Wednesday 25 July 2012

{الفكر القومي العربي} [Arabic] KOL eBulletin - 25 July 2012

كنعان النشرة الألكترونية

Kana'an – The e-Bulletin

السنة الثانية عشر العدد 2953

25 تمّوز (يوليو) 2012       

سوريا:

·       إنحناءة للأربعة، شعر أحمد حسين.

·       احتدام العدوان السباعي علي الوطن السوري وضرورة الصمود والمؤازرة، محمد أشرف البيومي.

·       ماذا بعد تكسر السهام الاميركية على قلعة دمشق؟ امين محمد حطيط.

·       سوريا وفردوس التردّي الحضاري، صادق النابلسي.

·       عندما يلغ ميشيل كيلو بدماء الشهداء مثل كلب أجرب! هيئة تحرير "الحقيقة".

 

* * *

 

إنحناءة  للأربعة *

شعر أحمد حسين

فلسطين المحتلة 1948

 

 

حسون نظرتها بالحزن مبلولُ

           وعن سطوح الصدى تهوِي الأقاويل ُ

لا الصدق ينفعهم إن يصدقوا كذبا

                والكذب أبشعه سخف وتهويل

للدار أيامها يوم  يواعدها            

                 على البكاء وأيام مواوبل

دمشق أعظم من دار على حجر   

               سفحٌ نبيٌ وساحاتٌ تراتيل

لا تحزني . إحزني يا خير عاشقة         

               أنت الوفاء لمن فارقتِ موصول

مروا عليكِ مرور الشمس غاربة       

               لا الشمس ماتت ولا ماتوا ولا اغتيلوا

ألم يكونوا وباب المجد منفتح ٌ

                على الفداء  وسيف العز مسلول

هم الرحيل ولكن هل خلا زمن

            ممن يشيد صروحا وهو مقتول

مِن مثلِهم تلد الدنيا ملامحها

           أبهى ، وتسفر في الوجه التهاليل

هيا احزني ، تفتح الذكرى نوافذها

             من أنتِ إلا مراسيلٌ مراسيل

هاتي من الحرب شجوا ، كلُّ أغنية

            لا تلمس الجرح  ، ترديدٌ وتعليل

من شرفة الفرح المحزون عزتنا

               وذاك حتم على الإنسان مقبول

يا من رحلتم خذوا من دمعنا قسما

            تبّت سواعدنا  أو تبّت الغول

::::

* تنويه: نعيد نشر قصيدة الشاعر أحمد حسين التي نشرناها منذ يومين وجاءت أبياتها مختلطة لأسباب فنية.

 

( *** )

 

احتدام العدوان السباعي علي الوطن السوري وضرورة الصمود والمؤازرة

أ.د. محمد أشرف البيومي *

 

كان واضحا منذ البداية للكثير من المهتمين بالشان العربي القومي حقيقة مايدور في سوريا ومدي خطورة ما يتعرض له الوطن السوري من قبل المتربصين به. فكنا ندرك أن سوريا تشكل عقبة كأداء في وجه استكمال الهيمنة الغربية علي الوطن العربي. فمنذ عدة سنوات وتحديدا منذ 2003 وقوي الهيمنة تعلن أن سوريا هي المحطة التالية بعد العراق. وبدأ ت المؤامرة لاسقاط النظام ليس من أجل الديمقراطية أوالرخاء للشعب السوري كما يزعمون وإنما لإزالة نظام رفض الإملاءات الإمبريالية بالتوقيع علي معاهدة "سلام" مع الكيان الصهيوني، والاخضاع الكامل للإقتصاد السوري لما يسمي باقتصاد السوق. وكان واضحا أيضا لأسباب عديدة أن قوي الهيمنة تستخدم وسيلة الحرب بالوكالة بعد أن تلقنت خسائر جسيمة في احتلالها للعراق. كنا ولا زلنا نؤيد ممانعة النظام السوري وعدم رضوخه للإملاءات الأجنبية وهي الأسباب الحقيقية لاستهدافه ومحاولة إسقاطه. وفي نفس الوقت لم نغض الطرف عن ممارسات خاطئة متعلقة بالقمع السياسي وتراجع في العدالة الاقتصادية؛ وكان لهذه العوامل تاثير سلبي علي مدي صلابة الجبهة الداخلية كما أثبتت الأحداث، بل كنا كثيرا ما نحذر من عواقب تلك الممارسات. ولأن تأييدنا للمواقف القومية لم يكن علي اساس انتماء حزبي أو طائفي الذي كثيرا ما جعل بعض المثقفين يمتنعون عن أي نقد او المطالبة بضرورة تغيير سياسات خاطئة. كان اهتمامنا بسوريا منبثقا من كونها المعقل الأخير للممانعة والتمسك بالاستقلال الوطني ولاحتضانها للمقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية. فكنا نؤيد هذه المواقف للدولة السورية وفي نفس الوقت كنا نطالب بإصلاحات جذرية تنبذ الهيمنة البوليسية، وضرورة التثقيف الواسع للشباب حتي لا يقعوا فريسة للتيارات المغرضة التي تخدعهم باسم الدين. كذلك كنا نطالب بتغيير التوجه الاقتصادي الذي أدي إلي ظهور طبقة مفرطة في الثراء علي حساب الملايين من فقراء الشعب. واعتبرنا هذه الاصلاحات ضرورية في مجتمع يتطلع للمساواة والعدل والحرية. فهذا أيضاً ضروري حتي تكون الجبهة الداخلية قوية في وجه الاختراق الأجنبي.

لم نحتاج لقدر كبير من الذكاء او المعرفة حتي نري المخاطر التي لا شك قادمة ولكننا كنا نري الأمور بنظرة كلية شاملة تأخذ في الحسبان دروس التاريخ القريب والبعيد وتعرف نوايا الاعداء واهدافهم المعلنة ولم ننسي ما كرروه مرارا منذ سنوات قليلة بضرورة القضاء علي النظام السوري وتفتيت سوريا وتفكيك جيشها الوطني بعد احتلال العراق واحتواء مصر "الجائزة الكبري" علي حسب تعبيرهم.

