Friday, 3 November 2017

{الفكر القومي العربي} يحيى حسين: العافون عن الناس

العافون عن الناس
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
على صفحته منذ يومين، كَتَب الصحفى الشاب محمود السقا البوست المرفق .. وقبل القراءة لا بد من التذكير بمن هو محمود السقا .. هو ذلك الصحفى تحت التمرين (وقتها) الذى اقتحمت قوات الشرطة مبنى نقابة الصحفيين وانتزعته هو وزميله عمرو بدر (عضو مجلس النقابة الحالى) فى سابقةٍ لم تحدث فى تاريخ النقابة .. كان محمود يقود حملةً للتأكيد على مصرية تيران وصنافير .. لم يرفع سلاحاً ولم يقذف طوبة .. اقتحمت القوات منزل أسرته فى شبين القناطر فى غيابه وبعثرت محتوياته وهددت أُمَّه وإخوته .. ولما عَلِم ذهب إلى نقابته .. وانتُزِع منها وظلَّ محبوساً خمسة شهور، منها 35 يوماً حبساً انفرادياً .. كانت تُهمته هى أنه نَشرَ أخباراً كاذبةً بادِّعائه أن تيران وصنافير مصرية (!) .. فى هذه الأثناء كان القضاء الإدارى قد حَكَمَ بمصرية الجزيرتين فأخلى القاضى سبيلَه .. (لكن أحداً لم يُحاسِب من قال بسعوديتهما) .. وأثناء عزل محمود فى السجن قام شخصٌ ما فى جهازٍ ما بإنشاء حسابٍ مُزَّيفٍ باسم محمود السقا على تويتر ومَلَأَه بكثيرٍ من السفالات ودعواتٍ لقتل ضباط الجيش والشرطة ورئيس الجمهورية .. وتَوَّلَى الإعلام الأسود باقى المُهمَّة والشابُ مُغَّيَبٌ فى السجن لا يعرف شيئاً عمَّا يتعرض له من اغتيالٍ معنوى .. لم يعرف إلا بعد إخلاء سبيله .. حاول أن ينفى فى الفضائيات والصُحُف التى قامت بتشويهه لكن الحالَ كما تعلمون .. وبقيت التُهمةُ ملتصقةً به على ألسنة المتشنجين والممسوحة عقولهم دون أن يسأل أحدُهُم نفسَه لماذا لم تتحول هذه التهمة الإعلامية إلى بلاغٍ رسمى مع أنها أشد وطأةً من تهمة ترويج الأخبار الكاذبة عن مصرية تيران وصنافير .. هذا هو محمود السقا وهذا ما حدث له .. لكن يبدو أنه من ذلك الصنف النبيل من الناس الذين نحتاج إلى الكثيرين منهم فى قادم الأيام .. أولئك الذين يتسامون على آلامِهم .. (الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس).

فيما يلى ما كتبه محمود السقا نصَّاً على صفحته ولم أحذف إلا اسم الضابط احتراماً لمشاعر أهله (كان الله فى عونهم) بالإضافة لبعض التصويبات اللغوية الضرورية .. يقول محمود السقا: (فيه ضابط أمن وطني لَفَّق لى قضية .. واقتحم بيتي بقواته .. ورّوَّع أهلي .. ودخل أخد لاب توب علي شوية حاجات كده .. وعمل محضر تحريات باطل .. واقتحم خصوصياتي وأخد شوية مقالات علي شوية بوستات عمل بيهم محضر تافه ضيَّع بيهم من عمري أكتر من خمس شهور في الحبسة الثانية .. لِسَّة مكتشف إمبارح إن الضابط ده من ضمن اللى استشهدوا في حادث الواحات .. اسمه "...." من مكتب الأمن الوطني في "...." .. أخويا شاف صورته فتعرَّف عليه وقال لى ده الضابط اللى جه فتش البيت وسأل عليك وقال لأمي إحنا هنصَّفى ابنك لو ما سلمش نفسه .. يمكن ناس كتير مش هتصدقنني لو قلت إني زعلت عليه .. لكن أقسم بالله أنا فعلا زعلت عليه واتمنيت ليه الرحمة والصبر لأهله .. يمكن لو كان عايش ما كنتش هاسامحه وهافضل أتمني إن ييجي اليوم اللى آخد منه حقي بالقانون .. لكن هو دلوقتي بين إيد ربنا اللى أحسن مني ومنه .. ومش بس كده .. ده نال الشهادة فمابقاش فيه بإيدي حاجة غير إني أسامحه .. أه أنا مسامحه .. وربنا كبير وقادر يجيب حقي من النظام اللى ظلمني .. لكن عمري ما هاسامح القيادات اللى أمروه إنه يعمل كده وهافضل أتمني من ربنا أشوف فيهم هما يوم .. وإنا لله وإنا إليه راجعون) .. هذا هو كلام محمود السقا .. أَمَّا التعليقاتُ على كلامه فبقدر ما فيها من نُبلٍ، فإن بعضها يكشف حجم المأساة النفسية والعقلية والهستيرية الكارثية التى صِرنا إليها .. إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون.
(مصر العربية- الجمعة 3 نوفمبر 2017).


No comments:

Post a Comment