skip to content back to nav عالم النهار back to top
title
الخميس 29 آذار 2012- السنة 79 - العدد 24690
أذى غلاة المسلمين بالإسلام
انتشر، الاسبوع الفائت، انتشار النار في الهشيم خبران، سعودي ومصري، في وسائل الإعلام كلها. مفتي عام المملكة العربية السعودية أفتى بـ"حظر بناء أيّ كنائس جديدة، وهدم الكنائس الحاليّة" في الجزيرة العربية. أما في مصر فرفض عدد من نواب حزب "النور" السلفيّ الوقوف دقيقة صمت حداداً على البابا شنودة الثالث، بطريرك الأقباط الأرثوذكس، في مجلس الشعب، وهمّوا بمغادرة الجلسة.
يدعو مفتي عام السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، دول الجزيرة العربية، من دون استثناء، إلى التقيّد بالنموذج السعودي الذي يحظّر بناء أماكن العبادة لغير المسلمين. وهذا، لعمري، فيه مخالفة لما أوثر عن نبيّ المسلمين من قبوله بأن تبقى لـ"أهل الكتاب" أماكنهم الخاصة بالعبادة، حتى في مكّة. فقد ورد في "كتاب أخبار مكّة شرّفها الله تعالى وما جاء فيها من الآثار تأليف ابن الوليد محمد بن عبدالله بن أحمد الأزرقيّ"، أنّه كانت في دعائم الكعبة "صور الأنبياء وصور الشجر وصور الملائكة وصورة إبراهيم خليل الرحمن وصورة عيسى بن مريم".
ويذكر الأزرقيّ أنّ محمّداً، يوم فتح مكّة، "أمر بطمس تلك الصور فطُمست. ووضع كفّيه على صورة عيسى ابن مريم وأمّه عليهما السلام، وقال: امحوا جميع الصور إلا ما تحت يديّ، فرفع يديه عن عيسى ابن مريم وأمّه". وقد تلفت الصورة بعد أكثر من ستين عاماً من فتح مكّة على زمن عبدالله بن الزبير الذي قاوم الخلافة الأموية، فحاصر الأمويّون مكّة بقيادة الحجّاج بن يوسف الذي لم يتوانَ عن قصف المدينة بالمنجنيق، فهُدمت الكعبة. وخلت الكعبة بعد بنائها ثانيةً من الصور، بما فيها صورة عيسى وأمّه.
نواب حزب "النور" السلفي في مجلس الشعب المصري يرفضون الوقوف دقيقة صمت حداداً على إمام المسيحيين في مصر، فيما الرسول يأمر المسلمين في صحيح الحديث بالوقوف احتراماً لجنازات المتوفّين، مهما كانت انتماءاتهم الدينية. فقد ورد في صحيح البخاري عن أحد الصحابة أنّه قال: "مرّ بنا جنازة فقام لها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقمنا به. فقلنا: يا رسول الله إنّها جنازة يهودي. قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا". وفي صيغة بخارية أخرى يقول النبيّ ردّاً على القائلين إنّها جنازة يهودي: "أليست نفساً؟".
هذان الخبران آذيا الإسلام والمسلمين أكثر ممّا آذاه "الإرهاب" الذي يُمارس زوراً وبهتاناً باسم الإسلام. فالإسلام، كما نفهمه، نحن شركاء المسلمين في هذه الديار منذ نشأة دينهم، دين الرحابة والرحمة: "إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين مَن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون" (سورة البقرة، 62). فمن أدخل جرثومة التطرّف والغلوّ على هذا الجسد فأسقمه وأوبأه؟
فرّق القرآن ما بين الهوية الدينية والإيمان، فأقرّ: "قالت الأعراب: آمنّا. قل: لم تؤمنوا، ولكن قولوا أسلمنا ولمـّا يدخل الإيمان في قلوبكم" (سورة الحجرات، 14). ويعلّق الإمام النوويّ على أحد الاحاديث النبويّة بالقول: "إنّ كلّ مؤمن مسلم، وليس كلّ مسلم مؤمنًا، وليس كل مؤمن محسناً". وهذا الكلام يصحّ في العديد من المسيحيّين وأهل الديانات الأخرى. خشيتي أن يكون المتطرّفون والغلاة مجرّد حاملي هويّات فارغة من الإيمان بالله. "والعصر. إنّ الإنسان لفي خُسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصّوا بالحقّ وتواصّوا بالصبر" (سورة العصر).