وهناك ممن يسمون انفسهم بقوميين او يساريين او ناصريين يركزون فقط علي ممارسات النظام السوري القمعية مهما كانت صحيحة وربما يستخدمونها كذريعة لتبرير مواقفهم. لا شك أن البعض انجرف تحت تأثير هجمات إعلامية مغرضة وغير مسبوقة وشكلو آرائهم اعتمادا علي انطباعات وليس بإعمال المنطق والاعتماد علي حقائق موضوعية وتقارير ودراسات عديدة من أطراف متعددة وهي متاحة للجادين و لمن يريد تكوين رأي علي أساس علمي . ولأننا في عصر الضحالة الثقافية وعدم الاستناد إلي المعرفة ذات الأبعاد التاريخية والاستراتيجية، وهيمنة إعلامية مرئية، فليس من الغريب أن يقع البعض فريسة للدعايات والمقولات والمصطلحات المغرضة. البعض  ينسي او يتناسي الصورة الكلية وكيف ان سوريا تتعرض لهجمة شرسة من قبل الثلاثي البغيض: الصهيونية والرجعية العربية والامبريالية الذي كان جمال عبد الناصر يواجهه بحزم. رأينا بعض الشيوعيين العراقيين والإخوان المسلمين بالعراق ينضمون لحكومة الإحتلال في وطنهم ورأينا عبد الجليل يرفع يداه المتشابكتان مع ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق وكامرون رئيس وزراء بريطانيا، يعلنون الانتصار بليبيا كما قرأنا وشاهدنا صورا للأمير فيصل منتصرا في صحبة جنود الإحتلال وعميل المخابرات الإنجليزية الملقب بلورانس العرب. اختلطت الصورة في عقول بعض المثقفين وأصبحوا عمليا وأحيانا واقعيا وجسديا في صحبة قوي الهيمنة الغربية و الرجعية العربية وزعماء صهاينة مثل برنارد هنري ليفي. لماذا نري هذا التسابق علي مقابلة المسئولين الأمريكيين والأوروبيين من قبل من أسموا أنفسهم بالنخبة؟ لماذا تتهاتف شخصيات ليست لها صفة رسمية علي التعامل مع السفارة الأمريكية بمصر ومقابلة مسئولين أمريكيين ضالعين في تأييدهم لإسرائيل وفي العدوان الأمريكي والحصار علي العراق في إطار حملة "الصدمة والترويع"؟ لماذا يستقبل معارض ناصري سوري السفير الأمريكي المعتدي؟ وكيف نفسر مواقفهم التي تتطابق مع "أصدقاء سوريا" أمثال برنارد هنري ليفي وغليون وقدماني وآخرون من الذين يدفعون في اتجاه العدوان العسكري علي وطنهم تحت البند السابع. ومنذ متي أصبحت الحكومات الأمريكية والأوروبية وحلف الناتو وتركيا (العضو بالناتو) والكيان الصهيوني وأمراء قطر وعائلة سعود التي حكمت الجزيرة العربية ثمانون عاما، مدافعين عن الحريات في الجزيرة العربية أو في مصر أو في تونس أوفي غيرها من الدول العربية؟ بل أن الجامعة العربية أصبحت في الواقع منذ إخضاعها لنفوذ الثروة البترولية العربية أداة لتنفيذ المشروع الشرق آوسطي الذي لا يخدم إلا قوي الهيمنة الغربية والكيان الصهيوني. وحتي نكون دقيقين فإن الشخصيات التي ترفع العنوان الناصري أو القومي أو اليساري وفي نفس الوقت تردد مقولة المعتدين والمتآمرين علي سوريا هم لا علاقة لهم بالعناوين التي يرفعونها. فلا قيمة لعناوين وشعارات جذابة ما لم  يصاحبها دائما مواقف متناسقة معها. فقد أصبحوا في واقع الأمر ليبراليون جدد بإسقاطهم أو إهمالهم للقضايا الوطنية والقومية وتركيزهم فقط علي ديمقراطية زائفة مختزلة في صندوق الانتخاب فلا نندهش عندما نرى ناصريين مصريين يشاركون الإخوان المسلمين في قوائمهم الانتخابية لدخول حفنة منهم مجلس الشعب و من المؤسف أن لجنة الشئون العربية بهذا المجلس،والتي يرؤسها أحد هؤلاء الناصريين طالبت بسحب السفير المصري من سوريا. هذا لا يمنعهم من الاحتفال بذكري عبد الناصر أو يوليو52 وإلقاء الخطب حول الناصرية. نعم أصبحت "النخبة" بأطيافها المتعددة نخبة نيوليبرالية وبوعي أو بدونه أصبحت سندا للمخططات الإمبريالية والصهيونية. بالطبع هناك ناصريون حقيقيون من أمثال الصحفي عادل الجوجري الذي وافته المنية وهو يدافع عن سوريا علي قناة عراقية وهناك أيضاً العديد من المثقفين العرب وورائهم الملايين من الشعب العربي ملتزمون بالقضايا القومية ولكن قلما يسمح لهم المشاركة في الإعلام الرسمي أو ينئون بأنفسهم بعيدا عن الإعلام المضلل مثل قنوات الجزيرة والعربية التي جندت إمكانياتها لإسقاط النظام من خلال التعبئة ضده و بث معلومات كثير منها كاذب ومضلل. في الواقع أن الذين يرفعون الشعارات الإسلامية أقل تناقضاً مع أنفسهم فهم يعلنون دوما أنهم أعداء الناصرية واليسار والقومية العربية وبالتالي فهم حلفاء طبيعيون لأعداء سوريا الحقيقيون فهم سويا يريدون تحطيم الوطن السوري لإقامة الدولة "الدينية" التابعة وليس لإقامة مجتمع الحرية والعدل الاجتماعي وبذلك يلتقون مع الثلاثي البغيض في أهدافهم.         

كما أن ممارساتنا السياسية عبر العقود الماضية من رفض اتفاقات كامب دافيد ووادي عربة وأوسلو  والنضال من أجل رفع الحصار علي العراق الذي أودي بحياة المئات من الألوف من الأطفال والوقوف بحسم ضد دكتاتورية مبارك منذ الثمانينات والدفاع عن حقوق الإنسان في مصر والأمة العربية وإدانة المارسات الوحشية للكيان الصهيوني ورفض التطبيع أو الاعتراف به وتعرية الآثار المدمرة للانفتاح الاقتصادي بمصر ومعارضة الهيمنة البوليسية في سوريا والممارسات الاقتصادية التي أثرت القليل علي حساب مئات الألوف من السوريين تؤكد أنه لم يكن لنا طموحات شخصية ايا كان نوعها معنوية أو مادية وأن مواقفنا منبثقة من الإدراك الثابت بالمصير المشترك للأمة العربية ومن وضوح الرؤية حول من هم أعداء الأمة ومن هم أصدقاؤها الحقيقيون. ولذلك طرد بعضنا من جامعاتهم  واعتقل البعض وكبلت أياديهم ووضعت أسماؤهم في القوائم السوداء وحتي وجه للبعض منا اتهام بالعمالة لنظم عربية وكأن الأمة العربية تخلوا من أناس مخلصين  يتمسكون بمبادئهم . هذا  بالطبع لا يمكن أن يقارن بمن أفدوا أرواحهم في سبيل قضايا الحريات والقضايا القومية والاجتماعية. كنا دائما نربط بين القضايا، فالحريات والمسار الاقتصادي العادل والمستقل وتحرير الوطن من التبعية كلها قضايا متشابكة ولايمكن بأي حال من الأحوال فصلها عن بعض. كما أن ما يجري في مصر وفي العراق وسوريا هم مشترك ومن يفصله يعبر عن مفاهيم اختزالية بالإضافة عن عدم إدراك ونقص معرفي. كما أن التهديدات الحالية وتحليل الدماء والقوائم السوداء من قبل بعض من يرفع شعارات حرية الرأي في سوريا لا يمكن أن تثنينا عن مواقفنا المبدئية  المعتمدة علي المعرفة والتحليل الموضوعي والبعيد عن الأهواء.

