Friday, 30 May 2014

{الفكر القومي العربي} كيف يمكن للسيسي أن يصلح خطيئته السياسية؟


كيف يمكن للسيسي أن يصلح خطيئته السياسية؟
بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
30 مايو 2014
هل يستطيع السيسي وصباحي تحقيق العدالة الاجتماعية؟ كان هذا التساؤل هو عنوان المقال رقم 263، وهو آخر مقال سياسي كتبته بعد ثورة يناير، ونشر في 3 فبراير 2014 ثم توقفت لاطمئنان القلب مع فترة الرئيس عدلي منصور الانتقالية. قبل قراءة المقال الحالي أتمنى من القارئ الكريم قراءة هذا المقال السابق على أحد الروابط التالية، وذلك حتى لا أتهم بما ليس بي عند الانتهاء من قراءة المقال الحالي:
مع فرحة الشعب المصري بالنتائج الأولية لانتخابات الرئاسة وفوز المشير بنسبة حوالي 97% مقابل 3% فقط لصباحي مع وجود أصوات باطلة تساوي في عددها ضعف ما حصل عليه صباحي تقريبا لابد أن يدرك الحكماء والمحللون والناقدون السياسيون أن هناك خللا ما. ما هو هذا الخلل وكيف يمكن علاجه؟ أعتقد أن المشير السيسي هو الذي يجب أن يسأل هذا السؤال، كما يجب عليه أن يكون أحرص الناس على علاج هذا الخلل بحكم مسئوليته في رعاية هذا الشعب وإقامة تلك الدولة.
الخلل هذا يتمثل في وجود ثلاثة أنواع من الشعب المصري جميعهم يقعون في المجال غير الطبيعي. الفئة الأولى وهي السواد الأعظم من الشعب المصري (المصوتون للمشير السيسي)، فئة سلكت سلوك القطيع البشري أو سلوك السرب البشري. لماذا تلجأ المخلوقات إلى سلوك القطيع أو السرب أو التجمهر البشري؟ السبب الأساسي هو الخوف، وفي الحالة المعاصرة هو الخوف من الإرهاب ومن الإخوان المسلمين والاستبداد الديني الأعمى وتفتت الدولة بمخططات الشرق الأوسط الجديد. (تذكروا مشهد سؤال الأستاذ ابراهيم عيسى، الناقد الشجاع، للمشير "يعنى في حالة نجاح المشير ألن يكون هناك إخوان؟ فكان جواب المشير كلمة قاطعة آه.) البعض قد يفسر هذا الاكتساح للمشير السيسي بدور الإعلام وإشاعة النتيجة المحسومة وتحويلها إلى حقيقة أو نبوءة ذاتية التحقق Self-fulfilling prophecy أو وقوف الدولة والأغنياء بجانب المشير، ولكن يبقى الخوف والبحث عن الأمن هو العامل الرئيسي لهذا الاكتساح وخاصة من جانب شعب تعود على التبعية والاعتمادية على سلطة مركزية طوال تاريخه الأقدم على سطح الأرض حتى أتت ثورة 25 يناير لتزلزل هذا التراث النفسي القديم، والذي يبدو أنها لم تنجح في ذلك نجاحا ملحوظا.
النوع الثاني من الشعب المصري هو تلك القلة التي انتخبت حمدين صباحي. هم أيضا جماعة متطرفة ولكن في الاتجاه الإيجابي المحمود، تستطيع أن تسميهم حكماء أو مثاليين إن شئت، فهم يتميزون بالخصائص التالية:
1.    متفتحو الفكر، ذوو رؤية، ومستعدون دائما لاكتشاف الأفكار واختبارها، ساعون دائما لما هو أفضل للجميع وليس لهم شخصيا.
2.    يتمتعون بالجرأة والشجاعة وقبول المغامرة المحسوبة، مبدعون لا يخافون الفشل.
3.    غير أنانيين لا يسعون لتعظيم الذات، ودائما مستعدون لتقبل الرأي والنقد.
4.    يعشقون عملهم طالما أنه يضيف قيمة وفائدة للآخرين وبيئتهم الاجتماعية والإنسانية.
5.    عاطفيون، نشطاء، حيويون، متحمسون، وديناميكيون يرغبون دائما في إزالة العوائق والمعوقات.
6.    يتميزون بالقدرة الفهمية العالية لإدراك القضايا المعقدة وتحويلها إلى قضايا بسيطة سهلة التنفيذ.
7.    التحلي بالأخلاقيات والقيم السامية. النزاهة هي شفرتهم الأساسية.
8.    التميز بحاسة سادسة تتمثل في الفراسة والحدس والقدرة على قراءة الناس نظرا لقدرتهم على التعاطف واتخاذ دور الآخرين وتفهم الظروف المحيطة بهم.
9.    يؤمنون بالاختلاف والتعدد والتسامح في ظل عدم الخوف وعدم شهوة السلطة والنفوذ.
10.                      يتميزون بالإبداع والابتكار. لا يلتحمون بالقواعد العادية. يتحدون التقاليد المكبلة للفكر والإبداع والصواب والإخلاص.
النوع الثالث من الشعب المصري هم أصحاب الأصوات الباطلة، وهم ببساطة فئة لا "يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب" رفضوا كلا المرشحين إما دعما للإخوان والتيار الديني الخاسر معركته، أو ضيقا بالمجتمع كله وعدوانا عليه. أما الذين لم يذهبوا للصندوق أنفسهم فهي نسبة عادية لا تقلق ولا تدعو للتعجب.
الخلاصة: أين الخطيئة السياسية للمشير السيسي؟ نعم هو تردد كثيرا، ولكني لو كنت مكانه ما اتخذت قرار الترشح للرئاسة مهما كان الضغط على شخصيا، فالضغط لم يكن لشخص السيسي نفسه فهو لم يكن معروفا حتى في وجود فترة المجلس العسكري الذي كان هو أصغر عضو فيه. الضغط الشعبي كان استدعاء لشخص قوي يعالج الخوف الذي شرحناه أعلاه. كان على المشير أن يتصور الدولة المدنية وآمال الثورتين وطموحات الشعب، ومن ثم فكان عليه أن يعلن أن الجيش سيكون هو الحامي للشعب والمزيل لأي خوف حالي أو قادم كما فعل بالفعل، وأن السياسة للمدنيين والجيش خادم للدولة وخاضع لها وأن العسكريين وهو على رأسهم لديهم رسالة ما أرقاها وهي رسالة "الأمن"، وأما "الجوع" والقضاء عليه فهو رسالة المدنيين. إذا استطاع المشير السيسي أن يقيم الدولة المدنية بحق، ويتقمص الشخصية المدنية بحق، وأن يحكم بالعدل  بحق، ويضع الجيش في وضعه الطبيعي بحق، ويتخلص عامدا متعمدا من سيطرة الجيش والعسكريين على الكثير من المناصب المدنية والثروة الاقتصادية الوطنية فيكون قد نجح في علاج هذا الخطأ السياسي غير المقصود.
 
Prof. Mohamed Nabil Gamie
Department of Rural Development, College of Agriculture,
Alexandria University, Al-Shatby, Alexandria, Egypt
mngamie@yahoo.com
01227435754



No comments:

Post a Comment