الأطلسي دمر ليبيا والعراق وقسّم السودان ولن يكون حلاً للمشكلة السورية
مؤتمر بيروت والساحل: مصر مدعوة مع الجامعة لتوحيد الموقف العربي بانقاذ وحدة سوريا وعروبتها واستقلالها
سوريا لن تكون أميركية أو روسية أو تركية او إيرانية بل كانت وستبقى دولة عربية مستقلة
المبادرة الروسية تناصر الكيان الوطني السوري الموحد وتسعى لوفاق سوري – سوري ليختار الشعب نظامه وقيادته
الاسلام في سوريا متجذر ولا خوف عليه.. وشعب سوريا متمسك بالتعددية والمواطنة المتساوية
استعرضت لجنة "مؤتمر بيروت والساحل" للعروبيين اللبنانيين، في إجتماع الها بإدارة الأخ كمال شاتيلا، التطورات العربية وتوقفت عند الاحداث التي تجري في سورية وتطور المبادرة الروسية الى مشاركة عسكرية في مواجهة كيانات التطرف المسلح، وصدر عن اللجنة البيان الآتي:
بالتوازي مع تفكيك الاتحاد السوفياتي سنة 1989، انفردت الولايات المتحدة بالساحة الدولية، وعملت على تطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير القاضي بتقسيم البلاد العربية على أساس عرقي ومذهبي وطائفي، واطلاق مشروع اسرائيل الكبرى على قاعدة يهودية الدولة العبرية، فاحتلت العراق ودمّرت الجيش والدولة، واقتحمت ليبيا فدمرت مؤسساتها والجيش وقسمتها، وفصلت جنوب السودان عن شماله، وتوجهت الى سوريا التي شهدت حراكاً شعبياً يطالب بالتعددية السياسية، فدفعت بآلاف المتطرفين من كل انحاء العالم عبر تركيا الى سورية بغاية تقسيمها وإلغاء دورها في الصراع العربي – الاسرائيلي وإلحاقها بحلف الاطلسي.
لقد جرت كل هذه الاحداث خلال فترة التحول بالنظام السياسي في روسيا من دولة اشتراكية الى دولة قومية حرّة التي استعادت قوتها بعد ان حاصرتها القواعد الاميركية بما هدد الامن القومي الروسي في الصميم. لذا تحركت روسيا دفاعاً عن امنها القومي في محيطها وعلى مستوى العالم. وفي حين تراجعت الولايات المتحدة الأميركية استراتيجياً ووصلت الى بداية انهيار اقتصادي، صعدت الصين والنمور الاسيوية ودول البريكس الى القمة العالمية اقتصادياً، وأخذ النظام العالمي يتجه من القطب الواحد الى التعددية القطبية، وبدا أن التوازن العالمي يستعيد حيويته.
وعلى المستوى العربي، وبصرف النظر عن خلافات نظم عربية مع القيادة السورية، فان جامعة الدول العربية تخلّت عن سوريا، فتحركت قوى اقليمية ودولية للعبث بوحدة سوريا وعروبتها واستقلالها.
لقد اطلقت روسيا منذ سنتين مبادرة تقوم على حوار بين الدولة والمعارضة للوصول الى حل سياسي ودستوري، فاستجابت المعارضة الداخلية والدولة، لكن المعارضة الموالية للاطلسي عطلت مشروع الحوار، في حين اصرت المعارضة المسلحة على استمرار تدمير سوريا وفق مشروع جاهلي وحشي تقسيمي.
لم تحمل روسيا مشروعاً تقسيمياً للمنطقة كما تفعل الولايات المتحدة، وهي لا تدعم الكيان الصهيوني ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، بل ترفع شعار الالتزام بميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي الذي يحرّم التدخل في شؤون سيادة اي دولة.
لقد اقتحمت الولايات المتحدة العراق بدون موافقة الأمم المتحدة، وانفردت بتدميره وتدمير ليبيا، في حين ان روسيا لبت طلب الحكومة السورية بالمشاركة العسكرية ضد "قوات متعددة الجنسية" تحمل اسم التطرف الطائفي المسلّح بهدف حماية سيادة الدولة السورية على اراضيها، وبقيت روسيا في الوقت نفسه متمسكة بحل سياسي بالتفاهم مع القاهرة عماده الحوار بين الدولة والمعارضة.
