Friday, 25 December 2015

{الفكر القومي العربي} قصيدة نزار قباني " السادات "


*************************
كان اسمه
كما يقال أنور السادات
كان اسمه المأساة
والعلم عند الله والرواة
و كان يمشي
خلف عبد الناصر العظيم
مثل الشاة
منحنيا.. منكسرا نصفين
وشاحبا.. وصامتا.. وزائغ العينين
وكان أقصى حلمه
في أول الثورة أن يهتم بالحقائب
وأن يقول للرئيس آخر النكات
كنا نراه دائما
يجلس في سيدنا الحسين
يستغفر الله
ويتلو سورة الرحمن
كنا نظنه أنه يرتل القرآن
لكنه فاجأنا... وأخرج التوراة
كنا نظن أنه
سيدخل القدس على حصانه
و يستعيد المسجد الأقصى من الأسر
ويدعو الناس للصلاة
لكنه فاجأنا
وسلم الأرض من النيل إلى الفرات
هل أصبحت راشيل في تاريخنا خديجة؟
و صار موسى... أنور السادات
و ياللعجب
كان اسمه
من قبل أن يرتد عن شريعة الاسلام
محمدا.. وصار أبراهام
كان اسمه سيدنا الشيخ
وكان دائم الصلاة والصيام
وكان في جبينه علامة
من كثرة الركوع والقيام
وكان كالأطفال يبكى
إن تذكر الرسول
أو جاء ذكر الله.. ذي الجلال والإكرام
كان تقيا.. ورعا
يخاف أن يدوس النمل
أو يروع الحمام
و كان أهل مصر يقصدونه
ليطرد الشيطان عن أولادهم
و يحمل الفول إلى صحونهم
و يحمل الطعمية
لكنه فاجأنا
يلبس في نيويورك جبة الحاخام
ويقرأ القرآن بالعبرية
و يرفع الآذان بالعبرية
و يهدم الملك الذي أسسه هشام
و يغرس الخنجر في صدر بني أمية
فكيف يا سيدنا الإمام؟
من أجل عبرانية عشقتها
ذبحت أولادك في الظلام
وأمهم بهية
وياللعجب
كان اسمه عنترة
في سالف الزمان
ويدعي بانه من تغلب
كان من قحطان
وأنه تعلم الدين على الشيخ أبي حنيفة
والشعر عن حسان
كان يقول أنه يؤمن بالحرية
والحب والإنسان
وإنه يعشق بنتا حلوة مثل القمر
يدعونها بهية
لكنه فاجأنا
من بعدما أعطاه عبد الناصر الأمان
فافترس الحرية
وافترس الإنسان
وطلق البنت التي يدعونها بهية
وحارب الأنصار والصحابة
وأرجع الأوثان
وارتد عن عبادة الله
إلى عبادة الشيطان
فكيف يا عنترة؟
أصبحت في جراحة صغيرة
حاييم.. أو ناتان
و كيف في جراحة صغيرة؟
أصبحت مخصيا من الخصيان
وياللعجب
كان اسمه
في المتحف المصري أخناتون
سحنته سحنة أخناتون
جبهته جبهة اخناتون
لهجته لهجة أخناتون
وكان في أعماقه
أشياء من خوفو و فرعون
لكن عبد الناصر العظيم
ألبسه عباءة المأمون
فباعها
وأحرق العقال والكوفية
وأطلق النار من الخلف على ابن العاص
وأحرق الحنطة.. والغلال
والبيادر الخصيبة
وأحرق العروبة
فكيف زوجوك يا بهية؟
من ذلك المجنون
وكيف خدروك يا بهية؟
بالخمر
والحشيش
والأفيون
وكيف أرغموك يا بهية؟
أن تحملي الخمر إلى مليكهم داوود
وكيف علموك يا بهية؟
أن تقرأي التلمود
وتصبحي راقصة في حارة اليهود
و ياللعجب
كان اسمه الفني
في مسارح المدينة
زوربا
وكان يعشق الظهور
وكان من أحلامه أن يصبح المطرب والعازف
والممثل المشهور
و كان يسمى نفسه
العزيز
والعظيم
والقوي
والعلي
والقدير
والمعصوم
والغفور
وصانع العبور
كان اشتراكيا
يعيش عيشة الأباطرة
ويعشق السلطان
وعنده مزرعة كبيرة.. كبيرة
تعرف باسم القاهرة
وعنده.. كل سرايات بني عثمان
كان (ترافولتا) عصره
في روعة الرقص
وفي أناقة الخطوات
وكان شعبيا بأمريكا
وكان كوكب الشاشات
فكيف يا محمد.. يا أنور السادات
من أجل عبرانية عشقتها
تغدر بالأحياء والأموات
وتدعي أن النبي مات
وكيف.. يا.. أنور المأساة
تصبح إسرائيل في طنطا
وفي بنها
وفي إيلات
وياللعجب
يا مصر
يا قصيدة المياه، والجسور
والمآذن الوردية
يا زهرة اللوتس
يا كتابة زرقاء فاطمية
أيتها الصابرة، الصامتة
الطيبة، النقية
أيتها القاهرة' المقهورة
الضعيفة، القوية
يا من يداها ذهب
وصوتها حرير
ماذا جرى؟
من بعد عبد الناصر الكبير
من مسح الحنة عن يديك يا بهية؟
من سرق النجوم من ليل العيون السود؟
ماذا جرى لجيمك الملحنة؟
والعسل المسكوب
من لهجتك المصرية
ماذا جرى؟
للكعك.. والأطفال.. والموالد الشعبية
والحزن في الشوارع الخلفية
يا مصر
يا حبيبة ابن العاص
وعشقه الأول والأخير
لن يستطيع الرجل الصغير
أن يطفيء الشمس، وأن يزور القضية
فأنت مهما ضاقت الحياة
أو جاء كافور إلى الحكم، أو السادات
باقية في القلب يا بهية
باقية في القلب يا بهية
باقية فى القلب يا بهية
*********************
نزار
صورة ‏المكتبة القومية‏.

No comments:

Post a Comment