مقابلة رئيس المؤتمر الشعبي كمال شاتيلا مع "المنار" ضمن برنامج "مع الحدث"- 27/2/2012 حول المشهد في سوريا بعد الإستفتاء على الدستور ومؤتمر تونس والتوازن الدولي الجديد * الحدث اليوم هو سوريا، الاستفتاء بالامس كان حدثاً تاريخياً بالنسبة للمسار السوري كيف تنظر الى هذا الاستحقاق؟ - اولاً أريد أن أحيي المشاهدين والمشاهدات وأترحم على الشهداء والضحايا في هذه الازمة السورية الصعبة، وأسأل الله الشفاء للمصابين. الازمة السورية الحالية من الاساس كان هناك تتبع لمجرى الحراك الشعبي، بالبداية أساء بعض المسؤولين بالدولة التعامل مع الحراك الشعبي، لكن لو كان هناك أغلبية ساحقة تريد إسقاط النظام في سوريا لتم ذلك خلال سنة، لو كانت هناك اغلبية شعبية شبيهة مثلاً بالثورة الايرانية لكان النظام قد انتهى في سوريا، انما هنا يطرح السؤال: لماذا لم يسقط النظام؟ هل لم يسقط لانه يستخدم الشدة مع المجموعات المسلحة؟ ولكن عملياً عندما ننظر إلى دمشق وحلب واللاذقية وغيرها نجد أن ليس هناك حراك شعبي في اغلبية المحافظات السورية هناك بعض الاماكن المحدودة التي يشغلها حراك مسلح، فلو بقيت المظاهرات سلمية لأثرت أكثر على النظام، لكن ما نشهده حتى الآن وبعد سنة ان المظاهرات انحسرت واعتمدوا اسلوب المجموعات المسلحة التي تفجر وتضرب وتقتل وتستدعي ردود فعل عنيفة في نفس الوقت في عدد من الأماكن السورية خاصة المجاورة لحدود لبنان وتركيا والاردن والعراق، اذن نحن لسنا الآن امام أغلبية شعبية تريد اسقاط النظام، الاغلبية في سوريا مع التغيير مع الاصلاح مع التعددية، مع الحقوق الاجتماعية، لكن الاغلبية ليست على الاطلاق مع الاسقاط ومع استخدام العنف. ولعله من المفيد القول ان من اسباب الانتفاضة اصلاً في سوريا اضافة الى موضوع الحقوق السياسية، هناك الحقوق الاجتماعية التي تسببت بها تركيا التي تدعو اليوم الى تدخل انساني، بكل بساطة ان هناك حصة معروفة من المياه من نهر الفرات الى سوريا تستفيد منها وتسقي كل المناطق المجاورة من دير الزور وغيرها، ولكن تركيا ورغم الصداقة التي فتحت معها خلال السنوات الاخيرة بين سوريا وتركيا، الاّ انها احجمت عن استمرار تدفق المياه وفق حصة سوريا، مما ادى الى جفاف خطير جعل مئات الألوف تنزح من الحدود التركية السورية، اي أن جزءاً من المنتفضين بالارياف اليوم هم ضحايا شح المياه التركي لسوريا، وبنفس الوقت يقول التركي انه تهمه الناحية الانسانية والممرات، فضلاً عن اغراق السوق السوري بالبضائع التركية نتيجة الانفتاح. * بالعودة إلى دلالة الاستفتاء بالامس، وما الجديد الذي سيضيفه؟ - في تقديري لن تكون نتائج الاستفتاء السوري على الدستور الجديد 99.99 بالمئة، أنا أرى قياساً لتحركات الشعب السوري بين مؤيد وبين معارض خاصة معارض مسلح معزول، النسبة سوف تكون أكثر من 60 بالمئة، وهذا ليس بغريب على هذه الاكثرية، الاكثرية الآن في سوريا تشعر بأنه بالاشهر الأولى للحراك الشعبي كانت هناك موجة تطالب بالاصلاح، وبالتغيير وبالتطوير، لكن البعض ركب هذه الموجة لاستهداف وحدة سوريا وعروبة سوريا واستقلال سوريا، اي ان المنتفضين عسكرياً أو أمنياً توقفوا عن طرح المطالب، فهم يثيرون مواضيع مذهبية مما لا يصب في اطار تغيير النظام وانما تغيير معالم الوطن السوري او تقسيمه الى كيانات عرقية وطائفية ومذهبية حسب المشروع الشرق الاوسط الكبير الجاري في سوريا الآن، كما جرى في ليبيا والعراق وكما يحاولون في مصر حتى الآن عبر الفوضى التي تنتج دويلات طائفية. الشعب السوري وعى خطورة ما يجري وبأن سوريا ككيان وطني مستهدفة، مستهدفة بوحدتها بالتقسيم، وبعروبتها، فحينما نقرأ وثائق اميركية بأن هناك مجموعات مسلحة تتدرب لتدخل سوريا حينما تحدث فوضى شاملة لتفجر الصواريخ وتفجر مرابض الطائرات، وتفجر الاسلحة المتقدمة في سوريا، هل ذلك له علاقة بمطالب او باطلاق نار على متظاهرين او أن هناك مساكين يجب انقاذهم بالواقع.. طبعاً ليس لمهمات هذه المجموعات علاقة بما يطرح، إذن