كنعان النشرة الألكترونية
Kana'an – The e-Bulletin
السنة الثانية عشر ◘ العدد 2951
24 تمّوز (يوليو) 2012
في هذا العدد:
■ كيف صُنعت خرافة الربيع العربي والثورات الوهمية؟ محمد الأسعد.
■ بعد فتاوى "لجنة ليفي"...: خطوات لتهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، عبداللطيف مهنا.
■ إسقاط الجيش: المسمار الأخير في نعش الوطن، ليلى نقولا الرحباني.
■ التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية، منذر سليمان.
* * *
كيف صُنعت خرافة الربيع العربي والثورات الوهمية؟
كلاب بافلوف.. وأرانب المختبرات.. وأجراس وأضواء الفضائيات
محمد الأسعد
مع اقتراب ربيع الذئاب الغربية الذي تطلق عليه وسائط إعلامية عربية واسعة الانتشار تسمية "الربيع العربي"، ومع اقتراب موعد هياج جماهيري تم إعداد قنوات تصريفه بدقة وبدأت تطلق عليه هذه الوسائط نفسها تسمية "الثورات العربية"، بدأت حركة موجهة في أكثر من موقع إعلامي عربي، وفي أكثر من ساحة عربية، لتصفية وإبادة الأصوات الحية الناقدة التي دأبت على تحليل ونقد مضمون برامج فضائيات ومقالات صحافية بطانتها سموم تدمر مراكز المناعة الإدراكية في العقلية العربية، وفي مقابل ذلك تكثير أصوات آتية من وراء البحار، من مراكز أبحاث، حقيقية أو وهمية، وأخرى تنبت كما الفطر في هذه العاصمة العربية أو تلك، تستخدم لغة واحدة ومصطلحات واحدة. ولم تكن هذه الأصوات تقع على أشكالها كما قد يتوهم بعض الناس، بل كانت تقع على علف تنثره مؤسسات غربية تنتحل تسميات من قبيل " التنمية" و "التعاون" و "نشر الديمقراطية" و"ثقافة التسامح".. وما إلى ذلك. وتحت كل هذه التسميات المنتحلة كان الخطاب واحداً؛ تسويغ السياسات الأمريكية وترويج قصصها، وتبرير كل جرائمها، وتسفيه كل تحليل تنويري بحقيقة أهدافها الاستعمارية.
كان الأمر أمر صراع فكري يدور، ولكن في العتمة، بعيداً عن الأنظار، تطبيقا لقانون ثابت في مجال هذا النوع من الصراعات؛ الخفاءُ ضمان النجاح. فكان الكاتب والإعلامي من أصحاب الأصوات الحية يلمس ضربات أشباح توجه إليه، تشوه سيرته أو تحجب صوته أو تطرده من عمله، ولا يعرف من أين تأتي الضربات أو من يقف وراءها. وأكثر الأمور بعثا للحيرة هو أنه كان يرى بأم عينه كيف تطرد العملةُ الرديئة العملة الجيدة، ثم لا يجد من يصغي إليه، لا بين أصحاب المؤسسات الإعلامية، ولا بين أصدقائه حتى. وكثيراً ما كان يتهم بأنه ضحية عقلية المؤامرة!
*
هذه الحركة الموجهة لم تكن آتية من فراغ، أو قائمة على فراغ، بل جاءت في سياق مشروع قديم بدأ في التسعينات مع تفكك الاتحاد السوفييتي وبروز مشروع القرن الحادي والعشرين الأمريكي علناً. وكانت أول علاماتها في دول الاتحاد السوفييتي السابق، حين ظهرت دعوات"الحرية" و"الديمقراطية" و"التعددية"، وقد انتحلت مفاهيمها حركات اتخذت شتى الألوان شعارات لها، فكان لها لون "برتقال" هنا ولون "بنفسج" أو "زعفران" هناك، ولكن ألوان بطانة كل هذه الألوان كانت واحدة؛ هي ذاتها ألوان العلم الأمريكي، ومفاهيمها المنتحلة تجتمع وترمي نحو هدف واحد؛ تمدد جغرافية الهيمنة السياسية الأمريكية على أكبر مساحة من العالم.
على صعيد الوطن العربي الذي تمركزت فيه منذ العام 1967 وبدأت تتوسع آليات السيطرة الأمريكية بالتوازي مع التمدد الصهيوني، كان الصراع الفكري يأخذ بعداً خطيراً، أخطر ما فيه خلق ذهان الاستحالة في الذهنية العربية. فبعد تقويض حركة المقاومة الفلسطينية من داخلها عن طريق ترسيخ أقدام قيادات لها تأخذها من متاهة إلى أخرى، وبعد احتلال مصر من الداخل وتوقيع قيادتها اتفاقيات استسلام غير مشروط سميت "اتفاقيات كامب ديفيد"، بدأ ذهان الاستحالة يتجسد في الذهنية العربية، ويصبح ملموساً، استحالة المقاومة والتحرر والتنمية والوحدة، بل وحتى خلق منظومة حد أدنى من تضامن عربي ضد التوسع الصهيوني. واستكملت عملية خلق ذهان الاستحالة بتسلل قيادة الفلسطينيين بعد رحلة متاهات متطاولة إلى "اوسلو"، أي إلى اتفاقيات نزع شرعية ومبررات المقاومة ببصمة ذئب أمعط لا يعرف إلا الشيطان وحده من أين جاء وامتطى حصان حركة المقاومة الفلسطينية.
لم يعد الإنسان العربي، تحت وطأة هذا الذهان، قادرا على التمييز بين ما هو وهمي وما هو حقيقي. وتشرح هذا تجربة الأرنب والجزرة التي قام بها بعض علماء الحروب النفسية. يؤخذ الأرنب إلى صندوق زجاجي مغلق يحتوي على ممرات جدرانها من زجاج ينفذ أحدها إلى الآخر، وتوضع أمام نظره، ولكن خارج الصندوق جزرة واضحة بينة، فيبدأ الأرنب سعيه للوصول إلى الجزرة، ويواصل سعيه راكضا من ممر إلى آخر من دون أن يستطيع الوصول إلى الجزرة التي يراها رؤيا العين، ومع ذلك لا يستطيع الوصول إليها. كانت الجدران الزجاجية تصده دائماً، فينتقل إلى ممر آخر فآخر إلى ما لانهاية. وبعد إعادة التجربة مرة بعد أخرى، يرسخ في ذهن الأرنب المجهد انطباع يتحول إلى شبه غريزة؛ إن هذه جزرة لا يمكن الوصول إليها، بل والأكثر من ذلك؛ إنها جزرة وهمية.
وللتأكد من هذه النتيجة، يؤخذ الأرنب خارج الصندوق الزجاجي وتوضع أمامه الجزرة نفسها، الجزرة الحقيقة، فيلحظ عليه إنه يواصل الدوران ويقفز عنها، باحثا هنا وهناك عن الجزرة إلى ما لانهاية أيضاً. لم يعد هذا الكائن المجهد، الذي ذاق مرارة الإخفاق مرة بعد مرة في الوصول إلى هدفه، قادرا على التمييز بين الحقيقة والوهم.