 يذكرنا محاربون قدماء من ابطال اكتوبر 1973 بالدور البطولي للجيش السوري الوطني كما أن التاريخ يثبت مرارا أننا أمة واحدة فاحتلال مصر من قبل نابليون دفع مواطن من حلب (سليمان الحلبي) أن يجيء لمصر ويقتل قائد الاحتلال الفرنسي الجنرال كليبر؛ والعدوان الثلاثي علي مصر 1956 دفع مناضلين سوريين بتفجير انابيب البترول بسوريا مما كانت له رمزية هائلة. فكيف يعيب علينا البعض اهتمامنا الكبير بسوريا في محنتها الآن وكأنه ليس من الممكن الاهتمام بالقضايا المصرية أو البحرانية أو العراقية وفي نفس الوقت أن نضع نصب أعيننا علي ما تتعرض له سوريا من عدوان خطير.إننا نرفض دائما منهج التجزيء والاختزال الذي لا يخدم إلا قوي الهيمنة الداخلية والأجنبية.ومن المدهش أن قوي الهيمنة الأجنبية تتعامل مع الأمة العربية ككل بل أن مخططاتها تشمل العالم الثالث كله. إن من لا يدرك تداعيات نجاح المخطط الإمبريالي في سوريا علي مصير الأمة العربية كلها ،ولعدة عقود، فهو يجهل الأمور أو لا يهتم بها إلا سطحياً،أو مشارك ضمنيا مع العدوان تماما مثل من استعد لحكم مصر بعد توقعهم سقوط ناصر عام 56.

إن واجبنا الآن هو الوقوف بصلابة ودون تردد أو خشية في وجه العدوان السباعي الآثم علي سوريا والذي يمثل أكبر تهديد ليس لسوريا فقط وإنما للأمة العربية كلها كما يشكل ضربة موجعة للمستقبل الفلسطيني. ولا يقل خطرا عن احتلال العراق. إننا بصدد مرحلة جديدة من تفكيك وتفتيت الأمة العربية أكثر خظورة من مرحلة سايكس بيكو. ولنتسائل لمصلحة من محاولات تدمير وتفكيك الجيش الوطني السوري الذي يقوم بواجبه في حماية الوطن من متمردين يسلحهم ويمولهم أعداء الأمة العربية؟ وما هو واجب أي جيش وطني في مواجهة تمرد مسلح مدعوم أجنبياً؟

 إن التأييد المعنوي له أهميته رغم أنه أضعف الإيمان. فلنعبر بكافة الوسائل عن تأييدنا للدولة وللوطن وللشعب السوري الذي يواجه الآن هذا الإعتداء الغاشم والمعلن صراحة والمخطط له منذ سنوات من قبل قوي الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية. ولنستمر في مناداتنا بتحقيق مطالب الحرية والكرامة والعدالة الاقتصادية مع تمسكنا الشديد باستقلال وحرية الوطن العربي، فلنتذكر أنه لا حرية لمواطن في وطن غير حر أو مسلوب الإرادة أو منتقص السيادة.

:::::

* أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعتي الإسكندرية وولاية ميشيجان سابقاً

 

( *** )

 

ماذا بعد تكسر السهام الاميركية على قلعة دمشق؟

العميد د. امين محمد حطيط

 

أ‌. بعد 16 شهرا من عدوان تقلب في المراحل المتتابعة الاخفاق، اتجهت اميركا الى خطة رأت فيها انها السهم المسموم الاكبر و العلاج الحاسم الذي يعوض الفشل في سوريا، خطة رأتها على حد قول هيلاري كلنتون " كارثة " تدمر سوريا و منها تمتد الى المنطقة، خطة تقوم عناصرها كما تبيناها على :

1) تصنيع بيئة عامة من التهويل لتحضير الرأي العام السوري والدولي لعمل نوعي في دمشق يستهدف الرأس السوري و يرديه. وبهذا نفسر ذاك الزخم غير المسبوق من روايات التلفيق والكذب وتصوير الوضع السوري كانه على قاب قوسين او ادنى من الانهيار الشامل الانهيار لذي سيحدث – بزعمهم- "بركان دمشق او زلزال سوريا "، بحيث ان تنفيذ هذا العمل سيقود المعنيين بالدفاع عن سوريا الى الانهيار الادراكي و اليأس من متابعة المواجهة الدفاعية.

2) ضرب خلية ادارة الازمة بشكل جماعي بحيث يخلق فراغ في الرأس، ما يؤدي الى تضعضع منظومة القيادة و السيطرة و التوجيه، و ينتج ارباكا في الميدان يعرقل عمل القوى الامنية و القوات المسلحة و يتسبب بشرذمة الجيش و انشطاره و حرمان الدولة من ذراعها العسكري الفاعل.الامر الذي يفسح في المجال لانتشار الارهابيين واستيلائهم على المرافق والمواقع الحساسة في الدولة داخلاً وحدودا.

3) تنفيذ عملية ميدانية شاملة عبر هجوم صاعق على دمشق يشارك فيه الالاف من المسلحين بحيث ينطلقون في اللحظة ذاتها من اكثر من اتجاه و الى اكثر من حي وشارع في عملية ترويع ورعب للمدنيين بقصد وقف الحياة في المدينة – عقاباً لها على عدم الانخراط في العدوان الاميركي على سوريا – واظهار الدولة انها فقدت السيطرة على العاصمة ما " يضطر الرئيس للمغادررتها " - على حد زعمهم و تمنياتهم وفقا للخطة -.

4) تنفيذ خطة " السقوط الوهمي التمثيلي للنظام " عبر مواكبة العملية الميدانية بعمل اعلامي نوعي، يؤكد "سقوط العاصمة وفرار الحكومة " واندفاع المواطنيين في الشوارع تأييداً " لانجاز الثورة ومعارضة للنظام"، وقد تم من اجل ذلك تحضير مجسمات مصنعة في قطر تمثل الساحات والمباني العامة والمراكز الحكومة، كما واطلقت محطة تلفزيونية تستعمل "لوغو " الفضائية السورية " لاستعمالها في الاعلان عن "النجاح المفترض للثورة" على غرار ما حصل في طرابلس –ليبيا حيث لفقت افلام و صور عن مركز قيادة القذافي تظهر سقوطه قبل 3 ايام من سقوطه الفعلي. يترافق ذلك مع خنق الاعلام السوري و حجبه، و من اجل ذلك شطبت قناة الدنيا عن الاقمار العربية لاسكاتها و قامت قوى العدوان بخطف مذيعين و اعلاميين سوريين من الفضائية السورية لاجبارهم على العمل في المحطة المزورة المنتحلة صفة الفضائية تلك لاعطاء المصداقية للتزوير.

5) استصدار قرار من مجلس الامن تحت الفصل السابع، يمهد الطريق لانتشار عسكري اجنبي تحت ذريعة منع مخاطر الاسلحة الكيماوية عن المنطقة، وتكون مهمة القوى الاجنبية استكمال تدمير بنية الدولة السورية و حل جيشها على غرار ما تم في العراق.

 

ب‌. هذه هي خطة " السهام الاميركية السامة " التي توخت منها اميركا انزال الكارثة على سوريا بتدميرها كما دمرت ليبيا و قبلها العراق و قبلها منظمة التحرير الفلسطنية ( دول جبهة الصمود والتصدي التي تشكلت رفضاً لاتفاقية الاستسلام في كامب دافييد ولم يتبق منها الا سوريا ). وكما حاولت ان تدمر المقاومة في لبنان و الدولة في ايران و فشلت، فجاءت الى سوريا لتنفذ الحلقة الثالثة من حلقات العدوان على محور المقاومة.

