Tuesday 31 July 2012

{الفكر القومي العربي} [Arabic] KOL eBulletin - 31 July 2012

كنعان النشرة الألكترونية

Kana'an – The e-Bulletin

السنة الثانية عشر العدد 2959

31 تمّوز (يوليو) 2012

في هذا العدد:

ميت رومني على حق، بعض الذوق العقلي امام الأمم! عادل سمارة.

ناجي علوش.... وطن في رجل، إحسان سالم.

سوريا:

·       معــركـة حلـب... فـي الخطورة!.. والتـداعيات؟ أمين محمد حطيط.

·       معركة حلب، موفق محادين.

·       بيان حول تطورات الأزمة السورية، الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.

ما بعد أمريكا، عماد فوزي شعيبي.

إصدارات جديدة:

·       "ديانة مكة في الجاهلية: الحمس والطلس والحلة" لمؤلفه زكريا محمد.

* * *

ميت رومني على حق،

بعض الذوق العقلي امام الأمم!

عادل سمارة


ثارت ثائرة كثيرين من تصريحات ميت رومني في سباقه على الصوت الانتخابي اليهودي في اميركا، ولا اقول الصوت الصهيوني لأن كل من يمالىء امريكا وكل من يعترف بالكيان سواء علنا او مواربة هو صهيوني حتى لو كان شيوعيا او مسلما او بوذيا او مسيحيا.

تصريحات رومني ليست فقط ضد الفلسطينيينن بل الفلسطينيين آخر المقصودين بها. هي ضد عبيد واذلاء لا يجرؤون على قول كلمة واحدة. فإذا كانت أنظمة النفط عربية ومسلمة ماذا تقول في سباق البيت الأبيض هذا؟ وخاصة أن هذا حديث يتحول إلى قرار سياسي.

هل يجرؤ هؤلاء الذين ارسلوا الطائرات لتدمير ليبيا تحت إبط الناتو على قول كلمة واحدة؟ الا يستحق سباق البيت البيض سحب سفير؟ هل يفهم هذا من يتحالفون من العرب والفلسطينيين مع امريكا وتركيا والخليج ضد سوريا؟ هل يسكت عن هذا سوى من هو تحت الطاولة حليف للكيان؟ سواء نظام حكم او حزب.

اين ألسِنَة الذين يصدحون كل لحظة ضد المقاومة والممانعة باسم الطائفية العمياء؟ رومني يؤكد أن القدس عاصمة اليهود وقوى الدين السياسي تؤكد ذلك بالهجوم على سوريا وعلى إيران؟ حرب داحس والغبراء حرب السنة ضد الشيعة وليس العكس! ولكن ما معنى هذه سوى فناء الطرفين؟ هل يفهم هذا أولئك الذين تكتب ايديهم ما تفكر به الصهيونية والغرب الراسمالي؟ اية جريمة تدفعون الشعوب إليها؟

ولكنن لماذا لا يقول رومني اكثر مما قال، ولماذا لا يفعل اوباما اكثر مما فعل طالما ان انظمة الخليج يحج إليها نصف العلمانيين في حكومة رام الله او النيولبراليين ونصف الإسلاميين في حكومة غزة اصحاب اقتصاد الأنفاق والاقتصاد الإسلامي الذي يُخضع الفقراء للأغنياء باسم الدين. فما مصيرك ايها الرسول الذي ارسى تشارك الناس في الماء والكلأ والنار. رحمك الله نسيت النفط؟ ولا يقف هؤلاء عند تخدير الفقير، بل يرسلونه من غزة ليقتل ويٌقتل في سوريا!

 

لعل من اخطر اختلالات الحزبية : عربية أو إسلامية او قومية او شيوعية بان الحزبي يجب أن يكون مع حزبه وليس مع الشعب والوطن. ومن لا يطيع، يهرب او يُطرد. وإن كنت متجنياً فليجبني كل كُتاب الدين الإسلامي السياسي كيف تكون قطر والسعودية محط رحالهم وتكون الولايات المتحدة هي الجالسة في قصور حكام الخليج والولايات المتحدة هي التي رئيسها اوباما ومنافسه رومني؟ بالله عليكم حلُّوا هذه المسألة الحسابية؟ هل تضحكون علينا؟ اليست علاقتكم بالخليج هي اعتراف بالكيان؟ غطوه بكل الأقمشة. لا ينفع! كفى!

ولكي لا تطعجوا بوزكم وتقولوا شيوعي حاقد وعروبي متعصب اقطعوا راسه[1]، من اجل ان لا تبتهجوا باتهامي بالتعصب: هكذا كانت الشيوعية التابعة. اعترفت بالكيان لأن موسكو اعترفت بالكيان. ولم تعتذر شيوعيتنا بعد. يا إلهي ما هذا الإخلاص؟ ولكن كيف يركض "الإيمان" على خطى "الإلحاد" كيف يؤول الإخوان المسلمون إلى موقف الإخوان الملحدين؟ قسم من شيوعيي سوريا اعتمدوا موقف موسكو من الاعتراف بالكيان، واليوم يعتمدوا موقف امريكا وقطر من سوريا، طبعا احفاد الشيخ القتيل تروتسكي مع الكيان "عالموت"! عجيب! هل قراركم دوماً في المكان الخطأ؟ استقيموا يرحمكم الله مرة واحدة.

 

هل يمكن لعاقل ان يتخيل ان من يزور السعودية وقطر يجلس مع حكامها؟ أم مع امريكيين بلباس عربي؟

رومني يجلد الحكام العرب ويجلد قوى الدين الإسلامي السياسي الحليفة لها كي تركع اكثر. ماذا ستفعل حكومة السيد مرسي وحكومة السيد الغنوشي وكيران...الخ؟ نتحداكم بوضوح؟ ماذا سيفعلون؟ لا شيىء. هكذا النعامة.

