Friday, 27 January 2012

{الفكر القومي العربي} السائرون خلف أحلامهم


السائرون خلف أحلامهم January 27th, 2012 9:37 am

كتبت أول من أمس 25 يناير 2012 على جهاز تليفونى المحمول…
فى اليوم نفسه من العام الماضى، كانت المغامرة كبيرة. كان السؤال: هل يلبّى الدعوة إلى التظاهر أعداد أكثر من المئات التقليدية؟ اليوم كانت المغامرة مختلفة: من سيفلت من الحصار الإعلامى؟
وكما حدثت المفاجأة أول مرة، تكررت، لكنها هذه المرة ببهاء أكثر وخيال لا توقفه ألاعيب السلطة. ذبت أمس إلى حد الاختناق بين ملايين البشر هز دبيبهم المدينة المرتبكة بين الثورة والاستقرار… بين الرضا بالإصلاح والسير إلى آخر الحلم بجمهورية جديدة. لا إجابات، بل إيقاع جديد ينقل الميادين إلى زمن آخر مختلف عن الزمن العسكرى.
نحن فى زمن والديناصورات فى زمن آخر.
نحن نعبر كوبرى قصر النيل إلى المستقبل وهم يعيدوننا بأسوارهم إلى ما قبل المدينة الحديثة.
هم يتحالفون مع الأشباح ونحن نسير إلى كل الغرباء فى المدينة لنلتقى… ونرى فيهم ما يكسر غربتنا. عروس تبتسم لعريسها وسط الحشود، وفضاء يتسع لطفولة حاصرها القهر والتخلف. إنه اليوم التاسع عشر للثورة، وهذه هى الحشود الهاربة من مصايد القطيع. إنهم هاربون من أشباح الماضى، وهذه هى فضاءات حريتهم وخيالهم المفتوح على حكايات الشهداء: مينا دانيال وعماد عفت وخالد سعيد…
أقنعهم إعلان لحضور باهر وأقنعة فنديتا للتواصل مع العالم الحالم بسقوط الظلم والقهر.
هم سائرون خلف أحلامهم إلى النهاية.
لا يكتفى الثوار إذن بالفتات الملقى من غرف كهنة الدولة القديمة، ومجمع الديناصورات، يريدون جمهورية جديدة لا مزيد.
الملايين أمس أربكت الحسابات، وأعلنت فشل كل الأدوات التى أخرجوها من دواليب مبارك:
1- آلة التضليل الإعلامى التى حولت الثوار إلى شياطين والجنرالات إلى ملائكة.
2- ماكينات صناعة الخوف من مخطط حرق البلد… والأصابع الخارجية للعب فى مصير الدولة.. ومخططات إسقاط الدولة.. إلى آخر هذه القائمة الجاهزة والمحفوظة.
3- الفصول الأولى من كتاب صلاح نصر عن الحرب النفسية، التى استفاد منها المجلس العسكرى فى نشر الشائعات وتسريب المعلومات وصنع مزاج عمومى ضد الثورة.
4- سلاح البغبغانات الشهير بمستوياته المتعددة من مرددى نشيد «تحيا المجلس» و«بالروح بالدم نفدى المشير»… إلى مرمى الأساطير السياسية.
5- التيارات السياسية الباحثة عن المغانم.. فلم تفلح محاولات الإخوان المسلمين فى حصار الغضب لصالح الاحتفال.. ولا فى الظهور بصورة من يحمى البلد من التخريب، لأنه أولا وببساطة لم يكن للتخريب مخطط، كما أن الثوار ليسوا مخربين، هم بناة ومؤسسون فى دولة الحرية… والأدهى أنه عندما وقع تخريب فعلى من ميليشيات المجلس العسكرى (فى ماسبيرو ومحمد محمود وقصر العينى) التزم الإخوان الصمت.
الثورة إذن عادت لمواجهة الفوضى الكبيرة التى صنعها المجلس العسكرى ودمر جسور الانتقال إلى جمهورية جديدة بإصراره على إعادة بناء ديكتاتورية جديدة، يحكمها كهنة خلف الغرف المغلقة، وتدار بالتحكم من بُعد من مؤسسات الغموض.
لماذا لم يفهم الإخوان المسلمون أنهم أصبحوا حزبا لا ينتظر الرضا العالى؟
هل كان أمامهم اختيار آخر؟
أم أنهم يتصورون أنهم يمكن أن يمنحوا العسكر شرعية ثورية بتصفيقهم فى البرلمان؟ أو أن الثورة نجحت بوصول نوابهم إلى مقاعد مجلس الشعب؟ كأن الملايين غامروا بحياتهم لمجرد الاعتراض على الانتخابات الأخيرة فى نظام مبارك! الإخوان دخلوا عزلة اختيارية عن جسم الثورة، وهو ما قلّل من تأثيرهم فى استكمال احتفال العسكر… وهو ما يكشف عن أزمة التيار الذى اقتنص غالبية قامت على سباق خادع للدفاع عن الإسلام.
وحدها الثورة أمس اجتاحت شوارع مصر. خرجت التظاهرات بهديرها المحطم للخرافات والصفقات والاتفاقات السرية. وحدها تشق صفوف النظام القديم الجديد بروح يستلهم جسارة شهداء ومصابين تضيع حقوقهم بخطة حماية للقتلة والمجرمين. هذه النقطة العاطفية تشحن الغضب ضد آلهة التضليل والكذب، وهذا ما يؤدى إلى الخروج إلى «ماسبيرو» لإسقاط قلعة من قلاع حماية جمهورية العسكر. إلى أين ستذهب الدبّة القادمة للسائرين خلف أحلامهم إلى النهاية؟
11

تعليقات القراء


No comments:

Post a Comment