ولكن وكما اخطأت الحسابات الاميركية في لبنان وايران يبدو ان الميدان السوري سفه الحلم الاميركي ايضاً، رغم ان الخطة حققت بعض الاختراقات التنفيذية. وفي الحصيلة التنفيذية الاولى انكشف المسرح الان على المشهد التالي :

1) فشل في تحضير بيئة الانهيار الادراكي، وكان ذلك نتيجة تضافر عدة عناصر اهمها : وعي و مناعة نفسية عالية المستوى لدى الشعب السوري عامة والدمشقيين خاصة، وجهد اعلامي مميز بذله الاعلام السوري الرسمي و الخاص، ترافق مع زعزعة الثقة بالاعلام الاميركي وملحقاته واليقين بان ما يبث عبر الاعلام العدواني هو الاحلام و التمنيات وليس وقائع او حقائق.

2) تمكن الدولة من استيعاب صدمة "الاغتيال الجماعي للقادة الرئيسيين في خلية الازمة " ورغم ان الخسارة كانت جسيمة فادحة بسقوط الشهداء الكبار – وزير الدفاع ونائبه ومعاون نائب رئيس الجمهورية ورئيس الامن القومي- فان دولة المؤسسات العقائدية سارعت الى ضبط الامور وتعيين البدلاء من ذات معدن الشهداء انفسهم، الامر الذي عطل نتائج ومفاعيل نجاح عملية الغدر الارهابي رغم خطورتها البالغة.

3) تمكن القوات المسلحة العربية السورية من احتواء الهجوم الذي نفذه الالاف من المسلحين على اكثر من تسعة احياء في دمشق، ثم انطلاق الجيش في الهجوم المعاكس والممنهج والمواجهة المتقنة وفقا لمقتضيات الوضع، ما مكنه من سحق الهجوم والانتقال الى تطهير الاحياء الواحد تلو الاخر و ابقاء المدينة بشكل عام تحت سيطرة الدولة، دون ان يترك فرصة واقعية لمخطط العدوان ان يستثمر مفاعيل الجريمة الارهابية على الشكل الذي كان يريد. حيث ان مناظر جثث الارهابيين من سوريين وغير سوريين كانت رسالة واضحة للمعتدي : "الهجوم فشل والعدوان انكسر "...رغم الثمن العالي الذي دفع.

4) اما بالنسبة للاسقاط" الاعلامي الوهمي " للدولة فانه لم يحصل لان الخطة كشفت والاحتياطات كانت اتخذت قبل ان ينطلق العمل التنفيذي. وكان من نتيجة الكشف والتعثر الميداني ان ما حضر في قطر من مجسمات واشخاص و تجهيزات عسكرية بقي في في المخازن من غير استعمال حتى اللحظة.

5) ويبقى موضوع مجلس الامن وقراراته فقد تأكدت اميركا مرة اخرى بانه لا تراجع عن رفض الفصل السابع ولا تراجع عن رفض التدخل العسكري الاجنبي في سوريا. ما حدا باميركا للتهديد بالعمل خارج مجلس الامن لمتابعة الهجوم العدواني على سوريا.

ج. والان وبعد هذه المحصلة التي يمكن وبموضوعية القول معها بان "السهام الاميركية الكارثية " تحطمت على صخور قلعة دمشق، يطرح السؤال عن مسار الامور لاحقاً. وهنا يمكن ان نتصور المنحى التالي :

1) استمرار رفض اميركا لاي حل سلمي ومنع انجاح خطة انان او تنفيذ مقرارات جنيف في الفترة المقبلة اقله في الاشهر التي تسبق الانتخابات الاميركية.

2) محاولة توسيع المواجهة في الشمال السوري للضغط على الحدود وتوسيح فرص استقدام ارهابيين غير سوريين للقتال بعد الخسائر الفادحة التي لحقت بالمسلحيين.

3) التلويح الاميركي والتهديد بالعمل خارج مجلس الامن تلويح نرى فيه تحضيرا للسير على خط او اكثر من مما يلي :

- سياسي اقتصادي عبر تصعيد الضغوط على سوريا بعقوبات تضاف الى ما تم حتى الان وتعدى رزمة من 60 نوع اضافة الى تجميد العلاقات او سحب السفراء وما اليه.

- عسكري ارهابي عبر تصعيد عمليات الدعم والتحشيد و تنفيذ العمليات المسلحة على كل مساحة سوريا من اجل توفير الفرص للقول بان النظام فقد السيطرة على الارض.

- امني استخباري : محاولة اقتناص اهداف نوعية في سوريا على غرار ما حصل، وقد ارسل تعيين بندر بن سلطان ممديرا للمخابرات السعودية رسالة واضحة في هذا الاتجاه.

- عسكري تقليدي عبر تحضير قوى عسكرية نظامية اجنبية للتدخل وفقاً ً للمقتضى ولتطورات الامور مع ان احتمال ذلك يبقى الادنى والمنخفض جدا في الاحتمالات.

 

وفي المقابل نرى ان جبهة الدفاع عن سوريا ستستمر في تحقيق الانجازات الدفاعية على كل صعيد وانها حضرت ما يلزم للرد و هي في تحضيراتها والوسائل المتاحة مطمئنة لقدرتها في كسر الخطط المستقبلية الاتية كما اجهضت السابقة الماضية، خاصة وان المعتدي في ضيق من وقته رغم ما يملك من قدرات.

 

( *** )

 

سوريا وفردوس التردّي الحضاري

صادق النابلسي *

 

