الرتل الخامس و حروب الاستعاضة
بقلم : حسين الربيعي
في مصر ، الصورة أكثر تجلياً ، فإن ما يحدث في العباسية ، قد تحققت أهدافه في صورة اخرى، آبان احتلال العراق وتحدث لتحقيق نفس اهدافه في اقطار عربية اخرى ، كسورية والجزائر والسودان ... انها بإختصار حروب صهيونية بالاستعاضة ضد المؤسسة العسكرية العربية ، يديرها الطابور الخامس بعناوينه المتعددة ، وتحضرني هنا مقولة وزيرة الخارجية الامريكية السابقة ـ كوندليزا رايس ـ ( مع الكثير من التحفظ عليه) قالت : "عملنا على مدى نصف قرن على كسب عمالة الحكام ، واليوم يجب العمل على كسب عمالة الشعوب ، فأمريكا اليوم لاتريد حاكم عميل لها ، وانما تريد شعب عميل لها" ، وأذ اسردنا المقولة للتدليل ، فإن من تقصد به الكسب ، لن يكونوا من طبقات الشعب وفئاته الذين يملكون العقل والحكمة ، بل هم المغرر بهم والمساقون بجهالة ... والأقدر على استخدامهم ضمن عملية التجهيل هي قوى اليمين الديني المتطرف.
ان هذا يعود بنا لأوائل ثورة يوليو 952 ، والى الصراع بينها وبين الاخوان المسلمين ، لم يكن وفق مصلحة شخصية من قبل عبدالناصر كما ظن البعض ، لقد كان الصراع بين الأمة العربية وجناحها الثوري وبين اداة الأعداء في الداخل ، الرتل الخامس ، وهذا الصراع ... او الحزب ، وان خفت في اعوام الستينات في الداخل بسبب المد القومي الثوري ، ثم عادت مع عهود الردة والاستسلام ، وظلت تظهر بين الحين والاخر وفقاً لمطالب الاجندة الامريكية ـ الصهيونية ، حول العلاقة بين الطابور الخامس اليمني الديني المتطرف ، جاء في احدى المقالات الصحفية لتوم ديسباتش في عام 2005 " في الخمسينات، عملت الاستخبارات البريطانية والاستخبارات المركزية الأمريكية مع الاخوان المسلمين ضد جمال عبد الناصر، مؤسس القومية العربية الحديثة. سعيد رمضان، ابن اخت حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين، الذي أنشأ مركز التحكم الكوكبي في جنيف، بسويسرا، كان عميلا للاستخبارات المركزية الأمريكية. مرتان في 1954 وعام 1965، حاول الاخوان المسلمون اغتيال عبد الناصر. من هذه الفترة وحتى اليوم، يتلقى الاخوان المسلمون دعما ماليا من مؤسسة اليمين المتطرف في السعودية".
ولعل كثافة الدخان الذي يحجب الحقيقة ، لا يجعلنا نخضع لإرادته المفبركة ، بل البحث عن الحقائق ، في ادارة الرئيس المجرم بوش ، قال جريجور كوس في مقال "كيف تستطيع الديمقراطية ان تمنع الأرهاب؟ " لا يجرؤ أي مسئول في ادارة بوش (ولا حتى العديد من المحافظين الجدد)، بسبب تاريخ مصر كحليف لامريكا، على القول بأنهم يريدون "تغييرا في النظام" بالقاهرة، ولكن هذا بالدقة ما يريدونه، والعديد منهم قد يكون مستعدا للمخاطرة بخلق نظام على طراز الاخوان المسلمين حتى يحصلون على تغيير. ومن هنا نفهم وحدة السياسة ، ولعل من المهم الفهم إن " سيد قطب، قد وضع الفتاوى الدينية التي يستند عليها تنظيم القاعدة التابع لابن لادن. حتى اليوم، الاخوان المسلمون والقاعدة هم رفقة طريق على الأقل." وفق ما جاء في مقال لروبرت درايفوس .
لقد كان يمكن لنا ان يكون أكثراً اعتدالاً في تفسيرنا لظاهرة "الربيع العربي" إلا تشابه صورها في اقطار الوطن العربي ، تجعلنا مدركين ان الهدف ضرب الأمن القومي العربي والغاء مؤسساته الضامنة ، كالمؤسسة العسكرية ، واستخدام طريق الحرب بالنيابة خصوصاُ في ظروف مصر وسورية ، وذلك لعدة أسباب :
1 ـ الاجهاد والتعب والإحباط المسيطر على المؤسسة العسكرية الامريكية جراء هزيمتها في العراق .
2 ـ عدم وجود ما تسيل له الألسن في قيادة ودول وحكومات حلف الناتو ، وأقصد به النفط ، ذلك الذي سال لعاب أمريكا في العراق ، ولعابها وحلفائها في الناتو في ليبيا ، وقد يسيل في بلدان اخرى.
وعندئذ نفهم ان التطوع "البرئ" لخدمة اعداء الأمة من قبل بعض الذين لا يفكون طلاسم السياسيات المعادية ، وتورط بعض القيادات في معارك هذه الحرب ، خطيئة كبرى ، وإن كانت على اساس استعادة الحكم من العسكر ، علماً ان الغاية تغيير موازين القوة السياسية لمصلحة الأخوان والسلفيين.
دعوة من القلب لأهلنا في مصر ، ان يحافظوا على بلادهم ومؤسساتهم وان يتحلوا بالصبر والايمان ، فذلك سبيل النصر والكرامة والوحدة.
No comments:
Post a Comment