لهذا فإن رومني على الطريق الصحيح لأن كل من ينافحون عن الدين الإسلامي السياسي هم في جيبه. بل هم على طريق المحافظية الجديدة يخوضون معركة مجدو ارماجدون ضد دمشق. هل تنكرون؟

رومني من أجل الرئاسة، يصفع بل يجلد هؤلاء العبيد على مرأى من الكون. وبدل أن يثوروا يدلكون اقفيتهم.

إرجعوا للتاريخ، حينما كانت قريش تجلد الفقراء والعبيد تحولوا قبل محمد إلى الثورة كصعاليك ومع محمد إلى ثوار. ولكن الوهابية والسلفية وإخوان الشام يُجلدون ويبكون الدموع الحرَّى من وراء الستار قائلين. حبذا لو خففتم بعض الشيىء. وسيقولوا لأنفسهم بعد حين ما غنته سميرة توفيق: "على الماني على الماني قتلني وعاود راضاني"!

يهرج مثقفو الدين السياسي كما اللبراليين والكمبرادور بأن اليهود يتحكومن بامريكا. وبعضهم لأجل الفضيحة يكتب هذا بالإنجليزية. فواذلاه لعقولنا وللإقتصاد السياسي. على الأقل اتركوا هذا التحليل البئيس بيننا لا تترجموه للغات الأجنبية!

اليهود برغي صغير، عش صغير في بنية راس المال العالمي، صغير ولكن حليف. وليس التحالف فقط على اصوات الناخبين، لا يا عالم! التحالف على كون الكيان مشروع استراتيجي في الوطن العربي لتفكيك وتخلف هذا الوطن من دول قطرية إلى كيانات مذهبية. لهذا الدور تحديداً يُنفق الغرب على هذا المشروع اكثر مما يُنتج المشروع نفسه في مستوى الأداء الاقتصادي الحقيقي، ولكنه يقدم اضعافا مضاعفة عبر تخليد السيطرة الغربية الراسمالية على مقدرات الأمة العربية.إنه مشروع رهيب الجدوى.

 

وإذا كان اليهود يحكمون امريكا كما تزعمون فالأمر منتهي، لماذا لا تحرروا فلسطين بدل الطريق الإلتفافي الذي يرطن به ثوار الناتو الإسلامي في سوريا بانهم سيحرروا دمشق فبغداد ويحتلوا طهران ثم يعودوا إلى فلسطين. يعطيكم العافية!

لماذا لا يحتقر رومني العرب والفلسطينيين؟ بل هو على حق بهذا الاحتقار لأنه يرى ان القوى الفلسطينية تتذابح على المشروع الاستراتيجي الراسمالي الغربي الثاني في فلسطين اي (أوسلو-ستان) بدل ان تقاوم.

كنا نحاول شد أزر حماس بأنها سيطرت على غزة باسم المقاومة. ولكن حماس الان في قطر؟ كيف يا مفكري الدين السياسي؟ هل تدخلوا قطر وهي مرتع لساسة ومخابرات الكيان. ولكن نأسف، ربما أنتم في زيارة المفكر العربي عزمي بشارة الذي يحرر قطر من الصهاينة؟ وبالمناسبة ما اكثر من يزوروا عزمي بشارة اليوم من الأرض المحتلة 1967 وخاصة عباقرة وجهابذة الأكاديميا والأنجزة ودور النشر...وغيرها. لن اكتب اسمائهم كي لا يرفعوا قضايا، ولكن إن كانوا على حق وشرف فليعلنوا اسمائهم. أما من المحتل 1948 فالأمر أسوأ واسألوا نديم روحانا في علاقته الروحية مع عزمي بشارة واحمد اشقر في علاقته التوراتية! وغيرهما/هن. والقاسم المشترك الخدمة في جيوش تدمير سوريا. فهل على رومني احترامنا!

 

يعتب مفكرو الدين السياسي لأن فياض التقى رومني. لماذا المزايدة؟ رومني سيد اعلى كعباً من حمد وسعود، بل هو سيدهم. الم يقل الشاعر:

أمية سيد لك من قديمٍ.....فطاوعه تنل منه الرغابا

فلماذا لا يذهب فياض إلى السيد الحقيقي؟

البعض يشبه رومني بالنازية والفاشية. والله إن هذا البعض لا يمكنه تعريف النازية بسطرين. اليس النازي هو من يرى في انظمة النفط مثله الأعلى؟ اليس النازي هو الذي سيذبح العلمانيين؟ أليست النازية وليد او طبعة من الراسمالية المازومة؟ فما موقف جماعات الدين السياسي من هذه الرأسمالية؟

لو كنت مكان هؤلاء الفلسطينيين من القُطريين او الدين السياسي لما تحدثت عن رومني كي الملم الفضيحة والمعيبة في العلاقة بأمريكا وتوابعها العرب. لكن من تعود العنترة لا يمكنه إلا ان يمارسها ولو في غير مكانها، آه ما ابئس سيوف الخشب! فسلام عليك يا علي وعلى ذو الفقار.

اختم بالاستراحة التالية:

بعد وصول الرئيس محمد مرسى حسيت فعلا بالأمن،
 
وانا ماشى على الدائرى استوقفتنى سياره تابعه للشرطه ……
 
فاسرعت باخراج الرخص فضحك الضابط وقال لي الكلام بتاع الرخص ده انتهى عصره مع النظام البائد

قلتله طيب عاوز ايه؟
قالى : سمع سوره البقرة

( *** )

 

ناجي علوش.... وطن في رجل

إحسان سالم

رام الله ـــ الأراضي المحتلة

 

http://www.assafir.com/Photos/Photos30-07-2012/305315-1.jpg

 

المناضل والمفكر القومي الراحل ناجي علوش

 

سيفتقدُ المناضلون والمقاومون وكل ُ الذين لم تحرفهم غواية المال والمناصب والمنابر

الخاوية، سيفتقدون قامة ناجي العالية التي لم تتلوث تحت أي ظرف، بل وظلت دوماً

مُنتصبةً تصرخُ في وجه المتآمرين والسماسرة، وتُذكرهم بمعاناة شعبهم التي عاشها بكل

تفاصيلها.

