خواطرسياسي جزائري جريح لا خير في ديمقراطية اذا ضاع الوطن.
عبد القادر بن قرينة نائب في البرلمان ووزير جزائري سابق.
عضو الهيئة العربية لمكافحة التدخل الأجنبي في الوطن العربي ............. لم أتعود تدوين الخواطر، ولست من أهل هذا الفن، لكنني وجدت قلمي يسطر هذه المعاني السائلة من لغة الدموع متسائلا: لماذا رخصت أرواحنا ودماؤنا؟ لماذا نحن دائما أسهل شئ عندنا قتل انفسنا؟ وأبسط عمل نستطيعه هو تدمير مقدراتنا وأصعب شئ عندنا هو التفطن لكيد أعدائنا نبكي بكاء طويلا ليبتهج غيرنا ويتقدم خصمنا على جسر تأخرنا وتسعد نساؤه بسقوط دمعة حزن حرائرنا يهنأ أبناؤه على تعاسة أطفالنا آه آه آه ما أغرب تصرفاتنا نريد كل شئ من دنيانا فلا نحصل على شئ ويضيع شرفنا حيث لا نبالي بضياع مبادئنا ذلكم هم نحن ولا فخر ندمر انجازاتنا نهدر طاقتنا نضيع وقتنا نفرط في أرضنا نتسبب في هتك أعراضنا نبيع ونشتري في سوق النخاسة مصالح قدسنا الأقدس مهد مسيحنا ومسرى نبينا ونأمل في ديمقراطية من (ساركوزي ) يهبها لنا لنسترد بها الحقوق فيستبيح ارضنا عقيدتنا في نيل الحقوق وافتكاكها مضحكة ضاعت فلسطين الشاهدة منا واغتُصبَ الأقصى وكنيسة المهد ونحن نرقص ونُعافِسُ شهوتنا من حولهما ضاعت الجولان منا ولا تزال في الأسر مزارع (شبعا) و(كفر شوبا) بل كاد أن يضيع جنوب لبنان لولا بسالة مقاومتنا ولن أنسى (سيناء) وأجزاء من شرق الوادي وكيف تسلمناهما حماية لأمنهم على حساب سيادتنا الصومال ولولا لطف الله جاءت بغداد بعدها وهذه السودان نخشى ضياعها كما ضاع منا جنوبها وأخيرا تلكم (برقة) من ليبيا العظمى صارت فيدرالية فبشرى لنا أما ما يحدث في شامنا اليوم وفي أكناف قدسنا فآه آه على زمان وقليل هم الرجال بيننا ورحم الله شيخنا محفوظ نحناح الذي أتذكر زيارته سنة 1995 والتي اعتبرها المراقبون أول زيارة لقيادي اسلامي وازن محسوب على تيار الأخوان المسلمين وبرغبة منه وبعد تمنع من القيادة السورية زار دمشق وسط استغراب إخواني، وتخفظ من الحرس القديم للنظام السوري وشاء الله تعالى للزيارة أن تكون، ونجحت أهداف الزيارة ، وتوطدت العلاقة مع سوريا بكل مكوناتها واستمرت بل وأثمرت، وكسر الجدار الفولاذي بين نظام حافظ الأسد والأخوان وكان الشيخ بعد هذا اللقاء الذي جمع التيار العروبي والأسلامي يردد بعبارته المشهورة (إن العروبة والإسلام جمعتهما يد الرحمن، وهيهات لما جمعته يد الرحمن أن تفرقه أصابع الشيطان) وعندما قوبل الشيخ بسيل من النقد الجارح و التخوين والطعن في النيات صدع بصوته عاليا ينادي (شرعية منقوصة خير من حيصات بلا شرعية) وأيقنت (أنا) مفاد مقولات من تراثنا حذرت قديما من الفتن ، وأدركت حينها أن نار الحاكم المتغلب وربما المستبد أفضل من جنة المستعمر الغاصب. فلا خير في ديمقراطية إذا ضاع منا