الإنسان العربي تم تمريره بتجارب عديدة مماثلة لتجربة الأرنب مع الجزرة المستحيلة على مدار أكثر من نصف قرن، فأول وحدة عربية بين بلدين من بلدانه تحطمت، وثوراته وتضحياته لم تحقق أي نتيجة ملموسة، ولم تحقق أي مواجهة مع عدوه الصهيوني أي نتيجة غير الفشل، وكان كلما اقترب من الجزرة الموعودة وهو يراها عياناً، تتحول إلى وهم وسراب خادع. لقد تخلق ذهان الاستحالة وتعمق طيلة عقود وعقود، إلى درجة إن هذا الإنسان حين وضعت أمامه جزرة حقيقة، أي أول انتصار في تاريخه الحديث على عدوه الصهيوني/الأمريكي في جنوبي لبنان (2006) لم يصدق عينيه وبقية حواسه، وكان من السهل تشويه هذا الانتصار، بل ومحوه من الذهن كأنه لم يكن بلغو أجهزة إعلام تثير في ذهنه غريزة ذهان الاستحالة. ولعب ويلعب ذهان الاستحالة دوره الآن في طمس أي وعي عربي بانحسار التمدد الأمريكي، وظهور ملامح نظام دولي جديد لم تعد للأمريكي وحاملة طائراته المسماة "إسرائيل" اليد العليا فيه.
*
في تلازم مع ذهان الاستحالة، أو بالتجاور معه، بدأ مع مطلع العام 2011 خلق غريزة جديدة على يد فضائيات و "مفكرين" و "معلقين" و "شيوخ دين" تم إعدادهم بعناية وحذق طيلة العقدين الماضيين. ففي سياق الانحدار الأمريكي ( رتشارد هاس، فورين أفيرز، يناير 2006، وزبغنيو برزنسكي،فورن بولسي، يناير/فبراير 2012) بعد فورة اندفاع تم فيها احتلال عدد من البلدان وتفكيك أخرى (1990/2003)، وحبس الوحش الصهيوني وراء جدرانه، وفشل تشكيل جغرافية المنطقة سياسيا لصالح التحالف الغربي، وفي ضوء تعاظم قوة تحالف المقاومة واستناده إلى شرق صاعد ليحتل مكانه على صعيد تقرير مصائر العالم، أدخل المستعمرون القدماء لعبة "الثورات" في البلدان العربية. لم يكن التفكير في هذه "الثورات" وارداً في زمن الفورة الأمريكية، ولكنها أصبحت على الطاولة، حين تبين لهؤلاء إن نهاية العصر الأمريكي، وهو أمر اصبح حتمياً، سيعني صعود الشرق القادم والمتكتل مع قوى المقاومة في الإقليم، ولم تعد مسألة سقوط قلاع التبعية النخرة إلا مسألة وقت، وخاصة بعد تحطيم أنياب الوحش الصهيوني، وتعاظم السخط الجماهيري، واحتمال قيام ثورات حقيقية مقاومة أيضاً. ومن هنا جاءت التضحية بعدد من أحجار الشطرنج، جنود وفيلة مسنة وخيول عجفاء، في سبيل مراوغة الخصم (قوى المقاومة) والوصول إلى قلاعه. كانت فكرة "ثوراتٍ" تُمنح اسم "الربيع العربي"، بينما التسمية التي تليق بها هي "ثورات ربيع الذئاب الغربية"، ضربات استباقية، فتمت إزاحة الأحجار، مبارك وبن علي والقذافي وعلي صالح، وإحلال بديل أكثر فعالية في إجهاض أي تحرك جماهيري تحرري ووطني ذي طابع قومي، في "نقلة استراتيجية" على حد تعبير الصحافي الأمريكي "سيمور هيرش"، صنعت فيها الولايات المتحدة تحالفا بين حاملة طائراتها "إسرائيل" وجماعات المتاجرة بالدين الإسلامي دولا ومنظمات إخوانية (إعادة التوجيه، سيمور هيرش، نيويوركر، 5مارس، 2007).
وفي عصر السطوة الإعلامية كان لابد من إطلاق أسلحة الفضائيات المجهزة منذ زمن؛ المجهزة بنوع من المصداقية أخذتها من انتحال صفة فضائيات المقاومة، وببلايين الدولارات، وبتقانات عالية وماهرة تضاهي تقانات هوليوود السينمائية. وهناك القليل ممن يدركون كيف استخدمت هذه الفضائيات، وخاصة المسماة "الجزيرة" و "العربية"، نتائج تجارب العالم "بافلوف" على كلابه، واحتذت نهجه حرفياً. وحين نسمي هذه الفضائيات بالعربية، لا نعني إنها "عربية" فعلا، فالعاملون فيها من آكلي الكسكسي والفول والمسخن والبرياني.. أجهل من أن يعرفوا من هو "بافلوف" وما هي تجاربه. إن واضعي مثل هكذا آليات هم رجال مخابرات واختصاصيون في إدارة الحروب الإعلامية يقبعون وراء الكواليس، استقدموا من مراكز مخابرات غربية. وما يراه المشاهدون من وجوه على الشاشات ليست سوى وجوه قصب أجوف او ببغاوات تنطق بما تتلقاه عبر مايكروفونات معلقة في آذانها.
فما هي قصة كلاب "بافلوف"؟ يمكن تلخيص تجاربه بالقول إنه استطاع صناعة ما يسميه "المنعكس الشرطي" لدى هذه الكائنات، وإمكانية تعميم نتائجه واستخدامها. يأتي بالكلب تحت التجربة ويعطيه طعاماً، ويرافق إعطاء الطعام قرع جرس وإضاءة نور أحمر، وبتكرار عملية إعطاء الطعام مع شرط قرع الجرس وإضاءة النور، يتشكل في ذهن الكلب تلازم بين إطعامه وصوت الجرس ولون الضوء، فيسيل لعابه وتبدأ معدته بإفراز العصارة الهاضمة ما أن يسمع الصوت ويرى الضوء. وهذا هو ما صار يحدث؛ فما أن يقرع الجرس ويضاء النور حتى تجده يتصرف عضوياً كما لو إن الطعام حضر وأصبح في متناوله رغم ان لا طعام هناك.
أطلق "بافلوف" على محفزات هذه الاستجابة اسم " النظام الإشاري الأول"، أي نظام الاستثارة الحسية. وطور تجاربه في ما بعد ليصل إلى الإنسان، وهنا وجد إن لدى المخلوقات العليا، مثل الإنسان، استجابة حسية للصوت والصورة، ولكن لديها أيضا استجابة لشيء أرفع مستوى؛ الاستجابة "للكلمة" المنطوقة، فما ان تنطق كلمة ويسمعها الإنسان حتى تثير فيه استجابة معينة. وأطلق على هذا المحفز اسم "النظام الإشاري الثاني" الخاص بالكائن العاقل، وهذه تسمية مجازية، لأن من يستجيب لحواسه بلا تفكير، سواء أثارتها صورة أو كلمة، لا يمكن أن يكون عاقلا.
في تجربة تغطية "أخبار" ما سميت بالثورات العربية، تونس ومصر وليبيا واليمن، تم خلق أكثر من منعكس شرطي باستخدام شاشات الفضائيات، المشار إليها بخاصة لأنها كانت مختبر التجارب الأساس. تم خلق منعكس حسي قائم على الصورة والصوت (النظام الإشاري الأول)، صور جماهير غفيرة في الشوارع، وأعلام ولافتات وهتافات.. وما إلى ذلك، يرافقها تهاوي أنظمة. وبتكرار هذه الصور طيلة أشهر والتركيز على التلازم بين هذه الصور وسقوط النظم، تخلق في الأذهان والأعضاء الحسية للمشاهدين التلازم بين هذه الصور والأصوات وسقوط النظام، ولا معنى آخر يمكن التفكير به. بالطبع امتد الاختلاق إلى النظام الإشاري الثاني الخاص بالإنسان حصراً، فكان مشاهدو الفضائيات يسمعون دائما في هذا الخضم من سيل المشاهد الحسية وبشكل مكرور مصطلحات مثل "ربيع عربي" و " حرية" و "كرامة" " و"جهاد" و "ثورة" و "ثوار".. إلخ. وهي كلمات أريد لها ان تتلازم مع الصور الحسية وتثير استجابات مطلوبة في أي وقت جاءت وفي أي ظرف.