كان شديد الإيمان بعروبة فلسطين وعروبة النضال الفلسطيني، وكان مؤمناً دوماً بأنّ

فلسطين لا تُستعاد بغير المقاومة الحقيقية...

وحينما لاحت للبعض ممن عاصروه وعاصرهم، ممن أعياهم الكفاح، وتعبوا من مواصلة

ما بدؤوا به وما وعدوا شعبهم به، حينما لاحت لهؤلاء خيالات دولة موعودة ولو على

الأوراق الكالحة، كان ناجي من أوائل من دعا شعبنا إلى أن يكون بعيداً عنهم مثلما ابتعدوا

 هم عن الشهداء، وحينما وقّع هؤلاء على صكوك الاستسلام كان ناجي من أوائل المناضلين

الذين وقفوا بكل قوة في وجه هذه المؤامرة، وظل يُكرر دائماً مقولته بأن مراسم استقبالهم

بالوطن هي مراسم حداد وحزن بالنسبة لمن بقي قابضاً وثابتاً على موقفه وانتمائه لفلسطين.

لقد تمكن الكثير الكثير من أبناء شعبك أيُها الرفيق الراحل من سماع صوتك الذي ظل يُنير

الطريق، وتعلّق به من أراد مواصلة الكفاح ومن تعبّدت بدمائه جبال وسهول فلسطين فأنت

من عاش ورحل مع الوطن.

في هذه الأيام بالذات كم يفتقدك شعبك، وكم هو بحاجة إليك وإلى أمثالك في زمن الاشتباك

هذا، اشتباك مع الغاصب، واشتباك مع من وضع يده في يد الغاصب.

لقد غبتَ وأنت من تمنى أن يشيح القدر وجههُ عنه ولو قليلاً، حتى تعيش لحظة الانتصار

القومي المُدوي في دمشق العرب على حُثالة المجرمين والقتلة، على خونة العرب وصهاينة

النفط العربي، على مُرتزقة هذا الزمان وما أكثرهم الذين انحنوا لكي تمشي على ظهورهم

"التي لا تصرفها عن وجوههم" الفتنةُ الوهابية، ولكننا نعدُك بأن تكون حاضراً معنا غداة

الاحتفال الكبير فوق جبل قاسيون..

:::::

abuarabihsan@gmail.com

( *** )

 

معــركـة حلـب... فـي الخطورة!.. والتـداعيات؟

العميد الدكتور أمين محمد حطيط *

 

لم تحظ منطقة في سورية منذ بداية العدوان عليها بمثل ما تحظى به اليوم مدينة حلب من اهتمام ومتابعة دولية وترقب لنتائج ما يدور فيها وحولها ورغم ان المدينة تستحق بذاتها الاهتمام المميز فإن السلوك الدولي حيالها تخطى ما هي عليه من واقع أساسي وبدا اهتمام لا يمكن فهم أسبابه الا بالعودة الى المراحل التي نفذت في سياق العدوان ذاك والنتائج التي انتهى إليها بعد ان فشل في مراحله المتعاقبة منذ انطلاقه الى إن وصل الى ماهو فيه الآن.‏

فكما نعلم فإن التحرك الشعبي في سورية والذي انقلب بعد ذلك الى عدوان مخطط خارجياً وبصورة واضحة المعالم، ابتدأ بمقولة طلب الإصلاح وسلمية التحرك، والاصلاح مطلب حق لا ينكره عاقل لكن الخطة افتضحت بعد ان استجابت الدولة وشرعت بالسير في العمل الاصلاحي الذي رفض من قبل مخطط العدوان والذي رفع شعار اسقاط النظام وهو الهدف الحقيقي للعدوان اصلاً، وكان ادعاء بأن الامر هذا إنما هو مطلب الأكثرية الشعبية، لكن وعي الشعب السوري فضح الادعاء ايضاً حيث لم يستجب لنداءات التظاهر والفوضى وكان معظم من نزل الى الشارع من المضللين أو المأجورين وقلة كانت ممن يدركون ما يفعلون، وبالتالي فشلت محاولة تثبيت فكرة «إن الشعب يريد إسقاط النظام» وجاءت الاستطلاعات لتؤكد أن الشعب يريد ويؤيد رئيسه ودولته القائمة بنظامها الجاري اصلاحه بوتيرة سريعة، نتائج دفعت المخطط للانتقال الى ممارسة العنف ومواجهة قوى الأمن والاعتداء عليها رغم أنها كانت ملتزمة بقرار الرئيس – القائد العام للقوات المسلحة بعدم استعمال السلاح أو الرد على العنف بالعنف، سلوك قد يكون اغرى المخطط فانتقل الى المرحلة الرابعة وهي وضع اليد على مناطق حدودية قريبة من الاردن ولبنان وتركيا لتشكل رؤوس جسور للتدخل الاجنبي المعول عليه عبر قرار من مجلس الامن تحت الفصل السابع لكن خطة الجسور فشلت ايضاً ميدانياً بعد ان اتخذ القرار السوري بالمعالجة وفقاً لما يناسب، ودبلوماسياً بعد ان اجهضت روسيا والصين المحاولات الغربية في مجلس الامن التي قامت بها اميركا متكئة على قرارات مجموعة الدوحة الصهيونية التي كان اسمها الجامعة العربية، فكان بعد الفشل انتقال الى الحلقة الخامسة عبر احتلال احياء أو مدن وإقامة مناطق في الداخل خارج سيطرة الدولة من أجل توسيع مساحاتها حتى تتصل فيما بينها وتشكل عامل ضغط يخنق الحكومة السورية واجهزتها، لكن الدولة تعاملت مع الموضوع بما يقتضيه الموقف وتمكنت من إسقاط قاعدة بابا عمرو من اجهاض مرحلة هامة وخطيرة فانتقل المخطط بعد ذلك الى مرحلة المشاغلة الارهابية المتعددة الانواع والمستويات بغية انهاك الجسم السوري ودفعه للتآكل الذاتي تمهيداً للضربة القاصمة الحاسمة، وقد ظن المخطط انه نجح على مدى ثلاثة اشهر في عمله فسارع الى اطلاق المرحلة الأهم والأخطر وعلها تكون الاخيرة وفقاً لاعتقاده وهي مرحلة الحسم النهائي التي اعدت بعناية واحكام وحشد لها كل ما هو متاح لجبهة العدوان من وسائل.‏