وطننا ولا خير في حرية إذا كانت تجنى من أرواح إخوتنا ولا خير في سلطة إذا كانت تترس خلف أسوار دولتنا ولا خير في (الصوملة) ولا (الافغنة) ولا (البلقنة) إن حكمة الثورة اليمنية شاهدة ولم تنجر فيها للرد على المدافع بأصوات المدافع ، بل بقيت متشبثة بسلمية تحركاتها، حتى تحقق جزء من مطالبها قد يقول قائل إن أهدافها كانت متواضعة بحجم ما حققته من مكاسب ثورتي مصر وتونس. اقول ذلك صحيح لكن سحقا سحقا لمكاسب الوصول إلى كرسي السلطة إذا كان على جماجم و أشلاء شبابنا ودماء شعبنا بقى أن أقول إن المعارضة وخاصة الإسلامية قد أخطأت حين ظنت أنها قد تحسم المعركة بدعاية ( قناة الجزيرة ) وبدعم (دولة قطر) وأخطأت حين اعتبرت تجربة اردوغان وشخصه الحليف النموذج المتعالي لهذه المرحلة الذي يجب أن يحتذى ويعتمد عليه وأخطأت حين أغفلت المحيط الاقليمي، صحيح إن المملكة السعودية تعتبر اردوغان شريكا لها ، لكن على حدود سورية وحدود إيران ، وسوف لا ترتضيه أخا ولا حليفا على حدود اليمن، وذلك في تقديري هو الإخفاق الذي وقعت فيه الحركة الاسلامية اليمنية، ولم تستطع تقديم إشارات طمأنة للجوار فكان النجاح عشر نجاح وليس نجاحا كاملا وعلى كل حال أعود للموضوع الرئيس لهذه الخواطر أليس حري بنا أن ننقد ذاواتنا لاخفاقاتنا وكثرة أخطائنا ماذا قدمنا لامتنا من تدمير (يوغسلافيا) ، التي تحركت فيها أيادي الغرب الأثيمة لافتعال فتنة كانت ضحيتها قومية مسلمة كاملة، وهي اليوم مسلوبة السيادة وكنا نحن وقود معركتها وقد صفق بعضنا وكبر وهلل بعضنا بإنتصار إخواننا وضحك الغرب منا وعلينا ، إذ ما كانت يوغسلافيا تيتو إلا شوكة عميقة في خاصرة وحدة القارة العجوز انتزعت فساعدنا في وحدتهم وزدنا من قوتهم لنستمتع نحن بضعفنا وبلهنا، فلا (كسوفو) حققت سيادتها ولا زادت هي في حلفنا. وخضنا أيضا حربا بالنيابة عن أمريكا، بـأموالنا ، وربما بأفضل رجالنا وطاقتنا، وبفتاوي جاهزة من بعض (مراجعنا) وخطبائنا،
لتحرير افغانستان من الدب الاحمر، وفعلا نجحنا في تنفيذ ما خطط لنا ، وتفكك الاتحاد السوفياتي ورقص بعض حكامنا ، وسجد بعض تقاتنا ، وكبر بعض شبابنا ، وهلل بعض مشايخنا، ومات بالحسرة القليل من أصحاب العقول منا، وشرب الغرب كل أنواع النخب بلون دماء شهدائنا الشجعان وأشلاء أبنائنا لكن هل تحقق النصر المأزر لافغانستان؟ وهاهي ومنذ ثلاثة عقود ، والفتوى تلو الفتوى تبشر بالجنة لمن يموت على أرضها، بل خلال هذه الفترة كلها لم يفتق فيها ذهن ولم يحمى فيها عرضولم تحفظ فيها نفس ولم تبنى فيها دولة وصدق من قال (إن المجاهدين الأفعان أفلحوا حين نفذوا ما خطط لهم لصناعة سنوات من الموت الشريف ولكنهم لم يفلحوا بعد الاستقلال للتخطيط ولا ليوم واحد من الحياة الشريفة) ولا يظنن ظان أنني بهذا القول أنكر واجب النصرة وتحرير