Sunday, 10 January 2016

{الفكر القومي العربي} تهريج وزراء الخارجية العرب

تهريج وزراء الخارجية العرب

بروفيسور عبد الستار قاسم

10/كانون ثاني/2016

عقد وزراء خارجية الأنظمة العربية اجتماعا في مقر الجامعة العربية بالقاهرة يوم الأحد الموافق 10/كانون الثاني/2016 لمناقشة الدور الإيراني في المنطقة العربية الإسلامية وما أسموه التدخل الإيراني في البلدان العربية. وصدر بيان عن الاجتماع عكس إجماعا بأن إيران تتدخل في الشؤون العربية وعليها أن تتوقف عن ذلك. وأعلن المجتمعون وقوفهم مع العربية السعودية ودعمهم لها. وقد كان أمين عام الجامعة العربية ممثلا حقيقيا وهو يحاول أن يرسم لنفسه صورة القادر على اتخاذ قرار. لم يكن موفقا بتاتا.

السنة والشيعة: حاول وزراء خارجية العرب أن يقولوا إن إيران هي أساس الفتنة السنية الشيعية. وكوني أنا أول من كتب كتابا في العالم عن الثورة الإيرانية أشهد العكس. العرب هم الذين صنعوا الفتنة وذلك من أجل القضاء على الثورة الإيرانية في مهدها وقبل أن تخرج إيران من ضعفها. لقد كنت واضحا في ذلك الكتاب عندما قلت إن العرب سيصنعون فتنة سنية شيعية من أجل استنزاف طاقات إيران وذلك بسبب موقفها من الكيان الصهيوني وبسبب التطور العلمي والتقني الذي ستشهده. هذان أمران يحرجان الأنظمة العربية وكان لا بد من التخلص من إيران حتى تتمكن هذه الأنظمة من إقامة علاقات مع الصهاينة بدون حرج. ولهذا قامت بعض الأنظمة العربية بالتعاون مع الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا بتحريض العراق لصنع أزمات مع إيران. انتهت هذه الأزمات بحرب بين العراق وإيران بتمويل عربي للعراق وتسليح غربي. فشل العرب بإسقاط الثورة الإيرانية. وحديث وزير خارجية السعودية حول عدم وجود فتنة سنية شيعية قبل الثورة الإيرانية مغلوط تماما. العرب لم يصنعوا فتنة في زمن الشاه لأن شاه إيران كان شرطي أمريكا في الخليج، وقد رضيت عنه أمريكا ودان له العرب. الم يقم هو باحتلال الجزر في الخليج وباركت أنظمة عربية لاه هذا الاحتلال؟ أما الآن، تحاول الأنظمة صناعة عدو غير الكيان الصهيوني للعرب لأن إيران لا تتماشى مع الصهاينة والأمريكان.

التدخل الأمريكي:تتحدث الأنظمة العربية عن التدخل الإيراني ولا تتحدث عن التدخل الأمريكي. الأمريكيون يتدخلون في الصغيرة والكبيرؤة في الوطن العربي، واغلب الأنظمة العربية ليست إلا أدوات بأيدي الأمريكيين. الأمريكيون غزوا العراق ودمروها، ولم تجتمعوا أيها الأشاوس وزراءالخارجية، بل فتحتم أجواءكم وأرض العرب للقوات الأمريكية. والأمريكيون تدخلوا في سوريا وفي لبنان، الخ. بل أن عددا من الدول العربية تعيش تحت المظلة العسكرية والأمنية الأمريكية، وبعضها لا يستطيع دفع الرواتب آخر الشهر إلا بفضل المساعدات المالية الأمريكية أو الغربية عموما.وعدد من الأنظمة العربية تقيم قواعد عسكرية أمريكية على الأراضي العربية التي تسيطر عليها. الأمريكيون يتدخلون بين المرء وزوجه في بلاد العرب، ووزراء الخارجية العرب لا يتحسسون إلا من التدخل الإيراني. هذا لا يعني أنني مع التدخل الخارجي في شؤون العرب، لكن حكام العرب هم الذين يستدعون التدخل الخارجي في الشؤون العربية. ألم يطلب العرب تدخل حلف الأطلسي في ليبيا؟ الم يطلبوا التدخل في سوريا والعراق؟ هذه مأساة الازدواجية العربية. ولهذا علينا أن نكف عن الحديث عن ازدواجية الآخرين. نحن لسنا إزدوجيين فحسب وإنما إثلاثيين وإرباعيين، ونكذب على شعوبنا باستمرار.