ترتكز السيرة الذاتية لما يسمى «الثورة السورية» على كثافة التضليل ووحشية الطموح. السياق، مثله مثل النتائج، خطير ومدمر. ومواجهة الوقائع تكشف المضللِين والطامحين في عقر لصوصيتهم، خصوصاً من البورجوازيتين، المتدّينة والعلمانية، اللتين تعملان على تطبيق مقولة بودلير: «اللصوص وحدهم مقتنعون بأنّه لا بدّ من نجاحهم». ذلك أنّ من يراقب سير الأحداث الدموية وشريط المواقف السياسية لن يتأخر عن اكتشاف الخديعة أو اللعبة التي هيمنت على مجريات الأزمة السورية منذ تشكلاتها الأولى، إذ جرى فيها خلق نظام للحوافز لمن يريد أن يستثمر في تنمية الفتنة وتضخيمها، واستقطاب كبار العابثين وصغار المضاربين بدم الشعب السوري بتمويل خليجي مكشوف. وقد اقتضت أعمال تهيئة الأجواء الاستثمارية الجاذبة للأُجَرَاء والمياومين البسطاء، ومن له حقٌ ومن يشاغل الباطل ويداوم عليه، استخدامَ كل وسيلة تستند إلى الإمكان لا إلى المشروعية، أي على تطويع الوسائل بمعزل عن راجحية الأهداف وحقانية الغايات. وبهذا الوحي استُخدم، لتهييج الأزمة وإعطائها بعداً دينياً وثورياً، اسم النبي محمد (ص) ودينه، والمسيح (ع) وتعاليمه، ومجموع الصحابة وما خلُص ووصل من أفكار وتجارب المناضلين الثوريين وسِيَر المكيافيليين وأضغاث أحلام بعض المشايخ في آخر إصداراتهم من على منابر الفضائيات المذهبية.
منذ الحدث البوعزيزي، و«الربيع العربي»، بحسب وصف أصحاب النيّات الطيبة والانتهازيين على حدٍّ سواء، محمول على محمل الجدل لا اليقين. عند محمد حسنين هيكل «سايكس ــ بيكو جديد» على المنطقة التي يبدو أنّ عملية ضبطها صعبة جداً، فيما جاء المشهد السوري ليؤكد أنّ ما يحصل لا يتصل بشروط ربيع اعتيادي، ولا ينتسب إلى منطق الثورة ومبرراتها بكامل بنودها وأبعادها. ولذلك لم يتطابق المحمول مع المنطلق، وما يجري رسمه مع مقاصد الإصلاح والتغيير الإيجابي. وبالفعل، أدخلت الأزمة السورية، على وجه الخصوص، المشتغلين بقضايا النقد السياسي والديني والتاريخي في سلسلة من الإشكاليات المتلاحقة. آثارُ البلبلة قائمة تحت وطأة الأزمة المنهجية والاصطلاحية وتسيّب الحدود في المفاهيم والقيم، وحتى اللحظة يبدو أنّ العرب يكوّنون فضاءهم من خلال التفاتهم إلى الماضي لا التطلع إلى المستقبل، ويتعرفون إلى السلطة عن طرق العنف لا العقل. وكأن لا شيء حصل في تاريخهم ولا تجارب إنسانية نشأت من حولهم بمقدروها أن تلهمهم فكرة العبور إلى الدولة (المؤسسة) الراعية والحامية والعادلة والسيدة من دون اللجوء إلى أساليب القتل والعنف، ونهر الموت الذي لا يبدو أن شُحّه قريب!
إنّ بعض ما نشاهده على شاشات التلفزة من جرائم مروعة أصبح مصدراً لدونية العرب والمسلمين، وما يسمى الثورات العربية نقلت إلينا ركام الخطابات التاريخية السادية والمشاعر العدوانية في جوّ من الانفلات والضياع المتواصل. البعض يدين كل من يخالفه الرأي ويغايره في المستوى الاجتماعي ليبرر اضطهاده للغير وعنفه بحقهم. وبات التحالف مع قوى الاستعمار والشر هو الطريق الأسهل للتعويض عن الغبن السياسي. تتهاوى المثُل ويتبدّد الإيمان بكل القيم أمام تحقيق الرغبات الشخصية والجماعية، ويصبح السلوك الجانح العلة لانتزاع الاعتراف وإثبات الوجود. بل حتى إنّ البعض يتطلع إلى قيم مبهمة لتصريف مخزون طاقته لأنّه عاش في بيئة همّشته إنسانياً وهشمته اجتماعياً فلم يجد خلاصه إلا أن يخرج على الناس شاهراً سيفه!
إننا لو عدنا بالتاريخ الأوروبي إلى الوراء، أي إلى عصر النهضة الذي تأسّس على معطيات الفكر ومنجزات العلم، حيث أطلق البعض على تلك المرحلة اسم «الثورة العلمية»، لوجدنا أنّ ثورة العلم صبغت كل شيء في حياة الإنسان الغربي بصبغتها. بالفعل طرأ تطور نوعي وكمي على المعرفة الإنسانية، ما أدى إلى نشوء واقع سياسي وأخلاقي ومعرفي واقتصادي جديد سيطر على القارة الأوروبية وامتد إلى خارجها. فظهر المشروع الحضاري الغربي كفاعلية تاريخية اجتماعية قيمية، بمعزل عن موافقتنا أو اعتراضنا على كل أو بعض بنيانه ومكوناته الفلسفية ومبرراته الثقافية. ولكن كان لهذا المشروع الأثر الكبير على تطور العلوم وانتشار المعرفة وتبلور الكثير من المفاهيم الحقوقية والإنسانية وصولاً إلى تكريسها في اتفاقات دولية. اليوم الحضارة الغربية أمام تردٍ واضح بعدما أكملت دورتها. تبدو في مجرى النهاية على محور الزمن. كل ما تستطيعه في المجالين العقلي والأخلاقي سواء كانت نتائجه سلبية أو إيجابية قد عاينته البشرية التي تعتقد، في ظل الظروف العالمية الراهنة، أنها وصلت إلى ذروة الإفلاس والإحباط التام، وأنها تنظر إلى مشروع بديل آخر، يعيد إلى ربوع العالم الأمن والسلام ويحقق للإنسان كرامة العيش والوجود والحضور.
ويفترض لكي نتبين طبيعة الصراع الدائر اليوم بين مختلف الدول والمحاور في مناطق متعددة من العالم والمنطقة، أن ننظر إلى أزمة الحضارة الغربية وما تواجهه من مشكلات خطيرة تريد أن ترمي بها على الغير. الأزمة في الغرب تصل تردداتها إلى الشرق، والتحديات هناك معطيات هنا، والتباينات هناك حروب أهلية وقطرية هنا. إلا أنّ ما تشهده المنطقة وخصوصاً ما يجري في سوريا والذي يتأسّس على معطيات العنف ومنجزات الجهل والتعصب، هو الآخر إفلاس من الجانب الآخر للبشرية وعلى الضفة الأخرى للحضارة الغربية. مَن ورث الحضارة العربية والإسلامية من الأجيال الحالية بمن فيهم الملوك والرؤساء والقيادات السياسية والنخب الفكرية وعلماء الدين لم يستطيعوا أن يبنوا لغة استشراف للمستقبل ويسهموا في صياغة وعي جديد في حركة الجماعتين العربية والإسلامية، بقي خط الفواجع مستمراً في منحى متصاعد، وقوانين العسف وقيم الاستبداد هي التي تؤشر إلى فردوس التردي الحضاري القائم. فإذا كانت ثورة العلم صبغت كل شيء بصبغتها في الناحية الغربية، فإنّ ثورة الجهل تصبغ تقريباً كل شيء في الناحية الشرقية.
إفلاسان إذاً، يشهدهما العالم. إفلاس الغرب من إنتاج القيم الرشيدة، وإفلاس الشرق من تطبيق القيم الرشيدة. الغرب وصل مع العلم إلى باب مسدود، والشرق أوصله الجهل إلى نهاية مشؤومة. وفي صيرورة التحديات التي تتنامى من هنا ومن هناك، تأتي هذه التراجيديا الكبرى المسمّاة الربيع العربي في سياق انشطار الغرب على نفسه وفشله في إحداث التوازن المعرفي والمعيشي والحقوقي لدى بقية شعوب العالم، وتراجع البعد الأخلاقي في البيئات العربية والإسلامية. وقد تكون ظاهرة العمليات الانتحارية والمجازر الدموية التي لا تزال معطياتها حارة، من أكبر التحدّيات التي تواجه المسلمين وأهل المشرق العربي على وجه الخصوص. فهذه القوة الغبية لم تهز أركان العمل الجهادي الشريف فقط بل هزت وجدان الدين الإسلامي وصورته النقيّة.
وفي هذا التعقّب لمآلات الأوضاع المتأججة في المنطقة، يأتي السؤال الآتي: لماذا الأزمة السورية هي الأشد فداحة وخطورة على الأمن والسلام الإقليمي والعالمي، والأقسى تنازعاً واحتداماً بين الدول العظمى؟ إنّ مما لا شك فيه أنّ حقائق الجغرافيا والتاريخ، ولسنين طويلة، كانت تتبلور عند شرق البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، أي في هذه المنطقة الممتدة من بلاد النيل إلى بلاد الشام وصولاً إلى بلاد ما بين النهرين، والتي تتسع لكثير من الدلالات والمقدسات، والحافلة بالإمكانات الدينية والطبيعية والاستراتيجية. وقراءة التاريخ تظهر أنّ هذه المنطقة كانت محط اهتمام كل الإمبراطوريات التي بادت. وكما هبت عليها في الماضي عواصف عاتية من كل حدب وصوب، فإنها اليوم تتهيّأ لعواصف مماثلة. والمعطيات التي أمامنا تُنبئ بأنّ عناصر التفجّر تتجمع بسرعة، وأنّ المنطقة تستدرج القوى الأساسية على الساحة الدولية إلى هزة كبرى سيكون لارتداداتها تأثير على تغيير معالم هذا الزمن وملامح هذا العالم. وهذا يوضح بالفعل أنّ المنطقة تمثّل قاعدة الاستقرار والتوازن في العالم، ومن شأن أي تدخل خارجي أن يزلزل قواعد الاستقرار العالمي على نطاق واسع. وبهذا المعنى، حذّر وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر من خطورة التدخل العسكري الخارجي على سوريا «لأنّه يخلّ بالنظام العالمي».
إنّ الفهم الواعي والشامل لحركية التاريخ وصيرورته، ومجريات الصراع في المنطقة وعليها، هو الذي ينقذ شعوب هذه المنطقة من المحرقة القادمة التي نرى اشتعال فتيلها ونترقب تأجّجها، أولاً من خلال انهيار النظم الاستبدادية الشائخة، وثانياً عبر التنامي المطّرد للأيديولوجيات والديناميات المذهبية التي تتقاطع مصالحياً مع الفواعل الغربية التي تتحرك في إطار فرز التجزئة والقطرية على نحو جديد. وقد عبّر محمد حسنين هيكل عن هذه الفكرة خلال توصيفه للمشهد العربي الراهن فقال: «التقسيم فى المرة الأولى كان تقسيماً جغرافياً وتوزيع أركان، لكن التقسيم هذه المرة تقسيم موارد ومواقع». لكن الإشكالية التي تواجه الأمة عقب ظاهرة الصعود الإسلامي إلى واجهات القرار والحكم في العالم العربي، هي عدم اعتراف الإسلاميين بأنّ الذي يحصل، فيه حتى شائبة التقسيم. وعدم اعترافهم أنّ ما يسمى «الثورات العربية» ليست نقية بالكامل، وكونها أيضاً غير أجنبية عن الافتعال والتكلّف. كذلك عدم اقتناعهم بأنّ ما يجري هو تغيير استراتيجي وحضاري جامح لا يطاول النظم فحسب بل ينسحب إلى القيم والأخلاق والهوية وشبكة العلاقات الدينية والاجتماعية داخل البيئات والمجتمعات العربية، وأنّ المطلوب منهم أن ينضموا إلى المشهد السياسي ويكونوا أدوات وبيادق في المشروع الذي أطلقت عليه الإدارة الأميركية منذ سنوات «الشرق الأوسط الجديد». ويشهد على ذلك أنّ التدخل الأجنبي حقيقي وبارز ويستهدف ضمان مصالحه لا تحرير إرادة الشعوب العربية، وأنّ دورة العنف في بعض البلدان كسوريا وليبيا واليمن، والتي يظهر فيها حجم هذا التدخل وضخامته، تستقر في أصل هذه الحقيقة الغاربة.
الرحلة بدأت للإخلال بأمن المنطقة ووحدتها، وبدل أن يغيّر الإسلاميون الأقدار والمصائر حاكوا إيقاع الواقع وانجذبوا إلى إغراء اللعبة التي لم تبقَ لعبة بل جحيماً يتحرك من موضع إلى موضع، إذ ثمة حاجة ماسّة إلى أن يدرك الإسلاميون هذه اللحظة المفصلية التي يتقرر فيها مصير الإنسانية لا المنطقة وحدها. لحظة تتزايد فيها وطأة التدخلات الخارجية، ويُعمل فيها تحت أقدام الظلام على تسليم مفاتيح إدارة الحكم في البلدان العربية لقوى وحركات إسلامية، لأنّ مقتضى الأحوال والسياسات الغربية يستدعي مثل هذا الإجراء. وفي هذا السياق تأتي تصريحات بعض المسؤولين الغربيين التي تصدر أحياناً يومياً لتؤكد هذا التوجه، الأمر الذي يضعنا أمام تشابك معقد في المصالح يسمح للاستراتيجيات الغربية بأن تتدفق من النوافذ الإسلامية المشرعة. وعلى ما يبدو أنّ اليأس المطلق خلال السنين الماضية هو الذي أوهم الإسلاميين بأنّ التفاهم مع القوى الغربية هو الاحتمال الوحيد، وهو الذي يُظهرهم أمام الملأ أنّهم يتقدمون ويتوسعون. ولكن هذه «البروفة» التي تُنفذ بأياد غربية، وبعد التأكد من دوافعها السياسية، وضعت الإسلاميين على أهبة مرحلة جديدة مشحونة بالتحديّات، ولكنها سمحت للطامحين بالاستثمار السريع باسم الإسلام أن يملأوا المساحات الفارغة ولو كان ذلك بالتخلي عن شرعيّة السماء واكتسابها من الأمم المتحدة والماسكين بقبضتها. ولقد ظنّ البعض منهم أنّ الأخذ بالمنهج الديموقراطي على الطريقة الغربية يجعلهم أكثر مقبولية في العالم، إلا أنّ المشكلة ليست في تغيير الزي بل في تغيير الاتجاه. وكل ذلك يشير إلى حقيقة أنّ الانبعاث الإسلامي الجماهيري لم يكن ذاتياً، بل بفعل عوامل خارجية، من دون أن ننفي أنّ الأرضية الإسلامية كانت مهيّأة ومتحفزة ومنظّمة لتسلم مقدرات الحكم. يُضاف إلى أنّنا أمام واقع صراعي بين الإسلاميين أنفسهم، إذ لا نجد نمطاً إسلامياً واحداً متجانساً، بل نحن أمام أنماط عدة لا تصبّ جميعها في مصبّ واحد. لذلك، إنّ أحد وجوه المأساة وأحد وجوه الصراع المتنامي بين المسلمين، على اختلاف مشاربهم، هو هذا التضارب في المواقف والتنازع في المفاهيم والقيم الذي يراكم اعتقاداً أنّ ما يسمى «الثورات» بعيد عن الهدفية والوعي والمسؤولية والأيديولوجيا، وأنّها تتحرك منتشية في الفوضى وتتخبط لحمولتها الزائدة من الأوهام. أما الإسلام فله رب يحميه.