الأوطان من المحتل، وأنني لم اقل أن الاتحاد السوفييتي أخا في العقيدة لنا ،ولم اقل أنه كان لحمة القومية التي نتغنى بها ولم اقل بأنه كان الصديق الاوحد، أو الحامي للعرض والنسل، ولم أقل بأنه قاتل نيابة عنا لتحرير أرضنا من الكيان الغاصب لكن أجزم بأنه كان يحقق توازنا قويا عالميا ،ولكن العاقل منا رغم ضعفنا يمكن أن يلعب على متناقضاته ليحمي نفسه فمصالح الناس تتلاقى ،والكيس الفطن من يسخر نواميس الكون لصالحه كما نقول. وعلى كل حال هنيئا لنا هنيئا لقد تفكك الاتحاد السوفييتي، وسنعيش بأمن وآمان نهنأ بالعيش الكريم في اوطاننا ولكن ما إن مرت عشر سنوات حتى احتلت أفغانستان من جديد من حلف الناتو حليفنا بالأمس من أجل تحررها ، وهاهي اليوم تمر العشر سنوات آخر فأين الفتاوى التي تدعو إلى واجب النصرة وتحرير الوطن ، وأين دعاء القنوت لهم ، والذي اختفى ؟ ونحن قد تعودنا القنوت بالدعاء لكل شيء حتى على الجراد ؟ أما الدعم بالسلاح ، فذاك ضرب من المحال ؟ فما الذي حدث : هل تغيرت أفغانستان فأصبحت كافرة أومشركة ؟
هل تغير الشعب المسكين فسار لا يستحق النصرة ؟ هل تغيرت مراجع الفتوى عندنا ؟ هل تغير الفقه الاسلامي ؟ أم بعث رسول بغير قرآننا ؟ هل تغيرت عروش حكامنا ؟ لا لا لا لا إذن ما الذي جرى ؟ فأصبح المسكين لايستحق نصرتنا
أم أننا نحن قد تطورنا وابتكرنا أساليب تكنولوجيا جديدة لتحرير الأوطان بطرق ديبلوماسية؟ وأصبح القول "برد العدوان" مجازفة ومغامرة، والمقاومة المشروعة صارت عنفا منبوذا، والاستشهاد على أعتاب القدس صار انتحارا، والصمود في غزة أمسى دفاعا عما يسمى "المشروع النووي الفارسي" وأصبحت بادية التصحر الديمقراطي تبشر بواحة الديمقراطية في الوطن العربي بمالها وقناتها الاعلامية وو و و...لتطبق نموذج الحكم الذاتي "البرقاوي" على كل دويلاتنا لنؤوسس لاتحاد دويلات وفدراليات عربستان. فلنهلل إذن ققد أسقطنا الاتحاد السوفييتي عدونا في العقيدة وأخرجناه صاغرا من أفغانستان لنستبدله ب"أخينا" حلف الناتو فهو بعد الله سيكون سندنا ؟؟ ألم يعطي لنا سلطة في فلسطين؟ ثم لاحقا ألم يقسم لنا السلطة بين الضفة والقطاع ؟ ألم يقبل ويتغافل عن وصول "المحاكم " لدفة الحكم الراشد في الصومال ؟ وبل تعاون معها وووو؟ ألم يقسم لنا يوغسلافيا لعدة دول وحصلنا فيها على "كسوفو" لعل البعض منا يحسن نسله فيها بالمزاوجة بالشقروات بها , بنات عقيدتنا ألم يأتي بأحد المجاهدين مساعدا لوزير الخارجية لحكومة الجهاد ليقود أفغانستان بعد إسقاط وإبعاد "طالبان" المتطرفة منها وقد كانت صنيعتنا وأليس نراه اليوم يستنسخ نموذج "المجاهد" كرزاي في العراق وغير العراق؟ لقد أسقطنا الاتحاد السوفييتي وأخرجناه من افغانسان، ولكن بلادنا تحولت إلى "دويلستان" ومخابر الغرب تشتغل فيها وتخطط ، ونحن نحسن التنفيذ والتبني. لقد أصبحت أفغانستان كلها مشتل لتخريج دعاة التطرف ومشاريع الاستشهاديين الفاشلين ، الذين لم يوفقوا للفهم والصلاح الذي يجعل استشهادهم على أسوار قدسنا المغصوب، وإنما في بلدنا وفي وجه شعبنا المعصوب ؟ لقد نجح الغرب في توظيف ضعاف النفوس والمخترقين والمظلومين بغير وجه حق في اوطاننا، وحولهم الى "قاعدة" تحط فيها مخططته المتربصة بمصالح أوطاننا. وجاءت أحداث 11 سبتمبر ، ودفعنا ضريبة القاعدة وحدنا لا أنكر بان هناك شباب قدموا بكورة شبابهم بأرض أفغانستان جهادا واستشهادا بقناعة واخلاص ينالون ثوابه عند الله، ولكن ماهي الفاتورة التي ندفعها نحن اليوم كاملة ؟ "فلنتعض ولو مرة واحدة بالتاريخ"، اسمعوها مني :يا مشايخنا ، يا دعاتنا ، يا قادة العمل الاسلامي، يا نخبنا المتعلمة، ياشباب أصحاب عزائم...... وأني لاعتقد جازما بأن ما تم في تونس ومصر هو ثورة حقيقية ، وأرجو أن يكتمل نجاحهما. وأن الهبة الشعبية في ليبيا كانت حقيقية أيضا وغير موجهة في انطلاقتها ولكنها سقطت لاحقا في مخططات أعدائنا، وأرجو من الله تعالى أن يكتمل نجاحها أيضا، دون أن "تُبلقنة" أو "تصوملة" ، وأن تتجاوز قريبا ابتزاز دعاة الفيدرالية والتشرذم، ولكن ما يتم الآن في سوريا من دعوات لتسليح المعارضة والدخول للنفق المجهول، والعنف والعنف المضاد، والاكتواء بنار الحرب الاهلية، وتأجيج الطائفية،....فإن ناره سنكتوي بها جميعنا ، وحينها نتقاتل على سلطة وهمية تتترس خلف أسوار الدولة؟ ألا إن الوطن عزيز، وأرواح أبنائنا غالية، ألا إن الدول اذا سقطت وانتثر عقدها فلا بد أن نسقط معها في الهاوية، هذه سنن لا تتبدل. البعض منا يريد أن ينتقم من سوريا لأنها حليفة إيران، وينسى بأنها شقيقة لأبناء وطنه، والبعض منا يريد أن ينتقم من النظام لأنه شرده ، وصحيح فهو مظلوم، لكنه يجهل أو يتجاهل بأنه سيشرد سوريا بأكملها ، وسيكون حينها هو الظالم الجهول والبعض منا يريد أن ينتقم بدعوى أن النظام عميل للروس وللصين وإيران ولا يدري بأنه لو حكم هو سيصبح مدين لأغلب دول العالم من غير الصين والروس وإيران برد الجميل ومن ثم بالعمالة والبعض منا يأخذ على النظام بأنه لم يطلق ولو رصاصة واحدة باتجاه الجولان بصورة مباشرة، ومتحقق أنا بأنه لوحكم هو لن يطلقها حتى بصفة غير مباشرة وسيستغرق ثلاثين سنة يتحجج بالسعي لرفاهية المجتمع بعيدا عن المقاومة وتحرير الأوطان بدعوى إصلاح ما أفسده النظام والبعض منا وأرجو أن يكون قليلا يلوم النظام لاحتظانه قوى المقاومة ويفتخر بعدها بأنه سينتمي لمعسكر الاعتدال والحداثة لقد أثار الغرب النعرات في أفغانستان على أساس قومي وأحيانا قليلة على أساس طائفي فلم تستقر أفغانستان لثلاثة عقود، والعراق قُسم على أساس طائفي وداخل الطائفة الواحدة على أساس قومي، وداخل القومية الواحدة على أساس عقدي، فكم من الوقت تحتاج العراق اليوم لتلملم جراحها. أما إنْ ـ لا قدر الله ـ حدث ذلك بسوريا فالموضوع أعقد بكثير، فستشتبك النعرات العرقية الاثنية والطائفية العقدية والقومي الوطني..