يدعو مفتي عام السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، دول الجزيرة العربية، من دون استثناء، إلى التقيّد بالنموذج السعودي الذي يحظّر بناء أماكن العبادة لغير المسلمين. وهذا، لعمري، فيه مخالفة لما أوثر عن نبيّ المسلمين من قبوله بأن تبقى لـ"أهل الكتاب" أماكنهم الخاصة بالعبادة، حتى في مكّة. فقد ورد في "كتاب أخبار مكّة شرّفها الله تعالى وما جاء فيها من الآثار تأليف ابن الوليد محمد بن عبدالله بن أحمد الأزرقيّ"، أنّه كانت في دعائم الكعبة "صور الأنبياء وصور الشجر وصور الملائكة وصورة إبراهيم خليل الرحمن وصورة عيسى بن مريم".
ويذكر الأزرقيّ أنّ محمّداً، يوم فتح مكّة، "أمر بطمس تلك الصور فطُمست. ووضع كفّيه على صورة عيسى ابن مريم وأمّه عليهما السلام، وقال: امحوا جميع الصور إلا ما تحت يديّ، فرفع يديه عن عيسى ابن مريم وأمّه". وقد تلفت الصورة بعد أكثر من ستين عاماً من فتح مكّة على زمن عبدالله بن الزبير الذي قاوم الخلافة الأموية، فحاصر الأمويّون مكّة بقيادة الحجّاج بن يوسف الذي لم يتوانَ عن قصف المدينة بالمنجنيق، فهُدمت الكعبة. وخلت الكعبة بعد بنائها ثانيةً من الصور، بما فيها صورة عيسى وأمّه.
نواب حزب "النور" السلفي في مجلس الشعب المصري يرفضون الوقوف دقيقة صمت حداداً على إمام المسيحيين في مصر، فيما الرسول يأمر المسلمين في صحيح الحديث بالوقوف احتراماً لجنازات المتوفّين، مهما كانت انتماءاتهم الدينية. فقد ورد في صحيح البخاري عن أحد الصحابة أنّه قال: "مرّ بنا جنازة فقام لها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقمنا به. فقلنا: يا رسول الله إنّها جنازة يهودي. قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا". وفي صيغة بخارية أخرى يقول النبيّ ردّاً على القائلين إنّها جنازة يهودي: "أليست نفساً؟".
هذان الخبران آذيا الإسلام والمسلمين أكثر ممّا آذاه "الإرهاب" الذي يُمارس زوراً وبهتاناً باسم الإسلام. فالإسلام، كما نفهمه، نحن شركاء المسلمين في هذه الديار منذ نشأة دينهم، دين الرحابة والرحمة: "إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين مَن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون" (سورة البقرة، 62). فمن أدخل جرثومة التطرّف والغلوّ على هذا الجسد فأسقمه وأوبأه؟
فرّق القرآن ما بين الهوية الدينية والإيمان، فأقرّ: "قالت الأعراب: آمنّا. قل: لم تؤمنوا، ولكن قولوا أسلمنا ولمـّا يدخل الإيمان في قلوبكم" (سورة الحجرات، 14). ويعلّق الإمام النوويّ على أحد الاحاديث النبويّة بالقول: "إنّ كلّ مؤمن مسلم، وليس كلّ مسلم مؤمنًا، وليس كل مؤمن محسناً". وهذا الكلام يصحّ في العديد من المسيحيّين وأهل الديانات الأخرى. خشيتي أن يكون المتطرّفون والغلاة مجرّد حاملي هويّات فارغة من الإيمان بالله. "والعصر. إنّ الإنسان لفي خُسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصّوا بالحقّ وتواصّوا بالصبر" (سورة العصر).