:::::
*
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الدولية

"الأخبار"

http://www.al-akhbar.com/node/98289

 

( *** )

 

عندما يلغ ميشيل كيلو بدماء الشهداء مثل كلب أجرب!

هيئة تحرير موقع "الحقيقة"

 

آخر ما كنا نفكر به هو أن نجد أنفسنا أمام موقف من هذا النوع؛ موقف نستخدم فيه تعابير قاسية وجارحة مثل فعل شفرة حلاقة في بؤبؤ العين بحق مثقف كبير مثل ميشيل كيلو، كنا نعتبره دائما ـ أيا يكن موقفنا منه سياسيا ـ جزءا عضويا من ثقافتنا الوطنية الديمقراطية. لكن ما ارتكبه ميشيل كيلو يوم أمس لا سابق له، ولم يتجرأ أحد على قوله سوى صنفين من الناس : مجرمي الأخوان المسلمين الذين دخلوا يوما إحدى الكليات العسكرية وذبحوا فيها العشرات من طلابها خلال دقائق، ومجرمي جيش يشوع التلمودي. بل إن مجرمي إسرائيل، والحق يقال، كثيرا ما كانوا أكثر شرفا من الأخوان المسلمين ومن ميشيل كيلو في موقفه أمس، فقد تعاملوا بأخلاقيات الحرب عندما تعلق الأمر بمواجهة ضباط وعسكريين من جيوش معادية. نقول " كثيرا"، ولا نقول "دائما"، لأننا نعرف أنهم قتلوا يوما ما مئات الضباط والجنود المصريين والسوريين الأسرى بعد أن أمروهم بحفر قبورهم بأيديهم.

