Saturday 21 July 2012

{الفكر القومي العربي} قرأة عراقية لخطاب السيد حسن نصر الله


                         قرأة عراقية لخطاب السيد حسن نصر الله
                                    بقلم : حسين الربيعي        
                                           
في حشد كبير من الناس ظم قادة على المستويين الديني والسياسي في لبنان ، حيث لم يستثني الحضور جانبا من جمهور محور المقاومة وزعاماتها .. فكان رجال الدين وأئمة المذاهب ، مسلمين ومسيحين ، وقادة وزعماء ومفكري تيارات واحزاب وحركات سياسية مهمة ، مثلوا الحركات القومية الناصرية والأحزاب اليسارية والشيوعية والأسلامية والوطنية ، حضروا للأحتفال بالذكرى السادسة لانتصار المقاومة في حرب تموز 2006 وهزيمة العدوان الصهيوني ، ولسماع خطبة سيد المقاومة حسن نصر الله بهذه المناسبة .
ان ما جعل الخطاب أكثر اهمية عن غيره ، انه يأتي في أدق الظروف التي تمر بها عموم المنطقة عربيا واقليميا ، خصوصا في نطاق ما كان يسمى دول المواجهة مع "اسرائيل" ، لاسيما سورية ، القلعة الأخيرة للقومية العربية ، والحضن الأخير للمقاومة ، والملاذ الأمن لمشروع النهضة العربية ، والرحم الحقيقي لمنطلقاته وقيادته ، والمكان الذي تتجه له العيون والقلوب بأنتظار الفجر العربي الجديد الذي يتهادى على نسائمه ربيع عربي حقيقي.
الوقت الذي ظهر فيه السيد الإمام المقاوم من على الشاشات  ، كاد أن يكون وقت إحباط ساور البعض إثر أستشهاد ثلاثة من اهم أعمدة الصمود والتصدي السوري المقاوم ، وفي زحمة إشاعات وتضليلات ، وتصريحات وتهويشات من اصحاب النذالة ، وسموات الخيانة من عربان النظام الرسمي العربي ، ومقولات المحفل الأسود في واشنطن وعواصم الغرب ، عن اجتياح هولوكي جديد على ايدي مرتزقة منحرفين عن الدين والخلق والقيم ، يسمون انفسهم اسلاميون ... قناعا لعمالاتهم والاتداداتهم عن قيم الأسلام والمجتمع ... هجوم يستهدف سورية ويلقي بالمقاومة هزيمة نكراء .
لقد كان ظهور السيد على شاشة ضخمة امام الحضور ، ومن على قنوات تلفزيونية طمأنينة لكل آولئك ، وزيادة في الثقة ، عندما تحدث عن اسباب استهداف سورية ، فقد رفع الستار عن حقيقة تأريخية لاتقبل الشك والمناورة ، مكنونة في قلبه وسره ، مؤكدا أن سورية الأسد وراء كل انتصارات المقاومة اللبنانية والفلسطينية ، وإن كان يحق لي ، فإنها كانت وراء الأنتصار الذي حققته المقاومة العراقية ... مضيفا سماحته .. ان ذلك تم بسلاح وصواريخ صنعتها سورية .
لقد ركز سماحته في المجال ذاته    ان "هناك مشروعا اميركيا اسرائيليا اسمه ممنوع ان تكون هناك جيوشا قوية في المنطقة من اجل اسرائيل بل يريدون ان يكون هناك جيوشا تلعب دور البوليس وانه اذا كان جيشا قويا فيجب ان يكون موصولا بأميركا"، ولفت الى انه "لم يعد في هذه المنطقة الا الجيش السوري ليس تدريبه وسلاحه من الاميركيين وكان هناك شغل لتدمير هذا الجيش"، واوضح ان "اميركا والغرب وادواتهم في العالم العربي قاموا باستغلال مطالب محقة للشعب السوري وادخلوا سورية في اتون حرب"، وتابع ان "المعارضة السورية حتى الوطنية ممنوعة في الحوار لان المطلوب تدمير سورية وشعبها وجيشها كما كان مطلوبا في العراق"، ودعا الى "حفظ سورية وشعبها وجيشها والحل فقط من خلال القبول بالحوار والمسارعة اليه"، وشدد على ان "الجيش السوري الذي تحمل ما لا يطاق لديه من القدرة والعزم والثبات ما يمكنه من الاستمرار رغم استشهاد القادة في التفجير الذي استهدف مركز الامن القومي في سورة ولدى هذا الجيش من هذه القيادات الوطنية الكثير الذي يمكن في ان يسقط آمال الاعداء"، وطالب "بالتفكير قليلا لمعرفة ماذا يجري في سورية ومن المستفيد مما يجري هناك".