، ونارها إن استعرت فلن ترحم أحدا ، وسيمتد لهيبها ليصل إلى أقصى خليجنا ، فإذا هدم بيت لدرزي سوري بدمشق هدمت عمارة لسني لبناني ببيروت، وإذا أحرقت سيارة لكردي سوري، أحرقت حافلة لعربي بكردستان العراق، وإذا انتهك شرف سوري علوي، حملت سفاحا بجرمها نساء سنيات ببغداد، وإذا سفك دم برئ ليهودي عربي، سالت بسببه دماء غزة انهارا، وإذا شرد ارميني سوري وصودرت منه ضيعته، حولت أرمينيا العرب المقيمين عندها كلهم بتهمة الارهاب "لغوانتاناموهتها"، وإذا عطس فلسطيني بمخيم اليرموك بدمشق،أصيب بحرارة ودوار أخيه الفلسطيني بالنهر البارد ،ومن ثم يصاب الفلسطيني في الزرقاء بالاردن بزكام حاد............... إن الوضع جد معقد، فلا التضاريس بسوريا هي نفس التضاريس بليبيا، ولا التنوع الإثني والطائفي بسوريا هو نفسه بافغانستان، وإن الفوضى والفلتان بسوريا إذا ما حدث فإن الخاسرون الأكبر هو نحن و لا محالة، ولكن ولسوء حظنا لا نكاد نتلمس خسارتنا لاننا لم نعد يوما من الايام ربحنا .
وأزعم أن الغرب سيكون أحرص منا على استقرار سوريا، ولن يسمح بمغامرة غير مدروسة ، وواهم من يظن غير هذا . وهذا كله بعيدا عن مصالح لعبة النفط أو الموقع الاستراتيجي أو أو أو .. وإنما ستكون مصلحة حماية أمن إسرائيل هي من يحمي بعد الله عدم مغامرة الغرب بالفلتان بسوريا. فالفوضى وهي ضرر كبير لا محالة لكنها ستؤدي بسقوط أنظمة بالمنطقة وتعم الفوضى بداية من شمال سوريا إلى جنوب الأردن، وهذا فيه من المغامرة في اعتقادي ما لا تستطع تحمّلها أي إدارة أمريكية ،وسوف لن تسمح به، ناهيك أن المقاومة الشريفة بالعراق ، وقوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية سوف لن تبقى مكتوفة الأيدي في حالة الفوضى. وكذلك جماعات القاعدة والقوى المتطرفة وأجهزة الاستخبارات العالمية والمصالح المتشابكة للدول سوف تستبيح الأرض السورية إن هذه المبررات لكافية لوحدها للإدارة الأمريكية أن تكبح المنادين بتسليح ما يسمى "بالجيش الحر " والمعارضة السورية لعدم الذهاب بعيدا في ذلك التسليح وإن كنت أعتقد أيضا بأن عمليات التسليح وعمليات نوعية استخباراتية لقوى غربية وبعض الدول العربية، ستبقى موجودة لكنها محدودة ومدروسة الانتشار مدى ونوعا، وذلك لمنع النظام السوري من القيام بدوره الداعم للمقاومة والاشتغال بنفسه بعيدا عن أية ضربة توجه لحلفائيه ، ومن ثم إنهاك النظام والنيل من عزيمته ، واللعب على عامل الزمن لانهياره لصالح بديل من داخل النظام ، ولا يكون في اعتقادي بأي حال من الأحوال من المعارضة البارزة في المجلس