Wednesday 25 September 2019

{الفكر القومي العربي} ثورة مصر والمعضلة العسكرية – مجلة الوعي العربي


هل ينجح الانتشار الأمني الهائل في ردع المتظاهرين أو تتحوّل ينابيع يوم الجمعة الماضي إلى تيّار جارف يوم الجمعة القادم، هذا هو السؤال. ولو تمّ الاحتمال الأخير، تكون المرّة الثالثة التي تهبّ فيها الجماهير المصرية ضد الحكم القائم بغية إسقاطه؟

الحقيقة هي أن السيدة باترسون، التي اتُّهمت في عام 2013 بالوقوف مع محمّد مرسي بسبب اعتراضها على الانقلاب العسكري من منطلق الحرص على الديمقراطية (تجدر الإشارة إلى أنها صرّحت في ندوة واشنطن ذاتها بأن السياسة الأمريكية إزاء القاهرة تحدّدها علاقة مصر بإسرائيل، لا غير)، إنّما أصابت تماماً في حديثها. فإن الإطاحة بحسني مبارك في الحادي عشر من فبراير/ شباط 2011، شأنها في ذلك شأن الإطاحة بمحمّد مرسي في الثالث من يوليو/ تمّوز 2013، جرتا من خلال انقلابين عسكريين. وإن صحّ أنهما حصلتا على خلفية حراك شعبي عارم، يبقى أن العسكر ظلّوا ماسكين بزمام الأمور في الحالتين. وقد باتت القيادة العليا للقوات المسلّحة المصرية أكثر تشبّثاً بوصايتها على السلطة منذ أن فسح أمامها السادات وبعده مبارك مجالاً واسعاً للإثراء في نشاطات اقتصادية، معظمها من النوع الريعي (لاسيما ما يتعلّق منها بالعقارات). ويبدو أن المقاول محمّد علي، الذي كان يخوض في تلك النشاطات مع الجيش، ومع السيسي وحاشيته بوجه خاص، وصل به الأمر إلى حدّ «تصفية الحسابات» معهم على الصعيد السياسي بعد أن يئس من الحصول على حصّته من الأرباح.
ومهما يكن، فإن كشفه عن بعض فضائح الإثراء غير المشروع والإنفاق غير المعقول كان بمثابة النقطة التي جعلت الكيل يطفح لدى شعب مصر بعد ثلاث سنوات من تكبّده خسائر جسيمة في قدرته الشرائية. وليس من وصف أوضح لذلك التردّي في مستوى معيشة الجماهير المصرية من المعطيات التي وردت في «بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك» لعامي 18/2017 الذي أجراه «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، والذي أظهر فيما أظهر كيف ارتفعت نسبة الفقراء باطّراد وتدهورت شروط العمل في ظلّ حكم السيسي (أنظروا المقابلة الممتازة التي أجرتها بيسان كسّاب مع الأستاذة هبة الليثي، المشرفة على البحث المذكور، في «مدى مصر» 18/8/2019).


No comments:

Post a Comment