Sunday 1 July 2012

{الفكر القومي العربي} أهينت لما هانت – فهمي هويدي

صحيفة الشرق القطريه الاثنين 12 شعبان 1433 - 2 يوليو 2012

أهينت لما هانت – فهمي هويدي

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2012/07/blog-post_02.html

 

قبل أن نلوم قائد شرطة دبي على ما صدر عنه، ينبغي أن نتوجه باللوم إلى الذين أهانوا مصر وصغَّروها حتى اجترأ عليها من لا يعرفون قيمتها وقدرها،

 

أدري أن لنا عليه حق العتاب، لكننا مطالبون بأمرين

أولهما أن نعطي الكلام حجمه بغير مبالغة،

وثانيهما أن نفكر جيدا في تفسير التداعيات التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.

 

ما صدر عن الرجل اللواء ضاحي خلفان، كان رأيا أبداه عبر حسابه الشخصي على تويتر، وبدا فيه أنه لم يكن سعيدا بفوز الدكتور محمد مرسي الذي اعتبره تراجعا لمصر، حيث لم يعجبه أن ينتخب عضوا في الإخوان المسلمين لرئاسة مصر،

وذهب إلى أن الثورة المصرية تمت بمساندة إيرانية،

وأن فوز الدكتور مرسي مقدمة لدخول المنطقة العربية في سايكس ـ بيكو جديدة، وهي الاتفاقية التي جرى فيها تقسيم العالم العربي وشرذمته بعد الحرب العالمية الأولى.

 

لكن أسوأ ما قاله إن الرئيس المصري لن يفرش له السجاد الأحمر إذا جاء إلى الإمارات وأنه سيأتي إلى الخليج حبوا.

 

هاجم الفريق خلفان حركة الإخوان المسلمين، وكلامه بحقهم ليس جديدا، لأنه سبق أن ردده حين انتقد الدكتور يوسف القرضاوي سحب السلطات الإماراتية للجنسية التي أعطيت لبعض العناصر الإخوانية في ظروف سابقة، ومطالبتهم بمغادرة البلاد،

وقد أيدت حركة الإخوان موقف الدكتور القرضاوي، الأمر الذي دعا الفريق خلفان لأن يفتح النار عليها ويكيل إليها العديد من الاتهامات.

 

معركته مع الإخوان شأن خاص بالجماعة، وانتقاده لفوز الدكتور مرسي ودفاعه في منافسة الفريق أحمد شفيق هو حر فيه، رغم أن كلامه يمكن أن يعد تدخلا غير مرحب به في الشأن الداخلي المصري.

 

لكنني أفهمه وأمرره لأن رئاسة مصر تعد رئاسة لكل العرب. ومن ثم فلكل عربي فيها نصيب وحق، ناهيك عن أن الذي قيل بحق الرئيس المنتخب في داخل مصر أضعاف ما قاله قائد شرطة دبي.

 

لكن الذي بدا جارحا ومحزنا كان قوله إن الرئيس المصري سيأتي إلى الخليج زاحفا ليطلب العون المادي، وهو الشق الذي استفز الرأي العام المصري وأغضبه،

وربما كان ذلك هو السبب في إعلان الرئيس مرسي مرتين يوم السبت الماضي أن مصر لا تتدخل في شؤون أحد، وأنها ترفض مساس أي أحد بكرامتها أو كرامة رئيسها.

 

إذا حاولنا أن نضع الكلام في إطاره، فسنجد أن الرجل عبَّر عن انفعالاته الشخصية في موقعه على شبكة التواصل الاجتماعي،

وأنه قال كلامه اعتمادا على ما توافر لديه من معلومات، بحكم العلاقة التي تربطه بالفريق شفيق والأجهزة الأمنية المصرية، ثم إن له اشتباكا سابقا مع الإخوان الذين خرج الدكتور مرسي من عباءتهم، علما بأن الرجل كان قد اتهم في السابق بمحاباتهم.

 

إضافة إلى ذلك يتعين الانتباه إلى أنه ليس مسؤولا سياسيا في الإمارات، وقد قيل لي إن كلامه أحرج قيادة الدولة هناك.

وأن المبعوث الإماراتي الذي أمضى يوما في القاهرة هذا الأسبوع، تم إيفاده لتصحيح الصورة وتبديد الانطباعات السلبية التي خلفها كلام الفريق خلفان.

 

ليس سرا أن القيادة في دولة الإمارات كانت تربطها علاقات خاصة مع الرئيس السابق ونظامه.

لذلك فإنها لم تكن سعيدة بالثورة، وربما فسَّر ذلك نزوح بعض عناصر النظام السابق إلى دبي بعد الثورة، واستضافة الدولة أخيرا لاثنين من رجال مبارك البارزين مع أفراد أسرتيهما.

 

لكن ذلك لا ينبغي أن يثير أي حساسية أو استياء في مصر، إلا بالقدر الذي تؤثر فيه تلك الخلفية على الجالية المصرية المقيمة في دولة الإمارات، وهو تأثير لا يزال طفيفا حتى الآن.

 

في ضوء هذا. فلست أجد في مجمل الملابسات التي ذكرتها ما يمكن أن يشكل سببا كافيا لتعكير العلاقة بين البلدين، وما دامت تلك العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل لاختيار الشعب، فإن ذلك الاحترام يوفر مناخا مواتيا لاحتمال الهنَّات والأخطاء الصغيرة، التي يدخل ضمنها كلام الفريق ضاحي خلفان.

 

ذلك أن الحفاظ على العلاقة الإيجابية بين الأشقاء العرب من موجبات الرؤية الاستراتيجية الصائبة، وحين يكون طرفا العلاقة هما: دولة كبرى مثل مصر، وشقيقة صغرى مثل الإمارات فإن الحرص على إيجابية تلك العلاقة يصبح أوجب.

 

أكثر ما يهمني في المشهد هو ما أصاب مصر من هوان قلَّل من شأنها، وشجع البعض على التطاول عليها. لذلك فإنني أزعم أن المشكلة الحقيقية ليست فيمن تطاول ولكنها فيمن هان أمره وتصاغر.

 

الأمر الذي يجعل من استعادة مصر لقيمتها وقامتها أولوية عاجلة. وهذه الاستعادة لا تتم من خلال الخطب الرنانة والنفخة الكاذبة.

ولكنها تتحقق بتعافي البلد سياسيا واقتصاديا وبإصراره على الاعتماد على طاقات شعبه وإبداعه الذي يغنيه عن سؤال الآخرين، مع انتهاج سياسة مستقلة تليق بوزن ذلك البلد وكبريائه وعطائه التاريخي والحضاري.

 

ذلك أن احترام البلد لنفسه وحده الذي يفرض على الآخرين أن يبادلوه الاحترام.

............................

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.

No comments:

Post a Comment