الوطني المعارض إن الفوضى بسوريا معناها خسارة لحاضنة متينة وحنية على المقاومة ولا أقول المقاومة اللبنانية، وإنما الخسارة الأكبر هي المقاومة الفلسطينية وخاصة حماس. وإن المراهنة على حضن مصر الدافئ كحضن بديل لسوريا في الوقت الحالي خطأ استراتيجي كبير نحمل به طلائع قوى الثورة بمصر ما لا تطيق تحمله ومصلحة الجميع إعطاء مصر الوقت الكافي لإلتقاط أنفاسها حتى ترمم ما أفرزته الثورة فيها من تجاذبات وتعطي ثمارها ، عندها فقط ستكون مصر أرض الكنانة التي لا تنفذ سهامها. وأما عن اختيار دولة قطر كحضن بديل احتياطي ، فهو خطأ أكبر لأنها مرتع لمصالح دول معادية للمقاومة ولا تصلح إلا للراحة والدعة لمن تخلى على المقاومة ؟ ولن يتحقق في نظرنا الدعم المنشود إلا في أكناف بيت المقدس وفي دول الطوق الفلسطيني وما عداها فهي حلقات دعم ثنائية لا أكثر ،وفي بعض الأحيان ما هي إلا محطات لاستجمام والراحة. إن الثورة الجزائرية المباركة ـ بفضل طبيعة جبالها وتضاريسها ـ قد نجحت بتوفيق من الله تعالى بوضع خطة أولوية الداخل عن الخارج ، وبتمركز قيادتها الميدانية في جبال الأوراس وغيرها من الأراضي الطاهرة، وثم كانت مراكز دعم ثانوية على الحدود الشرقية بتونس والحدود الغربية بوجدة المغربية دون أن ننسى قواعد الدعم المصرية والعراقية والسورية. أعود لأقول : إن الفوضى في سوريا تعني تغيير خريطة المنطقة بانشاء دويلة قومية كردية باجتزاء جزء من الأراضي السورية والتركية ، وكردستان العراق، وهو ما من شأنه أن يتسبب في تهديد مباشر لكل من إيران والعراق وتركيا ، ناهيك عن سوريا التي افترضناها حينئذ لا قدر الله تعيش فوضى، وسوف لن يكون هذا الكيان إلا حليفا لإسرائيل والغرب بمثل قياداته الحالية وهو ما من شأنه أن يهدد مصالح المنطقة بكاملها على حساب قضايانا القومية وعلى رأسها القضية المركزية. وهذا السيناريو إن حدث فإنه ستتبعه وبنفس الدينامية دويلة للطوارق بأقصى جنوب الجزائر ، وشرق المالي وشمال النيجر ، والجنوب الغربي لليبيا لتهديد المغرب العربي خصوصا و منطقة الساحل والصحراء ككل وبالجملة أقول إن حالة الفوضى في سوريا معناه خسارة لبنان وسقوطه في مربع الحرب الاهلية القديمة الجديدة ،، ولا يفوتني أن أزعم أن الفوضى المفترضة في سوريا ستتوسع لتهز من استقرار أراضي المملكة الأردنية الشقيقة ولا أظن على الخصوص أن السعودية ستكون مستعدة لذلك بضياع نفوذ آل الحريري وتغيير موازين قوى في لبنان ،وأول ضحاياه سيكون الطائفة السنية ككل وليس الدروز ولا حتى الموارنة أو الأرمن ولا حتى الأقليات الأخرى مسيحية أو غيرها، فكما كانت ضحايا الفوضى بسوريا هو الوطن لكنه يليه الطائفة العلوية، فكذلك في لبنان الوطن ثم يليه الطائفة السنية ولكنني لأظن أن قوى الأمن والحامية لمصالح فرنسا العليا