آخر الأخبار
title
الأكثر قراءة
title2012-03-28
الأب جورج مسّوح
أذى غلاة المسلمين بالإسلام
انتشر، الاسبوع الفائت، انتشار النار في الهشيم خبران، سعودي ومصري، في وسائل الإعلام كلها. مفتي عام المملكة العربية السعودية أفتى بـ"حظر بناء أيّ كنائس جديدة، وهدم الكنائس الحاليّة" في الجزيرة العربية. أما في مصر فرفض عدد من نواب حزب "النور" السلفيّ الوقوف دقيقة صمت حداداً على البابا شنودة الثالث، بطريرك الأقباط الأرثوذكس، في مجلس الشعب، وهمّوا بمغادرة الجلسة.
يدعو مفتي عام السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، دول الجزيرة العربية، من دون استثناء، إلى التقيّد بالنموذج السعودي الذي يحظّر بناء أماكن العبادة لغير المسلمين. وهذا، لعمري، فيه مخالفة لما أوثر عن نبيّ المسلمين من قبوله بأن تبقى لـ"أهل الكتاب" أماكنهم الخاصة بالعبادة، حتى في مكّة. فقد ورد في "كتاب أخبار مكّة شرّفها الله تعالى وما جاء فيها من الآثار تأليف ابن الوليد محمد بن عبدالله بن أحمد الأزرقيّ"، أنّه كانت في دعائم الكعبة "صور الأنبياء وصور الشجر وصور الملائكة وصورة إبراهيم خليل الرحمن وصورة عيسى بن مريم".
ويذكر الأزرقيّ أنّ محمّداً، يوم فتح مكّة، "أمر بطمس تلك الصور فطُمست. ووضع كفّيه على صورة عيسى ابن مريم وأمّه عليهما السلام، وقال: امحوا جميع الصور إلا ما تحت يديّ، فرفع يديه عن عيسى ابن مريم وأمّه". وقد تلفت الصورة بعد أكثر من ستين عاماً من فتح مكّة على زمن عبدالله بن الزبير الذي قاوم الخلافة الأموية، فحاصر الأمويّون مكّة بقيادة الحجّاج بن يوسف الذي لم يتوانَ عن قصف المدينة بالمنجنيق، فهُدمت الكعبة. وخلت الكعبة بعد بنائها ثانيةً من الصور، بما فيها صورة عيسى وأمّه.
نواب حزب "النور" السلفي في مجلس الشعب المصري يرفضون الوقوف دقيقة صمت حداداً على إمام المسيحيين في مصر، فيما الرسول يأمر المسلمين في صحيح الحديث بالوقوف احتراماً لجنازات المتوفّين، مهما كانت انتماءاتهم الدينية. فقد ورد في صحيح البخاري عن أحد الصحابة أنّه قال: "مرّ بنا جنازة فقام لها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقمنا به. فقلنا: يا رسول الله إنّها جنازة يهودي. قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا". وفي صيغة بخارية أخرى يقول النبيّ ردّاً على القائلين إنّها جنازة يهودي: "أليست نفساً؟".
هذان الخبران آذيا الإسلام والمسلمين أكثر ممّا آذاه "الإرهاب" الذي يُمارس زوراً وبهتاناً باسم الإسلام. فالإسلام، كما نفهمه، نحن شركاء المسلمين في هذه الديار منذ نشأة دينهم، دين الرحابة والرحمة: "إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين مَن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون" (سورة البقرة، 62). فمن أدخل جرثومة التطرّف والغلوّ على هذا الجسد فأسقمه وأوبأه؟
فرّق القرآن ما بين الهوية الدينية والإيمان، فأقرّ: "قالت الأعراب: آمنّا. قل: لم تؤمنوا، ولكن قولوا أسلمنا ولمـّا يدخل الإيمان في قلوبكم" (سورة الحجرات، 14). ويعلّق الإمام النوويّ على أحد الاحاديث النبويّة بالقول: "إنّ كلّ مؤمن مسلم، وليس كلّ مسلم مؤمنًا، وليس كل مؤمن محسناً". وهذا الكلام يصحّ في العديد من المسيحيّين وأهل الديانات الأخرى. خشيتي أن يكون المتطرّفون والغلاة مجرّد حاملي هويّات فارغة من الإيمان بالله. "والعصر. إنّ الإنسان لفي خُسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصّوا بالحقّ وتواصّوا بالصبر" (سورة العصر).