ومن هنا فإن قرأتنا العراقية لخطاب السيد حسن نصر الله ، والت تضمنت فضح قرار ما كان يسمى الحاكم المدني للأحتلال الأمريكي للعراق ، بحل الجيش العراقي ، وإشارة إلى  محاولة اعتبار الجيش العراقي السابق  ، جيشا لصدام حسين ، تبريرا من اتباع الأحتلال المحليين لقرار برايمر ، وتكذيبا لها من خلال قول سماحته أن الجيش يأتمر بأوامر قيادته السياسية ، معلنا ان ذلك جاء لخدمة الكيان الصهيوني . ولكن الأهم فيما قاله سماحة السيد فيما يخص تأسيس الجيش العراقي الجديد ، الذي لن يكون سوى "بوليس" لأنه مصارينه ـ على حد قوله ـ بيد امريكا .
إذا فالأمر يخص جانبين عسكريين عراقيين وفق رؤيتنا وقرأتنا  :
اولهما المقاومة العراقية ، فإن على قيادات فصائلها أن تعلم ، ان هزيمة الأحتلال الأمريكي قد تحققت بمعومنة وإسناد سوري ، ولذلك يحول الأعلام المضلل ان يوقع البعض في مصائد الخديعة ، فلقد قلب هذا الأعلام والجهات التي تقف خلفه ، المعلومات على لسان السفير السوري في العراق الذي هرب إلى قطر ، من خلال الإيحاء بتورط النظام السوري في العمليات الإرهابية عن طريق تهريبهم عبر الحدود بين سورية والعراق ، هادفا لأمرين : أ ـ تبرئة النظام السعودي وانظمة الخليج من التورط في الأرهاب الذي استهدف الدم العرقي ، وإشعال الفتنة الطائفية .
ب ـ أيقاع الحكومة العراقية في مصيدة الخديعة ، وإعطائها المبرر للتحول من موقفها المحايد بين فصائل الصراع في سورية ، وتحويل موقفها الإيجابي حيال الأزمة في سورية من حلال دعوتها للحوار بين طرفيها ، واستدراجها إلى مواقف متشددة ضد النظام والألتحاق لصف اعدائه فيما بعد ... والعودة لمربع الأتهامات الموجهة ضد سورية قبيل جلاء القوات الأمريكية ، وهذا ما تجلى في تصريحات الناطق بأسم الحكومة العراقية علي الدباغ حول تصريحات السفير السوري الفار .
أن تحول بعض بنادق المقاومة العراقية ضد سورية تحت اية مدعيات ، خيانة عظمى ما بعدها من خيانة ، ونكران لفضل سورية ودورها في دعم المقاومة ومساندتها ، ومساهمة في تحقيق ما عجزت الولايات المتحدة من تحقيقه في العراق آبان احتلالها العسكري المباشر .
ثانيا ... الجيش والقوات المسلحة العراقية ، التي لم تصل ولن تصل لمستوى القوة مادامت "مصارينها" بيد الولايات التحدة ، وانه لم يخرج من "دور البوليس" على حد تسمية سماحته ، خصوصا وان التحدي الحالي داخل الحدود العراقية ، ومستدفا سيادة الدولة العراقية ووحدة اراضيها ، فالشوفينيون الأقطاعيون في اربيل ، لم يغامروا بمصير الشعب الكردي وحده ، بل يريدون ان يغامروا بصير العراق والمنطقة كلها ، فهم يعدون ويعبئون ويتسلحون ويخخطون ، ليس بمنأى عمن بيده "امعاء" الجيش العراقي فقط ، بل حتى بيد اعداء تأريخين واقليمين ، وإذا كان ما قاله السيد حسن نصر الله على تسليح وتدريب الجيش اللبناني صحيح ، فأنه بالقدر نفسه ينطبق مع الحالة العراقية .
ان على الحكومة العراقية أن تلجأ لتسليح الجيش العراقي من الدول الصديقة ، روسيا والصين ، وان تلجأ لتدريبه على يد الكفاءات العراقية من منتسبي الجيش العراقي السابق ، وبالتعاون مع الدول التي لم تشارك في العدوان على العراق ، وان تلجأ إلى التعبئة الحقيقية في مواجهة التحديات الداخلية ، لأن هذه التحديات تحتاج لأكثر من جيش يؤدي دور البوليس .  
و أخيرا ... فإن الثقة بالله ، وبأنتصار سورية ، وقدرة حركات التحرر والمقاومة العربية ، على رد الصاع صاعين ، قد توائم مع خطاب السيد حسن نصر الله ، انتقاما لأغتيال الأعمدة الثلاث ، فأنطلقت البندقية المقاومة تتعقب الصهيوني الأستطاني أينما كان ، ففي جعبة الطلائع العربية الكثير من المفاجأت غير السارة للعدو الصهيوني وحليفاتها امريكا والغرب الأستعماري ، وللرجعيية العربية على شاكلة مفاجأة حرب تموز 2006  وغدا لناضره لقريب .   
 
 


No comments:

Post a Comment