والديمقراطية تعنى الخراب، وها هو احترام الدستور يصبح بجرة قلمٍ سبباً في احتراق مصر، وصار كلُ شريفٍ يدافع عن هذه القيم طابوراً خامساً، وصارت الوجوه القميئة التي نزعها الشعبُ من أربع سنواتٍ هى التى تمنحُ وتمنعُ صكوك الوطنية. .. أحدُهم قال مُتشنجاً (لا وقت للحرية) يقصدُ حرية التعبير، أما حرية السب والقذف والبذاءة والابتذال والنفاق فكلُ الوقت لها بالطبع!.
هؤلاء هم الطابور الخامس الحقيقى الذين يُخَرِبُون بغوغائيتهم أُسُسَ أى دولةٍ محترمةٍ، ويُقدمون لأعدائنا مادةً مجانيةً ضدنا، ويخصمون من رصيد أى نظامٍ يَغُضُ الطَرْفَ عن أفعالهم.
أحدُهُم قال إن مصر ليست بحاجةٍ لبرلمان اكتفاءً بأن يختار الرئيسُ مجلساً استشارياً ممن يثق بهم (!) .. مع أن مصر التى أعطى لنفسه الحق فى أن يتحدث باسمها هى التى صوتت بأغلبيةٍ كاسحةٍ على دستورٍ يُحَتّم أن يكون فى مصر برلمانٌ قبل بداية 2015 .. ولم يُوّضح لنا سيادته لماذا مصرُ بالذات دُوناً عن كل دول العالم ليست بحاجةٍ إلى برلمان .. مع أن إنشاء مجلس نوابٍ حقيقىٍ كان أحد المطالب الثلاثة لثورتها العُرابية منذ نحو قرنٍ ونصف .. لا أدعو إلى كَبْتِ هذه الآراء الشاذة مع أن القانون يُجَرِّمُها .. فقط آملُ ألا نراها وقد تَبَوّأت المناصبَ التى تطمع فيها.
إن القانون لا يُكَبّلُ الشريف ولكنه يُكَبِّلُ اللص .. والدستور لا يُكَبّلُ الشعب ولكنه يُكَبِّلُ الديكتاتور .. والأوطانُ لا يحرقها احترامُ الدستور وإنما يُضيّعُها احتقارُه. .. والدولُ لا تُعرقلُها الديمقراطيةُ وإنما يَهوِى بها إلى القاعِ صُنّاعُ الفراعنة.


--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

No comments:

Post a Comment