ما قاله ميشيل كيلو يوم أمس، ونقلته عنه قناة "الجديد" اللبنانية، عصي على الوصف. هو ليس فجورا، ولا عهرا، ولا خيانة وطنية، ولا إجراما، ولا انحطاطا أخلاقيا وسياسيا، ولا سفالة. هو ذلك كله مجتمعا. بل هذا مجرد بعض ما يمكن أن يوصف به.

كيلو وصل به عهره حد وصف مرتكب جريمة مكتب الأمن القومي بالبطل والمناضل. قال كيلو ما حرفيته "ان منفذ تفجير مكتب الأمن القومي في دمشق الذي ادى الى مقتل وزير الدفاع السوري العماد داوود راجحة ومساعده ورئيس خلية الازمة حسن التركماني، مناضل لانه قام بقتل من كان يقصف قريته و يقتل اهله"، موضحاً بالقول" ان من يدافع عن نفسه ليس ارهابياً".

على المستوى الأخلاقي البحت، وبعيدا عن أي توصيف سياسي، ينتمي قوله لعقلية قطاع الطرق وأخلاقيات زعماء العصابات الإجرامية.أما حقوقيا فيمكن ملاحقته عليه قضائيا، ليس أمام القضاء السوري، ولكن حتى أمام القضاء الأميركي نفسه، فهو ينطوي على تحريض واضح على القتل وارتكاب الجريمة والإرهاب المنظم. فاغتيال القادة الثلاثة، داود راجحة وحسن تركماني وآصف شوكت، ينتمي ـ بلغة القانون الصرفة ـ إلى جرائم الاغتيال السياسي والإرهاب المنظم.

أكثر من ذلك؛ إذا ما جرت ملاحقة ميشيل كيلو أمام القضاء مثلا، ومرة أخرى نقول القضاء الأميركي أو الفرنسي (الذي يحكم البلد الذي يقيم فيه الآن)، يمكن الدفع بما يلي على المستوى القانوني المحض:

ـ ليس هناك أي دليل على أن أيا من الثلاثة قام بقتل أحد خلال الأزمة الوطنية التي تعيشها سوريا، سواء مباشرة أو مداورة عن طريق إعطاء الأوامر. والدليل على ذلك ليس معرفتنا الأكيدة والبدهية بأن أيا منهم لم يقم بذلك، بل وثيقة حصلت عليها القناة الوهابية، المسماة بـ"العربية"، وليس قناة "الدنيا"، دون أن تلفت الانتباه إلى مضمونها، حيث أبقتها "مدحوشة" بين عدد كبير من الوثائق نشرت بعضها، لعلمها بأن الوثيقة لا تبرىء الثلاثة فقط، بل والنظام كله برمته من جرم إعطاء الأوامر بالقتل. وكان ذلك حين استضافت في 17 نيسان / أبريل الماضي المدعو عبد المجيد بركات، الموظف الإداري في "خلية الأزمة" الذي هرب ومعه كمية من الوثائق التي كان يحصل عليها بحكم عمله على الكومبيوتر وفي أعمال السكرتاريا الخاصة بـ"خلية الأزمة" التي كان يترأسها القائد الشهيد حسن توركماني. فالوثيقة، وهي محضر اجتماع "خلية الأزمة " بتاريخ 24 / 7 / 2011 ( اضغط هنا لقراءتها)، تتضمن في فقرتها السابعة مقررا من مقررات الاجتماع، وهو "التحقيق في إطلاق النار على المتظاهرين، وإحالة المرتكبين إلى الجهات القضائية المختصة". وبما أن الوثيقة خاصة بمحضر اجتماع سري، وليست نشرة أخبار للتلفزيون الرسمي، لا يمكن إلا أن نأخذ مضمونها على محمل الجد، أو على الأقل ـ وبالمعنى القانوني دائما ـ إنها تشكل دليلا، بالضد ما قاله كيلو ويقولوه آخرون بمن فيهم نحن،على براءة السلطة من إعطاء أوامر بإطلاق النار على الناس، فكم بالأولى قصف القرى.

ـ إن غياب أي دليل على وجود أوامر من قبل أي هؤلاء الثلاثة، بل وجود ما هو مضاد لذلك تماما، يعني من الناحية القانونية تحويل الجرائم المرتكبة من قبل عناصر الجيش و / أو الاجهزة الأمنية إلى "ممارسات فردية"، بالمعنى القانوني للكلمة. وبالتالي، فإن من يتحمل المسؤولي هم مرتكبو هذه الجرائم بصفاتهم الفردية.

ـ إن من ارتكب جريمة مكتب الأمن القومي ليس أحد الذين تعرضت عائلاتهم لاضطهاد السلطة، بل موظف أمني هو مدير مكتب هشام الاختيار شخصيا، الذي أدخل المتفجرات بأوامر من جهاز استخبارات أجنبي أو أكثر، كما أصبح معروفا ومحسوما، وإلا لكان بالإمكان التعاطي مع الجريمة و "تبريرها"، ولو بالمعنى "البدوي" أو العشائري، والقول إنها جريمة " ثأر" أو " فورة دم مبررة"!

ولكن ماذا على المستوى السياسي؟

بغض النظر عن موقفنا السياسي من قادة النظام الذين استشهدوا وجرحوا، بوصفهم جزءا من سلطة سياسية وأمنية أمعنت فينا تنكيلا واضطهادا على مدى سنوات طويلة، وبعضهم (مثل هشام الاختيار) عذّب هو شخصيا بيديه وقدميه ـ وليس عبر جلاديه ـ كاتب هذه الكلمات، نذكر هذا القذر ميشيل كيلو بما يلي :

ـ إن القائد الشهيد داود راجحة والقائد الشهيد حسن تركماني هما من قادة الجيش السوري. وبمعنى ما هما من ورثة القائد الشهيد يوسف العظمة. أكثر من ذلك : إننا نعرف، ربما أكثر من غيرنا، ما الذي قام به توركماني، وخصوصا راجحة، خلال السنوات الأخيرة، من أجل إعادة بناء الجيش السوري على مستوى إعادة الهيكلة والتسليح والتنظيم في ضوء الدروس المستفادة من حرب تموز الإسرائيلية على لبنان؛

ـ إن القادة الشهداء الثلاثة راجحة وتوركماني وشوكت من أبطال حرب تشرين، كل في سلاحه، ولا يلغ في دماء أبطال حرب تشرين إلا الكلب الأجرب والمتصهين القذر والأداة الحقيرة في يد يشوع التلمودي؛

ـ إذا كان من أحد يحق له أن "يشمت" بما حصل، رغم أن الشماتة بموت الناس هو من شيم النفوس الكلبية، فليس سوى نحن وليس ميشيل كيلو. فنحن من تعرض لاضطهاد هؤلاء وليس هو. بل إن ميشيل كيلو كان يتعيش على نعيم السلطة ويضرب بهراوتها منذ أن عاد إلى سوريا في العام 1988 بعد مصالحة أمنية مع السلطة وحتى وفاة مؤسس النظام حافظ الأسد. ووصل في علاقته العاهرة مع مافيوزات السلطة وبارونات مافياتها حد أنه تحول إلى "مبيض أموالها". فهو ( ومعه الآن رفاقه سمير العيطة و حازم نهار وآخرون ) من تموّل ويتمول من ثروات آل طلاس التي جنوها من استيراد مئات الأطنان من لحم "البقر المجنون" يوم قررت أوربا إعدام الإبقار المريضة، فتطوع فراس طلاس لاستيرادها وتصنيعها مرتديلا قبل توزيعها على الجيش بفضل والده وزير الدفاع. ومن مصادفات الدهر العجيبة أن مئات السجناء السياسيين أكلوا من لحم هذه المرتديلا، بحكم كون طعام السجون هو طعام الجيش نفسه، وبعضهم من أصيب بالتسمم، ككاتب هذه السطور.