باستغلال هذين النظامين؛ الأول والثاني، ووسائلهما الصورة والصوت والكلمة، أمكن للفضائيات ترسيخ آلية منعكس شرطي يشبه ذلك الذي تخلق في ذهن كلاب بافلوف، و يتخلق في ذهن أي إنسان يتعرض لهذه التجارب بإضافة الكلمة. ويلاحظ إن تساوق هذين النظامين كان يضاعف من فعالية المنعكس المراد خلقه. واختيار الكلمات المشار إليها لم يأت اعتباطاً، بل جاءت لاستغلال ذاكرة نصف قرن تقريباً من ذُهان الاستحالة، وقرون من تداول كلمات مثقلة بظلال عزيزة على الإنسان العربي. هذه الكلمات التي حولتها سنوات دوران الأرنب في متاهته الزجاجية وإخفاقه إلى دلالات خاوية، أي إلى مجرد ألفاظ تحمل معنى ولكنها بلا مدلول واقعي، سيكون لها الآن فعل السحر ما أن تسمع مترافقة مع صور سقوط نظام أصبح رمزا لكل ما هو ضد الربيع والحرية والكرامة والجهاد كما قيل مرارا وتكراراً. إذاً، هاهي الكلمات الوهمية تصبح وقائع ملموسة، وها هو المستحيل يتلاشى ويصبح بالإمكان استثارة الإحساس بأن نظاماً قد سقط بمجرد إعادة بث الصور والأصوات والكلمات المماثلة في أي مكان وتحت سمع وبصر أي جمهور عربي.
*
في الوطن السوري اليوم، هدف كل هذه التجارب الفضائية، بدأ عرض أمثال هذه الصور الملفقة في غالبيتها، وبث الأصوات ذاتها، واستخدام الكلمات نفسها، من على شاشات مئات الفضائيات الموجهة إلى العربي في سوريا وفي غيرها، لتحفيز استجابة مطلوبة رسختها في الذهن آليات البث بعد أشهر من الإدمان على رؤية ما يحدث في مدن عربية مثل تونس ومصر وبنغازي وصنعاء. ولهذا لم يكن غريبا أن تتحرك غرائز المنعكس الشرطي، فما أن يرى الإنسان على شاشات الفضائيات علم الاحتلال الفرنسي هنا، وكان رأى مثيله في ليبيا ، ويرى السيارات رباعية الدفع وعليها الرشاشات الثقيلة، وكان رأى مثلها في ليبيا أيضاً، ويرى ذات الوجوه بأقنعتها السوداء، ويسمع الهتافات والشعارات نفسها تقريبا، ويرى الحشود التي تضاعفها أجهزة الفوتو شوب، حتى يستثار فيه ما يشبه يقينه بحضور الطعام رغم إنه ليس حاضراً (تهاوي نظام) ويقينه بزوال المحال تحت وقع كلمات لا مدلول لها على الأرض السورية مثل "الثورة" و "الثوار" و "المجاهدين"، أي أنه سيصدق، تحت تأثير هذا الضخ الإعلامي بأجراسه وأضوائه الحمراء، قول قائل آفاق "لم يبق من عمر النظام السوري سوى أيام معدودة"، وسيصدق إن الدولة سقطت وانتهت، والفرصة سانحة للفوز بغنيمة هنا أو هناك. أليس ما يراه على الشاشات وعلى ألسنة مذيعي نشرات وكتاب دجالين إنه لم تعد تقف أمام مرتزقة بلاك ووتر وبقية مجندي الإستخبارات أية قوة؟ فلماذا لا يبادر إلى أخذ نصيبه من البطولات وجوائزها؟
قد يتصور القارئ إن هذه المحفزات الشرطية، التي صنعتها الفضائيات وخبرائها في المختبر الليبي والتونسي والمصري واليمني، تؤثر في البسطاء من الناس فقط، اولئك الأقرب إلى الوقوع ضحية لأجراس وأضواء "بافلوف" ما أن تقرع وتضاء كما نتخيل، ولكن الحقيقة أكثر مرارة من ذلك؛ لأن بعض ممن نطلق عليهم تسمية المثقفين أو النخبة أو رجال الدين هم أكثر الناس تعرضا لهذه التجارب والأكثر استجابة للمحفز الشرطي حتى باستخدام النظام الإشاري الأول معهم، ومن دون حاجة لاستخدام النظام الإشاري الثاني، أعني باستخدام صوت حفيف الأوراق المالية، وهذا هو الجرس الذي يستخدمه ولاة أمر الفضائيات ودافعي المليارات. لأن الضوء الذي اكتفت به كلاب "بافلوف" لا يكفي لاستثارة الاستجابة المطلوبة، إنه مجرد وعد قد لا يتحقق، ولا بد من الدفع عداً ونقداً وسماع حفيف الأوراق ولمسها. وهنا نلاحظ أن أصوات هؤلاء المستثارين ( مثقفون ورجال دين)، بغرائزهم الحسية، يكادون يشكلون نظام إشارة ثالثا يضاف إلى النظامين البافلوفيين. وتمنحهم مكانتهم التقليدية (هذا دكتور جامعي وذاك أزهري..إلخ) سطوة على أذهان الناس البسطاء تستثير فيهم شبه غريزة الولاء لهم وتصديق ما يقولون ما أن تظهر صورهم وتشقشق ألسنتهم، حتى لو كان ما يقولونه في الموضوع السوري هراءً ما بعده هراء.
( *** )
بعد فتاوى "لجنة ليفي"...
