Tuesday 3 July 2012

{الفكر القومي العربي} ....وأين القدس وفلسطين فيما قاله الرئيس مرسي؟!

....وأين القدس وفلسطين فيما قاله الرئيس مرسي؟!

بقلم: زياد ابوشاويش

كنا في وقت سابق من العام الماضي قد لفتنا إلى قرار الإخوان المسلمين بعدم المشاركة في حصار السفارة الإسرائيلية بالقاهرة احتجاجاً على قتل جيش الاحتلال الصهيوني ضباطاً وجنوداً مصريين في سيناء، وفي ذلك اليوم المشهود تجاوز بعض الشباب من الجماعة تعليماتها وشاركوا زملاءهم شرف التعبير عن وجدان مصر والشعب المصري بل والشعب العربي كله بحرق العلم الإسرائيلي واقتحام السفارة الأمر الذي شجبته الحركة واعتبرته يحرج مصر ويفتح عليها جبهات ليست مستعدة لها في تبرير غير مقبول من الجماعة كما من غيرها من أحزاب تدعي الثورية.

لا يوجد من يطالب مصر بفتح معارك خارجية في توقيتات غير مناسبة، ولا يوجد منا من يطلب من مصر أن تقدم قضاياه عن قضايا الشعب المصري، لكن هناك تعهدات وشعارات رفعت وبات لزاماً على أصحابها أن يذكروها ولو نظرياً على الأقل.

السيد الدكتور محمد مرسي الرئيس المنتخب لجمهورية مصر العربية والذي ساندناه في معركته للوصول لكرسي الرئاسة وفرحنا بنجاحه باعتباره مرشح الثورة (وهذا ما قاله الرجل عن نفسه) وأيضاً باعتبار نجاح منافسه هزيمة للثورة وعودة للوراء ألقى خطابين افتتاحيين لتعريف الناس بنفسه ولشرح سياسته في خطوطها العامة داخلياً وعربياً ودولياً، وهذا أمر سليم وضروري، وقد استمعنا للخطابين وأبدينا ملاحظاتنا على الأول، لكننا في الحقيقة شعرنا بالأسف لخطابه الثاني رغم ثوريته ونبرته العالية، ورغم القسم أمام الجماهير الحاشدة قبل أن يكرره غداً أمام اللجنة الدستورية العليا الذي يعني قبوله بالتعديلات الدستورية المكملة التي تنص على هذا، وكالعادة ستجد جماعة الإخوان ما تبرر به تراجعها وانحناءها أمام المجلس العسكري من أجل البقاء في موقع الرئاسة، وكما العادة مع القادة العرب فإننا نسمع كلاماً جميلاً ومهماً ثم لا نلبث أن نصاب بخيبة أمل لا نتمناها مع الرئيس المصري الجديد.

وقبل أن نبدي الملاحظة الأهم على الخطاب والتي تفقده مصداقيته لابد أن نشير إلى معرفتنا الجيدة بتاريخ الرجل ومآثره الحميدة ونضاله واعتقاله وكذلك نصرته لغزة وفلسطين والعمل في لجان دعم المقاومة وغيرها قبل أن يصبح رئيساً لجمهورية مصر العربية.

إن أكثر ما أوجعنا كفلسطينيين أنه لم يأت على ذكر القدس التي جعلها هو وغيره شعاراً لهم قبل أن تحصل الجماعة على كرسي الرئاسة وأتذكر بوضوح الاجتماعين اللذين شاركت فيهما منتصف العام الماضي مع قيادات منها ومن قوى وطنية مصرية من أجل نصرة القدس ومنع تهويدها وكيف كان الحديث عن رفض حتى مجرد التفكير في الصلح مع العدو الصهيوني أو القبول بأقل من فلسطين من النهر إلى البحر.

لقد تذكر السيد مرسي الفنانين وحرية الإبداع (وفيه الغناء والرقص والتمثيل والموسيقى وغيرها) وغاب عن خطابه ذكر فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في وطنه، وكلنا شاهدنا فرحة الفلسطينيين في غزة والضفة حين أعلنت نتيجة الانتخابات وفاز السيد مرسي وبالطبع كانت الفرحة بسبب قناعة الناس أن مرشح الإسلام السياسي والثورة لابد أن يكون أصدق من غيره ويفي بالوعود ويسعى لتحقيق الشعارات التي رفعها على مدار سنوات، وباختصار فقد مثل نجاح مرسي الأمل باسترداد الحقوق وبتحرير المقدسات، والأهم بإمكانية الزحف المقدس لتحرير القدس التي طالما شنف الإخوان المسلمون آذاننا بسماعها على مدار عقود، حيث كانوا يتذرعون أنهم خارج السلطة، واليوم هم كل السلطة في أكثر من بلد عربي والأهم مصر.

لقد تذكر السيد مرسي الشيخ عمر عبد الرحمن المعتقل في أمريكا وتعهد بالعمل على تحريره من الأسر، فهل الشيخ الذي نحترمه ونريده حراً أهم من القدس وحريته أغلى من حرية شعبها ومقدساتها؟. قد يرد أحدهم بالقول أن تجاهل فلسطين والقدس سياسة وتكتيك، بل قد تصل جرأة واحد من الإخوان للقول أن هذا ذكاء سياسي وحذر واجب للإمساك بالسلطة ومن ثم التحرك لنصرة فلسطين وفي هذا استخفاف بالعقل وبالمنطق، فحين يتحدث الرئيس الذي يمثل مصر العروبة، مصر عبد الناصر في ميدان التحرير ويلقي خطاباً ثورياً فإن ألف باء منطق الثورة يفرض عليه ذكر الشعار الأهم في شعارات معتقده الديني والسياسي، كما أنه قال أن مصر ستتحرر من التبعية ولن تسمح بأن يكبلها أحد كائناً من كان، فما الذي منعه من ذكر كلمة التضامن على الأقل مع شعبنا الأسير والمحاصر، ومع القدس التي تهود وتستباح يومياً؟

ليس مفهوماً أن يسترضي الشيخ مرسي كل فئات المجتمع بمن فيهم الفنانين الذين نحترمهم ولا يوجه كلمة حق وعدل تجاه شعب عربي مسلم ومظلوم.

كان على السيد مرسي وحزبه الانتباه لكل ما قيل وكتب عن تعهدات مكتوبة وشفاهة للأمريكيين قدمتها حركتهم على مدار الأشهر الماضية، والتي أكدتها لقاءات على مستوً عال بين قياداتهم ومسؤولين أمريكيين حول معاهدة كامب ديفيد، وضمان أمن الكيان الصهيوني، فلو افترضنا أن هذه تخرصات القصد منها الإساءة لحركة الإخوان والرئيس المنتخب فما الذي منع الرجل من ذكر المسألة الأهم والأكثر حساسية في وجدان الأمة العربية والمواطن المصري، قضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى الذي يقبع أسيراً أمام أعين الجميع؟.

في خطابه الأول تجاهل مرسي فلسطين والقدس، وفي خطابه الثاني فعل هذا أيضاً فهل نتوقع منه أن يعكس هذا التجاهل في سياسته العربية وتجاه الأشقاء حتى لا يغضب الأمريكيون كما يقال، وبلغة الجماعة هل يحق لنا أن نقول لهم ما قاله رب العباد في محكم آياته: كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون.

نتمنى أن يكون الأمر سهواً أو غلطة مطبعية وننتظر الأفعال لا الأقوال وتبقى مصر وشعبها العربي الأصيل السند الحقيقي والصادق لفلسطين وللقدس، وندعو للرئيس الجديد بالتوفيق والنجاح ولمصر العزيزة بالخير والتقدم والسلام.

Zead51@hotmail.com

 

 

 

No comments:

Post a Comment