Saturday 21 July 2012

{الفكر القومي العربي} مصر بين حزبين


مصر بين حزبين

منذ تأسيس حزب الحرية والعدالة بعد ثورة يناير وخوضه إنتخابات مجلسي الشعب والشورى بدأت تنهال الكتابات في مقارنة هذا الحزب المولود من رحم جماعة الإخوان المسلمين بالحزب  الوطني المنحل وزادت حدة المقارنات بعد فوز محمد مرسي مرشح الحزب برئاسة الجمهورية فبات الكثيرون يصفون حزب الحرية والعدالة بالحزب الوطني الجديد، وهذا التشبيه قطعا لم  يأتي من فراغ فمفادة عدة أسباب أولها أننا كمصريين عشنا ثلاث عقود وأكثر تحت وطئة ما سمى بالحزب الوطني الديمقراطي وشاهدنا كيف تحكم هذا الحزب في كل مقاليد الأمور في  الدولة المصرية وكيف سيطر على الإعلام في كل مجالاته محاولا تضليل وعي الجماهير ، ثانيا وهى نتيجة للاولى ان عبارة حزب أغلبية اصبح يؤرق المصريين مما يجعلهم يخشون  مما هو آت من هذا الحزب . وفي الواقع أن تصرفات حزب الإخوان تنحى إعلاميا نفس منحى الحزب الوطني فيكفي أن يمر القارئ الكريم على جريدهم او قناتهم الخاصة ليعرف  أنهما لا يختلفان شيئا عن جريدة الاهرام والقناة الأولى في أواخر أيام مبارك عندما وصل التضليل الإعلامي إلى ذروته حيث لا يتم إلا عرض وجهة نظر الحزب ورأي الحزب دون  حتى الإشارة إلى ان الرئيس له معارضون وشرفاء فإما تعرض القناة او الجريدة للمعارضة ولكن بوصفها مأجورة أو تتجاهلها تماما وكأننا في دولة  وهم في دولة أخرى ، هذه جميعا  صفات مشتركة ذكرها الكثير من المحللين في توضيح التشابه بين الحزبين وهو تشابه في شكل أداء الحزبين ولكنهم تناسوا أو لم يتطرق أحد إلى خلاف كبير في مضمون وبنية الحزبين  وهو أن الحزب الوطني لم يكن حزبا بالمعنى السياسي السليم ولكنه كان شكلا فقط وكيان فقط يسمى حزب وهذا الكيان خارج من رحم سلطة وغير مبنيا على أساس أيدلوجي وفكري  كما باقي الأحزاب ومن ينضم إليه ينضم ليستظل بظل السلطة ظنا منه أنه لا ظل إلا ظلها وليس على أسس فكرية أو سياسية لذلك فهو استمد قوته من القبضة الأمنية التابعة للسلطة  وليس من أعضائه وكوادره فكان أشبه بطبقة أوليجاركية صعدت للحكم استنادا لقبضة أمنية وليس عن طريق أغلبية حقيقية ولذلك فوجود الحزب كان مرتبطا بالسلطة وعندما انهارت  السلطة تلاشى الحزب حتى قبل قرار حله رسميا  وهنا الفرق والخطورة فحزب الحرية والعدالة حزب سياسي خرج من رحم جماعة عتيقة سياسيا وخارج السلطة والإنتماء إليه انتماءا فكريا عقائديا لذلك فنحن امام حزب حقيقي بغض النظر عن الإتفاق والإختلاف معه لكنه حزبا مبنيا على أسس سليمة ولو خرجت السلطة منه سيظل كما هو حزب قائم بأعضائه فسابقا كنا نعيش حالة الحزب المرتبط بسلطة أما الآن فالسلطة هى المرتبطة بحزب وهذا هو الفرق الأقوى والأخطر بين الحزبين لأن من ينتمي سلطويا فقط لحزب فإنه يهرول هاربا  عند انهيار هذه السلطة فقد انتفت منفعته من الحزب ولكن من ينضم إيديولوجيا وعقائديا فإنه قد يضحي بنفسه في سبيل بقاء حزبه وكيانه السياسي .
 
شهدي عطية


No comments:

Post a Comment