خطوات لتهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين
عبداللطيف مهنا
في مقالنا السابق، الذي تعرضنا فيه لتقرير "لجنة ليفي" الإسرائيلية، الذي أفتى بشرعية كافة مسميات التهويد المتسارع لماتبقى مما لم يهوَّد بعد في الضفة الغربية، وقال بأن ألكيان الغاصب لفلسطين ليس بدولةٍ محتلةٍ، وإن احتلالها لايتعارض مع القانون الدولي...الخ ما ورد في التقرير المذكور، قلنا في مقاربتنا تلك، إننا ازاء طفرة تهويدية جديدة في هذه الضفة، وأقله سنشهد تسارعاً تهويدياً غير مسبوقٍ في قادم الأيام هناك. لم يمض إلا أقل من إسبوعٍ حتى أعلن المحتلون الحرم القدسي الشريف "جزءاً لايتجزءا من أرض إسرائيل"، ويتبع لإدارة ما تسمى دائرة ألأثار لديهم. لعل هذه الخطوة هى مجرد أولى قطرات غيث هذا التهويد المنتظر، وهي على خطورتها، لم تك تأتي في غير المتوقع منهم، بل تجيء في سياقٍ عامٍ مدروس ومبرمج ويأخذ شكله التصعيدي الإختباري المقنن والمعد له منذ أمدٍ، وباتجاه أمر لايخفى على أحدٍ إلا أولئك الدافنين رؤوسهم في رمال التبعية والإنحدارفي عالمينا العربي والإسلامي. إنه هدم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وبناء ما يدعونه هيكلهم الثالث مكانه، ذلك بعد أن فرغوا من تهويد، ونقولها تهويد ونضع تحتها أكثر من خطٍ، بيت المقدس وأكنافه جغرافياً، وقطعوا شوطاً ليس بالقليل في تهويده ديموغرافياً، ذلك باتجاه هدف الوصول بنسبة العرب في المدينة المحتلة إلى معلنٍ قد قرروه ويخططون له، وهو نسبة 22%، بتخفيض عدد أهلها العرب ورفع نسبة المستقدم لها من يهود العالم إلى 78% حتى نهاية العقد، الأمر الجاري الآن على قدمٍ وساقٍ عبر بذر الأحياء الإستعمارية التهويدية من حول المدينة وفي داخل أحشائها... الهيكل المزعوم كانوا قد بنوا له انموذجاً منذ سنواتٍ غربي المدينة المحتلة بانتظار تطبيقه حين يحين الحين وفي الأجل المناسب الموعود. أما السياق التهويدي العام، حيث تعتبر الخطوة الأخيرة مجرد بالون اختبار تمهيداً لما يلحقها، فقد بدأ التحضير له منذ أول لحظةٍ تم لهم فيها احتلال شرقي القدس في العام 1967. إذ بدأوا حينها في خطواتٍ متدرجةٍ لنزع الهوية العربية التاريخية للمدينة المحتلة وفرض هويةٍ يهوديةٍ مفتعلةٍ لها، بتغيير معالمها وطمس هويتها الأصلية، ومن ذلك مثلاً: هدم حارة المغاربة وعديد الأماكن الأثرية المحيطة بالحرم القدسي، وشق الطرق وإقامة الحدائق في المقابر التاريخية، وبناء الكنس والجسور والساحات من حوله، ثم من خلال الحفريات والانفاق من تحته وتحت حائط البراق الذي حوَّلوه إلى حائط المبكى، كل ذلك بزعم البحث عن أثارٍ لذلك الهيكل المزعوم تحت الحرم وساحاته، والذي لم يجدوا له في بحثهم هذا، والذي كانت بداياته سابقة على إحتلاله وتمتد حتى القرن التاسع عشر، حجراً واحداً يثبت مجرد وجوده. كما شهدت العقود الأخيرة تصاعداً وقحاً في عملية مصادرة تاريخ المدينة، بإقامة المتاحف اليهودية الملفقة العديدة سعياً محموماًلاختلاق تاريخٍ مزعومٍ لهم، بالتوازي مع توسيع حدود المدينة لتبتلع ما مساحته 10% من اجمالي مساحة الضفة بأسرها، وزرع هذه النسبة بالمستعمرات التي تشكل مدناً كاملةً تتشابك لتحيط بالمدينة الأسيرة من كافة الإتجاهات وتبتلعها في جوفها. إلى جانب إعلانها عاصمةً أبديةً لكافة يهود العالم، ثم جعلها مدينةً لها الأولوية، مع ترافق هذا مع منع الترميم للآثار والمقدسات العربية الإسلامية والمسيحية في المدينة، ومنع الصلاة في الحرم القدسي إلا لفئاتٍ عمريةٍ محدودةٍ في السن وتقتصرعلى من لازالوا يعيشون في داخلها من أهلها، حيث يمنع الجدار التهويدي كل من هم خارجه من أهالي الضفة من دخول المدينة أو الصلاة في الحرم القدسي الشريف، بينما تم السماح لليهود بإقامة صلواتهم في ساحاته. ويجدر أن لاننسى أن هذه الخطوة التهويدية الأخيرة والخطيرة تجيء على أعتاب قدوم الذكرى الثالثة والأربعين لحريق المسجد الأقصى المقتربة، وهو الجريمة المعروفة التي أفتعلوها في حينه.
في مقاربتنا السابقة للعملية التهويدية ونحن نعالج أمر تقرير"لجنة ليفي،" قلنا حينها ما معناه أن ليس ثمة مايمنع المحتلين الصهاينة من المضي قدماً إمعاناً منهم فيما هم بصدده، لافلسطينياً، على صعيد سلطةٍ هزيلةٍ بلا سلطةٍ وتقبع تحت إحتلالٍ تجهد للتعايش والتكيف معه، ولا على صعيدٍ عربيٍ، حاله المعروفة تغني عن سؤاله، وديدنه التخبط في أوزارقطرياته البائسة وأزماتها المستفحلة، والتي يتخذها البعض منه ذريعةً للتملص من إلتزاماته القومية، و سبباً كافياً للتكيف مع املاءات الغرب ألمعادي والمتصهين، ولا على الصعيد الإسلامي المنشغل بمعركة الحجاب أكثر بكثيرٍ من إنشغاله بمصيرأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين أوما يجري في بيت القدس وأكنافه، ولا الدولي، هذا المتواطىء أصلاً لوئد القضية الفلسطينية برمتها والمشارك فيما وصلت، أو أوصلوها، إليه... واليوم هل نملك أكثر من القول، لق أسمعت لوناديت حياً...؟؟!!
( *** )
إسقاط الجيش: المسمار الأخير في نعش الوطن
ليلى نقولا الرحباني
منذ أن بدأت المعارك في سوريا، وتحولت المعارضة الى عسكرة وتسليح وارهاب متنقل، سعى بعض اللبنانيين مجاراة ما يحصل في دمشق من خلال السيطرة الميدانية والعسكرية والسياسة على منطقة الشمال بوسائل عدة. وبلا شكّ، وبما أن الجيش اللبناني بقي المؤسسة الوحيدة الثابتة على وطنيتها، وعلى عقيدتها القتالية بالرغم من كل محاولات التضييق عليها التي مارسها تيار المستقبل وحكوماته المتعاقبة منذ رفيق الحريري، بات هذا الجيش عرضة للاستهداف، فتمّ التعدي عليه، بشكل لم يسبق له مثيل منذ انتهاء الحرب وحلّ الميليشيات في التسعينات من القرن الماضي. ويمكن إدراج أسباب ذلك الغلو في استهداف الجيش والتجني عليه بما يلي:
1- سكوت الطبقة السياسية عن هذا الاستهداف، ونأي الحكومة ورئيسها ورئاسة الجمهورية عن التعدي والتطاول على الجيش وتكفيره، واعتباره عدوًا يثير وجوده حساسية مواطني عكار. نأت الطبقة السياسية بنفسها، ولم يطالب أحد بتحويل المرتكبين الى القضاء وهم يخالفون القانون من خلال المسّ بالسلم الأهلي واطلاق الخطابات التحريضة المذهبية، والأنكى محاولة السلطة السياسية ضرب معنويات الجيش وهيبته، بتحويل ضباطه وعسكرييه الى المحاكمة وذلك نزولاً عند رغبة بعض قطاع الطرق.
2- سلوك قيادة الجيش "الاحتوائي" والذي استغلّه المعتدين على الجيش لزيادة افترائهم على العسكريين والضباط بعد حادثة الكويخات. فقد سارعت القيادة العسكرية الى تقديم اعتذار عن مقتل الشيخين في عكار، بالرغم من أن الوقائع أثبتت ان السيارة التي كانت تقلّ الشيخين هي التي بادرت باطلاق الرصاص على الحاجز. ثم كان القرار بسحب القوات العسكرية من عكار لتجنب الاحتكاك، وقد فهم مقوّضي الاستقرار في لبنان أن هذا بمثابة ضوء أخضر لهم للسيطرة على الشمال ولقطع طريق صيدا، وأن الجيش يترك المواطنين لمصيرهم ليتحكم بهم قطاع طرق وميليشيات تتستر بالدين.