وارتكزت الخطة على استراتيجية ضرب الرأس والتقاط الاطراف المتناثرة بعد تحطيمه.‏

ومن غير شك يمكن القول ان خطة «بركان دمشق.. زلزال سورية» كانت السهم الاقوى والأخطر والذي شاءه المخطط السهم الحاسم الذي اخرجه من جعبته، لذلك احاطها بالعناية الفائقة وسخر لها كل الامكانات الممكنة وهي ليست بقليلة وتنفيذياً ارتكزت هذه الخطة على الاستيلاء على كل من دمشق وحلب بعمل صاعق وانتشار سريع مكثف للمسلحين. بحيث يتمكن هؤلاء في غضون 48 ساعة من الانتشار القوي في كامل المدينتين وبشكل يجعل من المستحيل على أي جيش تقليدي ان يخرجهم منهما لاستعادة السيطرة، وبات شبه مسلم به بأن من شارك بعملية التنفيذ والانقضاض على المدينتين تعدى في مجموعه العام الـ25 ألف مسلح من سوريين وغير سوريين يقودهم ضباط اجانب محترفون ويواكبهم 5 غرف عمليات ميدانية في الداخل السوري و3 غرف عمليات على حدود سورية مع لبنان والاردن وتركيا وغرفة مركزية في الدوحة في قطر وكما كان المخطط قد اشاع سابقاً بأن النظام سيسقط في تموز ثم في ايلول ثم في كانون اول 2011 فانه اشاع هذه المرة ان منتصف شهر آب 2012 سيكون عيد الانتصار الصهيواميركي على سورية ومن اجل ذلك جهز 140 مشهداً وفيلماً سينمائياً اعدت في هوليود لتوثق هذا الحدث الذي اسمته اميركا «السقوط المدوي» وتروجه عالمياً.‏

لقد دفع المخطط بكل زخمه إلى الميدان الدمشقي أولاً مستغلاً ما توهمه من فراغ نشأ إثر اغتيال بعض من القادة الكبار في خلية الأزمة، وانتشرت قوى الإرهاب الأميركي سريعاً في ثلث دمشق تقريباً، واستعدت بعد القفزة الأولى هذه للانتشار في الثلث الثاني ولوضع اليد على المراكز والمرافق العامة التي تديرها الدولة، ترافق العمل هذا مع تسلل مكثف عبر الحدود التركية لأعداد كبيرة من المسلحين باتجاه حلب، واكبته تركيا بإغلاق حدودها ونشر قواها العسكرية من أجل الضغط وإظهار استعدادها لإنشاء المنطقة الآمنة ودعم الإرهابيين في حلب والشمال، لتمكينهم من تحويل حلب إلى بنغازي سورية وإعلان الحكومة الانتقالية التي نادى بها فابيوس وزير خارجية فرنسا ناطقاً باسم الغرب.‏

لكن رغم كل ما ذكر من إحكام الخطة وإتقان تنفيذها كانت صدمة المخطط كبيرة عندما عاين تطورات الميدان صدمة أفقدته توازنه وراح يتلفظ ويتصرف بشكل مثير للسخرية والهزء منه، حيث ان القوات المسلحة السورية استطاعت وبأقل قدر ممكن من الخسائر وفي مهلة قياسية بقصرها أن تطهر دمشق بمعظم الأحياء التي دنسها الإرهابيون، عبر مناورة ذكية بدأت بعملية الصد والوقف وانتقلت إلى المهاجمة والسحق وتتابعت بعملية الملاحقة والتطهير، وكانت النتيجة ببساطة خسارة المخطط لفرصة السيطرة على أول مدينة من المدينتين، فركز على حلب (المدينة الثانية) وعول عليها لتكون المخرج المنقذ من الهزيمة ولتعويم الخطة أولاً، وتالياً تعويم العدوان والسير به مجدداً نحو هدفه الرئيسي إسقاط نظام المقاومة السوري، وعليه أضحت حلب باب الأمل، أو نهاية الرهان الغربي على العدوان كله وبات وزنها بالمنظور الغربي ووفقاً لقواعد المنفعة الحدية، يعادل وزن الانتصار في الحرب كلها.‏

ولكن ومرة أخرى يصدم المعتدي، بعد أن أدرك ما آل إليه الوضع في حلب، حيث إن الإرهابيين لم يتمكنوا من الوصول إلى أكثر من 5 أحياء من أصل 29 حياً في المدينة، ثم إن المجتمع الحلبي رفضهم وأقفل أبواب الأبنية بوجههم وتعاون مع الجيش العربي السوري تعاوناً وضع الإرهابيين بين سندان الأهالي ومطرقة القوات المسلحة، أضف إلى ذلك أن الإرهابيين الذين زج بهم في المعركة كانوا في جزء لا بأس به من الصبية المغرر بهم الذين لم يختبروا الميدان ولم يألفوا مصاعبه، أو من مرتزقة أو من مضللين غير سوريين لا يملكون إرادة القتال، ولا نهمل طبعاً وجود آخرين بعكس ذلك من الإرهابيين المحترفين.‏