سترضى بالمغامرة بنفوذها الإستخباراتي بالشرق الأوسط ، حيت تسمح لساركوزي اللعب به إلا ببديل سوري مضمون ومتحقق يضحي بالمقاومة ويفرط في الحقوق العربية وهي بالضرورة تبحث مع حلفائها في استنساخ كرزاي سوري وغيره في كثير من البلدان العربية. ان الحديث عن سوريا متشعب قد لا يتسع له هذا المقال أو هذه الخواطر، لكنني أقول وأنا من يحتفظ بعلاقات مع كل أطراف المشهد السوري سواء ببعض من بالمجلس الوطني المعارض، أو ببعض اطراف من السلطة ، أو من بعض مرجعيات ونخب الشعب السوري الشقيق....، بان خواطري هذه ستكون محل نقد وعدم رضا من أطراف النزاع كلها، ولقد كانت نصيحتي لأصدقائي في السلطة في بداية الأزمة وقبل خطاب الرئيس بشار بمجلس الشعب الذي ألقاه السنة الماضية، أن يكون خطابه في مجلس الشعب بعنوان: "الشعب يريد وأنا معه أريد ،وأقنن بالإصلاحات لما يريد.." لكن وللأسف لم يسمع لنصيحتي، أو لم يبلغ من بلغته نصيحتي للرئيس. ولقد بادرت لوساطة قبل حوالي سنتين بين فصيل إسلامي قوي في مجلس غليون المعارض ، وبين النظام لكن اعترف الآن أن النظام حينها هو من تمنع ورفض ولم أيأس فحاولت الكرة مرة أخرى في فبراير العام الماضي بعد ثورة تونس وواجهني جدار التمنع النظام مرة أخرى لكنني أقول إذا صدقت النوايا وغلّبنا المصلحة العليا للوطن وجعلناها فوق كل اعتبار، وتخلص الجميع نظاما ومعارضة من إلتزاماته ومن علاقاته إلا من إلتزام واحد وارتباط واحد وهو ارتباط الوطن وأن الدم السوري خط أحمر من أي طرف كان فلا زال أمل للحل السياسي ولقد مات من مات يرحمه الله ، ومهما كان عدد الضحايا ، ولو كانت نفسا واحدة سنترحم عليها ونحن لفراقها من المحزونين وتكون تلك الأرواح التي قضت هي الدافع للجميع لتغليب المصلحة حتى لا تكون خسارتنا أكبر في الأرواح بالدرجة الأولى ، ثم بمقدرات الدولة السورية والأمة العربية والقضية الفلسطينية. نعم إن الديكتاتورية وقمع الحريات والغلق السياسي والإعلامي لن يدوم، لا بد للشعب أن ينال حقوقه المتمثلة في التمتع بحرياته الفردية الجماعية، وأن يعبر عن آراءه بكل حرية، وأن ترجع له السيادة في اختيار من يحكمه، وأن يمارس حقوقه العقدية بدون قيد، وأن يتمتع بالعيش الكريم ويهنأ بذلك حيث تتفتق الأذهان وتنتج الأفكار ويحصل الإبداع ولا يكون حينها حدا للفكر ..وهذا ما تفتقد سوريا اليوم بعضه أو كله ، ومعها في هذا وللأسف الشديد غالبية الدول العربية أو كلها. ولكن انعدام ذلك لا يعطي المبرر لرفع السلاح في وجه أبناء الوطن الواحد فبالمستوى الذي نرفض به الديكتاتورية والعنف، نرفض أيضا الانخراط في العنف المضاد واستباحة الدم . وأكاد أجزم بان سوريا ولو كانت نموذجا للديكتاتورية العالمية، فعندما تفرط في الحقوق ولم تحتضن ولم تدعم المقاومة، وعندما تتخلى عن سياسة أمنها الغذائي ، وتصبح دولة مستوردة للقمح بدل تصديره كما هي عليه الآن
