http://alwafd.org/essay/5945
هل يعرف وزير العدل ساراماجو ؟
بعد خمسة سنوات من الوهج تضمحل فكرة التغيير ، وتصبح دماء الشُهداء لبناً مسكوبا بلا معنى ليترحم مَن يترحم ويغضب مَن لا يمتلك سوى الغضب . لا ثورة ولا يحزنون لأنه لا تغيير حقيقى فى الفعل ولا بوادر أو أفكار لتغيير فى عقليات شاخت على قوالب وسياسات مُقدسة ممنوع الإقتراب منها .
الحق فى الرُقى . الحق فى التطور . الحق فى التفوق ممنوع فى مِصر لأن هناك مَن يستمسكون بقوالب صماء يرونها وحدها الصواب وما سواها عبث .
استفزتنى أفكار وأقوال وردت على لسان المُستشار أحمد الزند وزير العدل فى الإسبوع الماضى فى الحوار الذى أجراه الاستاذ مكرم محمد أحمد معه فى الأهرام . وتوقعت أن يرُد مُتابع أو يُعقّب مُختلف مع ما ذكره الوزير حول تعيين وكلاء النيابة ، لكن أحدا لم ينبس ببنت شفة .
لقد قال الوزير صراحة أن هُناك مُحددات عديدة تدخُل فى تعيين وكلاء النيابة منها الأصل والفصل والمكانة الإجتماعية ، وأن التفوق العلمى وحده ليس الطريق لذلك . وأضاف الوزير إن هُناك نسبة محدودة من المُجاملات فى هذا الشأن وجارى التخلُص منها .
والواقع أن ذلك يُثير فى نفوس عديدة غُبار اليأس لأن التفوق العلمى لن يُغير من حال إبن جامع قمامة أو حارس عقار مهما بلغت عبقريته فى القانون ، كما أن المهارات الشخصية مهما بلغ حائزها من إجتهاد لن تفتح أبواب وظائف القضاء أمام أبناء المبلطين والعُمال وأصحاب المهن الدُنيا .
ولاشك أن ذلك يعنى فرملة الإبداع ، وخنق العبقرية ، وغلق النوافذ أمام قُدرات التميز من الإنطلاق إلى الحياة العامة . لا علم يهُم ، ولا اجتهاد يُغيّر ، ولا اكتساب مهارات يُمكن أن يُحدث حراكاً إجتماعيا لمن ولدوا فى أسر بلا مكانة إجتماعية .
تلسعنى الحسرة أن يقول وزير العدل فى مِصر ذلك ، ويجلدنى اليأس عندما يمُر ما يُصرح به دون تعليق أو رد ، وكأن الاصل أن نبقى بقوالب العهود الماضية دون تفكير أو تغيير أو تثوير . إن أديبا جميلا هو جوزيه ساراماجو يقول " لا فائدة من الندم ما دام لا يمحى ما حدث . إن أفضل ندم هو التغيير " ، وما دُمنا لا نتغير ولا نُغيّر أفكارنا وسياساتنا فكيف نُغيّر المُجتمع ؟
إننى أعرف يقيناً أن الكلية الحربية التى يتخرج منها الرؤساء والوزراء والقادة لا تمنع إبن بواب أو سُفرجى من الالتحاق بها لأن والده يعمل فى مهنة مُتدنية . وجميُعنا نعلم أن جمال عبد الناصر كان إبناً لساعى بريد ، وأن والد أنور السادات كان رجلاً قروياً بسيطاً .
أقول لكم ذلك وانا أرى الإحباطات دودا كريها يغزوبساتين الأمل لدى الشباب ليحوّلهم إلى عابثين أو غاضبين ، وفى الحالتين لا يُمكن بناء وطن سعيد .
إن ساراماجو يقول لنا أيضا " إن الفرق بين الانسان والحيوان هى قدرة الإنسان على الأمل " لذا فلا تقتلوا هذا الأمل .
وتذكروا أن ساراماجو نفسه كان ميكانيكى سيارات وعمل صانع أقفال قبل أن يحصل على جائزة نوبل فى الآداب سنة 1998 .
والله أعلم .
مُصطفى عبيد
No comments:
Post a Comment