أما الخطة العسكرية السورية التي وضعت لحلب فقد راعت الموقف وواقع المدينة وتم اختيار وحدات مناسبة للتنفيذ، فكان لهذا الأمر الأثر البالغ في إفهام المخطط بأن هجومه على حلب بات ميئوساً منه وأن تطهيرها من الإرهابيين ليس إلا مسألة وقت تحدده القوى الميدانية العاملة انطلاقاً من مراعاة سلامة المدنيين الذين اتخذ الإرهابيون بعضهم دروعاً بشرية.‏

هذه الصورة الكئيبة بالنسبة للمعتدين جعلت الغرب يهذي عند الحديث عن حلب التي أرادوها منطلقاً ناجعاً وحاسماً لإسقاط سورية، لكنها استحالت اليوم مع انطلاق عملية المعالجة والتطهير إلى مقبرة للأحلام الأميركية، وكما قلنا فقد كان مثيراً للسخرية أن تتحدث أميركا عن «عدم أخلاقية استعمال الطوافات» في معركة حلب، أو أن تحذر من مجزرة فيها وهي التي صنعت بيئة القتل والعدوان عليها، وكلها مواقف ليس القصد منها إلا حماية الإرهابيين والحؤول دون اجتثاثهم من المدينة وهو أمر لن يستجاب له طبعاً.‏

إن أهمية معركة حلب مستمدة إذاً مما سبقها ومما سيترتب عليها، لأن استعادة الدولة للأحياء التي اعتديى عليها – وهو أمر بات مؤكداً وفي مهلة معقولة – سيؤدي إلى كسر الحلقة الأهم والأخطر من حلقات العدوان والتي ستضع المخطط أمام مرحلة جديدة قد يغيب عن أهدافها الظاهرة «مقولة إسقاط النظام» وهنا ستكون الكارثة التي تحدثت عنها هيلاري كلنتون، ولكنها كارثة استراتيجية على أميركا ونصر لسورية ومحورها ستبني عليه لمتابعة معالجة البؤر المتبقية من الإرهابيين والثبات في الموقع الاستراتيجي الذي حددته لنفسها.‏

:::::

* أستاذ جامعي وباحث استراتيجي‏

جريدة الثورة – دمشق بتاريخ اليوم 30 تموز 2012 

( *** )

 

معركة حلب

موفق محادين

 

 

مما لا شك فيه ان الجيش السوري سيحسم معركة حلب كما حسم معركة دمشق وقد ارتكبت جماعة اسطنبول وما يعرف بالجيش الحر (حماقة كبيرة) عندما أعلنت أن معركة حلب هي المعركة الفاصلة التي ستحدد مصير الأزمة السورية، فلن تكسب هذه المعركة أبدا فضلا عن انه، حتى ما يعرف بأصدقاء هذه الجماعة (من أصدقاء إسرائيل في الواقع وهم الأمريكان والفرنسيس والإنجليز والرجعية) تحدثوا مع فضائياتهم ووكالات الأنباء العالمية التي يديرونها عن وجود الاف (المتطوعين) من الجماعات التكفيرية، وبما يعني اننا امام معركة في قندهار أو الصومال وليس بذريعة سورية الديمقراطية الحضارية المدنية الجديدة.
والمهم هنا ليس نتيجة المعركة التي لن تختلف عن معركة دمشق بل في استهدافاتها مما يضاعف أهمية ودلالات المتوقع للجيش العربي السوري، فمعركة حلب معركة تركية – إسرائيلية بالدرجة الأولى وأما باقي الأطراف فهي إما صناديق أو شاشات وفضائيات أو غطاءات دولية وليس بمقدور أي منها أن يضيف شيئا على ذلك..
وتسعى تركيا والعدو الصهيوني من وراء معركة حلب إلى تقسيم سورية بين سلطة تحت الحماية التركية في الشمال وبين الحكم في دمشق وبما يغلق نهائيا الملفات العالقة في الجولان والاسكندرون ويعزل حزب الله في جنوب لبنان لكن ايا منهما، تركيا وتل ابيب لن تستطيع التدخل العسكري المباشر مستبدلة ذلك بدعم عسكري واستخباراتي غير مسبوق للجماعات التكفيرية من الشيشان وكوسوفو وليبيا وغيرها ومثلها بقية أطراف الحلف المعروف الذي لن يبخل على هذه الجماعات بالأسلحة والأموال والتعبئة الإعلامية مع عجزه عن التدخل العسكري المباشر.
فالعدو الصهيوني ملجوم بالخوف من ربع مليون صاروخ عند حزب الله وسورية، وتركيا تعيش أسوأ أيامها بالنظر إلى خوف جماعة الإسلام الأمريكي من تحريك الجيش الذي ينتظر الفرصة لإعادة الأتاتوركية إلى انقرة، وبالنظر إلى ان معركة تركيا في سورية هي أصلا جزء من الصراع التاريخي مع روسيا المستعدة لحرب عالمية ثالثة اذا ما فكرت تركيا بالتمدد جنوبا وتداعيات ذلك على المجال الحيوي الروسي، ولم يحدث ابدا ان انتصرت تركيا لا في معركة صغيرة ولا كبيرة على روسيا منذ ثلاثة قرون وحتى اليوم.
والأرجح أن معركة حلب ستكون معركة فاصلة في تاريخ تركيا وتل أبيب وحلف الصناديق والفضائيات معهما. وستجد تركيا نفسها هي المحاصرة وليست سورية، فتركيا مطوقة عمليا بأصدقاء روسيا وسورية من كل الجهات فبالإضافة لدمشق وموسكو هناك أيران وارمينيا واليونان وبلغاريا والشظايا البلقانية، وهناك (عشرون مليون كردي وعشرون مليون علوي وعشرون قومية اخرى) أما (إسرائيل) في ضوء توقعات معركة حلب فتكون قد فقدت آخر فرصة للبقاء ضمن (الكبار) في (الشرق الأوسط)..

 mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net

:::::

المصدرك العرب اليوم، الأردن

http://alarabalyawm.net/Public_Journalists/Journalist_Article.aspx?ArticleID=1374&JournalistID=63

( *** )

 

بيان حول تطورات الأزمة السورية

صادر عن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي

 

دخلت الأزمة السورية منعطفات خطيرة يتمثل بعضها بتصاعد المواجهات الدموية العنيفة من تفجيرات واشتباكات واغتيالات، فيما بعضها الآخر والأخطر يتمثل في تصاعد التهديدات الصهيونية والأمريكية بذرائع متعددة أبرزها الحديث عن أسلحة كيماوية وعن محاولات القيادة السورية تسليمها لحزب الله في تمهيد واضح لاستهداف عسكري لسوريا ولبنان في آن.

وإذ يجدّد المؤتمر القومي العربي، دعوته في مواجهة التطورات الداخلية الدامية، إلى إعلاء لغة الحوار على لغة الاحتراب، والشعار والهوية الوطنية على الشعار الطائفي، والحل الداخلي على الحل الخارجي، وعلى المصالحة الوطنية بدلاً من العنف والاقتتال، والتسوية التاريخية بدلاً من الإقصاء والاستئثار، وإذ يؤكد على ما طالب به سابقاً حول ضرورة الاستجابة لمطالب الشعب العادلة في الحرية والكرامة والعدالة وإقامة نظامه الديمقراطي التعددي بإرادته الحرة، فإنه يحذّر في الوقت نفسه من أمور خمسة داهمة على المستوى الخارجي:

أولاً: استهداف وحدة الشعب السوري عبر تسعير طائفي ومذهبي حاد، وعبر ممارسات دموية تهدف إلى تعميق الشرخ بين مكونات المجتمع السوري التي كانت نموذجاً للوحدة الوطنية عبر التاريخ.

ثانياً: اشتداد الهجوم على الجيش السوري، واغتيال بعض قياداته وخبرائه المتخصصين في بناء قدراته النوعية، وهو أمر يذكّر أيضاً باستهداف الجيش العراقي عبر الحصار والعدوان، ثم عبر حلّه كأول قرار للحاكم الأمريكي في العراق بعد الاحتلال.

ثالثاً: تصاعد الحديث الإسرائيلي والأمريكي عن الأسلحة الكيماوية في سوريا بما يذكّر بسيناريو العدوان على العراق فاحتلاله وتدمير كل بناه وتمزيق وحدته، وضرب هويته.

رابعاً: التصريحات الأميركية الأخيرة التي تتحدث عن عمل ما ضد سوريا من خارج مجلس الأمن، وتسليح المعارضة، مما يزيد من اشتعال الحرب الداخلية.

خامساً: تعطيل أي مبادرة أو جهد سلمي متوازن لإخراج سوريا من النفق الدموي الذي تمر فيه، وإبقاء البلاد ساحة استنزاف لقدراتها، وإنهاكاً لمجتمعها، وإضعاف لدورها.

وفي هذا الإطار ترى الأمانة العامة للمؤتمر في قرارات وزراء الخارجية العرب وتوجهات بعضهم خلال اجتماعهم في قطر تصميماً على إسقاط مهمة المبعوث الدولي كوفي أنان وضرب أي فرصة للحل السياسي في سوريا.

إن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي التي حذّرت منذ أوائل التسعينات مما كان يحاك للعراق من مكائد وساندته في وجه الحصار والعدوان والاحتلال، كما ساندت عبر المواقف والمبادرات لبنان المقاوم في وجه كل ما تعرّض له من عدوان واحتلال، وغزّة الصمود بوجه الحصار والاعتداءات الآثمة، تجدّد دعوتها اليوم لكل القوى الحيّة في الأمة والعالم إلى التحرك لإنقاذ سوريا من محنتها الدامية، وإلى مواجهة كل ما يحاك لمصيرها ومستقبلها ولشعبها وقواتها المسلحة من مخططات ومكائد صهيونية واستعمارية عبر إسقاط كل الذرائع والمبررات والدعوات الرامية إلى استدعاء تدخل استعماري – صهيوني بكل ما ينطوي عليه هذا التدخل من تصعيد دموي وتهديد للاستقلال والسيادة الوطنية وتمزيق لوحدة سوريا وتدمير لأمنها واستقرارها وتعطيل لموقعها ودورها الوطني والقومي، وأن الحل السلمي وتنفيذ مبادرة كوفي عنان كاملة يبقى هو المخرج الذي يجب التأكيد عليه والالتزام به.

التاريخ: 25/7/2012

( *** )

 

ما بعد أمريكا

عماد فوزي شعيبي

لم يعد الحديث عن ما بعد العصر الأمريكي نوعاً من فذلكة سياسية أو أمنيات. حينما كتبنا عن ذلك في كتابنا "النظام السياسي العالمي الجديد، 1991" كان ذلك من قبيل التحليل الاستباقي، ولم يكن ممكناً تصديقهُ، وربما غلف عدم التصديق ضروب من الرغبات أو ما يسمى بالعرف الإبستمولوجي "عقبة المعرفة الشائعة وممانعة التغيير".

كنا آنذاك نفكر فيما ليس مفكراً به أو بالقطع الإبستمولوجي (Epistemological Rupture) أو ما يدعوه – لاحقاً – نسيم طالب (البجعة السوداء) أو ما يُدعى بالعرف الإداري (التفكير خارج الصندوق).

