الضمان الاجتماعي صون لكرامة الأفراد واستقرار المجتمع
رشيد شاهين
تم قبل أيام، إقرار قانون الضمان الاجتماعي ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 20 آذار، الأمر الذي أثار بعض "الضجيج"، الذي يذكرنا بالضجيج الذي أثير حول الحد الأدنى للأجور.
في الحقيقة إن الأصوات التي تعالت واصطفت ضد القانون، تتفاوت بين غير مطلع أبدا على نصوص القانون، وبين مشكك في كل ما يمكن أن يصدر عن أية جهة رسمية، وثالث لا يرى أبدا سوى النصف الفارغ من الكأس ورابع يعتقد بأنه طالما لم يكن جزء من ذلك العمل فهذا يعني انه عمل منقوص، إلى غير ذلك من المواقف.
كذلك، فان بعض المعترضين على هذا الموضوع، يتعاملون بإعطاء تعميمات وإشارات عامة غير محددة وبدون وضع الإصبع على الجرح وعلى ما يقولون انه أوجه قصور أو مشاكل تعتري القانون، علما بأن من يعتبر ان هنالك قصورا، عليه أن يناقش المواد مادة مادة وأن يقوم بوضع البدائل مباشرة دون مماطلة أو تسويف، وعدم اللجوء إلى شعارات تعبوية رنانة لن تسمن ولن تغني من جوع لمن يريد الاستفادة من هذا القانون.
السؤال الذي يقفز إلى الذهن بداية، هل من الأفضل أن يكون لدينا قانون وبالتالي مؤسسة لحفظ كرامات الناس بعد أن يبلغوا من العمر عتيا، أم ألا يكون؟ أليس من الأفضل لرجل بلغ سن التقاعد وخاصة في ظل تزايد الحاجات، وبدلا من أن يصبح عالة على مجتمعه وعائلته، أو أن يضطر إلى اللجوء إلى المؤسسات الاجتماعية مستجديا مرة من هنا وأخرى من هناك، أليس من الأفضل له أن يحصل على راتب تقاعدي يحفظ " شيبته" ويقيه العوز ومد اليد.
أليس من الأفضل ان نؤسس ونُثَبت الأمر ونجعله واقعا لا مجال للتراجع عنه، ومن ثم يمكن لنا ان نعدل ونصحح ونطور. وهذا ليس لان القانون الصادر هو قانون "أعور"، بل لأن كل شيء قابل للتطوير والتجديد، شريطة ان يكون قد تم إيجاده وخلقه بداية، فليس من الممكن تطوير شيء هو غير موجود أصلا.
يوجد لدينا في فلسطين حوالي أكثر من نصف مليون عامل يعملون في القطاع الخاص، هؤلاء بحاجة إلى مؤسسة للضمان الاجتماعي، تقي الكثير منهم، وخاصة أصحاب الرواتب المتدنية، حالة العوز عند بلوغهم سن التقاعد، والمطلوب من الجميع العمل على دعم "خلق" مثل هذه المؤسسة، بعد ذلك يمكن لمن يشاء ان يعمل على تطويرها وتطوير قوانينها وأنظمتها وكل ما يتعلق بها.
عندما صدر قانون الحد الأدنى للأجور، كانت بعض الجهات افتعلت ضجيجا مماثلا، بحجة أنها أكثر حرصا على الطبقات الفقيرة، علما بان دراسة صادرة عن مركز ماس عام 2014 تشير إلى انه ما زال هناك 32.3% من عمال القطاع الخاص يعملون دون الحد الأدنى والبالغ 1450 شيقل، ويمكن تصور كم ستكون النسبة لو ان مبلغ الحد الأدنى كان اكبر من ذلك كما أراد من أراد.
من المهم معرفة ان قانون الضمان فيه من المميزات، أفضل من قانون التقاعد للقطاع العام الذي يغطي فقط الشيخوخة، حيث تشمل تلك الميزات بحسب الفصل الثاني، المادة 3 ما يلي:-
- تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة الطبيعية
- تأمين إصابات العمل" والمقصود بها بحسب المادة 1 من الفصل الأول – العجز الكلي الدائم، والعجز الجزئي الدائم، والعجز الطبيعي الكلي والعجز الطبيعي الجزئي الدائمين
- تأمين الأمومة "12 أسبوع" بينما في قانون التقاعد هي عشرة أسابيع.
