Friday 6 July 2012

{الفكر القومي العربي} عندما تضيع البوصلة


http://www.al-madina.com/node/387129
لو لم يكن لعبد الناصر من حسنات سوى امتلاك البوصلة، لكان ذلك كافيا لكي يدخل الرجل التاريخ من أعظم أبوابه.
أنس زاهد
السبت 30/06/2012
الهزيمة الحقيقية هي أن تفقد أمة ما بوصلتها. الهزائم العسكرية مهما كان حجمها تظل محدودة الأثر، أما غياب البوصلة فيعني غياب الرؤيا. إنها حالة عمى كلي أو شبه كلي يصاب بها وعي الأمة، فتختلط الأولويات بالثانويات والجزئيات، وتسقط الثوابت الوطنية والقومية أو تكاد إلى الدرجة التي يمكن أن يصل فيها الشعور العام والوعي الجمعي إلى مرحلة الحياد مع الخصم الرئيس والعدو الأزلي.
مع غياب البوصلة تكثر الخلافات بين أبناء الأمة، وتصبح الفتن هي المسيطرة على المشهد العام، وتغدو الهويات الصغرى بديلا جاهزا للهوية الكبرى إلى الدرجة التي يتقبل فيها كل طرف أية مساعدة خارجية لنصرته في صراعه مع أبناء جلدته، حتى ولو كان مصدر هذه المساعدات الكيان الصهيوني نفسه.
بعد الخامس من يونيو ( حزيران ) ١٩٦٧، كان على الأمة أن تواجه واقعاً كارثياً يتمثل في الهزيمة المذلة التي تلقيناها في كل من مصر وفلسطين وسوريا والأردن، خلال ست أيام فقط. لكن الأمة واجهت التحدي بشجاعة وصبر ووعي، لأن الهزيمة لم تنجح في تغييب البوصلة. كانت الاتجاهات في ذلك الوقت معروفة، وكانت الغايات محددة، وكان الطريق واضح المعالم رغم وعورة مسالكه.
لكن انظر الآن إلى ما نحن كعرب ومسلمين فيه. كل شيء يبدو غامضا، وكل ما حولنا يدفعنا إلى مزيد من الضياع. لقد غابت البوصلة، فاختفت الاتجاهات، وابتلعت رمال الصحراء المتحركة معالم الطريق، فوصلنا إلى سنوات التيه التي لا ندري إن كنا سنخرج من سجنها قريبا أم لا؟
ليس هناك ما هو أسوأ من المرحلة التي وصلنا إليها كعرب وكمسلمين. إنها أكبر هزيمة يمكن أن تتلقاها: أن يقودك عدوك إلى أن تدمر نفسك بنفسك، دون أن يتكلف هو عناء المواجهة المباشرة معك، ودون أن يفقد قطرة دم واحدة في سبيل تدميرك من الداخل.
الأوطان لا يمكن أن تضيع إلا إذا ضاعت البوصلة وتلاشت معها الرؤيا.



No comments:

Post a Comment