نعرف من ذلك ان المطلوب تحطيم وحدة سوريا، عروبة سوريا، انهاء وجودها على خط الصراع العربي الاسارئيلي، لأن سوريا بعد كامب ديفيد وبعد وادي عربة في الاردن اصبحت هي على خط الصراع العربي الاسرائيلي المواجهة للصهاينة والمعتدين، ولديها اسحلة متقدمة ولن يكون من السهولة بمكان على الصهاينة ان ينجحوا في ضربها، اذن الاحساس الشعبي السوري ان هناك ما يطرح في الخارج، لدى الاميركيين والاطلسيين عموماً ما يتعدى تغيير النظام، ما يتعدى تغيير الرئيس حتى يصلوا الى اهدافهم، وامامنا تجارب، اي ان السوري الذي دخل الى بلده حوالي مليون ونصف مليون عراقي، نتيجة الاجتياح الاميركي للعراق، والذي ولّد مليون ونصف مليبون ضحية أيضاً، بالاضافة الى خمسة ملايين مهّجر، فالعراقي كان يروي لجاره السوري ماذا حصل نتيجة الاجتياح الاميركي للعراق وما رآه من ويلات ومصائب، اختزنت بذهن الشعب السوري، فما يمكن أن يحدث لسوريا لو تسلّم أمرها الاطلسي والاميركي بحجة انسانية او بحجة ديمقراطية، حصل هذا المشهد بليبيا، وما جرى في لبنان من حرب تقسيمية لمدة 16 عام، كل هذه المشاهد اختزنها الشعب السوري بذهنه، لذلك نجد ان الشعب السوري لا يريد أن يغامر ولا يريد أن يقامر خاصة أن البدائل المطروحة مشبوهة، أي أن ما يطرح هو مشروع تقسيم مذهبي طائفي. * هم لا يدعون الى مشروع تقسيم طائفي مذهبي؟ - هم عملياً يمارسون ذلك وهناك 7 محطات إعلامية تشحن طائفياً ومذهبياً وهنا لا بد أن أقول الذي يريد أن يكون مسلماً مؤمناً عليه أن يتوجه للأزهر، الازهر هو المرجعية.. السؤال من هي مرجعية المجموعات المسلحة؟ هل من المعقول أن زعيماً على 50 او 60 عنصراً يشكل مرجعية يكفر من يريد ويجعل مؤمناً من يشاء؟ هل هذا هو الاسلام؟ لقد طرح شيخ الأزهر وثيقة الحريات العامة وسيعقد مؤتمر في لبنان وسنشارك به حول هذه الوثيقة الرائعة، وقد قال شيخ الأزهر منذ فترة وجيزة أن السنة مسلمين والشيعة مسلمين ونحن نعرف ان الازهر وبعهد عبد الناصر والشيخ شلتوت أقرّ أن المذهب الجعفري كبقية المذاهب، اذن هناك عند المسلمين بأكبر مرجعية مساواة للمذاهب، فكيف لهم أن يكفروا طرفاً على طرف آخر؟ ليس من السليم أن يكفر غلاة الشيعة السنة، وليس سليماً ايضاً ان يكفر غلاة السنة الشيعة!! والتكفير يحصل بالجملة وهذا مخالف للدين.. بالعودة الى تاريخ سوريا، فالسوري ارتضى صلاح الدين الايوبي الكردي الذي ولد في بعلبك بلبنان أن يكون قائداً له مع الجيش المصري لمحاربة الافرنجة ولم ينعت السوري صلاح الدين أنه كردي، لأن صلاح الدين يتبنى قضية التحرير من الاحتلال، وايضاً بالانتداب الفرنسي نصّب السوريون السيد فارس الخوري المسيحي رئيساً للوزراء، لأنه كان ضد الاستعمار الفرنسي، ايضاً وأيضاً جول جمّال الذي فجر نفسه بالباخرة الفرنسية جان دارك ثأراً من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وكان من الاستشهاديين الأوائل ولم يُسأل عن مذهبه وهو المسيحي العروبي الاستشهادي الاول، علي بوظو الكردي ومنذ عشر سنوات نصب رئيساً لمجلس الشعب في سوريا.. السوريون بأغلبيتهم الساحقة لا يسألون ولا يهتمون لطائفة او مذهب الحاكم، وانما يسألون عن سياسته هل هو تحرري؟ هل يصون وحدة البلاد والعباد؟ هل هو عربي صحيح؟ هل هو يقبل بالاستعمار والاحلاف ام هو ضد الاستعمار والاحلاف؟ هكذا يقيّم الشعب السوري الحاكم، لذلك ومن ضمن معاني الاستفتاء ان الشعب السوري بأكثريته لم ينجرف الى حالات العصبيات الطائفية والمذهبية. * كيف تفسر وصول اطراف مؤتمر تونس الى هذا التشتت وخيبة الأمل عند المعارضة السورية التي ترى اليوم بوادر الانشقاقات وازمات داخلها؟ - استطاع الاميركيون أن يحجزوا لهم مجموعات قليلة وقدموها بمؤتمر لندن بالعام 2003 قبل اقتحام العراق وتدمير العراق، وتوفقوا في اخذ مجموعة اخرى في ليبيا قبل تدخل الاطلسي، كان القذافي قد قتل 300 إنسان بليبيا ولكن عندما تدخلوا عسكرياً بليبيا كانت النتيجة أن قتلوا مئة الف ليبي.. وهذه من ضمن الاسباب التي لا تنطلي على الشعب السوري الكذبة الانسانية، لأن الاميركي لو كان إنسانياً لما قتل مليون ونصف مليون عراقي، وماية الف بليبيا، ولا يسمح لاسرائيل ان تقتل مئات الالوف في فلسطين. هناك في افغانستان من قام ثأراً لحرق القرآن الكريم في قاعدة "باغرام" الاميركية، خرجوا بمظاهرات سلمية ليس فيها سلاح اطلقت القوات الاميركية عليهم النار وهم عزّل، احصي حوالي 90 قتيلاً من خلال 20 مظاهرة عمّت معظم المحافظات بافغانستان. * كنت تتحدث عن عناصر فشل مؤتمر تونس؟ - يجب ان ندرك تماماً أن هناك متغيراً اساسياً ما بين الوضع الدولي الذي كان اثناء الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003، وبين الوقت الراهن، في الوقت السابق كانت الساحة الدولية حكراً على الولايات المتحدة الاميركية الآن. وكما توقعت منذ 10 سنوات أن الاتحاد السوفياتي اذا تفكك فإن روسيا النووية القومية العريقة لم تسقط، فبقيت روسيا التي حسّنت نفسها في عهد الرئيس بوتين حتى تحولت الآن أي بعد عشر سنوات من الانفراد الاميركي من دولة كبرى الى دولة عظمى، وتحولت اميركا من دولة عظمى كما مارست خلال 10 سنوات الى دولة كبرى... في البداية كان هناك انفراد اميركي بالساحة الدولية، اما الآن نحن امام صحوات حضارية بالامم الاخرى، حضارة الهند، حضارة الصين، حضارة روسيا، هي صحوة حضارية مرتبطة بالاخذ بعلوم العصر، كما يحصل ايضاً في ايران، نحن الآن امام توازن دولي جديد، توازن قاري، لنقل بين الاطلسي باوروبا واميركا في مجابهة آسيا، ثلثا المال العالمي اليوم موجود في بنك التنمية الآسيوي، وهو أغنى من البنك الدولي، والذي تطالبه اوروبا الآن بتحسين اوضاع اليورو بقروض من آسيا، آسيا التي منها الصين استدانت منها اميركا 2 ترليون دولار، فأميركا ترزح تحت دين 37 ترليون دولار. انتهى تماماً امكانية السباق التكنولوجي بينها وبين آسيا والنمور الآسيوية، إذن الموضوع بالموقف الروسي والصيني لا يتعلق فقط بسوريا وانما نحن امام مشهد دولي جديد بتوازن دولي جديد، الموضوع ليس بالفيتو الروسي بحد ذاته، نحن الآن امام مشهد جديدـ تقسيم العالم نصفين، باستثناء الاطلسي هناك بالمقابل يضاف جنوب افريقيا والبرازيل واكثر من عشرة دول باميركا اللاتينية. * اليوم سوريا في الجمهورية الثانية بعد طرح الدستور الجديد، الكثير يتساءل ما مقدار الضمانات للتنفيذ في ظل نظام يريد أن يجدد نفسه بالإصلاح. البعض يشكك بقدرة هذه الانظمة على تنفيذ اصلاحات جدية تطال البنية الاساسية التي اعتادوا عليها على مدى عقود من الزمن، ما مقدار المصداقية والقدرة على تنفيذ هذه الاصلاحات بشكل جذري؟ - حصلت تجربة باوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. بداخل دول اوروبا الشرقية التي فيها احزاب شيوعية وتقدمية، هي نفسها اعادت النظر بتكوينها وبسياستها وقسم منها ترشح للانتخابات ونجح.. اي ان النظام نفسه يغير اوضاع ويغير دساتير وقوانين لينسجم مع معطيات القرن الواحد والعشرين في الديمقراطية، في التعددية، في فصل السلطات، في الحريات العامة، في حرية المعتقد والتعبير، أنا أعتقد أنه في سوريا وغير سوريا وما نقوله يجب ان يعرفه اخواننا في الخليج، لم يعد ممكناً قيام فكرة حزب واحد، او فئة واحدة، او حتى طبقة واحدة، لا ننسى انه وبالمنطقة العربية الطبقات الاجتماعية التي تسلقت على السلطات بعد الردة الساداتية وأثرت على عموم المنطقة لتصفية عهد عبد الناصر، هذه الطبقات جربت الرأسمالية الوحشية، وجربت الاقتصاد الدخيل، دخلت بالغات، دمرت الصناعات الوطنية، تمركزت السلطة فيها، لم يعد هناك فصل سلطات بين تشريعي تنفيذي وقضائي، نحن نتكلم عن مجمل الوضع العربي العام. بهذا الوقت في الخليج وبوجود الوفرة المالية، فإن البعد الاجتماعي يتأخر بعض الشيء، إنما هم يعيشون عصرهم بنفس الوقت ويعرفون تماماً أن السلطة يجب أن تكون بالدرجة الأولى للشعب، من هنا نقول ان الوضع بالاساس بسوريا انتهت الحقبة التي فيها حزب واحد ناتج من مرحلة الستينيات