يدعو مفتي عام السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، دول الجزيرة العربية، من دون استثناء، إلى التقيّد بالنموذج السعودي الذي يحظّر بناء أماكن العبادة لغير المسلمين. وهذا، لعمري، فيه مخالفة لما أوثر عن نبيّ المسلمين من قبوله بأن تبقى لـ"أهل الكتاب" أماكنهم الخاصة بالعبادة، حتى في مكّة. فقد ورد في "كتاب أخبار مكّة شرّفها الله تعالى وما جاء فيها من الآثار تأليف ابن الوليد محمد بن عبدالله بن أحمد الأزرقيّ"، أنّه كانت في دعائم الكعبة "صور الأنبياء وصور الشجر وصور الملائكة وصورة إبراهيم خليل الرحمن وصورة عيسى بن مريم".
ويذكر الأزرقيّ أنّ محمّداً، يوم فتح مكّة، "أمر بطمس تلك الصور فطُمست. ووضع كفّيه على صورة عيسى ابن مريم وأمّه عليهما السلام، وقال: امحوا جميع الصور إلا ما تحت يديّ، فرفع يديه عن عيسى ابن مريم وأمّه". وقد تلفت الصورة بعد أكثر من ستين عاماً من فتح مكّة على زمن عبدالله بن الزبير الذي قاوم الخلافة الأموية، فحاصر الأمويّون مكّة بقيادة الحجّاج بن يوسف الذي لم يتوانَ عن قصف المدينة بالمنجنيق، فهُدمت الكعبة. وخلت الكعبة بعد بنائها ثانيةً من الصور، بما فيها صورة عيسى وأمّه.
نواب حزب "النور" السلفي في مجلس الشعب المصري يرفضون الوقوف دقيقة صمت حداداً على إمام المسيحيين في مصر، فيما الرسول يأمر المسلمين في صحيح الحديث بالوقوف احتراماً لجنازات المتوفّين، مهما كانت انتماءاتهم الدينية. فقد ورد في صحيح البخاري عن أحد الصحابة أنّه قال: "مرّ بنا جنازة فقام لها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقمنا به. فقلنا: يا رسول الله إنّها جنازة يهودي. قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا". وفي صيغة بخارية أخرى يقول النبيّ ردّاً على القائلين إنّها جنازة يهودي: "أليست نفساً؟".
هذان الخبران آذيا الإسلام والمسلمين أكثر ممّا آذاه "الإرهاب" الذي يُمارس زوراً وبهتاناً باسم الإسلام. فالإسلام، كما نفهمه، نحن شركاء المسلمين في هذه الديار منذ نشأة دينهم، دين الرحابة والرحمة: "إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين مَن آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون" (سورة البقرة، 62). فمن أدخل جرثومة التطرّف والغلوّ على هذا الجسد فأسقمه وأوبأه؟
فرّق القرآن ما بين الهوية الدينية والإيمان، فأقرّ: "قالت الأعراب: آمنّا. قل: لم تؤمنوا، ولكن قولوا أسلمنا ولمـّا يدخل الإيمان في قلوبكم" (سورة الحجرات، 14). ويعلّق الإمام النوويّ على أحد الاحاديث النبويّة بالقول: "إنّ كلّ مؤمن مسلم، وليس كلّ مسلم مؤمنًا، وليس كل مؤمن محسناً". وهذا الكلام يصحّ في العديد من المسيحيّين وأهل الديانات الأخرى. خشيتي أن يكون المتطرّفون والغلاة مجرّد حاملي هويّات فارغة من الإيمان بالله. "والعصر. إنّ الإنسان لفي خُسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصّوا بالحقّ وتواصّوا بالصبر" (سورة العصر).
تعليقات(1)