ان روسيا دولة قومية حرة ومتعددة الاعراق والاديان، ولم تأت لسوريا لنصرة طائفة على طوائف، وعقدت اتفاقاً استراتيجياً مع مصر التي تمثل الاغلبية الاسلامية في المنطقة العربية، كما عقدت اتفاقات مع دول خليجية كالسعودية والامارات، وناصرت منظمة التحرير الفلسطينية في الوصول الى اعترافات دولية. أما في لبنان فسياسة روسيا قائمة على اساس احترام الشعب والدولة والدستور بدون تدخل، كما تفعل الولايات المتحدة.
ان الاصوات التي ترتفع ضد روسيا من موقع طائفي تشكل الصدى للتطرف المسلح الذي يمثل ثورة مضادة للجاهلية ضد الاسلام، ويستهدف تدمير الدول العربية والاسلامية. فالاطلسي الذي استخدم التطرف لتنفيذ مشروع الشرق الاوسط الكبير بدأ يخشى توسع هذا التطرف، ومع ذلك أحجم عن ضربه ولم يمنع تركيا من فتح ابوابها للارهابيين للدخول الى سوريا.
ان المبادرة الروسية جاءت بعد خلافات عربية رسمية حول سوريا وغياب الجامعة العربية. وللذين يتخوفون من ضياع هوية سوريا نقول إن طبيعة الصراع الآن هي بين من يريد وحدة سوريا وعروبتها واستقلالها وبين من يريد سوريا مقسّمة وملحقة بالاطلسي، وإن الشعب السوري واجه على امتداد التاريخ غزوات وتحديات وبقيت سوريا ارض العروبة ومرتكز الوحدة العربية، وليس من مصلحة العرب تحويل سوريا غلى ساحة حرب دولية.
ان العروبيين اللبنانيين يثقون بالشعب السوري العظيم القادر على حماية الهوية العربية لبلده. فسوريا لن تكون روسية او ايرانية او تركية او اميركية. والصراعات الاقليمية والدولية حول سوريا هي صراعات مرحلية وستبقى سوريا دولة عربية مستقلة.
ان طبيعة الشعب السوري لن تتغير مهما كانت الاخطار، والاسلام في سوريا متجذر لا خوف عليه، وسوريا العربية تتصف دائماً باحترام التعددية الدينية والعرقية، وطبيعة النظام في سوريا يقرره شعب سوريا الذي يختار وحده قيادته ونوابه. ان حركة الاصلاح في سوريا تتجه لبناء نظام ديمقراطي تعددي فلا سيطرة لاي حزب وانما تعددية سياسية واعلامية واحترام للحريات العامة وحقوق الانسان.
ان ما تشهده سوريا اليوم على المستوى الاقليمي والدولي هو صراع بين وكلاء الاطلسي المتطرفين وهم جيش متعدد الجنسيات وبين جيش سوريا المدعوم بالمبادرة الروسية. وامام هذا المشهد لا بد من تحرك مصري على مستوى الجامعة العربية لتوحيد الموقف العربي حيال سوريا.
ان الازمة ليست الآن حول الرئيس او النظام فهي قضية السوريين وحدهم، ولكن المسألة هي انقاذ وحدة سوريا وعروبتها واستقلالها وتمكين الشعب السوري من اختيار نظامه وقيادته، ولا يجوز لاي بلد عربي ان يلتحق بقوات الاطلسي المساندة للارهاب ويبرر ذلك بانها عملية دفاع عن الشعب السوري. فالاطلسي سبق ان دمّر ثلاث دول عربية، وكان يعمل على ضرب القوة المصرية أثناء ثورة 30 يونيو 2013. فالمطلوب يقظة عربية رسمية تعيد التضامن العربي لانقاذ سوريا، لأن الحضور العربي يقلّص دائماً التدخل الأجنبي.
----------------------------------- 20/10/2015
No comments:
Post a Comment