3- تقاعس مجلس الوزراء عن دعم الجيش سياسيًا، واتخاذ القرار المناسب بنشر الجيش على الحدود الشمالية، إلى أن أدرك الأميركيون أن كلفة عدم استقرار لبنان هي أكبر بكثير من كلفة تأمين ملاذ آمن للمتمردين في سوريا. حينئذٍ، وصلت الرسالة الأميركية الى مَن يعنيه الامر في الحكومة اللبنانية، التي توافق اطرافها المتباينين على ارسال الجيش الى الشمال بعدما فلت الوضع الأمني وبات من الصعب ضبطه.
إذًا صمت سياسي مريب، انعكس تمييعًا واحتواءًا وما يشبه التخاذل الأمني، أدى الى كل هذا التخطي للقانون، وظلم العسكريين والضباط واحتلال مؤسسة عامة وقطع طريق صيدا وقطع أرزاق المواطنين. أما أسباب هذا الاستهداف للجيش فتتجلى في ما يلي:
1- يترافق استهداف الجيش مع تزايد المطالبات بنزع سلاح المقاومة، ففي نفس الوقت الذي تُنفذ فيه اعتداءات على الجيش وسعي لتفتيته واضعافه نشهد تزايد مطالبات تلك القوى نفسها بنزع سلاح المقاومة، وهذا ما يثير الريبة، إذ إن المطالبة بنزع سلاح المقاومة يجب أن يترافق "منطقيًا" مع تفعيل دور الجيش وتسليحه وتقويته للتعويض عن دور المقاومة في مواجهة اسرائيل، إلا اذا كان الهدف اضعاف الاثنين خدمة لإسرائيل.
2- ابعاد الجيش عن منطقة الشمال، لاستباحتها وتحويلها الى منطقة نفوذ "مستقبلي" تستخدم في شنّ هجمات على الداخل السوري، وانشاء ملاذ آمن للمسلحين والارهابيين الذين يفرّون من سوريا. ولعل محاولة استباحة الشمال بهذه الطريقة، تذكّر بما حصل في الجنوب خلال عمل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، والتي حوّلت الجنوب الى ما سمي "فتح لاند"، ما لبثت بعدها أن تحولت الى سبب من أسباب اندلاع الحرب في لبنان.
3- إن تقاطع الهجمات على الجيش والتحريض ضده بين التكفيريين وتيار المستقبل والقوات اللبنانية، يشير الى مخطط ما، يريد إظهار فشل الجيش في حفظ الأمن، ما يبرر المطالبات بالأمن الذاتي واقتناء السلاح والعودة الى زمن الميليشيات وفرض الخوّات على اللبنانيين، وبالتالي مواجهة سلاح المقاومة بسلاح داخلي محلي يفقدها شرعيتها.
4- ان سقوط الجيش يبدو حلقة من مخطط جهنمي يهدف الى تهجير المسيحيين من المشرق، والعمل على اشعال نار الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة. إن سقوط الدولة اللبنانية، أو سقوط أجزاء منها بيد المجموعات التكفيرية، سيؤدي بطبيعة الحال الى أعادة أجواء الفرز السكاني الذي حصل خلال الحرب. وبدون الأمان الذي يوفره الجيش اللبناني، ستفقد المناطق المسيحية أمنها، وعندها يكون مصيرها إما التهجير، أو القبوع تحت سيطرة الميليشيات التي ستسارع الى الحديث عن خطر يتهدد المسيحيين والادّعاء أن السلاح الذي يصلها هو لحماية و"أمن المجتمع المسيحي" وهو "فوق كل اعتبار".
واقعيًا، لم يبقَ من هيكل الدولة المهترئ شيئًا، فلا الوضع الأمني ولا الاقتصادي ولا السياسي ولا الاجتماعي ولا الخدماتي بات مقبولاً أو يمكن السكوت عنه، في أسوأ مرحلة يشهدها لبنان منذ انتهاء الحرب. إن ما وصلت اليه أحوال البلاد من التردي الأمني وتخطي القانون واحتلال المؤسسات العامّة، تبدو أمورًا غير مسبوقة في تاريخ الدولة اللبنانية، وسياسة النأي السياسي والعسكري والقضائي عن محاسبة المرتكبين وضبط الوضع الأمني تعيد عقارب الساعة الى الوراء، وتؤكد أن اللبنانيين لم يفهموا شيئًا من دروس الحرب، والا لما كرروها. مصيبة لبنان ابتلائه بمجموعة من السياسيين القاصرين العاجزين اللاهثين الى السلطة، غير مدركين ان سقوط الجيش سيعني سقوط الهيكل على مَن فيه، والسلام على لبنان.
( *** )
التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية
د. منذر سليمان
واشنطن، 20 يوليو 2012
المقدمة:
سورية كان لها حصة الاسد من اهتمامات مراكز الابحاث الاميركية المتعددة، وتنافست فيما بينها، الى حد ما، للتكهن بمستقبل الرئيس الاسد، ومن ثم سورية، استنادا الى حكمها المسبق على فشل مهمة المبعوث الاممي كوفي أنان. وبرزت مسألة مصير المخزون السوري من الاسلحة الكيميائية والبيولوجية مادة للنقاش مواكبة لتسليط الادارة الاميركية النظر على الأمر، والتي استرشدت بمعلومات استخبارية مفادها ان سورية قامت بنقل وتغيير مواقع مخزونها، مما دفع البعض الى اعتبارها محاولة اميركية – غربية لاستدراج سورية للافصاح عن نواياها الميدانية. التدخل العسكري كخيار بديل حضر بقوة ايضا في مداولات مراكز الابحاث، لا سيما بعد قرار الفيتو المزدوج لروسيا والصين، وللمرة الثالثة تباعا، بشأن عدم السماح للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية. مجلس العلاقات الخارجية، الرصين عادة، اعتبر الفيتو المزدوج "تهديد للأمن والسلام الدوليين."
دمقرطة العالم العربي كانت على اجندة معهد راند، بغية التعرف على مسار الحركات الديموقراطية الاخرى وتحديد اهم العقبات والتحديات التي تعترض مسار تطبيقها في المنطقة.
المظاهرات والاحتجاجات في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية، منطقة القطيف، اثر اصابة واعتقال رجل دين مرموق نالت بعض الاهتمام من منطلق "تأثيرها وتداعياتها المستقبلية على سوق الامدادات النفطية والعلاقات الخارجية" مع العربية السعودية.
نتائج الانتخابات التشريعية الليبية لقيت ارتياحا وترحيبا بين اوساط مراكز الابحاث لاعتقادهم ان فوز التيار الليبرالي برئاسة محمود جبريل يقوض نفوذ التيار الاسلامي ويعد بمرحلة انفتاح سياسي على الغرب افضل من جارتيها في تونس ومصر.
روسيا والصين ايضا كانتا ضمن دائرة اهتمامامات مراكز الابحاث، لا سيما في مواقفهما المتميزة عن الغرب حيال مسألتي الملف النووي الايراني والصراع الدائر في سورية.
ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث
سورية:
اعرب معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى Washington Institute عن اعتقاده ان تجديد مهمة المبعوث الاممي كوفي أنان من شأنها "تقديم حبل النجاة مجددا الى النظام (السوري) وتقويض الفعالية المتنامية لقوات المعارضة المسلحة.. اما تطبيقها من شأنه وضع ترتيبات وقف اطلاق النار المحلية في خدمة تخفيف الضغط عن قوات (النظام).." واضاف ان تزايد وتيرة العنف أتت نتيجة "رفض النظام لسحب اسلحته الثقيلة من المدن.."