فلسطين: هرعتم أيها الأشاوس لدعم السعودية، لكنكم تتراجعون دائما أمام الاعتداءات الصهيونية على العرب. السعودية معها مال ونحن الفلسطينيون لا نملك مالا نعلفكم به. ولهذا أنتم تقيمون علاقات طيبة مع الكيان الصهيوني. ألم تقفوا مع الكيان الصهيوني ضد حزب الله عام 2006، وأخص بالذكر السعودية والإمارات والأردن ونظام حسني مبارك؟ وألم تقف هذه الأنظمة مع الكيان الصهيوني في حربه على غزة عالم 2008/2009 و عام 2012؟ والآن يقتل أبناء فلسطين وأنتم لا تنبسون ببنت شفة بمن فيكم وزير خارجية السلطة الفلسطينية. هل سفارة السعودية أقدس من دم العرب في فلسطين؟ ما قام به الإيرانيون من اعتداء على السفارة السعودية والقنصلية في مشهد مدان ومرفوض وهو مخالف للأعراف الدولية وللتعاليم الإسلامية، لكن وزراء خارجية العرب انتقائيون ولا توجد لديهم مواقف مبدأية.

القواعد العسكرية: يريد وزراء الخارجية العرب من إيران الهدوء وهم يقيمون قواعد عسكرية أمريكية في بلدانهم. أمريكا تناصب إيران العداء وتهددها باستمرار بالقوة العسكرية، ومن أين سينطلق الأمريكيون ضد إيران؟ من بلدان العرب طبعا. ولهذا علينا أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب الآخرين. والعرب يهددون إيران بإسرائيل. ألم يجتمع عرب مع صهاينة في أمريكا لتنسيق وضع عسكري فيما إذا اتخذ قرار لضرب المنشآت النووية الإيرانية من قبل الكيان الصهيوني؟ ألم تكن السعودية هي التي اجتمعت مع ممثلي الكيان للتنسيق ضد إيران؟ لماذا يجوز لك التنسيق للعدوان، بينما لا يجوز لآخرين للتدخل؟ الكيل بمكاييل خطأ جسيم.

أهل الشيعة: لقد عانى أهل الشيعة كثيرا عبر قرون لأنهم غيبوا عن موقع القرار في العالم الإسلامي. استحوذ أهل السنة على القرار، ولهذا وجد أهل الشيعة بإيران ملاذا. لو كنا نحن عادلين وأشركنا أهل الشيعة وابتعدنا عن تكفيرهم والإساءة إليهم لما حصل ما حصل. أنظمة عربية تقول إن ظلم الحكم في سوريا أدى إلى الحرب الأهلية السورية، وعلى ذات النسق قاد ظلم أهل الشيعة إلى فتنة. ولهذا علينا أن ننظر إلى أخطائنا قبل أن ننظر إلى أخطاء الآخرين.

المقاومة: من الذي دعم المقاومة العربية حتى الآن ضد الكيان الصهيوني؟ حزب الله انتصر عام 2006 بسلاح إيراني. وحماس ومجمل المقاومة الفلسطينية صمدت في ثلاث حروب متتالية على غزة بدعم عسكري ومالي إيراني. وأنتم أيها الوزراء العرب لم تقدموا سوى المؤامرات على المقاومة وخيانة الأوطان والناس ورب العالمين. خسئتم جميعا.

 

 

No comments:

Post a Comment