Wednesday, 4 November 2015

{الفكر القومي العربي} article

عندما تكون قم أقرب من الكوفة للنجف !
صباح علي الشاهر
 
 
على نحو مفاجيء برز إسم عماد ضياء الخرسان بعد مايقارب العشر  سنوات على إنزوائه بعيداً عن الأضواء، حيث فضل البقاء في الدولة التي يحمل جنسيتها، بعد أن تخلى أو أستبعد من منصبة كمستشار للجعفري، وأميناً عاماً لديوان رئاسة الوزراء في حكومة الجعفري 2005 .
وعماد الخرسان لم يكن شخصية طارئة، فقد كان يحضى بثقة الأمريكان، وكان مقرباً جداً من أول حاكم أمريكي "غارنر" ومن سيد العراق المحتل : بريمر" ، وقد كلف من قبل المحتل بتولي مسؤولية " هيئة إعادة إعمار العراق" التي لم نشهد لها أي أثر في إعادة الإعمار المزعومة هذه، ومن المؤكد أن الذنب لم يكن ذنب الخرسان، الذي يشهد له عارفوه، بأنه إدراي ورجل مشاريع ناجح، وإنما ذنب الأمريكان الذين أرادوا للعراق في السر شيئاً وفي العلن شيئاً آخر.
وعماد الخرسان من عائلة معروفة، دينياً وعلمياً، عمته الطبيبة المشهورة " فاطمة الخرسان" التي أعدمها صدام بتهمة المشاركة في مؤامرة إنقلابية، والتي سميت في حينه مؤامرة فاطمة الخرسان، يشكك البعض في جذور عائلة عماد الخرسان، ويدعي بعضهم أنه كردي فيلي،  إلا أن الثابت أن عائلته علوية عربية، وهي معروفة على نطاق واسع في وسط وجنوب العراق، وكانوا وما زالوا على علاقة وثيقة بحوزة النجف، ولعل هذا ما دفع بريمر ومن قبله غارنر إلى إعتماد عماد الخرسان كحلقة إتصال بمرجعية النجف،  وبالأخص بآية الله السيد السيستاني، بالإضافة إلى ثقة الأمريكان بشخص الخرسان، فهو يعد رجلهم المفضل والأقرب إليهم قلباً وقالباً. وقيل أن لعماد ميولاً يسارية، رغم إنحداره من عائلة دينية محافظة، بل قيل أن له صلة بالحزب الشيوعي العراقي، ويتساءل البعض فيما لو كان له دور في إصطفاف الحزب مع المحتلين، علماً بأن الحزب كان يتحفظ على الهجوم على العراق ، وكذا حزب الدعوة، الذي ظل حتى الأيام الأخيرة معارضاً لإي هجوم على العراق، إلا أن الوضع إختلف بين ليلة وضحاها بالنسبة لحزب الدعوة، وبالتدريج بالنسبة للحزب الشيوعي، دور الخرسان في هذا يحتاج إلى المزيد من البحث والتثبت، ولعل القول الفصل لدى قيادات الحزب الشيوعي وحزب الدعوة .
يُقال أن العبادي هو من إختار عماد الخرسان لهذا المنصب الخطر لأنه يعرفه ويثق به، ويجد فيه القدرة على مواجهة خصومه، خصوصاً وأنه لا ينتمي لأي حزب أو تيار، ولكن عماد ينتمي لأمريكا، فهل إختار العبادي الإصطفاف مع أمريكا، لمواجهة خصومه ومنافسيه، أم أنه أجبر على هذا الإختيار ؟
إذا كان العبادي قد أجبر فإن تأهيل الخرسان ليصبح رئيس وزراء العراق بعد العبادي الذي سيكون آخر رئيس وزراء من حزب الدعوة سيكون ليس أمراً متوقعاً بل حاصلاً .
فرص وصول عماد الخرسان إلى رئاسة الوزراء ممكنه حسابياً، فهو سيحضي بالتأكيد بتأييد الكرد، لأنه ينشد تكريس الفيدرالية في العراق، وسيحضي بتأييد القوى السنية لأنه ليبرالي، يقدم نفسه نقيضاً للطائفية، وتحصيل حاصل سيحضى بتأييد جماعة علاوي ، وربما الأنسباء من تيار الأحرار، وليس كل الأحرار، وكذا تأييد المدنيين، ولكن من المؤكد أنه سوف لن يحضى بتأييد الحشد، وحزب الدعوة ودولة القانون، وربما سوف لن يحضى بتأييد المواطن، إذا جاءت الأوامر من قم، ومن المؤكد أن الأكراد بفعل الضغط الإيراني سوف لن يكون لهم "موقف موحد"، خصوصاً وأنهم الآن على حافة الإحتراب الداخلي ، لأن اللعب حينها سيكون على المكشوف، ولا نظن أن تأييد أمريكا ودول الخليج كاف لتنصيب رئيس وزراء العراق، وإلا لأفلحوا في تنصيب علاوي الذي جاءت قائمته بالمرتبة الأولى ، إن أي تغيير في العراق لم يعد شأناً عراقياً بحتاً ، ولا حتى عن طريق الانتخابات ، وبعد الاتفاق النووي فإن أمريكا غير قادرة ، وغير مستعدة لقلب الطاولة على الجميع ، وعلى نفسها بالدرجة الأولى .
ويذهب البعض بعيداً عندما يكبّر الخلافات بين حوزة النجف وحوزة قم ، فالخلافات هي من حيث الجوهر فقهية ، ستظل إلى زمن بعيد تجري هذا المجرى من الجدل الذي عمره يناهز الألف عام، وحوزة قم كما حوزة النجف يعرفان أنهما مستهدفان ليس من داعش فقط، وإنما من أمريكا والسعودية، وقوى تظهر حيناً وتختفي حيناً آخر، لذا فحوزة النجف مثلما حوزة قم لن يفرطا مطلقا بالمصير الواحد، مقابل منافع آنيه وراءها ما وراءها، لذا فالتعويل على صراع بين الحوزتيين هواء في شبك، وعندما يجد الجد ستجد قم أقرب من الكوفة للنجف .
ربما يكون تعيين عماد الخرسان، الذي سيكون عمره قصيراً، جاء رداً على ماسمي بالحلف الرباعي ، لكنه سيكون ضربة زاوية مصيرها خارج الشبكة .
 

No comments:

Post a Comment