ملابسات "مجزرة التريمسه" كانت محور اهتمام معهد واشنطن ايضا، محملا الدولة السورية المسؤولية التامة كونها "تتوافق مع تكتيكاتها المتبعة عادة في عملياتها الهجومية." واضاف ان مصير الاسلحة الكيميائية "امر بالغ القلق.. لا سيما وان عملية نقلها من مخازنها "تتزامن" مع تشديد هجمات الجيش السوري الحر على نظام الطرق والقوافل العسكرية.. والخشية من تسرب مركبات كيميائية في الجو او بسبب تعرضها للعطل،" محذرا في الوقت عينه الحكومة السورية من لجوئها الى استخدام الاسلحة الكيميائية ضد معارضيها. وطالب الولايات المتحدة والدول الغربية "اصدار انذرات لسورية – وعند فشلها في تحقيق الغرض منها، ينبغي اللجوء الى اعمال عسكرية للاطاحة بالنظام."
معهد هدسون، Hudson Institute، وجه نقدا لاذعا للادارة الاميركية "لامتناعها عن المبادرة في جهود الاطاحة بالرئيس الاسد.. لاعتبارات الحصول مسبقا على موافقة الاطراف الدولية المتعددة،" ومعربا عن اعتقاده ان توجه الادارة للأمم المتحدة اضر بمصالح الولايات المتحدة "وقوّض السيادة الاميركية."
مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations حث الادارة الاميركية تبني خيار التدخل العسكري رغم ما ينطوي عليه من "اعداد قوات للتدخل مدعومة بغطاء جوي كثيف،" اذ ان التراجع عنه يدفع بالخيار البديل الى الواجهة "تقديم الدعم التسليحي والمستويات الاخرى لقوى المعارضة.. دون ايلاء مسألة تطور الصراع الى حرب اهلية اي اهتمام كونها جارية على قدم وساق." كما طالب الادارة النظر الى التوجه الديبلوماسي من زاوية أحادية اذ ان "الهدف الآن ينبغي ان ينصب على ايجاد مخرج (للرئيس) الاسد ودائرته الضيقة.. والانتقال الى مرحلة حكم سياسي تشمل كل الاطراف استنادا الى مبدأ سيادة القانون."
المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي Jewish Institute for national Security Affairs اعرب عن اعتقاده ان تطور ساحة المواجهات لتشمل مدينة دمشق "يؤشر على بدء مرحلة نهاية نظام (الرئيس) الاسد.. لا سيما وان "اسرائيل" قلقة جدا من مصير الاسلحة الكيميائية السورية،" مناشدا الولايات المتحدة "مشاركة اسرائيل في المعلومات ذات الطابع الاستخباري حول الاسلحة الكيميائية السورية.."
وطالب المعهد الادارة الاميركية استغلال "الفوضى السياسية" الناجمة عن اغتيال القيادات السورية العسكرية "لتشديد الضغط على (الرئيس) الاسد وحثه على المغادرة.. ليجنب البلاد الفوضى وحمامات الدم الطائفية او صعود الجهاديين" للسلطة، محذرا الادارة انه ينبغي عليها "التخلي عن دعم التوجه الديبلوماسي (للمبعوث الاممي) كوفي أنان.. والشروع في جهود سرية لتسليح عناصر المعارضة.."
تكهن معهد بروكينغز Brookings Institute بحتمية "تخلي (الرئيس) الاسد عن دمشق.. وتحول قوات الامن من النخبة الى ميليشيا للعلويين، النسخة السورية لحزب الله، مع او دون وجود الاسد،" مستدركا ان الأمر قد يستغرق بعض الوقت "واضطرار النظام الى استعادة بعض الوحدات العسكرية المرابطة في الجولان واستخدامها في تدمير الاحياء المتمردة.."
مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations علل الفيتو المزدوج لروسيا والصين "لعدم ارتياحهما لاي عمل من شأنه اضفاء الشرعية على اي تدخل دولي في الشؤون الداخلية للدول الاخرى.. ولخشية حكومتيهما من ان يشكل الامر سابقة قد تتحول ضدهما يوما ما."
ايران:
مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات Foundation for the Defense of Democracies اعربت عن اعتقادها ان تدهور الحالة الاقتصادية في ايران هو نتيجة لاستمرار العقوبات الدولية ضدها وتقلص المبيعات النفطية، لا سيما وان "عشرات الملايين من براميل النفط غير المباع يجري تخزينها على متن ناقلات نفط خارج الشواطيء الاقليمية." ولفتت المؤسسة الانظار الى ما اسمته نتائج استطلاع للرأي بثه التلفزيون الايراني يشير الى ان نحو "63% من الايرانيين يؤيدون تخلي بلادهم عن البرنامج النووي مقابل رفع العقوبات" الاقتصادية عنها. وحثت الرئيس اوباما على التوجه ومخاطبة الشعوب الايرانية مباشرة للتأكيد على "عدم رضى او قبول الولايات المتحدة للبرنامج النووي، واستخدام تدابير سرية وعلنية من شأنها دعم جهود الايرانيين للتخلص من النظام الحاكم."
المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي Jewish Institute for National Security Affairs اعرب عن اعتقاده بفشل سياسة استهداف ايران عبر اغتيال كفاءاتها العلمية وادخال برامج كمبيوتر خبيثة، فايروس، لاجهزتها المركزية التي قد "تستطيع ابطاء الجهود العلمية، لكنها ستعزز عزم القيادة الايرانية بالمضي قدما" في تلك الجهود. وطالب الادارة الاميركية "حزم امرها لاستخدام القوة العسكرية في الوقت المناسب (ضد ايران) دون الالتفات الى الاعتبارات الانتخابية او اخرى سياسية."
العربية السعودية:
اشار معهد واشنطن Washington Institute for Near East Policy الى ضخ النفط من منابعه في العربية السعودية عبر انبوب بديل يمر باراضي الامارات العربية المتحدة "لتفادي المرور في مضيق هرمز.. واضافة لانبوب آخر اضحت الطاقة النفطية التي لا تمر عبر المضيق نحو 6.5 مليون برميل يوميا." وطالب الادارة الاميركية بتشجيع كل من الرياض والمنامة "لادخال اصلاحات سياسية ضرورية لتفادي استغلال المتشددين الشيعة مشاعر الاحباط السائدة بين اقرانهم في البلدين."
التحليل:
الازمة السورية وتجدد المراهنات على المنطقة الآمنة مع تركيا
تواترت مطالب انشاء ملاذات آمنة على الاراضي السورية المحاذية للحدود التركية بحيث اضحت مادة يومية في الاعلام، لعل احدثها كانت دعوة السيناتور الجمهوري جون ماكين التي اطلقها خلال زيارته للبنان، مما يطرح تساؤلات حول انتهاكه للسيادة الوطنية اللبنانية قبل مغادرته. قابلها في الجانب الآخر نداءات شبه يومية من مراكز الابحاث الاميركية المتعددة والصحف الرئيسة لحث الادارة الاميركية العمل على تحقيقها دون الالتفات الى انتظار تحقيق الاجماع الدولي المنشود.
