إصلاحات حكومتنا الرشيدة !
صباح علي الشاهر
نسمع جعجعة ولكن لا نرى طحيناً، ونضيف للمثل السائر " ولن نرى أبداً " ، أليس هذا هو واقع الحال، أم إننا نتجنى على حكومتنا الرشيدة ، والسيد رئيس وزرائنا الإصلاحي، الثوري، اليساري، الشعبوي، الأحمر للكشر، نصير المظلومين والمستضعفين والفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم، والمهمشين، والمستبعدين عن القرار، وأنصار المقرطة والفدرله، وتوزيع خيرات البلد على أبناء البلد، دونما تحيز أو محاباة ، والذين أعطوا القدوة الحسنة في التواضع والنزاهة والزهد والتعفف عن المال الحرام، والإقتداء بنهج وسيرة إمامنا العادل الزاهد ، فلا بالغوا برفع "بنيان"، ولا شيدوا، ولا إمتلكوا، ولا تجاوزوا ، ولا إستغلوا ، ولا إنتفعوا، ولا ظلموا بل كانوا أسوة بمظلوم كربلاء ، مظلومين على طول الخط، راضين بأقل من القليل، مؤمنين قولاً وفعلاً بقول الوصي الأمين " القناعة كنز لا يفنى" ، ورحم الله من رفع صوته بالصلاة على محمد وآل محمد !.
في ظهيرة ظهراء، على وزن ( ليلة ظلماء) تم طبخ حكومة الأقوياء والمقبولية، ثم أضيف لها على نحو عاجل الإصلاح، الذي طال إنتظاره ، مثلما التحرير الذي كان يؤجل يوماً بعد يوم ، وشهراً بعد شهر ، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً!
ومن حيث لا يدري أحد، لا الأنصار ولا المعارضين، رفع شعار محاربة الفساد والمفسدين، وزمجر الحاكم متوعداً بالويل والثبور وعظائم الأمور، لكل فاسد ومفسد، وناهب وسارق، ومرتش ومخرب، وأنقضى الشهر إثر الشهر، وتكدست الشهور، فلا فاسد عُرف ولا مُفسد حُوسب، ولا مال إستُرجع، ولا أقيم الحد على أحد، وبدأنا نسمع الهذيان بعد الهذيان، فمن خمسين ألف فضائي، إلى عشرة مليارات دولار مسروقة من البنك المركزي العراقي، ويتوالى تشكيل اللجان التحقيقية، واحدة بإثر أخرى، وكلما جاءتنا مصيبة أنستنا سابقتها، بحيث لم يعد بمقدورنا عد مصائبنا.
الكل يتحدث عن الإصلاح، ولكن لا أحد بحث عن مفتاح الإصلاح، إصلاحنا لفظي. وزراء ونواب، رؤساء كتل وأحزاب، معممون وحاسرون، علمانيون ومتدينون، أناث وذكور، لا هم لهم سوى محاربة الفساد، الذي سلطته علينا قوى غير مرئية، وعن العيون الراصده مخفيه!.
والساعون إلى الإصلاح، يسعون إلى الإصلاح الحقيقي، لكنهم حريصون على نقاء وطهر العملية السياسية التي نقلتنا من أسفل القاع إلى صدارة الأمم، كيف يحققون الإصلاح ويحاربون الفساد، من دون المساس بالدستور، والتوازن، والفدرلة، والخصخصة، والدولرة، والإنتقال من دولة المكونات إلى دولة المواطنة ، وجولات التراخيص، والهيص بيص، وماذا سيكون موقفهم من رغبات المحرر التي هي أوامر واجبة التنفيذ؟ .
ثم تعالوا لنتفاهم، كيف يبني الديمقراطية من لا يفقه أبجدياتها، وكيف يحارب الفساد من هو لب الفساد وأسه، وكيف يتبنى المواطنة من يعتاش على الطائفية والعنصرية، ومن لا حياة له إلا بالفرقة والتناحر، وتأجيج نار الأحقاد والكراهية؟ ومن ير في السلطة والمركز جاهاً ومغنماً ، وفي الوطن بقرة حلوب تدر حليباً ولبناً ؟
حبانا الله بعباقرة لم تلد مثلهم ولادة، أنشأوا لنا نظاماً ليس كمثله نظام في الدنيا كلها، وديمقراطية فريدة لا شبيه لها، وفيدرالية، لو شرقت وغرّبت لما وجدت نظيراً لها في الخلق والخلقة، ألا يكفينا فخراً أن رؤساءنا ووزراءنا ونوابنا، يتقاضون أعلى الرواتب في المعمورة، وتحرسهم جيوش تكفي لحماية دول، ومتقاعدنا الذي أفنى عمرة في خدمة الدولة لا يتقاضى إلا ما يسد بالكاد أوده، وهو كما بقية أبناء الشعب، عرضة لكي يتناثر لحمه في الأسواق والشوارع والفواتح ، والأماكن العامة، مسؤولينا مصانون محميون، وبقية المواطنيين مجرد أهداف يتسلى بها الإرهابيون .
عباقرة السلطة عندنا يذكروني بذاك الفطحل الذي توهم أهله أن لا أحد مثلة فطنة وذكاءاً ، والذي دخل المدرسة الإبتدائية متأخراً ، وبعد أشهر عديدة سأله أبوه متباهياً أمام الضيوف : ما درسك اليوم ياولدي ؟، قلب الولد الفطحل نصف كتاب القراءة ، ثم وضع إصبعة على جملة ( إيزار أمي أزرق ) وقال هذا هو درسنا اليوم ، قال له والده: إقرا الدرس لعمامك ، فطفت النابغة يقرأ وهو يحرك إصبعة فوق الكلمات: ( وزرة أمي زرقة )!
فطاحلنا يا سادة يا كرام فطاحل من نمط فطحلنا هذا ، وأكاد أجزم أن ( وزرة أمهم زرقة) أيضاً ، ورحم الله عزيز علي : ( عشنا وشفنا وراح نشوف!)
No comments:
Post a Comment