Monday 20 March 2017

{الفكر القومي العربي} article

كيف تحول الذين لا قاعدة جماهيرية لهم إلى فرسان صناديق الإقتراعات؟
صباح علي الشاهر
 
 
هي قضية تستحق الدراسة، وهي تطبيق عملي لما نسجته مراكز الدراسات ، بعد أن جعلت الشعب العراقي ميداناً لدراساتها .
كانوا يعرفون حجم عملائهم، والمدى الحقيقي لإمتداداتهم داخل الوطن، وقد تصرفوا وفق هذه الحقيقة، وأعتقد أنهم – ونقول هذا متأسفين – نجحوا إلى حدود بعيدة في إستثمار الفوضى التي خلقوها.
كيف يمكن منح الشرعية لحلفائهم؟
ليس سوى صناديق الإقتراع.. بها وعبرها، ومن خلالها، يمكن أسكات الألسن الناقدة، ولكن كيف يمكن وصول مثل هؤلاء الذين بلا قاعدة إلى سدة الحكم عبر الإقتراع؟
ومن يضمن عدم وصول عناصر وطنية، معارضة للإحتلال عبر هذه الصناديق ، خصوصاً وأن بعض القوى صدقت فرية الديمقراطية المُسلفنه، وأسست تنظيماتها ، وبعضها إنسل في قوام ما سُمي في حينه "مجلس الحكم" وهو في الحقيقة "مجلس المحكومين".
كانت خطة الإحتلال لمواجهة مثل هذه الإحتمالات كاملة وجاهزة، طبقها بريمر عبر إجراءاته المتسلسلة خلال عام ، ولست أدري لماذا يستغرب البعض إحتساب سكرتير عام الحزب الشيوعي على نسبة الشيعة في مجلس الحكم؟ فالإحتلال نظر للعراق ، ومنذ مؤتمرات الخارج التي رعاها وأنفق عليها على إعتباره بلد مكونات، إنتماء أبنائه ليس للوطن وإنما للمكون، ولذا ليس مستغرباً، أن البلد لحد الآن وبعد إنقضاء كل هذه السنوات ، بلا علم موحد، ولا نشيد موحد، ولا شعار موحد، ولا قانون موّحد، ولا حتى جيش موحد، وشرطة موحدة .  
لا يمكن للناس أن تنتخب من هو بلا منجز حقيقي ، ولا معرفة لها به، حتى لو قدم لها من الوعود ما يفوق أحلامها، لكنها مستعدة لمنحه صوتها، والسير خلفه معصوبة العينين، لو وجدت فيه حاميا لها إزاء ما يتهددها، وهذا ما كرسه الإحتلال ، فالعراقي السني لا يخشى شيئأ أكثر من خشيته من العراقي الشيعي، والشيعي العراقي لايخشى شيئاً أكثر من خشيته من السني، والكردي العراقي لا عدو له في نهاية المطاف سوى العربي العراقي ، الذي يجد حريته في التخلص من الإرتباط به ، وقد تفنن العملاء في تكريس هذا الواقع، من خلال جرائم لا مثيل لها، جعلت أغلبية الناس تنشد السلامة والأمان ولو في إطار المحافظة، أو المدينة، وأحياناً الحي الذي سوروه وعزلوه عن الأحياء الأخرى في المدينة الواحدة، في ظل هكذا أجواء من الريبه والتناحر، تتعزز إلإصطفافات الطائفية والعنصرية والمناطقية، فإذا أضيف لهذا إشغال الناس بما لا ينفعهم في دنياهم بإدعاء إستفادتهم منه في آخرتهم، وربط مصائرهم وأساليب عيشهم اليومية بممثلي الطوائف والأثنيات، الذين إستأثروا بالدولة وما تملك، وجعلوها فيئاً لهم ، يتصرفون به وفق مشيئتهم ، ويمنحون الفتات لمن يريدون إسكاته ، وقد بات واضحاً أن لا أحد يمكن أن يتعين في أي وظيفة من دون أن يزكى من حزب أو كتلة، أو شخص محسوب على العملية السياسية ، ولعل هذا هو السبب الأساسي في تعطيل قرار تشكيل " مجلس الخدمة الوطنية " رغم إنه كان لدينا مثل هذا المجلس قبل أكثر من نصف قرن ، وحتى التعيين في سلك الشرطة والجيش يتم وفق التقاسم ، وهذا أيضاً يفسر لنا لماذا لم يسن "قانون الخدمة الإلزامية" لحد الآن .
ولما كان الهدف لفرسان الديمقراطية المسلفنة صناديق الإقتراع ، فقد تمت وعلى مراحل رشوة أعداد تتسع بإستمرار من الناس الذين تعودوا على أن يكون لهم مصدر رزق إضافي، من دون أن يكونوا قد قدموا عملاً مقابله، فأقرت رواتب السجناء والمعتقلين السياسيين، ومن لديهم " خدمة جهادية " وأغلبهم ليس كذلك، ومنحت رواتب ومكآفآت لعوائل الشهداء حتى الدرجة الرابعة ، في بلد كان البيت الواحد يضم الضحية والجلاد، وقد يكون الشهيد ضحية وشاية قريبه، علماً بأن من يستحق راتب الشهيد هم أسرته التي كان يعيلها، والده ووالدته إن لم يكن لهما راتب آخر، وأبنائه القصر ووزوجته الأرملة إلى أن تتزوج، وخصصت رواتب مجزية للأنصار، ومنح للأدباء ( علماً أن منحة الأديب- كما هو معروف- تمنح للأديب الذي ينوي إنجاز عمل إبداعي كي يتفرغ لإنجاز هذا العمل)، ولا يمنح إعتباطا أي منحة  لمجرد أنه أديب أو صحفي، وأضيف لهؤلاء من قادته قدماه لرفحاء، حتى ليوم واحد، ويقال أن الرواتب ستشمل البدون، إضافة للمهجرين، وأعضاء مجلس الحكم وبدلائهم، وأعضاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي، وأعضاء البرلمان السابقين، والوزراء السابقين ووكلائهم والمدراء العامون، و خارج إشتراطات الخدمة التقاعدية المعروفة، وعلى أعتاب كل انتخابات تزداد جرعات البر والتقوى لدى المرشحين فيتم توزيع قطع الأراضي، والبطانيات والصوبات، وتفتتح المضافات على سعة لإطعام الجائع والمحروم، من دون نسيان شكر المحسن الكبير الذي لا يروم من عمله هذا سوى تقوى الله، وزيادة رصيده في صندوق الإنتخاب !.  
لم (ترشي ) حكومة في التأريخ شعبها كما فعلت حكومات الاحتلال ، لكنها ترشيه بالمليمات لتنهب المليارات، مع أن واجبها كحكومات دولة ريعية أن تضمن الحياة الكريمة للعوائل الفقيرة، والأرامل والأيتام، وكبار السن ، والمقعدين ، ومن هم بلا عمل، وأن تضمن التعليم المجاني ، والعلاج المجاني ، وتقديم تسهيلات لمن ليس لديه سكن، وتوفير الخدمات الضرورية لعامة المواطنين ، وتستغل عائدات النفط الهائلة لوضع البلاد على طريق النمو والإزدهار والتقدم .
 

No comments:

Post a Comment