ـ إن ميشيل كيلو كان يأتمر بأوامر بهجت سليمان فينشر مقالات للتشهير بمعارضين وطنيين حين كان هو يلعق أحذية السلطة، وحين كان المؤتمر العاشر لحزب السلطة في العام 2005، وبتوصية من عضوي المؤتمر بهجت سليمان وماهر الأسد، يعينه عضوا مقررا في " لجنة تطوير فكر حزب البعث"! ولدينا رسالتان من الشهيدين جبران التويني وسمير قصير تؤكدان أن رستم غزالي (حاكم لبنان آنذاك) أمر محررا في "النهار" بنشر مقال لميشيل كيلو في العام 2004 للتشهير بأحد المعارضين السوريين بعد أن رفض المحرر نشره خشية الملاحقة القانونية، لأنه مليء بالشتائم الشخصية.

ـ لعب ميشيل كيلو دوما، أو على الأقل منذ عودته عبر البوابة الأمنية إلى سوريا في العام 1988، دور القحبة، بالمعنى الدقيق للكلمة. فقد كان، ولا يزال، يقفز من حضن قواد سياسي إلى آخر. إذ بعد صمت دام منذ خروجه من سوريا نهاية السبعينيات وحتى وفاة الأسد الأب، واتته الشجاعة فجأة كي يشتغل "معارضا". لكنه ما لبث أن تحول ( مع صديقه عبد الرزاق عيد قبل أن ينهشا بعضهما على العظمة التي ألقتها السلطة لهما في العام 2005) إلى طبال وزمار لبشار الأسد ولـ"برنامجه الإصلاحي". وظل كذلك إلى حين مقتل الحريري الذي قلب المعادلات السياسية وموقع النظام السوري منها. عندها، وبمشورة من السفارة الأميركية بدمشق ومن رياض الترك، توجه سرا إلى المغرب للاجتماع بعلي صدر الدين البيانوني للاتفاق معه على "إعلان دمشق" الذي مولته ـ كما تأكد لاحقا من خلال تسريبات وثائق "ويكيليكس" وما نشرته "واشنطن بوست" ـ وكالة المخابرات المركزية بأكثر من ستة ملايين دولار. وخلال الفترة التي سبقت ذلك كان متعيشا على نعم السلطة، سواء من خلال الدلال الذي خصته به وزارة الثقافة التي كانت تطبع له كتبه المترجمة، أو من خلال الحظوة التي خصه بها خليله بهجت سليمان ( في الفرع 251 ) أو المؤتمر العاشر لحزب البعث في العام 2005، حين قرر المؤتمر تعيينه " عضوا مقررا في لجنة تطوير فكر حزب البعث"، وهي اللجنة التي لم تر النور، والتي كانت سببا في النهش الذي تبادله مع عبد الرزاق عيد على صفحات الإنترنت، إذ كان عبد الرزاق عيد موعودا هو الآخر بها باعتباره " القيم على إرث ياسين الحافظ" لمجرد أنه طبع كتابا عنه، كما قال مرارا وتكرارا في مجالسه الخاصة. وحين اعتقل كيلو لاحقا، فإنما "بسبب اجتماعه مع البيانوني وتآمره معه ومع السفارة الأميركية"، وليس لأي سبب آخر. أي لسبب جنائي محض يطاله عليه قانون العقوبات، وليس لسبب سياسي صرف كما يعتقل السياسيون من قبل سلطة ديكتاتورية.

ـ عندما تأسست "هيئة التنسيق الوطني" صيف العام الماضي، كان من أبرز مؤسسيها. لكنه سرعان ما غادرها بعد تأسيس "المجلس الوطني السوري" وإدراكه أن ميزان القوى، وبفضل الموازين الأميركية، يتحول لصالح " المجلس" الوليد. وكان هاجسه دوما أن يحصل على حظوة فيه، حتى وإن انطلاقا من اعتباره"ذميا". وحين لفظه أهل "المجلس" الإسلاميون، سارع إلى تأسيس "المنبر الديمقراطي" بأموال "لحم البقر المجنون" التي أسبغها عليه فراس طلاس وببعض ما استطاع زميله الآخر، قواد عزمي بشارة والمخابرات القطرية حازم نهار، الحصول عليه من الحمدين القطريين! ولم تكن خطوته تلك إلا لقضم ما أمكن من بنية "هيئة التنسيق الوطني"، كجزء من الخطة القطرية لضرب "الهيئة" التي شكلت حجر عثرة في وجه اعتبار "المجلس الوطني" الممثل الشرعي"الوحيد" للشعب السوري.

يوم أمس طوى ميشيل كيلو، وإلى الأبد، الصفحة التي كنا نفتحها له في كتابنا. فمن يشيد بقتل عسكريي الجيش السوري، قدس أقداس كرامتنا الوطنية، لن يستحق منا سوى اللعنة. أما الشهداء الثلاثة، ورغم ما نالنا من بعضهم من أذى لا ينسى وعاهات في أجسادنا لا شفاء منها، فلا يستحقون منا سوى الصفح والترحم، وحسبهم أن ما يشفع لهم... بزة "الكاكي" التي سقط عشرات الألوف من شهداء الجيش السوري وهم يرتدونها، وما علق على أحذيتهم من تراب الجولان الطاهر وهم يواجهون جيش يشوع التلمودي.

هذه أخلاقنا وتلك أخلاقهم.

:::::

موقع "الحقيقة"، 20  تموز 2012

الرابط:

http://www.syriatruth.org/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9/tabid/96/Article/7842/Default.aspx

 

______

 

تابعوا "كنعان اون لاين" Kana'an Online على:

·       موقع "كنعان" بالعربية:

http://kanaanonline.org/ebulletin-ar

·       بالانكليزية:

http://kanaanonline.org/ebulletin-en

·       "فيس بوك" Facebook:

http://www.facebook.com/pages/Kanaan-Online/189869417733076?sk=wall

·       "تويتر" Twitter:

http://twitter.com/#!/kanaanonline

 

·       موقع "كنعان" من عام 2001 الى 2008:

http://www.kanaanonline.org/ebulletin.php

 

 

  • الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع  أو محرري "كنعان".

·         عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى "كنعان".

·         يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان "كنعان" الالكتروني: mail@kanaanonline.org

 

 

No comments:

Post a Comment