قبل الولوج في امكانية تطبيق المطلب هناك عدد من الاستفسارات التي ينبغي طرحها والسعي للاجابة عليها بموضوعية وتحديد آليات تطبيقاتها، منها: ما هو الهدف المرجو من انشاء ملاذات آمنة؟ مدى عزم الاطراف الداعية وارادتها لانشائها؟ الطرف او الاطراف المعنية بانشائها؟ من سيحدد انتفاء مهمتها والتخلي عنها؟
ما يجري راهنا ان هناك "منطقة آمنة" انشئت في شمالي مدينة حلب، الى الغرب من ادلب، بمحاذاة الحدود التركية في مقاطعة الاسكندرونة – هاتاي. واعلنت تركيا في شهر حزيران الماضي عن تحريك قطعات من بطاريات الصواريخ المضادة للطيران ونشرها على طول حدودها الجنوبية في اعقاب اسقاط سورية طائرة مقاتلة تركية اخترقت اجواءها السيادية فوق مياه البحر الابيض المتوسط. عمليا، تُرجم الامر الى انشاء صيغة ما لمنطقة حظر للطيران المروحي السوري الذي كان مكلفا بمراقبة المنطقة الحدودية.
في المحصلة، المناطق الآمنة اضحت اقل أمنا وسلامة مما يبدو للوهلة الاولى، لا سيما عند الاخذ بعين الاعتبار ان مجموعات الجيش السوري الحر هي اقرب الى مجموعات حرب عصابات – وقوات مشاة خفيفة التسليح في افضل الاحوال. وبالنظر الى الطبيعة الجغرافية الملائمة لانتشار المتمردين، فقد عجزوا عن الاحتفاظ بمساحات هامة من الاراضي امام هجمات القوات السورية المركزة والمسلحة بالمدرعات والغطاء الجوي. وامام هذه الحقائق، يجري التطلع الى مساعدة اطراف خارجية لاجل الحفاظ على تلك المناطق بعيدا عن سيطرة وتهديد القوات السورية النظامية.
ويتجدد السؤال هنا حول الهدف الحقيقي من انشاء تلك "المناطق الآمنة" والفترة الزمنية التي ستحتاجها لابقائها خارج سيطرة الدولة المركزية بدعم من القوات الخارجية؟
بما ان الازمة السورية تشمل مناطق البلاد بأكملها وليست محصورة بمنطقة بمنآى عن المناطق الاخرى، تنتفي الحاجة الحقيقية لاقتطاع مساحات جغرافية ذات الطابع الطائفي المحدد، والتي ستشبه الى حد كبير ما يسمى الجمهورية التركية لشمالي قبرص التي ترفل بسيادة محدودة – على الرغم من ان تركيا هي البلد الاوحد الذي يعترف بها. تلك "الجمهورية" المقتطعة قد يتم الاحتفاظ بوضعها الراهن الى الابد، بحماية بعض القطعات العسكرية التركية داخل اراضيها.
من مصلحة تركيا، اذن، استنساخ تلك الصيغة الهجينة لرغبتها الدفينة في بسط هيمنتها على بعض الاراضي السورية، والتي من شأنها استنهاض مقاومة وطنية شعبية مسلحة قد لا ترغب بها الدول الغربية التي تعتاش تركيا على دعمها ومساندتها.
استنادا الى ما تقدم، فانشاء اي منطقة آمنة يتخذ طابعا مؤقتا ويتم تلاشيها وانتفاء غرضها عند هزيمة المتمردين، او عند التوصل لصيغة حل ما بين القوى المتصارعة. لا يلوح في الافق امكانية التوصل الى حل ما في المدى القريب، مما يفتح الباب مشرعا امام الاطراف الخارجية الداعمة لانشاء المناطق المذكورة بمديات مفتوحة، الأمر الذي تسعى جاهدة لاجتنابه في ظل الازمات الدولية المتعددة، لا سيما الازمات المالية والاقتصادية التي تعصف بالدول الرأسمالية.
وعليه، فان جهود اقامة مناطق آمنة ينبغي مرافقتها باجراءات عملية ترمي الى دعم الجيش السوري الحر ومجموعات المتمردين الاخرى. اي تقديم دعم تسليحي وتدريبي ولوجستي يواكب المستويات المقدمة للمتمردين الليبين العام الماضي. تجمع الاطراف كافة على تفوق امكانيات وجهوزية القوات السورية النظامية على نظيرتها الليبية ابان تعرضها لعدوان حلف الناتو، مما يتطلب مستويات دعم وتسليح وتدريب اعلى تتناسب مع الرغبة في مواجهة القوات السورية، كما ان التكلفة المادية والبشرية ستصل الى مستويات اعلى ايضا.
في الجانب العملياتي، لو تم امداد الجيش السوري الحر بمعدات قتالية افضل سيستمر افتقاده لعنصر تقديم اي ضمانات لسيطرته على مناطق آمنة كالتي شهدناها في دول البلقان قبل عدة سنوات. جدير بالذكر ان حصار حلف الناتو المفروض آنذاك على سيراييفو لم ينكفيء عند بدء الحلف بغاراته الجوية، بل وعلى الرغم من سلسلة محاولات للتفاوض بشأنه، استمر الحلف في فرض حصاره، ولم تنسحب القوات الصربية من الصرب بشكل تام الا حين تم تهديدها بقوة عسكرية مماثلة من القوات الكرواتية والبوسنية مجتمعة التي شنت هجوما بريا منسقا اضطرت للانسحاب من المنطقة على أثره. كما ينبغي الاشارة الى فشل الجهود آنذاك لانشاء منطقة آمنة لمدينة سريبرينيتسا على الرغم من تواجد المراقبين الدوليين والميليشيات المحلية والغطاء الجوي (للناتو) بسبب عدم توفر القدرة او العزيمة للقوات الارضية للمغامرة في قتال القوات الصربية. وعند النظر الى الحالة السورية، نجد ان قوات الجيش السوري الحر لا تماثل اي من القوات العسكرية في البلقان عددا او تدريبا، مما يؤدي الى الاستنتاج بانه لو تسنى لها الاستيلاء على مدينة او منطقة لها مكانة سياسية فقد يكون ضربا من المستحيل استطاعتها المحافظة عليها ضمن نطاق المنطقة الامنة دون توفر مساعدات واسعة النطاق من الاطراف الخارجية.
ما هي حقيقة المغامرة؟
القوات العسكرية السورية تتمتع بقدر لا يستهان به من القوة، اذ لديها نحو 650،000 جندي تحت الخدمة، وتمتلك اسلحة ومعدات ثقيلة لا سيما في سلاحي المدرعات والطيران مع الاشارة الا ان مدى فعاليتها يعتمد على نوعية الصيانة الي تقوم بها الفرق المختصة في ظل ظروف الحرب. ومع ذلك، باستطاعتنا القول انه في اللحظة الراهنة تملك القوات العسكرية اليد العليا في التسليح والعديد ومستويات التدريب.
قوام القوى المعارضة يتشكل من خليط متناثر من الميليشيات وقوات الجيش الحر. استنادا الى فرضية استخدام قوى الميليشيات في عمليات القتال والسيطرة على بعض المناطق، الا انها لا تدخل في التشكيلات القيادية والهرمية، علاوة على ما تتمتع به من تسليح وتدريب لا يعدو يماثل الحد الادنى من المطلوب في افضل الاحوال. لا تتوفر اعداد دقيقة يمكن الاستناد اليها، الا ان بعض المصادر المقربة من اوساط المعارضة ترجح تعداد قوات الجيش الحر بنحو 40,000 مجند تحت السلاح. شح المصادر الموثوقة يجعل التيقن من دقة الارقام المشار اليها امرا عسيرا.