- تأمين المرض
- التأمين الصحي
- تأمين البطالة
- تأمين التعويضات العائلية
أما فيما يتعلق ببعض التساؤلات التي تتمحور حول من هي الجهات التي تتمثل في الصندوق، فهي أطراف التعاقد الثلاثة "الحكومة، أصحاب العمل، والمستفيدين أو العمال"، من خلال مجلس إدارة ،4 عن كل طرف، بحسب المادة 18 الفصل الثالث، فهي :--
- ممثل عن وزارة الشؤون الاجتماعية
- ممثل عن وزارة المالية
- ممثل عن وزارة الاقتصاد الوطني
- ممثل عن وزارة العمل
هذا من جانب الحكومة، أما من طرف العمال او المستفيدين، فهناك أربعة ممثلين عن العمال يتم تسميتهم من قبل الاتحادات الأكثر تمثيلا بحسب نفس المادة، والطرف الثالث الذي يمثل أصحاب العمل، فسيكون هنالك أربعة ممثلين عن أصحاب العمل يتم تسميتهم من قبل اتحادات أصحاب العمل الأكثر تمثيلا، وأخيرا هنالك خبير مالي أكاديمي ورئيس للمجلس تتم تسميته من قبل مجلس الوزراء، وذلك بحسب نفس المادة 18 من الفصل الثالث.
إضافة إلى ذلك، فان هنالك تغطية أو اشتراك اختياري لمن يرغب "الفصل الثاني المادة 9" وهذا غير متوفر في قانون التقاعد، حيث من غير الممكن الانتساب إلى برنامج التقاعد طالما الشخص ليس موظفا في القطاع العام.
وحول دور الحكومة، فإن المادة 17 من الفصل الثالث الفقرة "و"، تشير إلى ان أحد الموارد المالية للصندوق هي "القروض أو المنح التي توافق الحكومة على تقديمها في حالة العجز". كما ان القانون يؤكد على ضرورة تشكيل لجنة تدقيق داخلي بحسب المادة 27 من الفصل الثالث، تشمل ممثل عن الحكومة وممثل عن العمال وثالث عن أصحاب العمل، ومهام اللجنة وصلاحياتها بحسب الفقرة 3 من نفس المادة، هي مراقبة أعمال إدارة المؤسسة المتعلقة بالشؤون المالية والاستثمارية، وتدقيق جميع التقارير المالية الخاصة بالمؤسسة قبل عرضها على المجلس، وكذلك مراجعة التقارير وقواعد الحكمة وغير ذلك من المهمات والصلاحيات الواردة في نفس الفقرة من اجل ان يكون العمل شفافا ودقيقا قدر الإمكان.
عدا عن ذلك، سيكون هنالك لجنة تسمى لجنة المخاطر بحسب المادة 28 من الفصل الثالث، وهي لجنة من اجل المزيد من الحيطة والحذر، ولضمان انسياب العمل بالشكل الأمثل، حيث ان المهام الملقاة على عاتقها تؤكد هذا الهدف. بالإضافة إلى لجنة الحكم الرشيد بحسب المادة 29 الفصل الثالث التي تعزز أيضا الأعمال الرقابية والإشرافية لتطبيق السياسات الصحيحة لاستثمار الأموال.
قد تكون بعض التخوفات المثارة حول الضامن أو الحافظ لهذه الأموال، من الأسباب التي جعلت البعض يحجم عن تأييد القانون، إلا ان هذه النقطة تمت معالجتها من خلال الفصل الرابع في المواد 36 و37و38 والتي تتحدث عن تعيين "حافظ" للحفاظ على الأصول والأوراق المالية للمؤسسة، وان يتم إبرام عقد تأمين لتلك الأصول، وان يكون الحافظ مؤسسة مالية يعتد بها وبتاريخها وبمصداقيتها وملاءتها.
لا شك ان أي قانون وخاصة تلك التي تلامس الهم العام، هي عرضة للأخذ والرد، وهذا بحد ذاته لا غبار عليه، لا بل هو أمر محمود وخاصة عندما يتعلق الأمر بإبداء الحرص على المصلحة العامة، وتحقيق المزيد من الفوائد والحقوق، وما عدا ذلك فانه بدون شك يقع تحت عناوين أخرى ليس اقلها وضع العصي في الدواليب وتكسير المجاديف وهذا ما هو غير محبب وغير مقبول.
02-04-2016
Rashid Shahin
Writer and Journalist
based in Bethlehem
0599988886
No comments:
Post a Comment