ويحكم بالسلطة وحدة، ومعه جبهة تقدمية محدودة التأثير بصراحة، وبالتالي فالتعددية السياسية اصبحت موضوعاً حتمياً وعملياً يجب ان يحصل، وكذلك الانتخابات بمجلس الشعب، اذا كانت الانتخابات النيابية سابقاً بسوريا اشبه باستفتاء، اما الآن فبالتعددية السياسية لا يمكن ان تصادر موضوع الحريات السياسية والتعددية في سوريا، وكذلك التعددية الاعلامية، وقد صدر قانون خاص بالحريات السياسية وقانون خاص بالحريات الاعلامية، لكن اقترح بموضوع قانون الانتخابات النيابية لا بد من مؤتمر وطني يناقشها حتى يكون في أحسن الحالات للتعبير لأن مجلس النواب سوف يكون المصدر الاساسي للتشريع. * برأيك الموقف السعودي والخليجي لماذا تمادى الى هذا الحد؟ لم نجد هذا الموقف تجاه الثورة التي حصلت في تونس، بل بالعكس احتضنت السعودية زين العابدين، ايضاً تجاه مصر حتى الآن لا يزالون يمارسون حصاراً على هذه الثورة وكانوا متعاطفين مع حسين مبارك وارسل له موفدين، وكانوا منزعجين من سقوطه. المسألة مع سوريا فيها تماد حاد، انما بالعادة يحتفظون بشيء من الدبلوماسية في التعاطي؟ - للاسف الشديد الارجح إن قسماً كبيراً من أسباب الموقف الخليجي السلبي بهذا الشكل من سوريا، يعود ربما لمفاجأتهم بالتغيرات الدولية وبالتالي الخوف على انفسهم في منطقة الخليج، ومن ثم صعود التيار الدولي التحرري بقيادة روسيا والصين ان ينعكس عليهم، لأن العلاقات بين الدول الخليجية وبين الولايات المتحدة الاميركية أكثر من كبيرة وهناك اعتماد كبير عليها في موضوع الحماية الذاتية. الناحية الثانية أن الموضوع ليس فقط مؤسفاً تجاه سوريا انما الموضوع الثاني الخطير لأن مصر تخوض بقيادة المجلس العسكري الأعلى منذ أربعة شهور معركة سياسية ضد الجمعيات الممولة اميركياً، في نفس التوقيت رفض المجلس العسكري في مصر دفتر الشروط الذي كان يوقعه الرئيس حسني مبارك اوتوماتيكياً والمتعلق بالمنحة السنوية مليار ومئتي مليون دولار منذ معاهدة كامب دايفيد عام 1979، تجمدت هذه المعونة، ومصر تخوض معركة ضد الجمعيات الممولة واعتقلت 37 اميركي وبدأت محاكمتهم بالأمس، وكل التهديدات الاميركية الصادرة ضد مصر من الكونغرس وغيره لم تنفع لأن المصريين قالوا لهم اننا عهداً جديداً وهو غير عهد مبارك، وهذه الجمعيات تمس السيادة الوطنية المصرية، فبالربط بين موضوع الخليج ومصر، بالوقت الذي اعلنت دول الخليج عن مساعدات ضخمة لمصر لتخرج من كبوتها الاقتصادية، نجد أن الاميركان الذين اوقفوا المعونة ارتبط توقف دول الخليج عن دفع ما قرروه لمصر بنفس التوقيت، وكانهم ارادوا ان يستخدموا عنصر ضغط على مصر في حالة من الوضع السيء اقتصادياً واجتماعياً، هناك اقفال في مصر لحوالي 1200 مصنع، في حين ان مصر تتطلع الى الاشقاء ليتضامنوا معها كما تضامنت معهم في عدة أمور، فإذا بنا نجد أن دول الخليج وللاسف الشديد اعتبرت نفسها جزءاً من حالة الضغط الاميركي على مصر في موضوع يتعلق بالسيادة الوطنية المصرية، هذا موقف لا بد من التراجع عنه لأن ما يستغرب أن احياناً دول الخليج وفي مشاكل داخلية او علاقات بينية عربية سلبية يتدخلوا بشكل وفاقي وتقريبي، وكان من المنتظر فعلاً من بعض دول الخليج خاصة الكبيرة ان يدخلوا بموضوع التقريب بالازمة السورية لا عنصر تشدد، هذه الامور لا يمكن ان يكون لها افق، نحن نعتقد أنه كلما صمد الشعب السوري وكانت الوحدة الوطنية السورية متينة بدون اختراق يذكر، فإن هذه المواقف كلها سترتد وسوف تتراجع امام هذا الصمود. المؤسف أننا مدعوون لأخذ الديمقراطية من قطر، ويقال أن هناك بعثة سويدية متوجهة الى قطر لدراسة التجربة الديمقراطية القطرية لكي تستفيد السويد والدنمارك منها!!! هذه هي الحال الذي وصلنا له حقيقة اقل ما يقال فيه انه منتهى التخلف والكاريكاتورية. * كم هي قدرة هذه المجموعات عبر الحدود وتهريب الاسلحة، ونحن نعرف أن حدود سوريا البرية هي طويلة، فكيف بالحدود العراقية او حدود الاردن وتركيا، كم سوريا قادرة على التعامل الامني والعسكري وحسم هذه الأمور؟ - هذه مسألة فنية لا أعرف فيها، اما بالاطار العام، ليس من الممكن لمجموعة تتحرك الا تقريباً في بيئة حاضنة، البيئة الحاضنة في سوريا على النطاق الواسع غير موجودة، ليس هناك ايمان في الاكثرية الشعبية بأن استخدام السالح يفيد في التغيير او في اسقاط النظام، لذلك تهريب السلاح والمال بقي تأثيراته محدودة ويتعامل معها الجيش على هذا الاساس. لو اخذنا الشق الاساسي في المعارضة الوطنية، هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي برئاسة الاستاذ حسن عبد العظيم، رأيهم أمران اساسيان: التدخل الاجنبي مدمر لسوريا، وهذه نقطة الخلاف الاساسية مع مؤتمر اسطنبول، والناحية الثانية هي ادانة اي استخدام سلاح من قبل الحراك الشعبي، هذا هو رأيهم الفعلي، والشعب عموماً ايضاً يرفض، اذن لا يبقى إلاّ جماعة اسطنبول الذي من غير المعروف تاريخ معظم الناس المنتمين له، تاريخهم، عملهم بسوريا، او بالمعارضة، اغلبهم اناس مجهولون وغير معروفين، كيف للشعب السوري ان يغير نظام ويسقطه ويأتي بأناس مجهولين بدلاء قسم منهم مرتبط بالامريكي، وقسم بالفرنسي، وقسم بالبريطاني وقسم بالتركي؟ عندما نريد أن نغير بشيء يجب ان نطرح بديلاً أفضل وأحسن وأجود. هيئة التنسيق السورية سوف تعقد مؤتمراً في فترة قريبة، وأناشدهم الاقبال على الحوارسريعاً، هم لديهم شروط بوقف العنف واطلاق سراح المعتقلين كأساس لأي حوار. نقول للدولة السورية بأن يتعاملوا معهم ايجابياً وان يطلقوا سراح المعتقلين، وتهدئة الامور بإيقاف العنف حتى يبقى هناك مجال لحوار وطني واسع يدخل على اثره الآخرون لبلورة الاصلاحات الدستورية والقوانين المطلوبة من اجل التغيير في سوريا وتحصين الوحدة الوطنية السورية. نستطيع ان نقول ان المشهد السوري حتى الآن أن هناك وحدة وطنية قوية لم تمكن الحلف الأطلسي من احداث اختراق واسع في الحالة الشعبية السورية وهناك تماسك في الجيش الوطني السوري المطلوب صهيونياً تدميره او اضعافه او تقسيمه، حتى يحصل في سوريا كما حصل في العراق بعد تصفية الجيش ببروز ميليشيات تقسيمية ادت الى دستور تقسيمي ونسف عروبة العراق. هذا هو المستهدف، الجيش يدرك ذلك، والشعب ايضاً، والجيش من الشعب وبقي قوياً ومتماسكاً. اذن لدينا عامل ثبات القيادة، الوحدة الوطنية ووحدة الجيش، ووحدة الكيان الوطني السوري، وكما عبرت في البداية أن مشاعر الشعب السوري انها تتمسك في وطنها حتى اصبح هناك نوع من عصبية وطنية سورية نتيجة لهذه الهجمة الاجنبية الاقتلاعية، وآمل ان يستقر المشهد وأن يتوقف العنف عموماً، وان يُحاصر المسلحون ويجردوا من اسلحتهم، من اجل الوصول الى استقرار اكبر وأوسع. وأرى أن المحاولات التركية المرتبكة لم تفلح في اي تغيير اساسي في الوضع السوري، لأننا لو تذكرنا ان الوطن العربي نفسه الذي كان تحت الهيمنة العثمانية لحوالي 400 سنة قامت فيه حركة وهابية في السعودية كانت وقتها حركة تحررية في مواجهة العثمانيين، وحركة سنوسية في ليبيا، وحركة مهدية في السودان، أي عندما كانت تركيا دولة عثمانية ضد الغرب كان عليها حركات تمرد عربية اسلامية، فكيف اذا كانت تركيا جزءاً من حلف الاطلسي الاستعماري وعلى علاقة ممتازة مع الصهاينة، اي اننا لم نقبل التركي عندما كان ضد الغرب لأنه كان يهيمن علينا، فكيف لنا أن نقبل به او يقبل به الشعب السوري الذي قال عنه القائد جمال عبد الناصر "قلب العروبة النابض" وان يتخلى هذا الشعب عن عروبته ويدخل في عملية التتريك. الاوساط البسيطة المحدودة التي تتنازل لتركيا اليوم يجب ان لا توقع الاتراك بالاغراء، يجب ان يعرفوا التاريخ تماماً خاصة ان السيد اوغلو يدعي لنفسه المعرفة وانه من كبار الفلاسفة، وادخل تركيا بكثير من المشاكل عكس ما قاله في كتابه، وهو يكره القومية العربية لانه يعرف ان العروبة إستقلالية ولا تقبل استعمار.. * لا يمكن ان تنكر انهم كانوا اذكياء في الاستخدام الاقتصادي لهذه العلاقات وقدروا أن يحققوا نمواً وانتاجاً ضخماً لتركيا ولصالح