الجيش السوري الحر بمجمله مسلح باسلحة خفيفة، معظمها بنادق كلاشنيكوف وقذائف صاروخية، من طراز ار بي جي -7. (ملاحظة: تردد انهم يملكون جيلا متطورا من قاذفات ار بي جي -29). بعض المعلومات افادت ان بعض المنشقين انضموا ببعض الدبابات، لكن لو صح الامر فان فائدتها ستكون محدودة اذ انها تتطلب اعمال الصيانة والوقود. ان اشتملت المناطق الآمنة على تضاريس وعرة، وانشاء القوى الغربية منطقة حظر للطيران، واستمرار تدفق الاسلحة الى المتمردين، حينئذ قد يستطيع الجيش الحر الاحتفاظ بتلك المناطق لبعض الوقت. المعضلة الحقيقية ستبرز حينئذ في عدم قدرته على السيطرة على بقية مناطق البلاد.
افتراضيا، باستطاعة قوات مشاة خفيفة التسليح، مثل الجيش الحر، السيطرة على مناطق وعرة والاشتباك في عمليات هجومية محدودة وشن هجمات كر وفر. لكن حتى لو استطاع التمتع ببعض الدعم الشعبي، ستتعاظم امامه التحديات للمضي في اخضاع مدن كبرى، مجردا من رفده بمقاتلين جدد باعداد كافية واسلحة اضافية. وعليه، ان كان الهدف من انشاء منطقة آمنة بغية توفير ملاذ لبناء قوات عسكرية باستطاعتها مواجهة وهزيمة الجيش السوري ميدانيا، فان القوى الغربية، وخاصة تركيا، ستجد نفسها مضطرة للانخراط مباشرة بقوة اكبر.
واستنادا الى فرضية ان تركيا هي الطرف الاكثر استفادة من الاوضاع سالفة الذكر، يتعين عليها اتخاذ قرارها بشأن تعزيز تسليح الجيش الحر من قوات مشاة خفيفة التسليح الى قوة اشد بأسا.
تمتلك تركيا ثاني اكبر الجيوش عددا من بين دول الناتو، وعدد لا باس به من المدرعات التي تم شراؤها ابان عصر الحرب الباردة. سلاح المدرعات الاساسي لتركيا راهنا يستند الى النموذج الالماني من طراز ليوبارد 2A4 والاميركي M60T، الى جانب نحو 400 مدرعة من الجيل الاول ليوبارد 1 اضافة الى نحو 750 مدرعة من طراز M60 Patton الاميركية بنماذج متعددة دخلت الخدمة. قواتها البرية تمتلك نحو 1,300 دبابة من طراز M48 Patton في سلاح الاحتياط، والتي قد يتم تسليمها لجيش سورية الحر لتدعيم قدرته بالمدرعات.
من الناحية التقنية النظرية، تتخلف دبابات M48 عن ميزات المواجهة المتوفرة للمدرعات السورية T-72 الاقوى. النموذج السوري T-72M (من الاصل الروسي T-72A) يتميز بعدة طبقات تدريع لحمايته مقارنة بالنموذج الروسي: اذ يحتوي على ادراج مركب معدن مختلف في تجويفة البرج لتدعيم حمايته من القذائف والذخيرة الخارقة والحارقة.
مدرعات M48 يمكنها العمل بفعالية ان توفرت لها الخبرات البشرية الكافية. اذ تم الاعتماد عليها في القوات البرية الاميركية لغاية عقد التسعينيات من القرن المنصرم. اما النماذج المعدلة بحوزة تركيا من مدرعات M48 فهي شبيهة بمدرعات ماغاش التي استخدمتها "اسرائيل" في حروبها على لبنان، والتي تعد نموذجا معدلا عن الاصل M48. وتسعى القوات "الاسرائيلية" الى اخراجها من الخدمة على مراحل، لكنها تستخدم في معدات الاحتياط.
مما لا شك فيه ان المدرعات التركية، M48، لا تستطيع التفوق على التي بحوزة الجيش السوري من طراز T-72، لكن تسليح الجيش الحر بها سيوفر له القدرة على الانتقال في هجماته الى مرحلة متقدمة ضد الجيش العربي السوري.
التحركات الكردية المغامرة
ان استقر الامر لدى تركيا ومن ورائها من الدول الغربية على المضي بتسليح الجيش السوري الحر لتعزيز قدرته على مواجهة الجيش العربي السوري، سيكون الاخير حينئذ مضطرا للرد على اية هجمات قد يتعرض لها. بل الطلب بقوة اكبر من حلفائه، وخاصة روسيا، تزويده بمعدات واسلحة تتفوق بعدة مرات على ما يمكن ان يتوفر بايدي قوات الجيش الحر. وقد تشمل مدرعات اضافية وطائرات مروحية هجومية وخبراء فنيين لصيانتها الامر الذي يعد بالغ الحيوية.
في ظل هذه الاجواء، قد يتم ادخال العامل الكردي على الساحة. اذ ان نشر القوات العسكرية السورية في مواجهة قوى المتمردين قد ادى الى اخلائه بعض المناطق الحدودية المشتركة مع تركيا لصالح السيطرة الكردية. ففي المناطق التي انسحب منها الجيش السوري، قفزت المجموعات الكردية لبسط سيطرتها. ونتيجة لذلك، تعززت مشاعر اكراد سورية في امكانية الحصول على مزيد من حرية الحركة وزيادة النفوذ لاولئك الساعين لانشاء منطقة كردية مستقلة.
في لقاء تم مؤخرا برعاية رئيس كردستان العراق، مسعود البرزاني، توصل الاكراد الى اتخاذ موقف موحد مناهض للرئيس الاسد، وانشأوا المجلس الكردي الاعلى ونظموا "قوات شعبية للدفاع" بغية السيطرة على المنطقة. كما ينوي هؤلاء ابعاد قوات الجيش السوري الحر بعيدا عن مناطقهم الكردية.
من الثابت ان تركيا لا ترغب في رؤية منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي على مقربة من حدودها، اللهم في المدى القصير، اذ انها قد تجد الامر يصب في مصلحتها. وقد تغامر بدعم فرضية ان وجودا كرديا مناهضا للرئيس الاسد سيعزز امكانية رؤية نهاية مبكرة للازمة السورية.
ان استطاع الاكراد فرض ارادتهم على الحكومة السورية لاعترافها بمبدا الحكم الذاتي على مناطقهم، قد نشهد بداية تفسخ وتشظي سورية بحدودها الراهنة. ومن هذا المنطلق، فان المساعي لاقامة منطقة آمنة تنذر بما هو ابعد من الرغبة لحماية المدنيين السوريين.
::::::::
يمكن مطالعة التقرير في موقع المركز بالعربية والإنكليزية: www.thinktanksmonitor.com
المصدر: مركز الدراسات الأميركية والعربية - المرصد الفكري / البحثي
مدير المركز: د. منذر سليمان
موقع المركز بالعربية والإنكليزية: www.thinktanksmonitor.com
العنوان الالكتروني: thinktankmonitor@gmail.com
______
تابعوا "كنعان اون لاين" Kana'an Online على:
· موقع "كنعان" بالعربية:
http://kanaanonline.org/ebulletin-ar
· بالانكليزية:
http://kanaanonline.org/ebulletin-en
· "فيس بوك" Facebook:
http://www.facebook.com/pages/Kanaan-Online/189869417733076?sk=wall
· "تويتر" Twitter:
http://twitter.com/#!/kanaanonline
· موقع "كنعان" من عام 2001 الى 2008:
http://www.kanaanonline.org/ebulletin.php
- الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري "كنعان".
· عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى "كنعان".
· يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان "كنعان" الالكتروني: mail@kanaanonline.org
- Please write to us or send your contributions to: mail@kanaanonline.org.
- To subscribe to our mailing list, please send a blank e-mail message to arabic-join@kanaanonline.org.
- To unsubscribe from our mailing list, please send a blank e-mail message to arabic-leave@kanaanonline.org.
No comments:
Post a Comment