كنا وما زلنا نحذر من أن الدول الكبرى لا تحتضر على الفراش، وأن أخطر ما يمثل احتضارها أنها تمتلك أسلحة نووية وذكريات عظيمة لم تغب عن الذهن أو الذاكرة القريبة في التاريخ والاستراتيجيا ولم تُدفع إلى الذاكرة البعيدة.

لم يخفِ المسؤولون الصينيون والروس، كما لم يعد الأمر – حسب زبينجيو بريجنسكي – مجرد فورة صراحة، أن هبوط أمريكا وصعود الصين وروسيا قد أصبحاً أمرين حتميين. ولكن وبحسب (طبيعة الأشياء) فإن ليس لدولة كبرى أن تنكسر، وأقصى ما يجب أن يكون هو هزيمة بلا أفول أو بلغة أخرى أن (تتأرشف) تلك الدولة الكبرى.

ولكن – وكما ينصح المسؤولون الصينيون والأمريكيون – عليها ألا تنحدر بشكل سريع جداً. ورغم أن بريجنسكي يصادق على ما سبق، إلا أنه يعتقد أن ليس هنالك من احتمال أن يخلف الولايات المتحدة خليفة دولي بارز وحيد ولا حتى الصين، وهو أمر قد نصادق عليه مرحلياً، ونصادق على أن مرحلة من الفوضى العالمية وعدم اليقين الدولي قد زادت في سنة 2011 إلى حد الإنذار بفوضى عارمة. كما نرى أن هذا الإنذار يخشاه الأمريكيون كما كان يخشاه الروس والصينيون، إلا أن مغامرة أطراف كفرنسا وبضعة دول إقليمية باتت تخشى فقدان المكانة الإقليمية قد رفعت من مستوى احتمالات الفوضى، والواقع أن (الكبار - الأقوياء) يخشون الفوضى لكن (الكبار - الضعفاء) يراهنون أحياناً على الفوضى لإرباك الأقوياء على أمل الانسحاب من المشهد الدولي بأقل قدر من الخسائر.

اللافت أن التحول نحو نظام عالمي جديد تسارع في العامين (2011-2012) حتى أن المسافة التي فصلت بين إعلان الرئيس الروسي بوتين في مطلع عام 2012 عن أفول نجم القطب الواحد واستدراكه أن الدول الصاعدة ليست جاهزة بعد لاستلام زمام العالم، وبين الإعلان لاحقاً،كانت مسافة زمنية قصيرة، وذلك عن مؤتمر دول البريكس وبدء تشكيل منظومة اقتصادية – بنكية جديدة (بنك البريكس) وارتفاع حدة ونبرة كل من روسيا والصين بما شكلّ تجاوزاً للفيتويين وأثرهما إلى حد قيادة الحراك الإقليمي في شرق المتوسط بما لا يدع مجالاً للشك بأن لا عودة إلى الماضي (الأمريكي) وربما لا (قسمة) فيها إلى الآن.

في هذا الوقت كان لإعلان أوباما مطلع 2012 استراتيجية أمريكا الجديدة التي تبقى في حالة حذر في شرق المتوسط، وكأنها تسلم بتبدل معايير القوة هناك، فيما تنتقل إلى محيط الصين لتسليحه،ويأتي تصريح الوزيرة كلينتون من أستراليا متابعةً للحديث عن (مكاسرة ما!) مع الصين، هو ما دفع الأخيرة للرد بأن أحداً لن يستطيع أن يمنع بزوغ فجر الصين.

وقد كان لهذين الإعلانين أن دفعا الصين لعدم الانتظار لعام 2016 حتى تعلن عن قوتها فإذا بها تتسارع في سبيل إعلان نظام يرونه - في التصريحات الروسية - متعدد الأقطاب، ونراه نظاماً عالمياً من محورين بأقطاب متعددة حول كل من المحورين، ولكنه سيكون محور الصاعدين ومحور الهابطين.

هذا الصراع الذي اشتد بات واضحاً أنه قد هز أركان الديبلوماسية الأمريكية التي اضطرت للإعلان عن الانسحاب، ولو اللفظي، من المواجهة، في شهر أبريل 2012 أن لا حرب باردة بينها وبين الصين، إثر لقاء جمع رئيس مجلس الدولة الصيني (الرجل الصيني) مع كوفي أنان ليبلغه أن الصين تعلم أنها مع روسيا أول دولتين في العالم وأن عليه أن ينسق معهما في إشارة بالغة الشدة إلى أن عنان الذي كان شاهداً على عالم القطب الواحد (1991 – مطلع القرن الواحد والعشرين) عليه أن يكون شاهداً على أفول ذلك العالم وأن قضايا شرق المتوسط قد آلت إلى موسكو وبكين.

ولكن واقع الحال أن واشنطن التي أضاعت عقداً في حرب، بدت كحرب النجوم بالنسبة للاتحاد السوفييتي، وهو ما أنهكها وحوّلها مع أزماتها الأخرى إلى أكبر دولة مدينة وقاب قوسين أو أدنى من الإفلاس، تعلن عن توجهها إلى محيط الصين في محاولة للعب في المحيطين الهندي-الهادي وتنسحب من هذا الإعلان بخفة تشعر المراقب أنها قد غدت - فعلا – بلا وهج الدولة الكبرى التي سرعان ما تخسر ثلثي قوتها عندما تستخدم تلك القوة التي خلقت للكبار –فقط- كي يلوحوا بها!.

وجه العالم يتغيّر، إنه النظام العالمي الذي تأخر تبلوره منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، لكنه يتسارع في بلورة نفسه رغم أن بعضاً من قواه الجديدة لم تكن مهيأة لذلك، إلا أن الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط سرعان ما دفعتها إلى دخول لعبة (تنحية) الإرادات.. وبسرعة.