وعندما تقترض من الخارج وتصبح مدانة بالملايير كما هي عليه غالبية الدول العربية لا كما هي عليه الآن مديونية سوريا الخارجية معدومة.... لو كان ذلك لما كان ليمسها ما مسها الآن. فهي إذن تعاقب على مواقفها ، لا على ديكتاتوريتها وفي خاتمة هذه الخواطر، أنبه أصدقائي هناك ؟؟؟؟ أن موضوع "لعبة تسليح" سوريا فيه من المخاطر ما يمكن أن يكتب فيه ما يجف القلم عن إتمام كتابته ، وفيه عندي ما يقال لكم مشافهة لا غير عندما يسمح بذلك اللقاء ، ولو أنني أقر ابتداء بأن الثورات العربية ووجهات نظرنا المختلفة منها تباعدت بحيث باعدت حتى في زمن اللقاء فضلا عن الاتصال بالجوالات أو المراسلات. عجيبة هذه الشدة في المواقف من بعضكم البعض، وقريبا فقط رأينا القمة العربية منذ عشر سنوات تتبنى مبادرة السلام مع إسرائيل على جزء من الحق العربي، والتي رفضتها إسرائيل ولم تقبلها بل باشرت تشريد شعبنا وقتل أبنائنا ونسائنا، ولكنكم يا ملوكنا و رؤساءنا و قادتنا وأمراءنا ، ما وجدنا منكم سرعة ولا شدة في المواقف كما فعلتم اليوم في تجميد العلاقة مع سوريا ومقاطعتها، بل ما أصبركم على توطيد العلاقة مع إسرائيل فكثير عليكم أن تهان جلالتكم عشرة أيام من سوريا وقليل على فخامتكم وسموكم عشر سنين من إسرائيل آه يا سوريا ما أحلاك: ففيك مقابر الصحابة والأولياء والشهداء، على أسوارك تحطمت جيوش الأعداء آه يا سوريا ما أنبلك : لقد آويت قديما الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية، ومقاوم الغزو الفرنسي الغاشم آه لك يا سوريا ما أوفاك: لقد احتضنت المقاومة الفلسطينية وقادتها ، وكنت داعمة للمقاومة اللبنانية إلى أن انتصرت . آه لك يا سوريا ما أكرمك: لقد اتسع قلب شعبك لشقيقه العراقي يوم غزاه هولاكو العصر آه لك يا شعب سوريا: ما أطيبك من شعب كريم آه لك يا سوريا ما أبهاك: فقد تسامح فيك المسجد مع الكنيسة ،والصالحية مع باب ثومة آه آه آه آه يا سوريا : هل يراجع بنو العرب جميعا حساباتهم ويرحموك، ومتى يا ترى نرى حكمة أهلك ـ حكاما ومعارضة ونخبا ـ تغلب ليجلسوا على طاولة واحدة، ويفوتنا الفرصة على الأعداء مهما كنت متفائلا فالثقة بعد الله تعالى فيك يا شعبنا لا في الساسة وأنانياتهم ، فقم لتفتك منهم أيها الشعب الأبي زمام المبادرة ، واحم وطنك من شر التدخل الأجنبي فهو أساس كل داء .والسلام
عبد القادر بن قرينة نائب ووزير جزائري سابق. عضو الهيئة العربية لمكافحة التدخل الأجنبي في الوطن العربي لأي ملاحظة أو نقد يرجى إرسالها على البريد الالكتروني أدناه:
|
Monday, 26 March 2012
{الفكر القومي العربي} خواطرسياسي جزائري جريح لا خير في ديمقراطية اذا ضاع الوطن.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment