Monday 26 March 2012

{الفكر القومي العربي} سقوط الأقنعة وسفور الجماعات

سقوط الأقنعة وسفور الجماعات

قليل من التذكرة لايضيع الوقت وفيه منفعة. ومانحن بصدده ماض لم تطوه دوائر النسيان، وحاضر مازال يحمل أريج الشهداء. باختصار قبل 25 يناير أطلق الشباب المصرى دعوه لمظاهرة حاشدة يوم 25 يناير 2011. وصرحت جماعة إخوان البنا على لسان د.عصام العريان أنها لاعلاقة لها بهذه المظاهرة وأنها لاتستجيب للدعاوى التى تأتى من الفضاء الإلكترونى، ولم تنزل الجماعة يوم 25 يناير. استمرت المظاهرات واشتد ساعدها، وتحولت من مظاهرة لثورة. عندما تأكدت الجماعة من نزول أعداد كبيرة قررت النزول يوم  28 يناير والانضمام للمظاهرات، وانضمامهم المتأخر دلالته لاتخطؤه عين، ويعنى أنهم ليسوا مبادرين ولا بادئين  وإنما ملتحقين بمؤخرة الزحف، ولو فشلت المظاهرة سيقول لسان حال قيادتهم: "الذين التحقوا بمؤخرة المظاهرة لايعبروا إلا عن أنفسهم وليس عن الجماعة وسبق للجماعة أن صرحت بأنها لن تنضم لدعوات قادمة من الفضاء الالكترونى". خرج شباب مصرى مسلم ومسيحى غير مأدلج فى "ثورة عابرة للأيدلوجيات" على حد وصف الكاتب الكبير محمد عبدالحكم دياب، ضحوا ودفعوا الثمن من دمائهم وأرواحهم لتحرير هذا الوطن من الفساد والاستبداد، وتحرير الجماعات المحظورة من رق عبودية النظام البائد.

 وعلينا أن نتذكر أن من بادر وغامر وتحمل وزر الفعل وقاد المركبة فى لحظات الوغى وشدة بطش السلطة، ليس كمن التحق بمؤخرة الحافلة بعد أن ضمن حركتها بغير توقف ولا إعاقة من اللصوص وقطاع الطرق.

 وفى اول نداء من السلطة المترنحة يوم 7 فبراير 2011 هرولت الجماعة إلى السلطة واجتمعت مع نائب الرئيس آنذاك اللواء عمر سليمان، ولانريد أن نظلم ولانغتاب أحدا وسنقول إنه جرى تفاهمات بين السلطة الفاسدة ممثلة فى عمر سليمان آنذاك، وجماعة الإخوان، ولانقول تمت صفقات، فالصفقات لا تتم إلا بين ندين، وليس بين سيد وطالب الرضا، ونقول حدثت تفاهمات. أسفرت التفاهمات لاحقا بعد خلع مبارك وأعوانه من السلطة عن الاستحمار الدستورى (الاستفتاء الدستورى) يوم 19 مارس، وانشطر الوطن إلى فصيلين: فصيل الأقنعة الإيمانية الذين قالوا نعم للأبنية المعلقة من غير أساس، وفصيل الكفر المزعوم الذين قالوا لا للبناء فى الفضاء ويجب أن يكون البناء على أساس دستورى. صار الصراع بين أصحاب الاقنعة الإيمانية والكافرين بالأبنية المعلقة المؤمنين بوحدة الوطن وحريته عن أولوية الدستور. انتصرت الأقنعة بمساندة "مجلس مبارك العسكرى" وصار الدستور فى المرتبة الثانية بعد الانتخابات البرلمانية. نسوا أن الدساتير هى أساس بنيان الدولة والحكم عند تنازع السلطات وتغول الاستبداد، ولو وضع الدستور قبل انتخابات البرلمان لما حدث مانراه الآن من صراعات -وهمية- بين مجلس مبارك وتابعته جماعة الإخوان.

ابتسم الحظ للجماعات وصار لهن ماأرادن: برلمان، ولجنة تاسيسية للدستور يضعون فيها مايريدن. وقبل الانتخابات البرلمانية بقليل، وقعت أحداث شارع محمد محمود، والشباب يستشعر الخطر، ويعرف طريقه ويدافع عن ثورته بدمائه الذكية، والجماعات (المقصود بالجماعات هى الجماعة الأم "الإخوان" ومخلفاتها أو ملحقاتها من الجماعات الأخرى التى تحذو حذوها) تتهم الشباب المناضل بالبلطجة ويعرقل مسيرة الديمقراطية، وترى أن أحداث محمد محمود مفتعلة لعرقلة الانتخابات البرلمانية، وتمجد فى مجلس الإنكشارية الحاكم (مجلس مبارك)، والشباب يسقطون شهداء وهم يهتفون "يسقط يسقط حكم العسكر"، والجماعات تمالئ العسكرى، ومجلس الأنس الإنكشارى يتهم الثوار الأحرار بالتمويل الاجنبى بغير دليل، والانكشارية هم أول الممولين من الخارج وبالذات الامريكان. فى نفس الوقت وبالالتحام مع أحداث شارع محمد محمود اعتصم الشباب الحر الثائر أمام مجلس الوزراء اعتراضا على تعيين حكومة الجنزورى وعلى الجنزورى رئيسا للوزراء لانه من العصر البائد.

 انتهت اعتصامات مجلس الوزراء بمجزرة قتل فيها العديد من الشباب بقناصات صهيونية فى أيادٍ معلقة فى أجساد صهيونية ترتدى زيا عسكريا مصريا محترما.. لايعرفون ولايقدورون قيمته.. اختتمت الاعتصامات بسحل الفتيات وتعريتهن فى الشوارع.. على مرآى ومسمع من العالم كله، وصمت كل ديوث آثم لايعرف نخوة الرجولة وحرمة العرض. فى هذه الظروف القاتلة صمتت الجماعات ولم تدن فعل الاعتداء على هتك العرض، وباركت حكومة الجنزورى التى اعترض عليها الثوار واستشهدوا دفاعا عن الثورة ورفضا لتدنيسها بآلات من مخلفات العهد البائد. فضلوا الموت على مجئ الجنزورى ووزارته، بينما فضلت الجماعات الذل والانحناء لمجلس الإنكشارية، وتنكرت للدماء التى سالت وللإصابات وللشهداء  كى تسرق فوزا برلمانيا فى لحظة ترنح وطن يفيق من سكرته المهينة. كان للجماعات ما أرادن فوق أشلاء الشهداء وعلى هتك عرض بناتنا، لم يكن الامر جديدا ولاغريبا على تلك الجماعات التى سبق لهن أن صمتوا على أسيادهم الإنكشارية عندما انتهكوا عرض البنات وقاموا بالكشف على عذريتهن.

باختصار لم تتوائم الجماعة مع السياف (مجلس مبارك العسكرى بقيادة الطنطاوى وتابعه من الانكشارية الصهيونية) بل توحدت.. ورأت مايراه هو عين الحقيقة، كالت له قصائد المديح والغزل والإطراء والتأكيد على التزامه ونزاهته.. كل هذا والثوار رابضون فى الميادين بأجسادهم، وإن غابوا بفعل البلطجية ظلت أرواحهم تحلق فى سماء الميادين تؤكد على عودة الثورة بأيادى مبادريها وليس بأيادى آخر من التحق بها وأول من قفزوا من سفينتها وقطفوا ثمارها، فكانوا أول من انقضوا عليها وغدروا بها ترضية للمجلس العسكرى طمعا فى مغانم سلطوية واقتصادية

وبالرغم من توحد جماعات المصالح مع السياف، إلا أننا فوجئنا ببيان لجماعة الإخوان منذ يومين يتهم فيه حاميهم (جماعة الانكشارية) بأنه يعمل ضدهم، ويريد حل مجلس الشعب، وتتهم الجماعة حكومة الجنزورى بإهدار المال العام وتطالب بسحب الثقة منها و... . يا سلام.. ياسبحان الله.. كيف ولماذا هذا الانقلاب؟ ألم يكن هذا هو المجلس العسكرى النزيه الملتزم الصادق الوعد؟ وألم تكن حكومة الجنزورى هى حكومة الإنقاذ الوطنى التى وافقت عليها الجماعة ومن أجل عيونها تغاضت عن انتهاك عرض النساء وقتل الثوار؟ كيف يصدق الناس بيان جماعة كانت تذوب عشقا فى مستنقع الظلم والاستبداد الموروث من مبارك.. جماعة توحدت مع قتلة الثوار ومنتهكى عرض الوطن من أجل تمكينها من إجراء انتخابات برلمانية؟ الإجابة ببساطة بعد أن كشر النمر عن أنيابه خاف الحمل غير الوديع، وجرى يتدثر بالشعب، يخدعه ويدغدغ عواطفه الوطنية ويستعديه على النمر من أجل مصالحه الزائفة، وليس من اجل قيمة وطنية حقيقية. منذ أن انتخبت الجماعة فى البرلمان لم تحقق الاستقرار الأمنى المطلوب ب ازداد الإنفلات الأمنى، لم تحقق الجماعة شيئا يذكر فى صالح المواطن البسيط، فأرادت –كعادتها- أن تبحث عن فزاعة تخيف بها الشعب وتستدر عطفهم من خلالها. الشباب أدرك مبكرا مكمن الخطر، ونزل الشوارع واستشهد دفاعا عن ثورته، والجماعة متوحدة مع العسكرى المستبد القاتل. أطالب بمحاكمة أعداء الثورة من خانوها عندما ائتمنوا عليها، ومن غدروا بها عندما تخلوا عنها والتحقوا بالبرلمان. وهل يوجد برلمان حقيقى أو رئاسة حقيقية قبل انتصار الثورة وصياغة دستور جديد؟. سقطت أقنعة الجماعات، وأسفر مدعو الإسلام عن حقيقة وجودهم.. مصالحهم وكراسى البرلمان. وليتهم يتعلمون من الشيخ العظيم د. كمال الهلباوى المسلم الوطنى الثائر المحافظ على الإسلام بغير غلو ومؤمن بالمواطنة بغير ابتذال ولا ممالأة، وثائر على الظلم بغير خوف ولامزايدة. بالتأكيد لكل قاعدة استثناء، وللجماعات استثناء جيد يؤمل فيه مستقبلا ولايعول عليه حاضرا.

 

 

 

 

 

 

 

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.

No comments:

Post a Comment