لكن النتائج المترتبة على صعود قوى جديدة وأفول قوى قديمة، كانت لتوها هي قائدة العالم كالولايات المتحدة الأمريكية، سرعان ما يلقي بظلاله على القوى الإقليمية وقد يهيئ لصراعات دامية قد لا تجد طريقاً إلى الحل إلا بعد بلورة النظام العالمي الجديد و(رضا) كل طرف بمكانته الجديدة!

:::::

"شبكة فولتير"

http://www.voltairenet.org/%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7

 

( *** )


إصدارات جديدة:

 

الكتاب: "ديانة مكة في الجاهلية: الحمس والطلس والحلة

المؤلف: زكريا محمد

الناشر: عن دار الأهلية في عمان
 
فيما يلي مقتطفات من مقدمة الكتاب.

من الصعب على الباحثين الغربيين، أو المستشرقين إذا أردت، أن يصلوا إلى فهم معقول لديانة الجاهلية، رغم كل جهودهم. ربما يتمكنون، بسبب تربيتهم البحثية الصارمة، أن يضعوا التصانيف المنضبطة، لكنهم لن يتمكنوا، في أغلب الظن، من العثور على جوهر الديانة الجاهلية. فَإضافة إلى الفرضية الغريبة التي تعلق بها أغلبهم، والتي تقول أن العرب تعبدوا لثالوث مكون من الشمس والقمر والزهرة، والتي تزيد من تشوش فهمهم، فهناك أمران يمنعانهم من التقدم نحو هذا الفهم:
الأول: اقتناعهم الكامل أن القرآن ليس إلا نتاجا ثانويا للعهدين القديم والجديد. أي أن الإسلام ذاته مجرد نسخة محرفة لهذين العهدين. وهذه في الواقع قناعة الغالبية الساحقة، بدءا من الرصينين مثل نولدكه: (يستطيع المرء أن يستخلص من كل ذلك أن الإسلام، في جوهره، دين يقتفي آثار المسيحية، أو بعبارة أخرى أن الإسلام هو الصيغة التي دخلت بها المسيحية إلى بلاد العرب كلها) (نولدكه، تيودور تاريخ القرآن، 2004، ص 8)، وانتهاء بفليكوفسكي المتعصب المهووس: (لم يكن محمد... يعرف سوى ما سمعه- بصورة عشوائية- على بوابات مدارس أحبار اليهود في المدينة. وكان هذا مختلطا في عقله) (فليكوفسكي، البشرية تفقد الذاكرة، 2003، ص 129).
الثاني: التشوش المركزي الذي تعاني منه الثقافة الغربية عموما، والنابع من تشوش أصلي في الثقافة اليونانية- الرومانية، بشأن الديانات القديمة. فهذه الثقافة خلطت، ولسبب يجب البحث عنه، بين وجهي الإله الذكر، أي بين وجهي الكون الصيفي والشتوي، الفيضي وغير الفيضي، الخمري والقمحي. هذان الوجهان يمثلهما أصلا ديونيسوس وباخوس. أي أن ديونيسوس يقف في مواجهة باخوس. لكن هذه الثقافة أدخلت باخوس في ديونيسوس ودمجته فيه، بحيث أصبحا شيئا واحدا. يصير الخمر (ديونيسوس) والخبز (باخوس) أمرا واحدا. ومن هذه النقطة يستحيل التقدم إلى الأمام في معرفة أديان المنطقة، أي في الواقع ديانة إيزيس وأوزيريس. فهذه الديانة هي ديانة المنطقة، مع تغيير في الأسماء هنا وهناك.
بناء على هذا، فالدعم الذي يقدمه الباحثون الغربيون في مجال ديانة الجاهلية، وعلاقتها بالإسلام، دعم قليل، ويتعلق بالجزئيات لا بالصورة العامة. في الصورة العامة كانت أبحاث المستشرقين عامل تشويش وإحباط لا عامل دفع ودعم للبحث العربي في ديانات ما قبل الإسلام.
لكن المهم ليس ما يقوله الباحثون الغربيون، والتعليق عليه، بل ما نقوله نحن. دحض الاستشراق القديم والحديث يكون بإنتاج معرفة مضادة لمعرفته بالعصر الجاهلي، أي بإنتاج معرفة حقيقية. يجب عن أن نكف عن التذمر مما يصنعه الباحثون الغربيون، وأن نكف عن (فضح) دوافعهم غير البريئة. لقد انتهت ضرورة مثل هذا الجهد، وأصبح تكراره مملا. ما نحن بحاجة إليه هو معرفة تتجاوز معرفة هؤلاء الباحثين. واعتقادنا أن هذا الكتاب يتقدم خطوة نحو هذا الهدف.

 

______

 

تابعوا "كنعان اون لاين" Kana'an Online على:

·       موقع "كنعان" بالعربية:

http://kanaanonline.org/ebulletin-ar

·       بالانكليزية:

http://kanaanonline.org/ebulletin-en

·       "فيس بوك" Facebook:

http://www.facebook.com/pages/Kanaan-Online/189869417733076?sk=wall

·       "تويتر" Twitter:

http://twitter.com/#!/kanaanonline

 

·       موقع "كنعان" من عام 2001 الى 2008:

http://www.kanaanonline.org/ebulletin.php

 

 

  • الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري "كنعان".

·         عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى "كنعان".

·         يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان "كنعان" الالكتروني: mail@kanaanonline.org

 

 



[1] قبل ثلاثة اعوام حينما فرضت حماس الحجاب على المحاميات وطالبات المدارس في غزة، وهنا علينا التفريق بين اختيار امراة للحجاب وبين فرضه عليها، كتبت مقال عتاب فانهالت التهم والشتائم التكفيرية من مواقع حماس الإلكترونية. طيب ماشي، هذا كان حينما كانت حماس تقاتل بالسلاح السوري. واليوم! هل ستقصفونا بدراهم قطر!

 

 

No comments:

Post a Comment