تركيا الاقتصادية خلال الفترة الماضية وكانت على حساب روسيا والعالم وعرفوا كيف يلعبون مع الجميع. - نحن مع علاقات طيبة بين الشعب العربي والشعب التركي، ولكن برأينا أن نفسها تركيا التي اصبحت براغماتيكية تتغير بسرعة وتتكيف مع اي ظرف تريد. برأينا ان الصمود الشعبي السوري على وحدة وعروبة واستقلال سوريا سوف يجبر تركيا على تغيير سياساتها، ما سيجبر دولاً كثيرة على مراجعة حسابتها. وهنا أود أن أنوه الى المظاهرات القومية والناصرية التي قامت ضد مؤتمر تونس في قلب تونس وكادوا أن يقتحموا مقر المؤتمر، رفضاً لمؤتمر يتآمر على سوريا. * هناك شيء بالسياسة التركية، ازدواجية بين الخطاب التعبوي الذي يمكن ان يجمع الحشد العاطفي وبين الفعل السياسي، اي عندما كنا نرى اردوغان يتحدث عن اسرائيل ذكّرنا صلاح الدين، اما في أرض الواقع بقيت العلاقات التركية – الاسرائيلية على مستوياتها السابقة. - في حينها نحن لم ننخدع، كنا ضد نشر الاعلام التركية في بيروت وبعضها نزعته بيدي، حينها قلنا انه عندما تخرج تركيا من حلف الاطلسي وتوقف علاقاتها مع اسرائيل سوف نرفعها على الرؤوس، على ان لا نجعلها تتحكم بنا، ولكن سنحترمها ونحبها ونقدرها، علام كل هذه الخطابات العنترية التي يدلي بها السيد اردوغان؟ لو أخذنا فترة حكم الحزب الاسلامي (ارباكان) في التسعينيات، هل تعلمون أيها المشاهدين والمشاهدات أن أرباكان رئيس الحزب الاسلامي هو الذي وقّع كل الاتفاقات التسليحية مع اسرائيل، وكل الاتفاقات الامنية مع اسرائيل الموجهة ضد العرب، وبدأ بدراسة مد أنابيب مائية من تركيا الى اسرائيل؟ إن قدوم اردوغان كان على اساس انقلابي على ارباكان، فلماذا غض النظر عن المعاهدات التي وقعها ارباكان مع اسرائيل؟ فإذا كان اردوغان سيد تركيا ندعوه لالغاء الاتفاقات مع اسرائيل. وبالنسبة للموقف السياسي، نتذكر أنه في عهد عبد الناصر حصل بين اليونان وتركيا أشكالات حيث وقف عبد الناصر مع اليونان لأنها كانت قد رفضت عرضاً بايجاد قواعد عسكرية بريطانية على اراضيها، وتركيا كانت موافقة على وجود قواعد عسكرية بريطانية، وهي كما نعلم بالحلف الاطلسي منذ الخمسينينات، حينها قام بعض الاسلاميين البسطاء ضد عبد الناصر متسائلين وللاسف: كيف لعبد الناصر ان يقف مع اليونان الدولة "المسيحية" ضد تركيا الدولة "المسلمة"؟ أي اسلام بتركيا يدعو الى دخول حلف اطلسي وبيع قرار تركيا لأجنبي؟ هنا نقول ان الموضوع سياسي وليس طائفياً او مذهبياً، علينا ان ننظر إلى سياسة التركي وعلى اساسها أتعامل معه، لأن التركي يستعمل قضية المذهب والدين حسبما تقتضي مصلحته.. * لا بد أن نطل على فلسطين، وهي القضية الجوهرية التي تفسر كل ما يجري في المنطقة، أين فلسطين اليوم في الهم العربي والقدس، والكل يجمع على أن اسرائيل تختزل الاوقات وتغير الوقائع بشكل مذهل كل يوم وكل ساعة ودقيقة؟ - سماحة السيد حسن نصر الله، قال نقطة مهمة جداً: ان الناس الذين يتهمونه انه مع طرف ضد طرف بسوريا قال لهم "ان جوهر الموضوع فلسطين" وهذا هو فعلاً البوصلة، يعني ان المواطن العربي يسأل دائماً من الخليج الى المحيط، ما هو موقف كل دولة من فلسطين؟ هل يحارب من أجل فلسطين، أم يبذل جهداً، ام يوقف عملية التهويد، أم يساعد الفلسطينيين، أم يطرح قضيتهم على العالم؟ اي هل هناك التزام بقضية فلسطين؟ اما بالنسبة لبقية القضايا فيمكن التفاهم اذا كان هناك التزام.. هنا نشعر أن الفكرة الاساسية لمشروع الشرق الاوسط الكبير هي انهاء أو تنويم قضية فلسطين وجعلها على الرف للمفاوضات بين الحين والآخر، والالتفات الى اوضاع داخلية والايغال بها.. الرئيس الفرنسي ساركوزي قال إنه سعيد بالربيع العربي لأنه لا يسمع اصواتاً ضد الغرب او ضد اسرائيل! ولكن هذا الكلام غير صحيح، لأن الذين هاجموا سفارة اسرائيل في مصر وحطموها واجبروا السفارة على الرحيل هم من صميم ثورة 25 يناير، وفي تونس البعد القومي العربي للثورة اي الجانب التحرري هو مستمر بالاماكن التي تأخذ القوى الوطنية بيدها القرار، اميركا في اول مرحلة تصرفت مع مصر وكأن الثوار هم جماعة اميركا واصحاب الاميركان يحكمون، بعد قليل تفاجأوا بموضوع الجمعيات الممولة، والهجوم على سفارة اسرائيل، وحرق علم اميركا في ميدان التحرير وتفجير انابيب الغاز، صدموا ولغاية الآن هم في صدمة، هناك صراع بالانتفاضات نتيجة اختراقات اميركية تريد أن تدفع الانتفاضات باتجاهات اجنبية وبين قوى تحررية وطنية تريد أن تحدث التطوير وبالتالي تعود للتحالف العربي. * ما رأيك بدعوة الرئيس ابو مازن بالامس لزيارة القدس تحت الاحتلال؟ - عندما أعرف أن البابا شنودة بابا الاقباط يحرض كل المسيحيين وكل قبطي بالعالم على عدم زيارة القدس لانها محتلة، كيف لنا أن نقبل كلام الرئيس ابو مازن بالدعوة لزيارة القدس؟ فلو كان ابو مازن يحكم القدس لزرناها، اما عندما تكون اسرائيل هي التي تحكم فكيف لنا زيارتها تحت العلم الاسرائيلي ونسجل على جواز سفرنا توقيع سفارة اسرائيل، الاجدى والمفروض ان يدعو الناس الى تحرير القدس. ان الذين اجتمعوا، خليجيين وغير خليجيين، لم يفعلوا شيئاً للفلسطينيين الذين يظهرون في التحقيقات التلفزيونية ولا يملكون مسكناً، وسؤالنا لهؤلاء ما هو البرنامج الذي وضعتموه لانقاذ القدس؟ فلو أردنا صمودهم قبل ان ندعو للتحرير، لو جمعوا وزراء التربية العرب ليكونوا مسؤولين عن ترميم المدارس والجامعات، ووزراء الصحة العرب ليكونوا مسؤولين عن المستوصفات والمستشفيات،الخ... هذه أمور لا تحتاج الى تخطيط واجتماعات دون جدوى فهي امور بسيطة. * الملفت للنظر ان عنوان المؤتمر بقطر هو القدس وتاريخ القدس والمجتمع المدني، وهذا يعني تأمين مساعدات لأجل القدس عن طريق جمعيات مدنية.. - بعيداً عن اصول الصراع العربي – الاسرائيلي، بعيداً عن اية دعوة تعبئة للتحرير واستعادة ما لنا من حقوق في فلسطين، هذا مؤتمر أكاديمي هدفه فقط التغطية على ما يفعلونه من ويلات ومصائب للامة العربية من خلال اختراق الانتفاضات، ولتجميل صورتهم. صورتهم لن تجمّل، عندما يعمل الخليجيون على تحطيم الجيش المصري ويحرضون الشعب على الجيش في مصر هذا بالطبع لا يخدم القدس، عندما يضربون الوحدة الوطنية السورية، ويقوضون الجيش الوطني السوري هذا لا يخدم القدس، تخدمون القدس عندما تساند وتقوي هذه الدول العربية خط المواجهة. * عندما يتحمس بعض وزراء الخليج لتسليح المعارضة السورية لماذا لا يتحمسون لتسليح المقاومة الفلسطينية؟ - هي مقاربة فظيعة، اما الآن فقد تقاطعت حماس مع خط آخر لنا فيه بعض الملاحظات، ولكن عندما كانت حماس مقاطعة ومحاصرة كان يجب ان يكون هناك انقاذ عربي لها، لأنها طرحت موضوع المقاومة، ولكن نحن نأمل في كل الاحوال ان تنجح المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية، انما سياسة بعض دول الخليج بحاجة لاعادة نظر، ولا يجوز ان يقام تجمع خليجي منفرد بمعزل عن الجامعة العربية، وهناك دعوات لاقامة اتحاد مغربي دون الجامعة، السؤال لماذا لا تتطور الجامعة العربية وتصبح حالة اتحادية؟ لماذا يهربون من وحدة الامة العربية الى اتجاهات جهوية؟ ام انهم يريدون اقامة نادي اغنياء؟ اذا أرادوا نادي اغنياء سيكون بالمقابل نادي فقراء وتتقسم الامة اكثر فأكثر على صعيد اجتماعي اقتصادي. * كانت هناك مبادرة خليجية لضم الاردن والمغرب؟ - اين الاردن من المغرب من الخليج؟ هذا عمل رهيب، ليس للامة مصلحة في اقامة جبهة انظمة ملكية في مواجهة أنظمة جمهورية، أو ضد ثورات شعبية، يكفي أنه كان في السابق اقتصاد اشتراكي واصبح بعدها اقتصاداً حراً وقيل في حينه أن هناك تبايناً بالمدارس الاقتصادية لذلك لا تتكون الوحدة الاقتصادية، اما الآن فالكل اقتصاد حر فلماذا لا يقيمون وحدة اقتصادية؟؟ أقول بحسن نية للمؤسسات في الخليج والرأي العام العربي في الخليج وللحكام في الخليج لا بد قراءة جديدة للمشهد الدولي، اميركا سوف تنسحب من المنطقة، ستحاول توكيل اسرائيل وتركيا، والاثنان سوف يتعثران بهذه الوكالة، اميركا منسحبة، قسم منها ذاهب الى آسيا وفق التخطيط الجديد الذي اقره اوباما، أميركا ليست قادرة على الاحتفاظ بالعراق. * هل ستترك العراق بثرواته وبتروله وغازه؟ - لن تتركه ببساطة ولكنها ستضطر بفعل ثورات وحالات تحرر عربي وبفعل تعاون عربي – ايراني، ويمكن ان يلتحق التركي بالتعاون ايضاً، المنطقة لم تعد تتحمل الولايات المتحدة الاميركية. لقد ظهرت الجرأة منذ حوالي اسبوعين حين صدر موقف ضد اميركا من ايران وافغانستان وباكستان، وبنفس الوقت اميركا تحتل افغانستان العميلة كحكم لاميركا، تتجرأ وتنتقد اميركا علنا، باكستان افلتت من يدها وهي دولة اسلامية نووية، ولم تعد تطاق من أي باكستاني معارض او موالي للهيمنة والقتل الذي تمارسه اميركا في باكستان، فالشرق الذي كان يسمى بالادنى الكبير اي من الباكستان حتى المغرب هذه المنطقة كلها في حالة تمرد على اميركا، واميركا ليست قادرة على شن حروب نتيجة اقتصادها المفلس، ولن تتكرر حالات الاقتحام، نرى بوضوح خيبة الامل على وجه كلينتون والباقون في مؤتمر تونس، لم يزالوا منذ سنة يطلقون قنابل صوتية ليس لها أي فعل بالشارع. * ألم يكن من المخزي في وقت كان الجنود الاميركيون يحرقون المصاحف ويقتلون المتظاهرين في افغانستان تلقى كلينتون كل حفاوة في تونس. - الاستغراب الاكبر، هو أين المؤتمر الاسلامي العالمي الذي يرأسه السيد اوغلو؟ أين الضجة او النشاط الذي أقاموه؟ لم نسمع اي كلمة ممن اجتمع بتونس حول حرق المصاحف. أميركا تعلن عدائها للاسلام منذ عهد جورج بوش وحتى الآن، بالمقابل لم يُقام تكتل عالمي اسلامي للدفاع عن الاسلام نفسه وليس فقط عن الاوطان، ونستغرب هذا التدهور في دور منظمة المؤتمر الاسلامي العالمي. * هناك مشهد ربما يكون معبّراً خلاف هذا المشهد الرسمي العربي، فالقوات الاطلسية في افغانستان تطالب القوات الافغانية بحمايتها وتأمين أمن مستشاريها العسكريين؟ - إنهم في منتهى الخوف، فكل المارينز الموجود بالوزارات الأفغانية انسحب، هي غضبة شعبية ليس لها مثيل وسلمية، ويطلقون النار على التحرك السلمي، ولم نجد اي موقف لمنظمة امنستي او منظمة العفو الدولية تتحدث عن الضحايا المدنيين، او ماذا جرى لتحطيم للبنية التحتية او قتل مئة الف ليبي، هذه المنظمات تعمل بشكل انتقائي، وهذا ما يؤكد أكثر ان الأمم المتحدة تحتاج الى اعادة نظر، نظام الفيتو بحاجة الى اعادة نظر. نحن لا نحب سياسة النأي بالنفس ولكن الموقف الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في مقاطعة مؤتمر تونس كان بمحله، ومن الجيد أننا اتخذنا هذا الموقف في لبنان، وادعو من جديد ومن خلال منبركم قوى 14 آذار ان تقرأ المشهد الاميركي ايضاً، لأن مؤتمر البيال اعاد التأكيد على الارتباط بأميركا، وأوقعنا بشأن خطير ومشبوه مع مجلس اسطنبول، وهذا ليس لمصلحة لبنان ولا مصلحة لبنان ان نساعد على ضرب وزعزعة الوحدة الوطنية السورية، ولا ننسى ان ولادة لبنان اصلاً بالميثاق الوطني كان فيه بند أن لا يكون لبنان مقراً او ممراً للاستعمار ضد سوريا، فلا تستطيع قوى 14 آذار تجاوز هذا البند بصرف النظر عن من يكون النظام السوري، المسألة تتعلق بالكيان اللبناني، هم في قوى 14 آذار يعبثون بهذا البند، بكل الاحوال ما حصل بالبيال غير نافع لأنه أظهر عن ضعف كبير، وكل الهمروجة التي حصلت هناك لأن الحريري اختلف مع المفتي، فقد نصبوا السيد سمير جعجع مفتياً للجمهورية، وكم هو عمل عظيم، وكم هو تعبير هام عن سنة لبنان!؟ سنة لبنان الذين رأيتهم على الاقل في الآونة الأخيرة هم ابعد ما يكونوا عن هكذا اطروحات ووعود بلا تنفيذ، وعدم مصداقية، لانه حينما تتحدث 14 آذار عن الاصلاح وبناء الدولة، فالذي يتحدث بهذا يكون قد مارس في الحكم بناء الدولة، ولكن على العكس طيلة فترة حكمهم لم يبنوا دولة، ولا بنية تحتية، أين المدارس، اين الكهرباء، الصحة؟ حكموا طيلة 20 سنة، فلو لم يحكموا كان بالامكان ان نصدق انهم يريدون دولة واصلاح وغيره... |
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.
No comments:
Post a Comment